ما بين سماحة الشيخ حسن نصرالله ووليد جنبلاط
بقلم/ راسم عبيدات
نشر منذ: 17 سنة و شهرين و 27 يوماً
الجمعة 17 أغسطس-آب 2007 08:28 م

مأرب برس – القدس – خاص

بداية لا بد لنا من القول، أن ذكرى النصر اللبناني تأتي في وقت يعيش فيه لبنان واحدة من أعمق أزماته السياسية، بفعل الانقسام الحاصل،وأيضا بفعل أن بعض الأطراف اللبنانية ترهن إرادتها للخارج، وتحاول طمس معالم هذا الإنتصار الذي أسقط أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر، ونحن نرى على الساحة اللبنانية أن حدة ووتيرة ال خلافات والصراعات بين فريقي الموالاة والمعارضة، مرة تعلو حدتها، ومرة أخرى تهبط ، ارتباطاً بالخلافات حول قضايا الحكومة والرئاسة والمحكمة الدولية، وشكل وطبيعة العلاقات والتحالفات اللبنانية عربياً ودولياً، وكذلك التدخلات الإقليمية والدولية في الشأن اللبناني، وتحديداً التدخلات الأمريكية والأوروبية الغربية، وخير ما يعكس ويمثل وجهة نظر الفريقين من الأزمة اللبنانية وهذه الموضوعات، هو تصريحات النائب وليد جنبلاط زعيم ما يسمى بالحزب التقدمي الاشتراكي، والذي لم يعد لا اشتراكياً ولا تقدمياً ولا حتى عروبياً، حيث أنه نعت في تصريحاته كل من يسعى من اللبنانيين إلى تسوية سياسية للأزمة اللبنانية بالخيانة، في تهديد مبطن إلى شركائه داخل تحالف 14 آذار من التجاوب مع المساعي العربية والفرنسية لحل الأزمة اللبنانية بالطرق السلمية، وأيضا ًتصريحاته فيما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، حيث طرح هو وسمير جعجع قائد القوات اللبنانية، مواقف غاية في التشنج والتطرف، ونحن وإن كنا نرى في هذه المواقف محاولة لتحسين الشروط التفاوضية، إلا أنها تعكس ذهنية وعقلية موغلة في الإقصاء وحب الذات وتغليب المصالح الخاصة على المصالح العامة، وهم دعوا إلى انتخاب رئيس الجمهورية بمن حضر من النواب، في حين يشترط الدستور اللبناني، لكي يصبح الانتخاب شرعياً ودستورياً، توفر الثلثين كنصاب لعقد جلسة الانتخاب، هذه التصريحات لجنبلاط وفريق الموالاة، وغيرها من طراز إقرار المحكمة الدولية لقتلة رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، من خلال مجلس الأمن الدولي تحت البند السابع، دون إقرارها والمصادقة عليها من المؤسسات الدستورية اللبنانية، ورفض مبدا الشراكة في الحكومة، والهجوم شبه اليومي على المقاومة وما جلبته من دمار للبنان، وعدم الاعتراف بانتصار المقاومة، رغم أن العدو قبل الصديق اعترف بأن حزب الله حقق نصراً إستراتيجياً وتاريخياً على إسرائيل، وشن الحملات الإعلامية الدائمة على سوريا وإيران واعتبارها أعداء للبنان ولا تريدان له الخير والاستقرار، مقابل توطيد وتدعيم العلاقات مع دول ما يسمى محور الاعتدال العربي، والسماح بل والمساهمة في تحويل لبنان إلى مزرعة أمريكية، تدار مباشرة من قبل السفير الأمريكي في بيروت، ناهيك عن التحريض المستمر والخطاب المشبع بروح الفئوية والطائفية، وبما يدفع بالساحة اللبنانية نحو الاقتتال الطائفي والجهوي وتقسيم البلاد وتذريرها، وفي الجهة المقابلة رأينا الشيخ حسن نصر الله في خطابه في ذكرى الانتصار، يبدي حرصاً عاليا على مصلحة لبنان واللبنانيين، مما يعكس روحاً عالية من الانتماء والمحبة للبنانيين بغض النظر عن مذاهبهم وطوائفهم، ورغم الانتصار والجماهيرية العالية التي يتمتع بها حزب الله، إلا أننا لم نسمع كلمة واحدة من الشيخ حسن عن الاستحواذ والهيمنة، بل في حديثه عن الأزمة الداخلية قال بشكل واضح لا يقبل التأويل، انه يرغب في الوصول إلى حل للأزمة، من خلال تسوية مع فريق الموالاة يكون مدخلها حكومة الشراكة الوطنية، وفي تشخيصه للأزمة الداخلية بين الموالاة والمعارضة، يقول سماحة الشيخ حسن بأن هناك خطين قياديين في الساحة اللبنانية، الأول :- وهو ما يمثله هو والمعارضة بمختلف ألوان طيفها الحزبي والسياسي، خط تصالحي وفاقي وحدوي يدعو إلى مد الجسور وإلى تسوية داخلية في كل القضايا المختلف عليها، وخط تصادمي تخويفي إقصائي تمثله قوى الرابع عشر من آذار، خط يستقوي بالأمريكي وبالمجتمع الدولي، ويعتبر الشراكة الوطنية انتحاراً، وكما يعتبر التسوية الداخلية خيانة تستحق الإعدام " ، وأضاف السيد نصرالله " ان هناك البعض في لبنان لا يملك مشروعاً أو خطابا ًسياسياً، سوى خطاب التخويف الطائفي والمذهبي من الاخر " .

أن الرابع عشر من آذار ،تاريخ مفصلي له ما قبل وله ما بعد، ما قبل كانت أوهام للتخلص من المقاومة وإنهائها على غير مستوى، وما بعد صارت المقاومة مشروعاً قائماً بذاته غير قابل للإلغاء والتذويب والتطويع والاحتواء، بل صار قدر المشككين أن يصوبوا على أهدافها ومشروعها، بعد أن أعياهم النيل منها، ومن هنا نقول انه لا يجوز لقوى الموالاة استمرار التشبث بمواقفها المتشنجة والسيطرة على مقدرات السلطة والشعب اللبناني، ومن غير المعقول الاستمرار في الاستقواء بالخارج، وتحويل لبنان إلى مزرعة ومحمية دولية، تدار من قبل السفير الأمريكي والسفارات الغربية في بيروت، واللعب على وتر الطائفية والمذهبية في سبيل الاحتفاظ بالسلطة، وخصوصاً أن ما تطرحه قوى المعارضة منطقي وواقعي، ويعكس حجمها ودورها وحضورها في المجتمع اللبناني، وهذا ما لمسناه من الانتخابات الفرعية في المتن الشمالي والحضور الجماهيري والشعبي للتحشدات الجماهيرية الواسعة، التي دعت إليها المعارضة في مناشطاتها وتحركاتها من أجل إسقاط الحكومة اللاشرعية ، وإن الحل الوحيد والممكن للأزمة اللبنانية هو في الحوار الداخلي والتجاوب مع المساعي التي تبذلها الجامعة العربية وبعض الدول الأوروبية مثل فرنسا وإسبانيا من أجل حل سلمي للأزمة اللبنانية، وليس في رهن بعض الأطراف لمواقفها وسياساتها للإملاءات الخارجية وبالتالي دفع الساحة اللبنانية نحو الاحتراب والاقتتال الداخلي، والخاسر الوحيد فيه الشعب اللبناني ووحدته، والتجاوب مع المبادرات المطروحة وخصوصاً ما يقوم به من جهد رئيس مجلس النواب اللبناني السيد نبيه بري لحل هذه الأزمة ، حيث أن هناك من يعمل بقوة على منحى التخويف والتقطيع وإثارة الشبهات بين القوى اللبنانية، وهم يتدخلون ليلاً ونهاراً لتعطيل أية تسوية داخلية مدخلها حكومة الشراكة .

17/8/2007