كذبة انتخابات المحافظين
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و 7 أشهر و يومين
الإثنين 14 إبريل-نيسان 2008 07:25 ص

مأرب برس - خاص 

اصرار السلطة على عدم الاعتراف بأخطاءها ونتائج سياساتها الكارثية التي دمرت الوطن و وحدته وأودت بحياة الشعب الى الهاوية ولجؤها مرارا الى الكذب واختلاق أزمات جديدة كلها اساليب مكرورة وفاشلة ظلت تحكم بها البلاد منذ عقود ولكنها الان لم تعد توفر لها فرصة للهروب من مواجهة الواقع المأسوي المريع الذي يعيشه أبناء هذا الوطن جوعا وفقرا ونهبا وفسادا وحكما فرديا يستهتر بمعاناة الناس ويرهبهم بالقمع والقتل والاعتقالات ويطلب منهم أن يقتنعوا بفساده أو يشربوا ماء البحر.

وهذه المرة يبدو ان الرئيس صالح مخطئا في حساباته واعتقاده بأن كذبة جديدة كتلك التي يسميها انتخابات المحافظين ستخلق ملهاة أخرى وتكون خدعة جديدة للشعب ينشغل بها عن معاناته والمطالبة بحقوقه السياسية والانسانية العادلة في حياة انسانية حرة كريمة والخلاص من حكم فردي لا يمتلك غير القوة العسكرية .

هل تنجح الكذبة هذه المرة ؟

ما يبعث على الثقة بأن كذبة انتخابات المحافظين لن تكون طوق نجاة أو توفر فرصة أخرى للهروب الى الأمام هو أن هذه الكذبة هي أصلا جزءا مكرورا من سياسات الرئيس صالح التي ظل يعتمدها في البقاء بالسلطة طوال 30 عاما مضت ويضلل بها وعي الناس ويشغلهم عن الالتفات الى مصالحهم الحقيقية حتى وصلت الحياة على وجه هذه الأرض حدا لايطاق من المعاناة ولم تعد معها تحتمل مزيد اكاذيب

انتخابات المحافظين التي تقدمها السلطة اليوم أسلوبا للمناورة وخدعة جديدة للالتفاف على الحراك الجماهيري و ضرب القضية الجنوبية وقمع النضال السلمي في الوطن بشكل عام هي اصلا وعدا كان الرئيس صالح تعهد بانجازه في موعدا زمنيا حدده في ديسمبر 2006 الا ان شيئا لم يحدث طوال عامين من الأن نتيجة لعدم الجدية وتوفر الارادة السياسية والخوف من اصلاحات حقيقية ستقلص من التسلط الفردي والقبضة الحديدية التي تنهب موارد البلاد وتديرها بالتليفون حتى جاء الوقت الأن في ظل هذا الظرف الوطني الضاغط والاحتقان الشعبي ليعيد الرئيس صالح استخدام نفس الورقة وسلقها بسرعة واخراجها بالكيفية التي يريدها في صورة انتخابات استثنائية فريدة لا تعرفها البشرية على الاطلاق اذ لايحق للشعب التصويت والانتخاب أو المشاركة بها بأي شكل كان وانما توكل الأمور بحسب الرغبة الرئاسية الى السلطة التنفيذية التي تدير وتخرج العملية الانتخابية بالطريقة التي يريدها الرئيس وبواسطة هيئة ناخبة مسيطر عليها في مخالفة صريحة لدستور الجمهورية اليمنية الذي يحدد الهيئة الناخبة في أي انتخابات سواء رئاسية أو نيابية أو محلية بأنها مجموع الشعب اليمني الذي يحق له التصويت والانتخاب

اللهم لا شماته

ثم أن فشل هذه الكذبة قد جاء أصلا من مصدرها الذي اخترعها وقررها وهو ( مجلس الدفاع الوطني ) وهذا المجلس العسكري الذي يتشكل من المشير صالح و جنرالات الجيش والاستخبارات لا ندري ما علاقته بانتخابات المحافظين والتدخل بالشئون المدنية حتى يأتي ويصدر قرارا عسكريا باجراء انتخابات محافظين ويأمر مجلس النواب وهو الهيئة التشريعية بتعديل قانون السلطة المحلية خلال فترة اسبوعين بما يلبي متطلبات الامر العسكري ، ولا ندري ان كانت الشئون المدنية هي من اختصاص مجلس عسكري ام تندرج من ضمن صلاحيات مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني الا ان تدخل العسكر كما رأينا بهذه الصورة الفجة في قرار مجلس الدفاع القاضي باجراء انتخابات المحافظين في أسرع وقت ممكن يفضح زيف الديمقراطية و حقيقية وجود مؤسسات دولة من عدمها ويكشف بكل وضوح أن الحكم العسكري السافر هو الذي يدير البلاد ويعبث بها ويتحكم بمصيرها والى أي مستوى صارت اليه الحاله الهستيرية التي يعيشها الرئيس صالح جراء الحراك الجنوبي و توسع النضال السلمي شمالا وجنوبا ما أضطر مجلس الدفاع الذي يرأسه في مفارقة مضحكة الى أن يصدر قرارين متناقضين بنفس الوقت وبدون فاصل وهما قرار انتخابات المحافظين وقرار قمع الحريات ومنع التظاهرات السلمية . . . واللهم لا شماته .

انتخابات عسكرية

 البلد مقسمة الى 4 مناطق ومحاور عسكرية يحكمها أربعة قادة عسكريين من أسرة الرئيس صالح ومقربيه فكيف بعد ذلك يأتي مجلس عسكري ليقرر انتخابات المحافظين وهل يمكن تصور ان عقلية عسكرية تدير البلد بالمحاور العسكرية والقبض الحديدية يمكن لها أن تقبل بمشاركة شعبية مدنية حقيقية في السلطة حتى يقرر مجلس الدفاع بدلا عن المؤسسات المدنية انتخابات محافظين بالتأكيد اننا ستكون انتخابات عسكرية على طريقة حرب صعدة أو حصار الجنوب و قصف الضالع 

لماذا يمنع الرئيس الشعب من انتخاب المحافظين ؟

الكذب حبله قصير لكنه في اليمن طويل جدا وهو سياسة سلطة مستمرة في نسج الأكاذيب و خداع الناس بها منذ عقود من الزمن والا فإن هذه الكذبة الطازجة المسماة انتخابات المحافظين لماذ تحرم ملايين اليمنيين من ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية في انتخاب محافظيهم ومسؤلي السلطة المحلية بشكل مباشر ؟

هل هذا الشعب قاصر ولم يبلغ سن الرشد الديمقراطي بعد حتى يتم منعه من انتخاب المحافظين ومدراء المديريات فيما هو ذات الشعب الذي ينتخب رئيس الجمهورية وهو المنصب الأول في البلد الى جانب انتخابه لأعضاء السلطة التشريعية و أعضاء المجالس المحلية ؟

اذن فلماذا ولمصلحة من يغمط حق الشعب اليمن ويتم منعه من ممارسة حقه الدستوري في انتخاب المحافظين ومسؤلي السلطة المحلية ؟

ولماذا الالتفاف على الدستور الذي يحدد في المادة الثامنة منه بان الهيئة الناخبة لأية انتخابات هم أبناء الشعب اليمني الذين يحق لهم الاقتراع و التصويت والانتخاب ؟

فليتوقف التسلط الفردي

ليس هناك من مبرر لمنع أبناء الشعب اليمني من ممارسة حقوقهم الدستورية في انتخابات المحافظين بشكل مباشر الا العقلية الفردية المتسلطة على مصير البلد وموارده وثرواته ومخاوفها من المشاركة الشعبية الحقيقية في ادارة شئون البلد وما يمكن أن أن ينتج عن مثل هكذا انتخابات حقيقية مباشرة للمحافظين بواسطة الشعب من فقدان الحكم الفردي لتسلطه على كل صغيرة وكبيرة في البلد وهو الذي اعتاد بواسطة سياسة ادارة الدولة بالتليفون أن يفسد وينهب ويوزع المال العام وثروات البلد للمقربين والأسرة ومراكز قوى الفساد

لقد وصل الحال بحكم الفرد بعد تسلطه على البلد ل30 عام الى رفض أية مشاركة شعبية مدنية في السلط ولذلك لم يكن امام الرئيس صالح من خيار غير الالتفاف على الدستور وتعديله وتفصيل قانون على مقاسه يقصي الشعب ويحرمه ممارسة أبسط حقوقه

انتخابات من أجل الرئيس

هل يعقل ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين أن تجري انتخابات ولو كانت في بلاد واق الواق بدون أن يحق للشعب المشاركة والانتخاب فيها

و هل يمكن فهم ان الشعب اليمني او أي شعب غيره يستطيع أن ينتخب رئيس الجمهورية وأعضاء الهيئة التشريعية والمحلية بينما ليس مسموحا له أن ينتخب مسؤلين بدرجات أدنى كمحافظي المحافظات و مديري المديريات ؟

وديمقراطية واق الواق هذه لم تتوقف عند تلبية رغبة الرئيس صالح بحرمان الشعب من حقه في انتخاب المحافظين ومدراء المديريات عندما قامت باستبدال الانتخاب المباشر من قبل الشعب بهيئة ناخبة مسيطر عليها بل أعطت الرئيس الحق كذلك في تعيين امين عام المحافظة الذي يوازي في وجوده وصلاحيته المحافظ المنتخب بواسطة ( الهيئة الناخبة ) وبحيث يكون هذا الشخص المعين من رئيس الجمهورية هو المرجعية للمحافظ و السلطة المحلية بحيث لا تصبح صلاحية المحافظ والهيئات المحلية المنتخبة نافذة الا بموافقة الشخص المعين 

اذن فأي ديمقراطية هذه وأي انتخاب هذا وماذا تركت ديمقراطية واق الواق لنفسها من اعتبار اذا كان تسلط الفرد لم يسمح حتى على الأقل باخراج ناجح لكذبة انتخابات المحافظين ؟

النضال السلمي سيستمر

اذن أليست هذه الكذبة سمجه و جزءا من سياسة فاشلة ومكررة اعتادتها السلطة لامتصاص غضب الناس كي تهرب الى الأمام من مواجهة تبعات الكوارث والمآسي والجوع والحروب والنهب والفساد الذي تحكم به هذا الشعب ، وما ينبغي على السلطة أن تفهمه هو أن هذه الكذبة المستهلكة والمنتهية الصلاحية لن تستطيع أن تنقذها من تبعات سياساتها الفاشلة التي دمرت الوطن ولن تستطيع ان تخدع الشعب وتوقف حراك النضال السلمي ومطالب الناس بحياة إنسانية حرة كريمة والخلاص من حكم فردي أحال الإنسان والوطن والحياة إلى عبودية وطغيان ومشروع بلا نهاية للفساد والإفساد .