|
- مبدأ الحوار الذي اقتحم الحياة السياسية في الأشهر الأخيرة، ومبادئ التصالح والتسامح التي عمت الساحة الجنوبية - هي مبادئ إنسانية عظيمة علينا تحويلها إلى ممارسة يومية كأرقى شكل للوعي، وهو المنتظر من هذا المؤتمر المنعقد في صنعاء، أو أي لقاءات أو مؤتمرات تتم في الداخل أو الخارج، كما أنه من المبكر الحكم على النجاح أو الفشل؛ لأن الوقت لم ينته بعد لهذا المؤتمر الذي تحول إلى تظاهرة سياسية بدعم من الأمم المتحدة والدول المانحة.
* يقال إن الحوار غيب الكثير من الشخصيات المهمة، خصوصا الشباب وبعض الشخصيات في الجنوب، مما أثار الكثير من اللغط وأنه تركز على أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام؟
- نعم، غابت عناصر بارزة من الشخصيات والشباب ومكونات «الحراك الجنوبي»، وحضر المؤتمر أحزاب «اللقاء المشترك» و«المؤتمر الشعبي العام» وحلفاؤه وفقا لخارطة الطريق التي تضمنتها المبادرة الخليجية. ومؤتمر الحوار بحاجة إلى قوة دفع حقيقية من خلال تنفيذ النقاط العشرين التي تم التوافق عليها من قبل اللجنة التحضيرية للمؤتمر.
* شكل تنظيم القاعدة خطرا كبيرا على اليمن في الفترة الماضية.. في تصوركم، كيف وصلت «القاعدة» إلى اليمن؟ وأين وصلت الآن في البلاد؟
- علينا الرجوع إلى تلك السنوات التي نشأ فيها ما يسمى (الجهاد الإسلامي)، وبالتحديد في أفغانستان، وإرسال آلاف من الشباب للقتال ضد ما سمي «الغزو الروسي لأفغانستان»، الذي تم بدعم من أميركا والدول الحليفة، وكانت شخصيات بارزة في صنعاء حينذاك تتسلم الأموال وترسل هؤلاء الشباب إلى تلك المحرقة، بعضهم قتل والبعض عاد ولديهم تجربته التي ظهرت فيما بعد بتشكيل تنظيم القاعدة، التي لها وجودها في اليمن وبعض البلدان العربية والإسلامية، ويتلقون الدعم المعنوي والسياسي والمالي من تيارات ورموز لديها تطرف فكري يدفع هؤلاء الشباب إلى القيام بأعمال إرهابية، ضحيتها أولئك الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ المسلمين، والتعامل والمعالجة لا بد أن يأخذا بجميع الوسائل؛ منها سد منابع التطرف الفكري، وسد منابع الفقر والبطالة بين أوساط الشباب، والحوار الدائم مع الشباب وإتاحة الفرص أمامهم باعتبارهم ركيزة المستقبل، ويجب عدم الاعتماد على الجانب الأمني أو العسكري كحل وحيد لمواجهة «القاعدة» أو المجموعات التي تحمل السلاح فقط؛ ولكن الأخذ بالوسائل كافة، منها ما ذكرت وغيرها لإنهاء ظاهرة الإرهاب المتفشية في المنطقة عموما.
* تتجه أصابع الاتهام نحو جهات سياسية خفية تدعم «القاعدة» في اليمن.. أنتم ماذا تقولون؟
- توجد شخصيات معروفة وتيارات فكرية ودينية سلفية تدعم نشاط «القاعدة» في اليمن وعموم الجزيرة العربية.
* في تصوركم، ماذا تحتاج اليمن لمواجهة نشاط «القاعدة» والقضاء عليها؟
- المطلوب في تقديري، سد تلك الفتاوى التي يصدرها بعض الفقهاء، بما يؤدي إلى التطرف والعنف، ومساعدة اليمن، جنوبه وشماله، على القيام بمشاريع، وتوظيف الشباب، ومكافحة الفقر والعوز، وفتح باب التجنيد وخاصة في المناطق المنكوبة من حرب 94 وحروب صعدة، وإعادة شبكة التعليم في المناطق الريفية، والأمن والأمان ليتمكن الشباب من بناء ذواتهم ومستقبلهم.
* شهد اليمن حركة تمرد في صعدة.. كيف الأوضاع الآن؟ وهل توصلت الأطراف إلى اتفاق حولها؟
- شهدت صعدة 6 حروب وكان لديهم الحق فيها؛ لأنهم واجهوا بمقاومتهم ذلك الاستبداد والقهر من قبل النظام، الذي وصل حد المساس بمعتقداتهم وطلبوا نجدة الآخرين ومنها إيران، وحاليا وبعد التغيير الذي حصل والانتصار الجزئي الذي حققه الشباب في ساحات التغيير وكذلك «الحراك الجنوبي» دخلت قضية (صعدة) المشهد السياسي بقوة، وها هي تحتل المرتبة الثانية بعد (القضية الجنوبية) في مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
* أظهرت بعض التقارير وجود تمدد إيراني في صعدة وبعض المناطق اليمنية وحركات تجنيد.. ما صحة ذلك؟ وكيف تقيمون الحضور الإيراني في أرض اليمن؟
- إيران دولة شقيقة، وشعبها شعب مسلم شقيق له تاريخه وحضارته وثقافته العظيمة؛ لذا فإننا حريصون على إقامة أفضل العلاقات الأخوية مع الجمهورية الإسلامية وشعب إيران الشقيق، ويعرف المسؤولون أننا شاركناهم ودعمناهم في إسقاط (نظام الشاه) الذي كان (شرق المنطقة) وادعى ملكية البحرين واحتل الجزر الإماراتية (طنب الكبرى وطنب الصغرى) ووصل به الأمر إلى أن تضرب طائراته الحربية مدينة (الفيظة) عاصمة محافظة المهرة شرق اليمن، ولقد استبشر الجميع بسقوط النظام السابق، وأذكر عندما كنت وزيرا لخارجية جمهورية اليمن الديمقراطية (جنوب اليمن) أنني زرت طهران ومددنا أيدينا إليهم، وكنا نأمل الخير وتبادل المصالح المشتركة وحسن الجوار، وحاليا وبفعل حدة الصراع القائم تقوم بعض الأجهزة الإيرانية بتصدير أفكار الثورة على أساس (مذهبي)، وهذا لا يخدم إيران أو المصالح القائمة لها في الخليج وباب المندب ومضيق هرمز والبحر العربي، وننصح حكماء إيران ومرجعياتهم المعتدلة بمراجعة الأمر والدخول من الأبواب وليس من النوافذ، على أساس الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وتبادل المصالح وإحياء الصداقة بين الشعوب.
* ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعات في الجنوب تطالب بالانفصال وأصبحت تشكل تحديا للوحدة.. كيف ستتعاملون مع تلك المجموعات؟
- التعامل مع مكونات «الحراك الجنوبي» السلمي ينبغي أن يتم بواسطة الحوار وعلى قاعدة (التصالح والتسامح) التي أرساها الشهداء والأحرار للوصول إلى الخيار الذي يرضي الشعب في الجنوب.
* هل اليمن في طريقه نحو الانفصال؟ وكيف يمكن - في تصوركم - الحفاظ على الوحدة؟
- ما زال الوضع في غاية الصعوبة والتعقيد بفعل تأخر الحلول فيما يتعلق بالقضية الجنوبية التي نشأت بفعل حرب عام 1994م التي احتلت الجنوب ونهبت الأراضي والثروة وأخرت كافة الحقوق المدنية للناس، وحاليا وفي إطار مؤتمر الحوار الوطني توجد خيارات عدة مطروحة بعدما أجمع الكل على أن الوحدة الاندماجية فشلت، والوحدة بالحرب فشلت؛ لذا فالخيار الذي يرضي الشعب هو الذي سيتم الاتفاق عليه.
* سكان أبين والنازحون.. هل تم تعويضهم وإعادتهم إلى مساكنهم؟
- ما حدث في محافظة أبين، وبالتحديد في مدينة زنجبار وجعار ولودر، كان كارثة بكل المقاييس، وحين جاء الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى سدة الرئاسة قام بجهد، مدعوم شعبيا، لإنهاء هذا العبث، وأعاد إلى المحافظة الأمن والأمان بتعاون اللجان الشعبية والمواطنين، ونأمل أن تتعافى هذه المحافظة الجميلة التي أنجبت 3 رؤساء وعددا من القادة العسكريين والمدنيين.
* الشعب اليمني من أكثر شعوب العالم فقرا.. ما الحلول - في نظرك - لمواجهة الفقر؟ وماذا وضعت الحكومة له؟
- اليمن ليس فقيرا، فلديه موارد طبيعية، وإذا استقرت الأوضاع وعاد الأمن والأمان، فسوف يزداد دخل الفرد وتتحسن الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية للناس. أما عن خطة حكومة الوفاق الحالية، فالله المعين؛ لأن بعض وزرائها هدفهم الوصول إلى كرسي الوزارة وليس بذل الجهد والعمل للتغيير نحو الأفضل.
* بحكم أن اليمن مقبل على انتخابات.. ماذا تتوقعون لها؟
- هذه الانتخابات جزء من المبادرة الخليجية، وننتظر ما سيسفر عنه مؤتمر الحوار الوطني وشكل الدولة المقبلة، وحلول القضية الجنوبية وصعدة وغيرها.
* حدثنا عن زيارتكم للمملكة.. فكما فهمت أنكم ناقشتم مع الحكومة السعودية ملف العمالة اليمنية بعد القرارات الأخيرة؟
- المملكة العربية السعودية أرض الحرمين المباركة، خصها الله بالرسالة المحمدية والحرمين الشريفين وتلك الثروات والقيادة الحكيمة الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك الجليل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله. واليمن، جنوبه وشماله، يشكل الخاصرة الجنوبية للمملكة ولأمنها القومي، ونحن إخوان في السراء والضراء، تحكمنا علاقات الأخوة والدم والقربى والتاريخ والدين والجغرافيا؛ لذا العمالة اليمنية قديما وحديثا جزء من هذا النسيج والكيان، والتعامل معها ينبغي أن يضع في الحسبان هذه الاعتبارات ويراعي الإصلاحات التي تقوم بها المملكة والتطورات القائمة على القانون والنظام في المملكة، وما قمنا به هو مناشدة أخوية لخادم الحرمين الشريفين الملك الجليل عبد الله بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله - وللأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وللرئيس عبد ربه منصور هادي.
* تواجه الاستثمارات السعودية في اليمن مشكلات وصعوبات في مقدمتها المشكلات الأمنية.. كيف تتعاملون معها؟
- الوضع الأمني في البلاد يحتاج معالجة حازمة. أما الاستثمارات السعودية، فلها مكانتها واحترامها من قبل الشرفاء، وأي إساءة، سواء تجاه المستثمرين أو الدبلوماسيين، وراءها جهات تخدم ذلك المخطط الذي يهدف إلى تمزيق التلاحم والأخوة القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين.
* فيما يتعلق بإفساح المجال للقوى العاملة اليمنية واستيعابها في أسواق العمل الخليجية.. كيف تقيمون الوضع الحالي في تلك البلدان؟
- وصل اليمن إلى عضوية اللجان في مجلس التعاون الخليجي؛ لكن العمالة اليمنية ما زالت تمر بـ(الطابق الرابع) وتتأثر بالوضع الأمني الذي يقوم به أفراد معروفون للأجهزة، لذا نناشد إخواننا في دول مجلس التعاون مع إخوانهم وأهلهم القادمين من الجنوب، خاصرة الجزيرة العربية.
في الجمعة 24 مايو 2013 04:18:55 م