اليمن والخليج شماعة التأهيل واستحالة الانضمام
بقلم/ عباس المساوى
نشر منذ: 15 سنة و 8 أشهر و 5 أيام
السبت 28 فبراير-شباط 2009 07:35 م

صنونة ، وتزاوج الموروث الثقافي، والحضاري ،لأبناء الجزيرة العربية ؛ جعلهم في صدارة قائمة التلاقي الفريد بين شعوب العالم .

الوحدة الجغرافية، أضافت بعداً لا يقل أهمية عن وحدة الأصل، والثقافة ، والموروث . ولذلك فمن حق شعوب هذه المنطقة ، أن تجتمع ، تحت مظلة المصير المشترك والأصل الواحد.

صحيح قد يبدو هذا الكلام نرجسياً، قائم على الاستغراق العاطفي ، البعيد عن حقيقة الواقع وسياساته , لكنها رغبة مني في الخيال، وان كان الواقع صادماً لكل وساوس الانصهار المجتمعي .

ولنضع تجربة اليمن، والمحاولات التي بُذلت منذ إنشاء مجلس التعاون الخليجي العام /81 19 / ميلادية من أجل الوصول إلى نمط وحدوي يضمن، ولو الحد الأدنى من التمازج ، والتعاون ، وجمع الكلمة ، ووحدة الصف في هذه المنطقة من العالم ، وما تمثله من أهمية استراتيجية وحيوية ، أهلتها لأن تكون محط أنظار العالم وأطماعه .

العام 1996 من القرن الماضي بداية تقدم اليمن فعلياً بطلب الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي.

الطلب قوبل بالرفض التام من قبل أعضاء المجلس الستة، بدون إبداء الأسباب وإن كانت الأسباب حين ذاك مضمرة، وتحمل في جعبتها ارث العام –1990-\" تاريخ الغزو العراقي للكويت\" وموقف اليمن القائم على إدانة الغزو العراقي لدولة معترف بها دولياً ، وعربياً ، بالتلازم مع ضدية أي تواجد أجنبي تحت أي شعار أو ذريعة في المنطقة ، ووجوب أن يكون الحل عربيا ً، وان أدّى الأمر إلى تدخل عسكري عربي لإخراج العراق من الكويت .

ظل اليمانيون ، يكافحون ، للقضاء على العزلة التي وضعوا فيها عنوة بغير وجه حق ، إلا أن قوى إقليمية ، أرادت أن تضع لنفسها مكاناً في بآزار الشقاق العربي ، أظهرت أن اليمن مع غزو العراق للكويت ، وهذا محض افتراء ، دحضته الحقائق التي تكشفت تباعاً على أرض الأحداث .

العام 2000 وقعت اتفاقية جدة الشهيرة التي من المفترض أنها مقايضة ثمينة \" - التنازل عن اتفاقية الطائف\" 1934\" بكل تفاصيلها التي لا يسع المقام لذكرها الآن ! مقابل احتوى اليمن، ومساعدته اقتصادياً، والأخذ بيده ، نحو الالتحام بأشقائه في الخليج العربي.

بدت الاتفاقية وكأنها مقايضة بين خيارين \"الأرض مقابل التقارب\" . لاشك أنها أثمرت سريعاً؛ بدخول اليمن بعض مؤسسات مجلس التعاون الخليجي ولو شكلياً , وذلك في قمة مسقط العام 2001 ؛ أي بعد توقيع اتفاق \"جدة \" بعام واحد .

الرياضة, والصحة, والعمل, والتعليم؛ أهم مفردات الإلحاق الشكلية ؛ لكن الواقع أتى مغاير تماماً لكل أملته اليمن من الأشقاء في الخليج العربي .

الأوساط النخبوية اليمنية اعتبرت المقابل ، ترثيث، وتحطيط وتمسيخ ،وتقزيم، وتقبيح، وتزييف، وتشحيح، وتضحيل، وصحرنة العطاء ؛ مقابل ما قدمته صنعاء ، في اتفاق\" جدة \" مقابل كسر العزلة.

الآن ، وبعد ثمان سنوات من الاتفاق ، ماذا جنت اليمن من خلاله ؟

أوضاع العمالة اليمنية ، لم تزل في تدهور مستمر ، وأوضاعها مزرية للغاية ، وكل يوم تزداد سوءاً .

الهيئات التي انضم إليها اليمن ، لم يتحقق من خلالها شيء. كل ما هنالك من علاقة أشبه بزواج \"المتعة\".

متى ما أرادوا من اليمن شيء ، لبت صنعاء طائعة ، بل برسالة واحدة من الشقيقة الخليجية الكبرى ، يغير النظام اليمني ثوابته ، وطنينه 180 درجة شمالاً . ولا أدّل على ذلك من قمة \"دمشق , وقمة الدوحة\".( قمة غزة) والتراجع اليمني عن الحضور، بعد ما أرعد، وأزبد، وتوعد، بتغيير مجرى التاريخ ،إذا حضر. كنت ممسكاً قلبي من هول ما سيلحق بالعالم لو أنّ أبا أحمد كان حاضراً ، تنفست الصعداء ، حين علمت بعدم حضوره .

لو كان الخليجيون جادين بالأخذ بيد اليمن وتأهيله كما روجوا . ألا يحق لنا أن نسأل ، لماذا 17 مليون عامل أجنبي وآسيوي في الخليج والتأشيرات بمئات الالآف يومياً بدقائق تخرج من أبنية الجوازات الخليجية لاستقدام العمالة الوافدة ، بينما الأبواب أمام العمالة اليمنية موصدة ، بعد ثمان سنوات من دخول اليمن لهيئة العمل الخليجية ؟ هل نستطيع بعد هذا الواقع أن نتصور ، أن الخليج صادق ، وجاد في أقواله ، تجاه اليمن؟ اشك في ذلك كثيراً !

حتوتة روجها الخليجيون لتمنعهم عن استقدام العمالة اليمنية ، بقولهم أنها غير مؤهلة ! طبعاً هذه اكبر مغالطة في التاريخ . هل يستطيع الخليجيون أن يقولوا كم هي نسبة العمالة المؤهلة الموجودة على أراضيهم ؟ بالتأكيد كل الأرقام التي خرجت من وزارات العمل الخليجية ، تتحدث عن نحو عشرين في المئة فقط من العمالة الآسيوية مؤهلة وثمانون في المئة غير مؤهلة . ناهيك عن تجاهلهم لحقيقة ، أنّ اليمن يملك خيرة التخصصات وخرجي الجامعات لا يحصون ، فليأخذوا المؤهل منهم وما يحتاجون وليتركوا الباقي ، إن كانت هذه حجة أصلا .

مسألة أخرى. لماذا ولت الأموال الخليجية شرقاً وغربًا ولم تترك بيت وبر ، ولا مدر ، إلا ودخلته ! طبعاً قبل أن تقبر في \"وول ستريت\" وتتبخر ككرة الثلج . هناك من أوصل خسائر الخليجيين من جراء الأزمة المالية العالمية بنحو أربعة تريليون دولار أمريكي. يا للهول! أربعة تريليون دولار ، تبخرت في أشهر من الأزمة المالية العالمية .

لو وجهت هذه الأموال للداخل الخليجي، وتوجه الحراك المالي الضخم ، الذي يملكونه ، من ارتفاع أسعار البترول ، باتجاه الاقتصاد الحقيقي القائم على التصنيع ، والتنمية البشرية ، أين سيكون الخليج الآن؟ لا شك أن الواقع سيكون مختلف تماماً عما هو عليه الآن .

هل تتصورون ؟ أن الاستثمارات الخليجية في الاتحاد الأوروبي فقط، تناهز، النصف تريليون دولار! بينما الاستثمارات الأوروبية في المنطقة لا تتجاوز الأربعة عشر مليار دولار تقريباً!

في خضم ذلك . كم هي الأموال التي توجهت من البلدان الخليجية إلى اليمن ؟ كم تساوي ؟ ما تأثيرها على الاقتصاد اليمني ؟ الجواب لاشيء!

استثمارات قدمت على استحياء، في الاسمنت ،والبترول، والأسماك ؛ تقاسموها على حين غرة ، مع حمران العيون ، وشروها بثمن بخس دراهم معدودة .

نصيحتي لليمن وأهل اليمن ! اعتمدوا على أنفسكم ؟ لا تدعوا من يضحك عليكم . بالعربي هناك \"فيتو\" من معظم الدول الخليجية \" لا \" لدخول اليمن للمنظومة حتى لو طارت بجناحين .

ثم على اليمنيين أن ينظروا أولاً إلى هذا المجلس العتيد ! ماذا حقق لأبنائه ولنفسه ؟ طيلة 28 عاماً من عمره.

لا عملة موحدة , ولا منطقة جمركية واحدة , ولا حدود مفتوحة للتنقل بسهولة .

نموذج الاتحاد الأوروبي لن يقتفيه العرب . ولن تكون هناك خطة \"مارشال \" ولا خطط تأهيل الدول الأقل دخلاً على غرار ما فعل الأوروبيون بإسبانيا بعد الحرب العالمية الثانية وما فعلوه كذلك الآن بعد مج عشر دول من أوروبا الشرقية في حاضنة الاتحاد الأوروبي . د

نحن الأعراب الاقحاح ؛ أبناء عنترة ابن شداد , وداحس ، والغبراء ، وحرب البسوس . لا علاقة تجمعنا إلى السيف ، أي علاقة ؟ وأي اندماج تنشدوه يا ابنا بلقيس ؟.

في أمان الله .

* صحفي – الإمارات العربية المتحدة

dxb_977@hotmail.com