توكل كرمان: هناك طريقة واحدة فقط لإسقاط انقلاب ميليشيا الحوثي والغارات الخارجية التي تستهدف اليمن إرهاب مرفوض عاجل : قيادي حوثي من صعدة يقوم بتصفية أحد مشائخ محافظة إب طمعا في أملاكه عاجل: أول فوز تاريخي لليمن في كأس الخليج كاد أن يموت هلعا في مطار صنعاء الدولي.. المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يكشف عن أحلك لحظات حياته . عاجل لهذه الأسباب تسعى إسرائيل الى تضخيم قدرات الحوثيين العسكرية في اليمن؟ إسرائيل تسعى لإنتزاع إدانة رسمية من مجلس الأمن ضد الحوثيين في اليمن وزارة الأوقاف تكرم 183 حافظاً وحافظة بمحافظة مأرب وزير الأوقاف يدعو الى تعزيز التعاون مع الدول العربية التي حققت نجاحات في مجال الأوقاف رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع يلتقي رئيس المنظمات الأوروبية المتحالفة لأجل السلام غارات جديدة على اليمن
حديث الثورات العربية طويل، وحديث "العورات" أيضا، ترعرع الاستبداد ونما في كل مفصل من مفاصل الجسد العربي، احتل موقعه كما يجب، واستطاعت البكتريا النظامية أن تفعل فعلها فينا، ويمكن القول بارتياح إن كل ظاهرة حقيرة ولا إنسانية ولا معقولة يمكن للباحث أن يجدها في حياتنا العربية ..
بفضل الاستبداد والقمع تلوث المشهد العام، حتى باتت التفاصيل الصغيرة والكبيرة تتناسب ومقاييس المُستبد، فكره المبتذل الرديء، روحه غير الطاهرة، ذائقته الفاسدة، شهوته، نزقه الذي لا ينتهي، جنونه، كل صفة وفعلٍ شاذ يمكن أن يتخيله المرء!
هكذا قُدّر لنا أن نعيش طوال عقود في غير بلد عربي، لذا فإن عملية الخلاص الكبير في هذا الربيع العربي ليست هينة أبدا، إنها أكبر لحظة تطهّر تشهدها الإنسانية في عصورها الحديثة، وأنبل لحظة على الاطلاق ..
حرّمت الأديان والشرائع السماوية ظهور العورات، الأخلاق البشرية والفطرة الإنسانية تتناقض وفكرة ظهور العورة أو النظر لها، لكن أشياء كثيرة في عالمنا العربي "المُستَبد به" تخالف هذه القاعدة، وتستفزك استفزازا لا نظير له. فقد يذهب المرء لحضور مؤتمر صحفي أو يشاهده عبر التلفاز، لـ يجد عورة تتبوأ المقعد الرئيسي في هذا المؤتمر! نعم، عورة توضع أمامها الميكروفونات لـ تتحدث ! وهي ليست عورة بلا منصب أو قيمة، بل برتبة سكرتير للرئيس، فالعورات الكبرى تتخذ عورات صغرى على شاكلتها تنثرها هنا وهناك لتخاطبنا، وأمام رهط من الصحفيين العرب والأجانب تصف عورةُ الرئيس اليمني ثورة الشباب اليمني بأنها "عورة الشباب"!!.
لا ننسى أبدا كيف سخر جمال مبارك من الشباب في مؤتمره الصحفي الشهير، ابن الرئيس المدلل والحالم بمقعد الحكم في أعظم بلد عربي على الإطلاق كان ينظر بازدراء شديد لشباب الفيس بوك، وكان الحضور في ذلك المؤتمر يتفاعل ضاحكا مع حديث العورة الرئاسية المنتظرة، فـ حديث العورات مضحكٌ وساخر لمن لا ينتبه، كنا في زمن يفتقد البصيرة، وكان معظمنا يرى تلك العورات في أبهى حلة، يتوهم البدلة الأنيقة وربطة العنق الزاهية بألوانها، تلهيه الأضواء الكاشفة والميكروفونات والمرافقون والكلام الفاضي الكبير عن رؤية الحقيقة الماثلة أمام عينه، إنها ليست سوى عورة فكر وأخلاق وقيم ودين وإحساس تقف أمامه، كان الخوف والاستعباد ورهن الذمم والضمائر أعمى، وكانت السوءات تستحيل حكما ومسؤولية وسياسة وضرورات ومراحل وتدرج وخصوصية ..إلخ!!.
أسوأ ما في عالمنا العربي غياب الذاكرة، هناك حكام وإدارات وقيادات وضباط بلا ذاكرة، يمكن للأمر السيء أن يتكرر أمامك بشكل يومي، وهو كذلك بالفعل، الأفعال ذاتها تكررها الأنظمة بشكل غبي ومستفز، تراهن على أن أحدهم يمكن له في "طفرة" ذكاء مفاجئة أن يخالف توقعاتك فلا يحدث هذا أبداً! تصر العورات الرسمية العربية أن تمارس الأفعال الشائنة ذاتها، تسجن الرجال والشباب والأطفال، ثم تسجن النساء، وتوحي لـ مريديها من الصحفيين والمتحدثين والأتباع الرديئين أن انتشروا في أرض الشبكات الاجتماعية وقولوا إنه الحق، تسمع أحاديث الضرورة والخصوصية والمعلومات السرية التي لا يعرفها أحد، تسمع ما لا يليق بك أن تسمعه، ولا فائدة من سماعه سوى أنه يقربك خطوة تلو أخرى من التغيير المنشود.
لم يعكر صفو يومي سوى وصف سكرتير الرئيس اليمني لـ ثورة أهل اليمن بأنها ثورة الشباب أو "عورة الشباب". فالذي يتعاطف ويتفاعل مع الثورات الشعبية العربية يجد نفسه أمام خصوصية في ثورة أهل اليمن، وهي خصوصية حقيقية ليست كتلك الخصوصية الزائفة التي تروج لها بعض الأنظمة، في اليمن كان كل شيء صادما ومناقضا للدعاية الرائجة عن تلك البلاد، تجلت قيم المدنية والتعاضد والتعبير الحضاري في كل ساحات الاعتصام.
قدم الشباب والنساء والشيوخ أعظم صورة لشعب ينتفض من أجل حقه في الحرية والكرامة والمساواة، لم تتقاتل القبائل، لم تطلق الأعيرة النارية إلا من بنادق النظام، وتكشف لنا الوجه العظيم لهذا الشعب المظلوم، الشعب الذي حارب الظلم والاستبداد والجهل والأموال الخليجية التي سعت دائما لإفساده وإبقائه عند خط الجهل والفقر، أظهرت لنا ثورة اليمن كل وجه جميل هناك، كما أظهرت بشاعة النظام وعوراته، كنا كل جمعة نسجل الحضور في عظمة الساحات اليمنية، ونتحول لمتابعة العورات الحاكمة في الساحة الوحيدة المعزولة حيث تنفق أموالنا لشراء من يردد الهتافات الكاذبة، وكان من الجيد أن توقف هذا العرض السخيف حين عادت البضائع لمخازنها، وما بقي سوى المشهد الأخير من هذا العرض اليمني الكبير والمبهر، لذا لا غرابة أن نرى من ينعق في المؤتمرات الصحفية ويصف أعظم ثوراتنا بهذه الأوصاف المبتذلة، إن العورات تعيش أيامها الأخيرة.