على طريقة الاحتلال الإسرائيلي.. مليشيات الحوثي تهدم منزلاً على رؤوس ساكنيه ماذا ينتظر وكلاء طهران في اليمن بعهد ترمب...وهل سيكون هناك استهداف للقادة الحوثيين من المستويات العليا؟ كيف نجا البرنامج النووي الباكستاني من مخططات إسرائيل والهند ؟ السعودية تحدد أقصى مبلغ يسمح للمقيمين بتحويله إلى خارج السعودية وعقوبة بالترحيل الفوري مفاجآت صحية حول تأثير البرتقال على الكبد والكلى رئيس دائرة العلاقات الخارجية بمؤتمر مأرب الجامع في أول مهمة دولية تبدأ بالقاهره وتمر عبر الإتحاد الأوروبي مجلس الأمن يوجه دعوة عاجلة للحوثيين تفاصيل لقاء وزير الخارجية السعودي مع نظيره الأمريكي بخصوص مستجدات المنطقة مؤسسة توكل كرمان تطلق برنامج تدريبي يستفيد منه أكثر من عشرة آلاف شاب وتأهيلهم لسوق العمل وتمكينهم عبر الذكاء الاصطناعي مؤشر السلام العالمي.. اليمن الدولة الأقل سلاماً في المنطقة والكويت الأكثر سلمية
نصت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية التي وقعها المؤتمر والمشترك في الرياض على أن يكون الأخ عبدربه منصور هادي مرشحاً توافقياً في الانتخابات الرئاسية التي ستجري -حسبما تمت الدعوة- في 21/2/2012م. ولا يخفى أن عملية التوافق رغم ضرورتها في بعض المواقف، إلا أنها في حقيقتها تعد آلية من الآليات المعطلة للعمل الديموقراطي، الذي يعد وسيلة مثلى توافقت عليها البشرية لحل خلافاتها وتبايناتها العديدة.
وصار واضحاً أن أحزاب المعارضة ما وافقت على خوض الانتخابات الرئاسية القادمة بمرشح توافقي مع الحزب الحاكم إلا تحت ضغط الخارج، الذي وضع ذلك الشرط مقابل الموافقة على رحيل صالح. وبطبيعة الحال فالخارج –خصوصاً أمريكا والسعودية- لم يفرض الأخ عبدربه هادي مرشحاً توافقياً إلا بعد أن رتب أموره معه في جلسات سرية مغلقة شهدتها واشنطن والرياض، حيث استغرقت زيارته لواشنطن –التي قيل أنها كانت للعلاج- قرابة أسبوعين، وكان قد بدأها بزيارة معلنة للرياض لتقديم العزاء في ولي العهد، واختتمها أيضاً بزيارة غير معلنة لها قيل أن الهدف منها مقابلة الزياني بعد أن انكشف أمرها لوسائل الاعلام.
هذا التوافق الذي تم –بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه- يعلن لنا بوضوح أن الأهداف والمبادئ التي خرج الشعب من أجلها في ثورته الشعبية العارمة باتت في خطر، وعلى رأس هذه الأهداف والمبادئ تأسيس نظام ديموقراطي حقيقي يحتكم إليه الناس، يكون صندوق الاقتراع فيه وسيلة الشعب لاختيار حكامه، ووسيلته أيضاً لاسقاطهم في حال رغبته بذلك، ديمقراطية تفضي لتداول حقيقي للسلطات، ولا تُعرف نتائجها من قبل أن تبدأ وبدون الحاجة لفرز صناديق الاقتراع!. ديمقراطية يتعامل فيها الخارج مع الحاكم الذي يختاره الشعب بحرية كاملة، لا أن يحدد هو للشعب حكامه الذين عليه اختيارهم.
وبناء على ذلك سيتحتم على اللجنة العليا للانتخابات أن لا تدير الانتخابات الرئاسية القادمة وكأنها تحصيل حاصل، وأن تتعامل معها بدلاً عن ذلك بجدية وحيادية وشفافية كاملة؛ تبدأ أولاً من عدم التعامل مع الأخ عبد ربه هادي وكأنه قد صار بمثابة الرئيس القادم حتى من قبل الانتخابات، ثم في الاتاحة للمرشحين الذين سيتقدمون لمنافسته بمخاطبة الهيئة التي ستزيكيهم (مجلسي النواب والشورى) ليطرحوا عليها رؤاهم، بحيث يتمكن الجادون منهم من الحصول على تزكية العدد المطلوب، لأنه إذا لم يتم ذلك ستكون النية مبيتة لانتخابات شكلية ومزورة ستفتقد إلى الشرعية الدستورية، ومن حق بقية المرشحين الاعتراض عليها أمام القضاء أولاً، وأمام ثوار الساحات في حال عدم انصاف القضاء لهم ثانياً.
أما إن سُمح للمرشحين بمخاطبة الاجتماع المشترك لمجلسي النواب والشورى وطرح برنامجهم الانتخابي عليهم بصورة مختصرة، فإن النواب والمستشارين الأحرار من كل التيارات السياسية سيصبحون ملزمين بتزكية اسمين على الأقل ممن يرون فيهم الجدية والقدرة على المنافسة. أما إن اكتفى أولئك النواب والمستشارين بالمشاركة في عملية التزييف، وقبلوا على أنفسهم أن يصبحوا مجرد أدوات مطيعة وذليلة لقيادات أحزابهم فيؤسفنا أن نقول أنهم عنئذ لن يكونوا إلا نسخ جديدة لتكريس الفساد والاستبداد، ولن يكون من حقهم إدعاء غير ذلك مهما كانت المبررات التي سيقدمونها.
وفي حال تمكن بعض المرشحين من نيل تزكية العدد الكافي من أعضاء مجلسي النواب والشورى فإن ذلك سيحتم على لجنة الانتخابات التعامل معهم بنفس تعاملها مع مرشح الوفاق، بحيث تخصص لهم المبالغ الكافية التي تمكنهم من إدارة حملتهم الانتخابية بنجاح، وتكون على كامل الاستعداد لإعلان فوز أحدهم برئاسة الجمهورية في حال تقدمه بعدد الاصوات على الأخ عبدربه هادي مرشح التوافق. لأنه إذا لم يتم ذلك فلا داعي لأن نخدع الشعب وننفق أمواله على انتخابات تم حسمها سلفاً، وكان يكفي أن تنص الآلية على أن يصبح هادي رئيساً للجمهورية لمدة سنتين بعد انتهاء الرئاسة الشرفية لعلي صالح، أوبالكثير يترك الأمر لمجلس النواب مثلما تركت له مهمة إعطاء الضمانات لصالح ورهطه من القتلة والمفسدين.
أخيراً: الثورة الشعبية إنما قامت بهدف ضبط المعايير المختلة التي كانت تتحكم في تفاصيل حياتنا قبلها، فإذا لم نقم بتصحيحها، ونضع الأسس والضوابط السليمة التي تؤسس لحياتنا القادمة، سيعني ذلك أن الثورة لم ولن تنتصر، وأننا سنعود للدوران في نفس متاهة الضياع التي دخلتها اليمن في تاريخها المعاصر، وسنقضيى بذلك على بصيص النور الذي جعلته الثورة الشعبية يلوح لنا من بعيد.
ولذلك، ومن أجل تكريس مبدأ التنافس الديموقراطي الشريف، ودفاعاً عن تجربتنا اليموقراطية الوليدة حتى لا تضرب في مهدها ويتم وأدها قبل انطلاقها بتحويلها إلى عملية توافقية بعيداً عن الشعب وخياراته الحرة، فإنني أوجه الدعوة من هنا لشباب الساحات الثورية لأن يختاروا أحد الشخيصات الثورية المشهود لها بالكفاءة والقدرة والنزاهة ليخوض الانتخابات الرئاسية القادمة باسمهم مقابل مرشح المبادرة الخليجية عبدربه منصور، ولنكن رقباء بعد ذلك على سير العملية الانتخابية ونزاهتها، ولندع للشعب اختيار حاكمه الذي يريد، والذي سينتظر منه تمثيل مصلحة الوطن اليمني قبل مصالح الخارج.
* أستاذ التاريخ والعلاقات السياسية - جامعة صنعاء