تشكيل ليفربول المتوقع لمواجهة ولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي.. موقف محمد صلاح ليل عنيف ودمار لا يوصف.. لبنانيون فروا مشياً إلى الطرقات 40 غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت في أعنف قصف جوي بالعالم علي مدار 12 ساعة الماضية بعد أنباء عن اغتيال حسن نصرالله… الجيش الإسرائيلي يكشف جديدة على ضاحية بيروت والبقاع اللواء سلطان العرادة وبن مبارك يشهدان عرضاً عسكرياً لوحدات من الجيش والمقاومة الشعبية بمحافظة مأرب.. صور وزير السياحة يفتتح مكتب الخطوط الجوية اليمنية في محافظة مأرب باحث في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني يرفع دعوى قضائية في عدن ضد عبدالملك الحوثي خبراء المناخ يطلقون تحذيرا مخيفاً السعودية تعلن عن تحالف دولي لإقامة الدولة الفلسطينية حشود بالآلاف بمحافظة تعز احتفاللاً بثورة 26 سبتمبر
حين تبدأ قصة جديدة في الخروج لسطح الحياة لتتعامل مع الأحداث، يزداد الصراع بينها وبين الواقع، ومن ثم تتحول كل الأشياء في تلك القصة إلى رموز. كل رمزٍ يُشيرُ إلى شيءٍ ما، يحملُ فكرة، أو يُعبِّرُ عن شخصٍ، أو يحكي مشهدًا معيَّنًا. تتكامل كل رموز القصة في النهاية لتُخرِجَ حدثًا سعيدًا أو حزينًا، لن يهم كثيرًا، لكن المهم هو أنْ تُسجَّل نهاية حتى وإن كانت نهاية مفتوحة.
ربّما ينطبق هذا مع قصة نكتبها لفيلم، أو رواية ننسجها لمسلسل، أو حتى قصة حياة شخص منا يكون رمزًا لأحداثه ونفسه. ولكن كل المأساة أن تتحول قصة أمة إلى عدة رموز! تبدو جيدة براقة، ومن الداخل هي-إلى حدٍ ما- فارغة من المحتوى الذي تأطَّر بداخلها.
الفكرة التي تدور في مخيلتي هي: كيف لكمٍ ضخمٍ من الأحداث والعمق أن يترمَّزَ برموزٍ قليلة وغير مقنعة للجميع، إلا لفئة تبدو كثيرة لكنها محال أن تقود لعملٍ بنائي حقيقي هيكلي للبنية التحتيَّة للوطن؟
نصنع الرمز، غالبًا، في مجتمعاتنا بشكلٍ عاطفي. فمن يستطيع أن يصل بشكلٍ قوي إلى القلوب، حتى وإن لم يكن يحمل فكرًا وعمقًا سياسيَّا، يُحرِّكُ به راكدًا ويصنع فارقًا، يؤثر في العامة...
يحرك هذا الرمز العامة لنقاطٍ معينة بكلماتٍ عاطفية للخروج للشارع لصنع ثورة، فيلتف الناس حوله...
هم لن يفكروا مثلما يفكر دقيقي الملاحظة. هم فقط يرون فيه دائمًا وأبدًا وجه نجاحهم، مذاق حريتهم. لن يلتفتوا كثيرًا أو قليلاً: هل هو حقًا من قادَ حركتهم، أم حرَّكهم، أم فقط ساعدهم على ذلك؟ لن يفكروا: ما إذا كان هو الرمز الذي يمكن أنْ يتحدث باسمهم وعنهم، ويملأ الدنيا كلها بالحديث عن آمالهم وطموحاتهم، أم لا؟
يصير رمزًا، لأنه أصبح وجهًا مألوفًا للِّسان الثوري، فيقع في أزمة: هل هو حقًا رمز يستحق أن يتفوه بحديث سيسجله التاريخ، أم أنَّ رموز ثورة الوطن مازالت لم تعرف بعد؟!
إذا كان واقعنا العاطفي، الذي يُسيطر على طريقة تفكير الشارع، قد أفرز لنا رموزا رائعة، ولكنها خاوية إلى حد كبير، فهل سنترك التاريخ يسجل خواءً من الرموز الحقيقية التي تَصنع فارقًا في عمق التجربة والتأمل في جوانبها، أم أنَّنا سنحاول كسر أيقونة الرموز تلك، باستكشاف حقيقة الأمور، وإعادة تفريغ المفاهيم من جديد، وإعطاء أنفسنا فرصة أن نصنع رموزًا حقيقة، أو نبني الرموز الموجودة.
مهمة كسر هذه الرمزية ليست هينة أو يسيرة. خصوصا ما يتعلق بأولئك الرموز الذين أصبحوا في نظر الكثيرين بمثابة "تابوهات". مهمتنا هنا تنصبّ في بذل جهد لمحاولة تغيير قناعة شعبوية بسيطة، لكنها راسخة، تقوم على أساس أنَّ كل من يفعل شيئا- قد يكون بسيطا- وبرز في الإعلام، فهو الرمز والمفجر والرجل الخارق...!!
حين ننجح في تغيير تلك القناعة، سننجح في الخروج من دائرة خطيئة: أن تختصر ثورة شعب عظيم في بضعة وجوه إعلامية بارزة، إن سقطوا سقطت معهم الثورة، وإن تحولوا تحولت معهم مبادئها وأهدافها!
وسننقب في عمق الشعب، لنكتشف كنوزه المدفونة ممن يحملون زخمًا فكريّاً وعمقا استراتيجيا، يجعلهم أبطالاً حقيقيين في مقدمة الركب الثوري، أكثر من أي رمز لمع على الفضائيات.
وإذا كان صحيحا، القول إن تلك الرموز الشعبوية كانت مهمة لتحريك الناس، ودفعهم نحو صناعة الأحداث، واستمرارية العمل الثوري، على أساس أن الشعوب بحاجة إلى رموز شعبوية شجاعة لقيادتها، فإنَّ الأكثر أهمية اليوم هو محاولة خروجنا جميعًا من جمودية تلك التابوهات الثورية، نحو وجه آخر لمستوى آخر من الثورة.
وجه عميق، يستخرج من داخل أروقة عقول الناس أفكار المرحلة، متجاوزا بالمعرفة الجمود الذي وصلته حركة الثورة، فيصنع فارقًا باستغلال ما صنعته الرموز السابقة بشكل عميق وممنهج.
حينها، تكون الثورة قد أنشأت مصنعا لخلق رموزها الثورية المتجددة، القادرة دائما على حملها والحفاظ على استمراريتها في كل مرحلة من مراحلها الثورية. ويحرر وجوهاً أخرى، تحمل عمق التجربة. وامتزاج كليهما يصب في بناء الوطن وحفاظ ثورته وتأريخها.
فلا كتب التاريخ ستقبل أن يكون حديث التاريخ بلا عمق، ولا التاريخ سيسامحنا حين نترك وجوهنا العميقة دون أن نصنع بوجودها فارقًا.