الوحدة .... وماذا بعد 17 عاما من الفقر ....؟
بقلم/ م. صلاح عبده عبد الله العليمي
نشر منذ: 17 سنة و 7 أشهر و 14 يوماً
الثلاثاء 15 مايو 2007 08:50 م

مأرب برس ـ خاص

الوحدة اليمنية كانت أمل الشعب اليمني في الجنوب والشمال و تحققت بجهود المخلصين وبدور حقيقي لفخامة الرئيس وهذا ما لا يمكن لأحد أن ينكره حتى وإن كان من أشد معارضي فخامته ... الوحدة تمناها اليمنيون من أجل مستقبل أفضل في حينه وهاهو المستقبل الذي كان يحلم به اليمنيون قد لاحت تعابيره ...

ربما يكون هذا المنجز الهام الوحيد الذي تستطيع حكومتنا التفاخر به في كل الفعاليات والاحتفالات لأنه عمل جبار تحقق على أيدي أبناء جنوب الجزيرة العربية مما دعا الكثيرين في الوطن العربي على التفاؤل بإمكانية حدوث ما يسمى بالوحدة العربية يوما ما والتي يبدو أنها أصبحت آخر المستحيلات في ظل هذه الظروف المرعبة ...

 ( نعود لوحدتنا اليمنية ) ... فقد توحد الشعب وعاد الوئام والترابط الاجتماعي الذي كان يقطعه فقط برميل نقطة التفتيش وسياسات الدولتان في حينه ... لقد جنى الشعب ثمرة الوحدة اجتماعياً فقط أما بالنسبة لبقية النواحي فكانت وبال عليه ليس لعيب في الوحدة نفسها بل لأن ذوي المصالح الذاتية قد زادوا عما كانوا عليه فالحال كان أفضل مما هو عليه الآن اقتصاديا( في الشطر الشمالي على الأقل) وأمنياً وفيما يخص تنظيم مضغ القات أيضاً (على الأقل في الشطر الجنوبي ) أما بعد 17 عاما من الوحدة فقد أزداد الفقر في اليمن أضعاف مضاعفة وتعولمت مهنة الشحاذة بالنسبة لليمنيين حتى ألفنا منظر اليمنيين يشحذون في أشارات شوارع المدن السعودية ومساجدها وأصبح اليمني لا يتردد في اقتراف أبشع الجرائم من أجل أن يسد رمقه أو يعود ( بهبشة ) لبلده ...

 تحققت الوحدة و أصبح اليمنان يمن واحد ..؟ وتدهورت الحياة المعيشية لمعظم اليمنيين ، قد يقول قائل بأن المواصلات والاتصالات أضحت أيسر من ذي قبل .. أقول له صدقت بالإضافة للعلاقات البشرية بين الناس إلا إني لا أرى بُعدٌ آخر يكون اليمنيون قد استفاد وه من تحقيق الوحدة ... أصبحنا من اقل الدول نموا وتراجع دخل الفرد الى أقل الدخول في العالم .. زادت الفجوة بين الأغنياء والفقراء وانعدمت الطبقة المتوسطة ... ارتفعت الأسعار مرات عديدة و بشكل جنوني حتى شبهها أحدهم بالثور الهائج الذي لا يجرؤ أحد على إيقافه .. وما ظاهرة تهريب الأطفال النشطة منذ أربع سنوات تقريباً إلا أحد نتائج الفقر و أنفرد القلة بموارد البلاد وحرم منها غالبيتهم ... تفتقر البلاد إلى كثير من مقومات التمدن والحضارة فلا يوجد حتى الآن طريق دولي واحد ( أوتوستراد ) بمعنى الطرق الدولية ومواصفاتها ومتى سيرى النور طريق عمران عدن لا ندري إن كان في هذا القرن أم الذي يليه أم لن يراه أبداً , لا يوجد مدينة واحدة في الجمهورية لم تصلها خدمة ( طفي لصي ) ... وعلى من يقرأ مقالي هنا أنا يلاحظ أنني لم أتحدث سوى عن المدن لأن العُزل والقرى قد يكون أقرب توصيف لحالها هي ( طفي طفي ) على غرار الجملة الشهيرة الأنفة الذكر ... منجز عظيم كهذا كان من المفترض أن يرافقه منجزات بحجمه ويحدث الأثر العظيم في حياة كل يمني اقتصاديا قبل كل شيء لأن ما يهم

الفرد هو أن يحيا حياة كريمة بجانب أسرته ولا يهمه افتتاح مدرسة هنا أو هناك بالقدر الذي يهمه تحسن دخله وبالمناسبة مشاريع مثل المدارس والمعاهد والمستوصفات لا تتحدث عنها الدول كثيرا ولا تضطر لذكرها في نشراتها المحلية والرئيسية لأنها لا تعني شيء بجانب ماهو مفترض أن تهتم به من مشاريع أقصد في النوع وليس الكم ... هل تعلمون بأن مدرسة الشهيد الحكيمي افتتحت ثلاث مرات وفي فترات مختلفة ومن مسئولين على مستويات مختلفة ( يقول أحد الأخوان والذي يحمل لقب من سميت بإسمه المدرسة بأنها لو كانت مجمع تعليمي ربما تجاوز مرات افتتاحها العشرة ) ...

أن المعجزة الآنية التي ينتظر الشعب حدوثها هي مشروع كهرباء لمختلف المدن وبالتحديد بوابتي اليمن الرئيسيتين ( صنعاء وعدن ) (( قلت مشروع كهرباء لأنه مازال نكرة ولا نعرف إن كان نوويا أم ذرياً )) كأولوية إستراتيجية وبالتزامن مع بقية المدن بالتأكيد ( حتى عادية مش نووية يا جماعة ) ... كهرباء لا تنقطع ... كهرباء كما هي في الدول الأخرى و بتعرفة معقولة ومدروسة هل تصدقون بأن التعرفة في اليمن أعلى من دول الخليج( هذا والخدمة رديئة ) كما أن المياه الصالحة للشرب ( أو حتى غير الصالحة ) باتت من أمنيات معظم المدن وأخص هنا مدينة تعز ليس لأني ابنها وأعشقها كما عشق قيس ليلى بل لأنها ظلمت كثيرا ً ..

أقول لكل الشرفاء في النهاية أن يضعوا مصلحة اليمن فوق كل اعتبار وأن لا يركنوا إلى ضعفاء النفوس وليؤدوا الأمانة التي حملوها ويتتبعوا تنفيذها بأنفسهم ...

في حال تحقق الحلم اليمني ( على غرار الحلم العربي ) في توفير طاقة كهربائية وماء صالح للشرب ستأتي البقية الباقية و حينها فقط سيلمس الناس أثر الوحدة الحقيقية على حياتهم ومن حق الدولة حينها أن تقيم الاحتفالات لأن الجميع لن تسعه الدنيا من الغبطة وليس أمام من بيدهم القرار سوى بضعة شهور و إلا فلن يغفر لكم لا الشعب ولا المانحون ....

* همسة : رأيت بالأمس احتفالا لخطوة جيدة لو سارت على الطريق الصحيح فستكون بداية صحيحة لتنفيذ الوعود الانتخابية ألا وهي برنامج الحد من البطالة وعلى القطاع الخاص القيام بدوره في هكذا برامج ... ومن افضل الأمثلة المشابهة ما قامت به مؤسسة عبد اللطيف جميل في السعودية بعمل برنامج لدعم المشاريع الصغيرة وحقق نجاحا ليس بهين .

 

 

    .... والله من وراء القصد ....