عسكرة مدينة تعز ام تحويل تعز الى معسكرات!!؟
بقلم/ منال القدسي
نشر منذ: 13 سنة و أسبوعين و 6 أيام
السبت 29 أكتوبر-تشرين الأول 2011 07:16 م

" عسكرة مدينة تعز" كان عنوان مقال نُشر في مجلة يمن تايمز يوم 13/10/2011م حينما قرأت العنوان تبادر الى الذهن ان المقصود هو تحويل مدينة تعز الى معسكرات من قبل قوات صالح فالكل سمع وشاهد كيف تم تحويل المؤسسات والمقرات الحكومية والمستشفيات والمدارس الى ثكنات عسكرية تعج بالاليات العسكرية والجنود والبلاطجة المدججين بمختلف انواع الأسلحة واصحاب السوابق الذين تم اخراجهم من السجون وتسليحهم ليرتكبوا الجرائم والمنكرات المنظمة بحق ابناء هذا الشعب الطيب الصبور الذي كان ذنبه انه اراد ان يستنشق عبير الحرية ويحيا حياة مدنية يسودها العدل والمساواة بين ابناءه مثله مثل الشعوب الأخرى .

هكذا تهيأ لي للوهلة الأولى كوني ممن يعيشون في مدينة تعز واعاني والمس ماتعانية النساء والأطفال في مختلف احياء المدينة فبدأت أقرأ المقال لعلي أجد جديداً يضيف للمشهد الحالي ولكني صُعقت لما قرأته.. وهذا ما دفعني لئن أرد على أُولئك الذين يتعامون ويغطون اعينهم باطراف اثوابهم لتنكشف عوراتهم ، هم إما لا يرون او سطحيين لا يجيدون قراءة المشهد او مدفوعين باحقاد شخصية أو مأجورين.. او انهم لايعيشون في مدينة تعز، ويكتفوا بتلقي تعليمات للكتابة ويلوثون اقلامهم بتزييف حقائق هزيلة يتكئون عليها ولهم فيها مآرب وكم هي المآرب الخبيثة التي تكشفت في هذه الفترة التاريخية من حياتنا.

تعز منذ شهور تعيش تحت النيران، نيران القذائف المدفعية التي تتساقط كالمطر على بعض الاحياء السكنية في المدينة كحي الروضه وزيد الموشكي والمسبح ومحيط جبل الجره ووادي القاضي وكلنا يعلم لماذا هذه الاحياء دون غيرها!! يكاد لايمر يوم او ليلة دون قتلى وجرحى من النساء والأطفال والرجال .. لايوجد شارع في تعز لم تخضبه دماء ابناء هذه المدينة الباسلة .. البيوت تُهدم على ساكنيها وهم نيام وبيوت الله تقصف وفي اوقات الأذان والصلاة.

يقول كاتب المقال انتشرت بوادر العسكرة في الشوارع وحتى النساء اصبحن يحملن المسدسات والبنادق، وامتد العنف من ساحة الحرية إلى كل الشوارع والازقة ، وقُتل العديد من المدنيين الابرياء جراء مظاهر العسكرة.. متغافلا عن ذكر الثكنات العسكرية التي زُرعت في تعز محتلة المستشفيات والمدارس والمرافق الحكومية بين الأحياء السكنية والتلال المطلة على مدينة تعز .. وحولت الأماكن السياحية الى ثكنات عسكرية تعج بالدبابات واسلحة الدمار .

اتفق مع الكاتب في ان النساء اصبحن يحملن المسدسات والبنادق!! نعم ولكني اعتب عليه لانه لم يوضح أي نوع من النساء.. انهن بلطجيات النظام كن في البداية يحملن الصميل للاعتداء على حرائر تعز ولكن مؤخراً تم تسليحهن وصُرف لهن اسلحة وذخائر ومبالغ مالية للاعتداء على حرائر تعز المناضلات.. ومنهن من اصبحت تدير مجموعات من البلاطجة وخريجي السجون ولن اتطرق للنفقات التي تصرف عليهم من اموال هذا الشعب وعرقه.

الكاتب بدى متالماً لحادثة وقعت في شارع جمال وراح ضحيتها قتيل ( بائع فُل وأب لـ 6 أطفال).. نعم تألمنا جميعا لهذا الاب المسكين وتالمنا اكثر لليتامى الذين خلفهم وراءه ، ولكن ماعلاقة الثورة وحماة الشعب (حماة الثوار) بهذه الحادثة التي وقعت بين فريقين من البلاطجة تبادلوا على حد قول الكاتب إطلاق الاعيرة النارية في الهواء بعد مشادة كلاميه، كان يفترض على الكاتب بدلاً ان يلقي اللوم على "حماة الشعب" ، ان يلقيه على من قام بتسليح البلاطجه ورعايتهم، علماً بان هذه ليست المرة الاولى فقد سمعنا مراراً عن مشاجرات شبيهة بين البلاطجة آخرها اشتباكات عنيفة وقعت بينهم في حارة الجمهوري وحارة النسيرية وباب موسى.. بل ان هناك من البلاطجة المعروفين ممن كانوا يتمازحون بالقنابل وانفجرت قنبلة باحدهم وتوفى هو واحد زملاءه على الفور ، وسمعنا مراراً عن اقتتال البلاطجة فيما بينهم لاختلافهم على قسمة المخصصات المالية.

صاحبنا تألم لحادثة البلاطجة في شارع جمال ولم يتألم لضحايا القصف المدفعي الذي يستهدف الأحياء السكنية في كل ليلة ويكون ضحاياه قتلى وجرحى بالعشرات بينهم نساء واطفال ، كما انه لم يتألم للاسر النازحة من منازلها المهدمة.. ولم يتألم لحالة الرعب التي يعيشها سكان معظم احياء مدينة تعز.. وممن ؟؟ من اسلحة مشتراة بأموال الشعب ومن قبل عساكر يرتدون زيهم العسكري وحتى الأحذية التي يمتطونها ، ويأكلون ويشربون ويستلمون رواتبهم من اموال وعرق هؤلاء البشر الذين يقتلوهم كل يوم بدم بارد .

أما صلاح الدكاك الذي احترم كثيراً كتاباته الساخرة واسلوبه المميز في الكتابة فحينما يقول ان "الثورة بدأت في 11 فبراير ولكنها اليوم مخطوفة من قبل القبائل المسلحة ".. أقول له يادكاك عن اية ثورة مخطوفة تتحدث أنتم الطبقة المثقفة صوت الثورة ومنبرها الاعلامي باقلامكم تقولون هذا ؟؟ لقد تفوق عليكم بسطاء الناس بوعيهم واداركهم وايمانهم اليقين بانه لولا "حماة الشعب" الذين نعتهم أنت بالمرتزقة وامراء الحروب ، لولاهم لما كانت هناك ثورة او ساحات أومظاهرات تطالب بحقها بالحياة مثلها مثل أي شعب خلقه الله على هذه البسيطة .. ولولا "حماة الشعب" لكُسر قلمك وكل قلم شريف وحر ولبقيت فقط الاقلام التي تمجد صالح ومنظومته الفاسده.

لقد أحُرقت ساحة الحريه وجُرفت بمن فيها ماذا فعلتم انتم؟ ذهبتم الى بيوتكم تتباكون! اما هولاء الذي نعتهم بالخاطفين لثورتنا فهم حماة الشعب ورجال وشباب تعز البواسل الذين دافعوا عن الاعراض ودافعوا عن كرامة تعز وساحتها وحموها وقدموا ارواحهم رخيصة للدفاع عنك وعني وعن ابناء تعز ونسائها واطفالها وذكورها ولم اقل رجالها لآن معظم رجال تعز لم يقبعوا ببيوتهم لتواسيهم نسائهم بل خرجوا وانظموا لحماة الشعب للدفاع عن ثورتنا.. ولا ننسى هنا دور الشباب في بعض الأحياء والذين خرجوا بسلاحهم وبدعم ذاتي لحماية الثورة وكان لهم دورهم البطولي المشرف.

في الجمعة الاولى بعد احراق ساحة الحريه تقاطر ابناء تعز الى سائلة عصيفرة القريبة من ساحة الحرية لاداء الصلاة بعد ان حُولت ساحة الحريه الى ثكنة عسكرية وتم تطويق سائلة عصيفرة ومحيطها بالجنود والاطقم العسكرية والمصفحات والدبابات وتم منعهم من الصلاة وكاد الحرس الجمهوري ان يوقع بينهم مجزرة اخرى.. فمن حماهم ؟؟ ومن حول السائلة الى ساحة انتصار أطلق عليها المصلين وشباب الثوره يومها ساحة النصر، فقد قام حماة الشعب باستعادة كرامة ابناء تعز وتم تحرير ساحة الحريه واعادتها لشباب الثورة.. وعاد شارع جمال عبدالناصر كما كان حرا ولم نسمع او نرى منذ ذلك اليوم حدوث اي اعتداء او قتلى او جرحى من الشباب بعد ان كانت مسيرات الشباب يتم الأعتداء عليها بالرصاص الحي ومياه البلاليع بشكل يومي .. ويسقط الجرحى والقتلى من الشباب .. أين كنت حينها؟؟

فبالله عليك من خطف الثورة؟ حماة الشعب الذين دافعوا عنا ودفعوا ارواحا زكية منهم وحموا الساحة ومازالوا يدافعون ويحمون المدينة من انتهاكات عصابات ومرتزقه تم جلبهم من محافظات اخرى؟!! هل كنت تريد ان تستباح مدينة تعز للبلاطجة الذين تم جلبهم من محافظات اخرى .. لن اسألك ماذا فعلت أنت للدفاع عن مدينة تعز لآنني اعتقد ان قلمك سيكون دوره اقوى من البندقية ..والكل يناضل في مجاله ..

أعتقد ان من يتحدثون عن خطف الثورة من قبل "حماة الشعب" لم يكونوا موجودين في تعز بعد ان احُرقت ساحة الحريه لانهم لم يشاهدوا الانتهاكات التي ارتكبت بحق ابناء تعز ونسائها ، كانت الاطقم العسكرية والمصفحات تمشط شوارع المدينة ليل نهار وقوات النظام تنزل في عروض عسكرية الى شارع جمال وهم يزملون "مالنا إلا علي" ، كانون يعتقلون أي تجمعات شبابية تزيد عن اثنين ويعتدون عليهم بالضرب والسب وباقذع الشتائم .. حتى النساء لم يسلمن من الأعتداء والشتائم، والاطفال لم تشفع لهم طفولتهم من نيران المعدلات التي كانت تدوي شارع جمال امام مرآى ومسمع ابناء تعز ، والنقاط العسكرية انتشرت في كل شوارع المدينه وشارع جمال ، وتمادت عصابات صالح في مطاردة الأطفال في الشوارع والأزقة وأطلاق الرصاص عليهم لأنهم كانوا يهتفون ارحل (في يوم واحد سقط طفلين قتيلين) !!

كل هذا حصل بعد محرقة ساحة الحرية ولم تتوقف هذه الانتهاكات الا بفضل بسالة ونخوة وغيرة "حماة الشعب" فبعد جمعة النصر (3/6/2011م) وحتى اللحظة لا يتجرأ الحرس الجمهوري على النزول الى شارع جمال او الى وسط المدينة والاحياء الشمالية.. ويعمد الى قصف بعض الأحياء ليلا وبشكل يومي.

والله يادكاك كم تمنيت ان اكون رجلا لأساهم في الدفاع عن كرامة مدينة تعز وعن بعض ذكورها الذي قبعوا في بيوتهم بعد محرقة ساحة الحرية .. ولم يكتفوا بذلك بل انهم يشكلون أئتلافات وتكتلات في مقايلهم ولايجرئون حتى على الخروج من منازلهم لأسعاف الجرحى من جيرانهم عندما يطالهم القصف.

وارجو ان تتخيلوا معي كيف سيكون المشهد اليوم في تعز اذا لم يكرمنا الله بحماة الشعب..!!

فماذا فعلت انت يادكاك وماذا فعل المنظرين الذين لا نراهم الا عبر القنوات الفضائية ؟ اليوم لا يحق لكم الكلام عن حماة الشعب بل عار عليكم ان تتلفضوا بكلمة واحده بحقهم فلولاهم لكانت عصابات صالح اقتحمت بيوتنا وهتكت اعراضنا، حينها لن تنفعنا الكلمات والتنظيرات ، فلا شيئ قتل ثورتنا اكثر من المنظرين.

الثورة لا تحتاج لذكور وانما تحتاج لرجال يحمونها ويدافعون عنها لانكم انتم من يخطف الثورة ويجردها من الثورية ؟ الثورة تحتاج لمن يغضب، الثورة تحتاج لمخالب للمضي قدماً نحو تحقيق اهدافها والدفاع عنها.. فياحبذا لو تصمتوا اليوم كما صمتم بالامس! فامثالكم يستغلهم صالح وعصاباته في تشويه الثورة .

لا تنزعج يادكاك فتعز الحبيبة لم تتحول من مركز للثقافة والعلم الى مركز للمظاهر المسلحة لان هذه المظاهر المسلحة ستزول قريباً ببسالة حماة الشعب ، ولولا حماة الشعب كنت ستنزعج اكثر حينما ترى ابناء تعز أذلاء لا يجرؤون على الخروج من منازلهم ولكنت شاهدت الثكنات العسكرية في كل حاره وعلى سطح كل بيت .. مع العلم بأن هناك بعض من المنتفعين قد قاموا بتأجير أسطح منازلهم لقوات صالح لأستخدامها من قبل القناصة والبلاطجة لأثارة الرعب في احياء مدينة تعز.

نعم تعز لم تعد مركزا للثقافة والعلم كما جاء في المقال ، لكن كاتب المقال ذهب بعيداً في ذكر السبب بالقاءه اللوم على "حماة الشعب" ، متناسياً بانه يخاطب ابناء تعز الذين يعلمون علم اليقين بان تعز منذ سنوات وهناك حملة قذرة عليها لتجهيلها ، المدارس هبط مستوى تعليمها وبات اكثر من (80%) من طلاب المدارس يعتمدون على الغش المباح في الأمتحانات ، وهناك غش بقوة السلاح ، الجامعات بتعز ويشهد بذلك الكثير من اساتذة الجامعة تحتضن طلاب لايجيدون الأملاء ويتخرجون من الجامعة وهم لايستطيعون صياغة رسالة لطلب وظيفة، وكثير ممن كانوا يعتبروا من مثففي تعز باعوا اقلامهم ركضا خلف الكسب المادي او البسط على الأراضي .. وهناك الكثير ممن كانوا يُقال عنهم انهم من مثقفي تعز قد التحقوا بركب البلاطجة وحملوا السلاح لقتل ابناء مدينتهم غير آبهين بأي قيم او اخلاق كانوا يتحدثون عنها .. والمثقفين الشرفاء من ابناء تعز ركنوا إلى العزلة والأنكفاء مفضلين عدم بيع اقلامهم او تسخير ثقافتهم للبيع في المزاد.

اما الاخ الذي يعيش خائفاً في جبل الجره فبدلاً من ان يلقي اللوم على الثورة وحماة الشعب الاجدر به ان يلقي اللوم على من سعىوا بكل ما اوتوا من قوة وجهد ومال لانتزاع هدنه من "حماة الشعب" لتسليم جبل الجره الى الحرس الجمهوري ليتحول الى ثكنة عسكرية تقصف منازل المواطنين وتروع الاطفال والنساء فسكان الجبل كانوا يعيشون بامن وسكينة عندما كان تحت سيطرة "حماة الشعب" .. ونحن متعاطفون مع كل المدنيين الذين تضرروا من بيعة المجلس الأهلي بتعز الذي ابرم وثيقة الغدر والخيانة مع النظام .. ومن ناحية اخرى اليست هذه الثورة ثورة الجميع، ثورة على الظلم والسلب والنهب والتسلط والتوريث.

ان هذه الثورة ليست ملكا لحماة الشعب او لحماة الثورة وليست ملكاً للقبائل المناصرة للثورة، بل ثورتنا ملك الجميع فهي التي ستحقق حياة حرة كريمة للجميع ، حياة يسودها العدل والمساواة .. ان الثورة لن تتحقق على طبق من ذهب، الثورة لها ثمن .. ثمن سكوت اكثر من ثلاثة عقود من الزمن وعلى الجميع ان يشارك في دفع الثمن .. ومع تعاطفي للأخ الذي يعيش خائفا في منزله من لعلعة القصف ، لكن عليه ان يتذكر ان هناك ابطال في الميدان يواجهون ذلك القصف من أجل ان ينعم هو واولاده بحياة حرة وكريمه، وقليلاً من الصبر افضل من مستقبل قاتم كان ينتظر اولاده لقاء سكوته وخرسه ورضوخه امام الظلم.

ليتكم صبيتم جام سخطكم وحبر اقلامكم على اؤلئك الذين سعوا بكل ثقلهم الى الهدنة الزائفة التي دفع ابناء تعز ثمنها كبيراً من ارواحهم وفلذات اكبادهم وممتلكاتهم.. ليتكم طالبتم برفع الثكنات العسكرية من داخل مدينة تعز وعدم عسكرتها من قبل صالح وعصاباته .. ليتكم طالبتم بمحاسبة القتلة الذين سفكوا دماء الشباب وهدموا المنازل على رؤوس قاطنيها الأمنين.