الطغاة يتعلمون من بعضهم
بقلم/ د. عيدروس نصر ناصر
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 12 يوماً
الأربعاء 07 ديسمبر-كانون الأول 2011 06:08 م

كلنا يتذكر كم قضى رئيس النظام اليمني علي عبد الله صالح، يماطل ويماطل ويعد ثم يخلف ويطلب التعديل على المبادرة الخليجية ثم يعود ويرفض ما اقترحه من تعديل محاولا تجريب صبر الشعب اليمني الذي صبر عليه طويلا،. . . . وطيلة ستة أشهر كان يمكن فيها توفير الأرواح التي أزهقت والدماء التي سالت والجراح التي نكئت بما في ذلك ما أصاب الرجل نفسه على أيدي مجهولين يرجح أنهم من أقربائه، كل ذلك كان يمكن توفيره لو أن الرجل صدق مرة عندما كان يتودد للأشقاء في مجلس التعاون الخليجي بطلب التعديلات على المبادرة التي جاءت لإنقاذه.

لكن الأمر استغرق ستة أشهر حتى اقتنع الرجل بحتمية التوقيع مكرها، وهو قد يفتعل الكثير من المبررات لعرقلة تنفيذ ما وقع عليهن بغرض كسب الوقت ولإطالة عمره السياسي القائم على الغش والخداع والكذب والنهب والاستبداد وإشعال الحرائق ودق الأسافين لعل أمرا ما يتغير فيعيد له عجلة التاريخ إلى الوراء.

من يلاحظ تعاطي جماعة الأسد في سوريا مع مبادرة الجامعة العربية يجد نفس الأسلوب ونفس المدرسة ونفس التلاميذ الخائبين، يتهكم ممثله في الجامعة العربية بوزراء الخارجية العرب ويتهمهم بالخيانة والمؤامرة ويتعنتر ويرفض القبول بالبعثة العربية لمراقبة الأوضاع في سوريا ثم بعد إزهاق مئات الأرواح يقبل بدخول هذه اللجنة ولكن بشروط يستدعي البحث فيها أشهر وسنوات ليستمر نهر الدماء والتسلي بإزهاق الأرواح تماما كما فعل معلمه في اليمن، وقبله كان معمر القذافي قد هدد أبناء شعبه الذين وصفهم بالجرذان بعد أن خرجوا ينشدون أغنية الحرية والكرامة، هددهم بالملايين التي كان يقول أنها ستطاردهم بيت بيت زنقة زنقة.

لم يتعلم الطغاة من بعضهم شيئا يعود بالفائدة على الشعب والوطن، أو حتى يخرجهم بأقل كلفة، وكل ما تعلموه ممن بعضهم هو الطغيان والغدر والخداع والتدليس والتسويف والمماطلة وتزييف الحقائق ووحشية الانتقام من الخصوم السياسيين، . . .هم غير مهمومين بالشعب ولا بالوطن بقدر اهتمامهم بالبقاء على كرسي الحكم حتى لو أبادوا كل الشعب الذي يفترض أنه صاحب الولاية ويفترض أنه من أتى بهم إلى الحكم وله الحق في إعفائهم من أعمالهم عندما يريد.

عندما انطلقت الثورة المصرية بعد عشرة أيام من الإطاحة ببن علي في تونس قال أزلام مبارك أن مصر ليست تونس، وكرر القول أنصار رئيس النظام اليمني، واليوم يقول أركان النظام السوري نفس القول،. . .إنهم قد يكونون تكرارا لبعضهم وقد يتفاوتون، لكن التفاوت إن وجد هو في درجة الخسة وحجم الطغيان ومستوى الجرائم التي يرتكبونها في حق شعوبهم، وإذا كانوا ليسوا تونس فلأن تونس هي صاحبة أفضل مستوى تعليمي في الوطن العربي، وصاحبة أقل مستوى من البطالة ومن بين أدنى البلدان العربية (غير الخليجية) معدلا للفقر، وإذا كان طاغية تونس قد سقط رغم كل ذلك فالأولى ببقية الطغاة أن يعتذروا لشعوبهم وينسحبوا بصمت ويتواروا عن المشهد السياسي بعد أن أشبعوا شعوبهم قمعا وتنكيلا وفسادا واستبدادا واحترابا.

* * * * * * * *

استمرار العدوان على تعز يبين لنا أن هناك حقدا دفينا يكنه أركان الحكم على تعز الثقافة والمدنية والتاريخ والرقي والنضال السلمي المتميز، . . . .الذين يجهلون خصائص مدينة تعز يتساءلون : لماذا تعز؟ والسؤال مشروع لمن يجهل المزايا الثقافية والتاريخية والسيوسيولوجية والأنثروبولوجية لتعز وتصديها عبر التاريخ للطغاة وانتهاجها مبدأ الرفض وإباء الضيم والنضال السلمي. . . . تعز كانت على الدوام نقطة الانطلاق لمقاومة الطغاة وللعمل السياسي المدني وهو معمل لإنتاج المثقفين والمفكرين ورجال المال والأعمال والمناضلين والقادة السياسيين، ومن سوء حظها أن بعض أزلام الطغاة محسوبون عليها ، وهذه هي طبيعة الأشياء لكن هؤلاء كما يعلم الجميع لا يحظون بأي ثقل حتى في العائلات التي ينتمون إليها، وارتباطهم بالطغاة يقوم على المصالح التي كونوها بفعل تلك العلاقة، أما الجماهير فهي بريئة منهم براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

قد تستمر سياسة الانتقام من تعز وقد يستمر القتل وقصف المباني وتدمير المنشآت وترويع النساء والأطفال والعجزة، لكن هذا لا يثني تعز عن تبوء مكان الريادة في التصدي للطغيان والتمسك بشجاعة المناضلين وأخلاقيات الفداء والإيثار والتضحية ومبادئ العمل السلمي الحضاري.

برقيات

* بغباء منقطع النظير يسير الطغاة العرب على خطا بعضهم، دون الاتعاظ ممن سبقوهم، وهو ما يؤكد أن هؤلاء محرومون من نعمة الذكاء والفطنة، وإذا ما حضر الذكاء فهو يأتي على شكل اللؤم والخساسة وصناعة المكائد لا أكثر.

* السيد حسن نصر الله مشهود له ولقوى المقاومة التصدي للعدوان الصهيوني، لكن دفاعه عن نظام الأسد جعله كالذي لا يستطيع مقاومة العدوان الصهيوني إلا بوجود نظام يقتل شعبه في سوريا، . .يا سيد حسن، تستطيع أن تراهن على الشعب السوري في مقارعة الصهيونية ، ولديه من الممكنات أكثر مما لدى القتلة والمجرمين الذين اعترفوا علنا بأن أمن إسرائيل مرهون ببقائهم في الحكم.

* يقول الشاعر الغنائي عبد الله عبد الوهاب نعمان (الفضول):

نحن رفض رافضٌ إن مسّنا ظلم ظلامٍ بعـــــيداً أو قريبا

كم رفضنا ولبسنا رفــــضنا حللاً حمرا وإصراراً عجيبا

نحن رفضٌ أبداً لكــــــــــننا نعشق الحقَّ جلــــيلاً ومهيبا

 أربعيــــــنياتنا فيها رفضنا وضحى سبتـمبر فيه رفضنا

 ومدى السبعين يوماً قد رفضنا

وسنمضي رافضين كل من جاء لكي يدجي ضحانا

وسنمضي داحضين كل إثمٍ.. شاء للـــــــناس الهوانا

وسنمضي فارضين حقنا.. حتى يرى الحق مصانا