الحكيمي:وضع المغتربين في السعودية لن يحل عبر العداء والتشهير للدولة المضيفة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 11 سنة و 7 أشهر و 6 أيام
الأحد 07 إبريل-نيسان 2013 06:14 م

حاوره/ وليد الجبر

• لتكون البداية من النهاية ...ما قراءتك للمشهد السياسي الحالي ومجمل أحداث الساحة اليمنية؟

المشهد السياسي الحالي بأحداثه وتطوراته يمكن أن يقرأ على أن اليمن تمر بمرحلة مخاض عسير جدا ومؤلم جدا بين قوى حديثة تريد ولادة جديدة ليمن جديد حديث متطور وبين قوى تقليدية تريد وتستميت في الإبقاء على الصيغة البالية القديمة كما هي بهدف الحفاظ على مصالحها ومواقعها وامتيازاتها وتقاتل حتى لا يولد الجديد

 وبين هاتين القوتين المتناقضتين تأتي القوى الدولية الكبرى وهي بالتحديد أمريكا وحلفاؤها الأوروبيون لتلعب وترقص على الحبال المشدودة بين هاتين القوتين فهي نجحت في الحفاظ على بنى النظام القديم ومراكز قوته وخاصة في المؤسسة العسكرية والأمنية وقياداتها من أسرة علي عبدالله صالح بمن فيهم اللواء علي محسن الأحمر باعتبارهم كانوا مشروع استثمار سياسي أمريكي على مدى سنوات طويلة مضت ولا تريد ان تفرط بهم إلا بعد ان تضمن بديلا لهم ومن أجل الحيلولة دون حدوث مفاجآت غير متوقعة راحت"اقصد أمريكا" تستجلب قواتها العسكرية الى داخل اليمن وتتمركز في قواعد عسكرية برية وجوية وبحرية هذا من ناحية

ومن ناحية أخرى لم تغفل عن مغازلة القوى الحديثة ومحاولة استمالة موقفها الى جانبها لترقص كالحاوي على حبال مشدودة من ناحية تبقي القديم وتحافظ عليه ولا تغلق الباب أمام الجديد وان كان نصيبه منها مجرد كلام معسول وبعض الأماكن هنا وهناك في الحوار وغيره من المناصب الثانوية

والمؤسف أن أمريكا تجد أن لا طريق لوضع أجندتها في اليمن موضع التطبيق إلا بإبقاء اليمن مشتعلا بالفوضى والاضطرابات والفتن لأن ذلك ما يبرر لها تثبيت أقدامها سياسيا وعسكريا في اليمن ولكي لا أغوص في التفاصيل

فأمريكا هنا تدعم الصديق والعدو معاً.. ذلك ما يحدث مع بعض الفارق في بلادنا واعتقد بأننا لا نستطيع ان نقول بان هذا الأسلوب في إدارة الأمور سوف ينجح في تدبير القديم الذي على افتراض ان أمريكا لا تريده, والقديم هنا هو بنى وهياكل ومؤسسات ومناهج دراسية..الخ, وإقامة ما تريده امريكا من بنى ومؤسسات جديدة على نحو سلس وآمن إذ ان غالب الظن بالنظر الى طبيعة أوضاع اليمن وتركيبته المعقدة ان هذا الأسلوب الأمريكي الغريب العجيب سيؤدي الى تفجير بركان الاضطرابات والحروب داخل اليمن على امتدادها.

المشكلة الرئيسية أننا لا نملك قوى وقيادات سياسية ناضجة وقادرة على إدارة دفة الأمور في البلاد وصولا بها الى بر الأمان ولهذا لم يبق أمامنا إلا أن نقول(قلدش الله يا أمريكا).

برأيك ماالذي ستحققه الإدارة الأمريكية من هذا الشكل العبثي كما سميته بمعنى آخر ماهي المكاسب التي ستجنيها من تبنيها لهذا النوع من السياسة في اليمن

أمريكا منهجها قائم على نظرية الهدم والبناء ومنه اشتقت ما يسمى بنظرية الفوضى الخلاقة وبمقتضى هذه النظرية فإن أمريكا ترى أن البلدان المتخلفة في العالم الثالث وخاصة الدول العربية مؤسسة على منظومات ثقافية وسياسية وأمنية واجتماعية وعسكرية تقليدية لها جذور في الواقع المعاش وان هناك صعوبة في إحداث تغيير حداثي لمثل هذا الواقع وذلك لغياب القوى الحداثية القادرة على إحداث ذلك التغيير وبالتالي فإن نظرية الفوضى الخلاقة تتجه إلى تدمير البنى القائمة عبر فوضى عارمة وتدمير شامل لكي تبنى المؤسسات الجديدة التي تريدها أمريكا على تلك الأطلال والخرائب ذلك ما حدث في أفغانستان والعراق وما يحدث الآن في سوريا وما كان يراد له ان يحدث في بعض دول الخليج ألا ترى الدور الذي تقوم به ما تسمى(القاعدة) وكيف أصبحت بين غمضة عين والتفاتتها قوة دولية حلت محل الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي العالمي الذي كان قائما؟

القاعدة هذه هي إحدى معاول الهدم الرئيسية التي تعتمد عليها أمريكا في تنفيذ نظرية الفوضى الخلاقة؟ ألا ترى انهم يتنقلون بالبدو والرحل مقاتلين في هذا البلد او ذاك لكن لاحظ بأن كل البلدان التي يقاتلون فيها سبحان الله كيف يتفقون هم وامريكا ومصالح وأجندات امريكا وما لا يستطيع هذا المعول تحقيقه من هدم وتدمير أكملته القوة العسكرية المتدخلة مباشرة لأمريكا وحلف شمال الأطلسي فأمريكا هنا تريد خلخلة ماهو قائم وواقع في سبيل ولادة جديد لا يزال في رحم الغيب سواء أتم هذا عن طريق قوى داخلية محلية أو متطرفة دينيا تستقدم من أنحاء العالم أو بإضافة التدخل العسكري المباشر واقصد به هنا استخدام الآلة العسكرية قتاليا لإكمال أجندة التدمير والخلخلة تمهيدا لعودة المخلص المنقذ المخبوء في جيب أمريكا.

• كيف تفسر وجود رعاة دوليين آخرين غير أمريكا مشرفين على الحوار أبرزهم دول مجلس التعاون وبالأخص السعودية، هم أيضا مشرفون على الحوار ماهي مكاسبهم؟

الرعاة الإقليميون أدخلوا كرعاة لتزيين الصورة فقط لكن ابرز الرعاة الإقليميين كانت أمريكا قد طلبت منهم ان يمتنعوا تماما عن التدخل في إدارة الملف اليمني وان يتركوا الأمر لها لتتولاه مع حلفائها الأوروبين تحاشيا لأي حساسيات تعتقد بها أمريكا وحلفاؤها الغربيون من تدخل هذه الأطراف الإقليمية الشقيقة.

• انقسم رجال السياسة وأرباب الفكر والمثقفون اليمنيون بين متفائل بالحوار الوطني ومتشائم فإلى أي قسم تنتمي أنت؟ وعلى ماذا بنيت ( تفاؤلك – أو تشاؤم ك)؟

مؤتمر الحوار الوطني هو شكل من أشكال الأسلوب العبثي التدميري لمنهج أمريكا في التعامل مع مجتمعاتنا وهو يهدف بالدرجة الأولى إلى صرف الأنظار عن ما يجري في الواقع الميداني وإلهاء الناس عبر التوظيف الإعلامي والدعائي وضجيجهم المتعالي عن واقع عملي يتناقض كلية مع ما تروج له تلك الوسائل الإعلامية وبالتالي فإن هذا الحوار هو نوع من الملاهاة العبثية التي لاطائل من ورائها ولا اريد ان اخوض في التفاصيل المبررة لهذه الرؤية واكتفي فقط بالقول كيف يمكن لقوى القديم المسيطرة على السلطة السياسية والعسكرية والاقتصادية والقبلية ان تلد لنا جديدا نريده لاهي مؤهلة ولاهي تريد ولاذلك داخل في عقلياتها واجنداتها ويمكن القول بان مؤتمر الحوار هذا هو كالذي يأتمن الذئب على رعاية الغنم.

هذا رأيي ولو ثبت عكسه سأكون سعيدا.

• كيف تقيم مجريات مؤتمر الحوار والذي شارف على انتهاء جلسته العامة الأولى لتبدأ فرق اللجان التسع المشكلة حسب القضايا عملها في الميدان؟

مؤتمر الحوار سواء انقسم الى فرق أو لجان تسع أو تسعين سيان فإن كل ما يراد له ان يخرج به معد سلفا وقلنا هذا الكلام منذ ان يبدأ مؤتمر الحوار الوطني والواقع أن ذلك ليس كلاما صادرا عنا بل هو تصريحات للمخرجين الدوليين اقصد امريكا وحلفائها الأوربيين الذين قالوا منذ امد طويل انهم قد اعدوا مشاريع ومسودات للقضايا التي ستعرض على المؤتمر وخاصة فيما يتعلق بالدستور الجديد وشكل الدولة إلخ، وكان مسؤولونا أو قادتنا يزعلون منا إذا قلنا ذلك ويصرحون ان كل شيء سيبدأ من الألف وينتهي بالياء من خلال المؤتمرين انفسهم وقلنا حسننا لكننا سمعنا أثناء وقائع المؤتمر ان المؤتمرين لابد ان يقدموا مداخلاتهم ومقترحاتهم مصاغة كنصوص دستورية قانونية وهو ما لا يتوفر لهم لكن عليهم ألا يقلقوا فهناك بيوتات الخبرة ومكاتب الاستشارات الدولية المختلفة هي من ستزودهم بذلك ليطرحوها كمدخلات في الحوار لنضغط على الزر بعد ذلك لتخرج لنا المدخلات جاهزة.

ولهذا تلاحظ العبثية في مناقشة قضايا كأزمة المياه التي تعصف بالعالم كله وليس بنا فقط تناقش بخفة وبدون تخصص وبدون فهم وهي مسألة علمية تحتاج الى بحوث ودراسات جيولوجية هيدروليكية متخصصة لدراستها ووضع الحلول لها ومن المفارقات العجيبة أن حجما كبيرا من البحوث والدراسات المتخصصة التي أعدتها منظمات دولية في هذا الشأن طوال الأربعة عقود الأخيرة من الزمن موجودة في أدراج المؤسسات الحكومية اليمنية هذا كمثال فقط وقس عليها سائر القضايا ثم هل سمعت أو علمت ان مؤتمرا من هذا القبيل يستمر لستة أشهر قابل للتمديد أيضا!!؟ لا أدري ماهو الهدف من وراء هذا العبث.

ولهذا كان اعتقادي جازما بأن هذا المؤتمر قد حكم عليه بالفشل قبل مولده لأن مؤتمرات كهذه عادة ما تأتي عند حدوث تغيير تاريخي شامل ينقل البلد من وضع ساقط الى وضع ناهض وتأتي سلطة في الحكم لديها مشروع ولديها إرادة في التغيير وفي بناء البديل الجديد الأفضل وتجمع زعماء البلد الحقيقيين ليثروا مشروعها في الانتقال من القديم الى الجديد لكن عندنا قل لي بالله عليك فيما عدا علي عبدالله صالح من الذي تغير من قادة السلطة ورموزها؟ لم يتغير أحد ونحن نعلم ان القادر على التغيير هو من يملك سلطة القرار فهل الذي يملك سلطة القرار اليوم ويملك الرؤية والإرادة على التغيير؟ وإذا كان كذلك فأين كان منذ ما يزيد على 3 عقود من الزمن ظل فيها مسيطرا على السلطة وأوصل البلد إلى حالة الانهيار.

• البعض يرى أن مؤتمر الحوار مسرحية سياسية تنفذ بينما نتائجه معدة مسبقا؟

الواقع ان الرعاة الدوليين كانوا قد بدأوا في إعداد مسودات للنتائج التي سيخرج بها المؤتمر وذلك منذ وقت مبكر من خلال فرق عمل من أكاديميين ومتخصصين يمنيين عملوا تحت إشراف سفارات الدول الراعية وخاصة فيما يتعلق بمسودة الدستور الجديد والتقسيمات الإدارية للأقاليم الفيدرالية وكذا تقسيم الدوائر الانتخابية .

وبحسب ماتنامى إلى علمي فإن تقسيم الدوائر الانتخابية مثلا في إطار الأقاليم الفيدرالية روعي تفصيلها على مقاسات شخصيات وقوى سياسية واجتماعية معينة على نحو ماكان يتم في الماضي ونفس الشيء بل وأغرب منه .

فيما يتعلق بالتقسيمات الإدارية للأقاليم الفيدرالية أعطيك مثالا على ذلك ان عدن كمنطقة حرة وعاصمة اقتصادية كما أطلقوا عليها جعلوها مرتبطة بالعاصمة السياسية صنعاء من ناحية وأضافوا الى جغرافيتها ميناء المخا والمنطقة التي كانت تعرف قبل استقلال الجنوب بسلطنة الفضلي من محافظة أبين الحالية بحيث تصبح عدن الموسعة منطقة حرة تقام فيها مشاريع ومرافق سياحية وترفيهية تكون بمهمة خدمة قوات حلف الأطلسي التي ستتمركز في جنوب البلاد وعلى سواحلها المحاذية لباب المندب والمدخل الجنوبي للبحر الأحمر بما في ذلك الجزر اليمنية المنتشرة فيها وهذه المنطقة يبدو أنها صممت لتكون مركز نشاط لاستثمارات الشيخ حميد الأحمر كواجهة لسيطرة إمارة قطر من ناحية وبالتالي منطقة تحت النفوذ المباشر لأمريكا وحلفائها الغربيين .

والغريب في الأمر أن اقتطاع ميناء المخا من محافظة تعز ثم ضمها مع محافظة إب كأحد الأقاليم الفيدرالية قد تعمدوا حصر هذا الإقليم من ميناء مناسب باعتباره إقليما كان ولايزال إقليما مؤثرا ومحركا للأحداث والتطورات الداخلية في اليمن بالنظر لثقله السكاني والنوعي وسيقال لتبرير مثل ذلك الإجراء المستهجن انه يهدف الى سحب ميناء المخا منه حتى لاتستغله ايران لتهريب السلاح والإمدادات اللوجستية لهذا الإقليم!!!!

ومسودة الدستور وشكل النظام السياسي جرى تصميمهما ليخدم احكام سيطرة القوى الدولية الراعية على البلاد وهكذا كل شيء تم إعداده سلفا ومنذ وقت مبكر وحتى ان الذين عملوا كفرق خبراء ومتخصصين يمنيين جرى ضمهم كأعضاء في مؤتمر الحوار الوطني.

ما البديل الأنسب للخروج باليمن من الوضع الذي هي فيه برأيك.. وكيف ترد على من يقولون انه لا خيار آخر بديلا عن الحوار سوى الحرب الأهلية؟

أولاً ان الذين يقولون بأن البديل للحوار هو الحرب الأهلية هذه أكبر كذبة في تاريخنا المعاصر وأكبر خدعة يوهموننا بها نعم الحوار منهج سليم لمعالجة المشاكل والأزمات ولكن أي حوار ولأي أهداف ومن يحاور من؟ أولم تكن هذه السلطة حاكمة منذ عقود طويلة من الزمن كم من الحوارات الفارغة عقدت طوال الفترة ثم ماذا كانت النتيجة في الأخير انهيار البلد لأن السلطة حين تقول بان الحوار لا بديل له سوى الحرب الأهلية هذه كلمة حق يراد بها باطل ذلك انه من اليقين ان البديل للحوار هو وجود سلطة تملك مشروع تغيير شامل وتنفذه بإرادة سياسية صلبة لماذا يريدوننا أن نقف بين حوار كما يريدونه هم أو حرب أهلية كما يخططون لها هم أيضا؟

إنهم يكذبون للأسف الشديد أولم تسمعهم بالأمس حين صموا آذاننا بأنه لو لم نوقع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية لاشتعلت البلاد بالحرب الأهلية كلها وتلك فرية كبيرة كل ساحات الثورة في طول البلاد وعرضها الذين ظلوا معتصمين ومتظاهرين بالملاين ولأكثر من سنة كانوا موحدين وطنيا على نحو لاسابق له في التاريخ وحتى القبائل التي بينها ثارات ودماء دخلوا الساحات بدون أسلحة وأكلوا معًا من إناء واحد وعاشوا أجمل فترات حياتهم في هذه الساحات إنما أوهمونا به ان المبادرة والآلية جنبت اليمن الحرب الأهلية نقول لهم ان الحرب الأهلية هي التي تهيأت أسبابها بالمبادرة والآلية وليست قبلهما.

هؤلاء القوم الذين يحكموننا اليوم للأسف الشديد يمارسون حملة مكثفة لترويع الشعب وترهيبه وتخويفه وتفزيعه كي يغض الطرف عن فشلهم في السلطة وعدم انجازهم أي منجز حتى الآن يشكرون عليه فالبلد تسير من سيئ إلى أسوأ .

وقالوا إن مؤتمر الحوار الوطني سوف يحل القضية الجنوبية طيب لماذا ما نفذت النقاط العشرين لمعالجة القضية الجنوبية ومشكلة صعدة خاصة ان النقاط العشرين هذه تحتاج إلى قرارات تنفيذية وليس إلى حوار لكنهم(عردوها)على مؤتمر الحوار الوطني بغرض التمييع فإن الذين نهبوا وحاربوا ودمروا الجنوب في حرب 94 وما بعدها وشنوا ست حروب على صعدة أكلت الأخضر واليابس هم أنفسهم الذين يحكموننا اليوم فمن يعتذر مِن مَن ومن يقتص من من ومن يحاسب من؟ ألسنا أمام مهزلة مؤلمة حقا.

إلى ماسبق أقول ان البديل هو وجود سلطة حاكمة جديدة ثورية نزيهة لم تتلطخ سمعتها وتاريخها بأي سوء بدون هذا ستدخل البلاد في المجهول.

• بعض أسماء المشاركين في مؤتمر الحوار أثارت لغطا شديدا ولاقت معارضة كبيرة ولاسيما من شباب الثورة أنت هل ترى ما يراه المعارضون أم أنه من الطبيعي ورود بعض تلك الأسماء كون الحوار شاملاً للجميع ؟

أصلاً اختيار أسماء المشاركين أو قل أعضاء مؤتمر الحوار الوطني جاء من خلال القوى التقليدية التي كانت مسيطرة على الحكم ومن قيادات بعض أحزاب اللقاء المشترك التي كانت تشترك معها في السلطة بين الحين والحين .

وبالتالي فإن شباب الثورة من الطبيعي أن يستهجنوا ويرفضوا كثيراً من الأسماء التي وردت لأنها تعبر عن قوى الهيمنة التقليدية والتاريخية في البلاد وفي اعتقادي ان هذا شيء طبيعي لأن الذين يهيمنون على سلطة الحكم اليوم هم أنفسهم الذين هيمنوا عليها من قبل وهم الذين اختاروا أعضاء مؤتمر الحوار الوطني إلا قليلاً من إرضاءات لشباب الثورة بهدف احتوائهم وتدجينهم ولهذا لم أكن متفاجئًا بذلك بل كنت متوقعا تماما ان تكون تركيبة المؤتمر كتلك لان السلطة الحاكمة تعكس نفسها وموازينها على كل مناحي الحياة ولو كان الشباب هم الذين يحكمون اليوم لكان الأعضاء مختلفين جذريا عن الذين نراهم اليوم.

• مؤخرا طرحت فكرة تقسيم اليمن إلى 5 أقاليم كيف ترى الفكرة؟

في ما يتعلق بمسألة التقسيم الإداري وعددها فإن هذه المسألة ترتبط بالدولة التي تقرر اعتماد أسلوب إدارة شئونها وشئون مجتمعها وفقا لأسلوب الإدارة الفيدرالية أو الاتحادية والحقيقة ان الأسلوب الفيدرالي أو الاتحادي هو أسلوب حديث ومعاصر اعتمدته الدولة بهدف الحد من أسلوب الإدارة المركزية المفرطة في مركزيتها من ناحية ورغبة في تحقيق قدر أكبر وأوسع من المشاركة الشعبية الفعلية والمباشرة في ادارة الشئون العامة ولوضع حد للفساد المتعدد الأوجه الذي عادة ما ينتج عن اعتماد المركزية المفرطة في إدارة شئون الدولة والمجتمع إضافة إلى كون أسلوب الإدارة الاتحادية أو الفيدرالية يساهم في التخفيف إلى حد كبير من مشكلات المتناقضات الاجتماعية التي قد توجد في هذا المجتمع أو ذاك .

والواقع أنك لترى بأن هناك ما يقارب المائة دولة على امتداد العالم تأخذ في إدارة شئونها بالأسلوب الاتحادي أو الفيدرالي أو بعبارة أخرى دول فيدرالية وذلك لأن الفيدرالية في إدارة شئون الدولة والمجتمع أثبتت وتثبت نجاعتها وفعاليتها ونجاحها في معالجة كثير من المشكلات الاجتماعية والسياسية والثقافية وفي تحقيق معدلات أكبر بكثير في مجال التطور والتقدم والتحديث للبلاد ولم يحدث قط أن دولة فيدرالية في العالم قد شهدت اضطرابات داخلية عاصفة أو حروبًا أهلية ولم تتعرض لأزمات التفكك والانقسام السياسي لأن كل مكونات المجتمع فيها تشعر انها شريكة فعلية في إدارة شئون بلادها ان على الصعيد الإقليمي أو على الصعيد الفيدرالي الوطني في حين أن الدول التي ظلت ولا تزال تعتمد أسلوب المركزية المفرطة في إدارة شئونها ومجتمعها هي التي عانت وتعاني من دوامات متكررة من الاضطرابات الداخلية العاصفة والحروب الأهلية الدامية التي أفضت بها في المطاف الأخير إلى التفكك والانقسام السياسي للكيان الوطني..هذا على صعيد فكرة الدولة الفيدرالية بصفة عامة...

أما على صعيد ما تتطرق عليه سؤالك حول فكرة تقسيم الأقاليم الإدارية في اليمن وعددها فالحقيقة أن فكرة التقسيم الإداري لأي دولة الى أقاليم أو ولايات أو مقاطعات أو مخاليف وهذه مسألة ينبغي ان تخضع لمجموعة من المعايير والاعتبارات العلمية والإدارية الصرفة مثل السكان والجغرافية والاعتبارات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية التي تعمل متضافرة على تحقيق تقسيم إداري موضوعي وسليم يكفل حسن الإدارة وفعالية الأداء العام .

وفي ما يتعلق ببلادنا فإن القائلين بفكرة التقسيم الى إقليمين اقليم الشمال واقليم الجنوب سابقا مضيفين الى ذلك شرط ان تكون كل وظائف الدولة المدنية والعسكرية والأمنية من أعلى مستوى الى أدنى مستوى مقاسمة بالمناصفة بين الإقليمين المقترحين

فالواقع ان هذا الطرح جاء على خلفية إشكالية دولة الوحدة التي قامت في 22 مايو 1990 بشكل عشوائي ارتجالي خاطئ وغير مدروس وما تخللها وواكبها من أزمات عاصفة ونشوب حرب أهلية طاحنة عام 1994 ويتصورون بأن مقترحهم هذا سيعالج القضية الجنوبية.

 لكنني أعتقد ان مثل هذا الطرح هو من قبيل معالجة مشكلة بخلق مشكلة أكبر وأخطر منها بكثير فنحن أمام خيارين لا ثالث لهما إما دولة فيدرالية أو اتحادية وفقا للمتعارف عليه عالميا في بناء هيئات ومؤسسات وتركيبة مثل هذه الدول وخاصة في مايتعلق بما سبق لنا ذكره آنفا .

وهو أن يكون تقسيم الأقاليم أو المناطق أو المخاليف الفيدرالية للبلاد خاضعا للمعايير والاعتبارات والشروط العليمة والإدارية المتعارف عليها في إطار القانون الدستوري أو لا دولة إذ لا يمكن إقامة دولة فيدرالية وفقا لمقترح البعض القائم على فكرة الإقليمين والتقاسم النصفي لكل وظائف الدولة بمختلف مجالاتها لأن مثل هذا المقترح ينسف مبدأ المواطنة المتساوية الذي يعد مقوما أساسيا للدولة الديمقراطية الحديثة .

لأنه يكرس مبدأ التمايز في المواطنة ويقيم دولة هي أقرب إلى دول الفصل العنصري ولا أعتقد أن أحدًا سيجادل في أن مواطني الشمال الذين يمثلون حوالي أربعة أخماس سكان البلاد سيقبلون بمساواتهم بالكامل بخمس السكان تقريبا .

وإذا كان الأمر يتعلق بحل القضية الجنوبية فإن حلها الوحيد كما أوضحت في سياق إجابة سابقة يتمثل بإعطاء إخواننا الجنوبيين حق تقرير المصير ولا أرى ان هناك حلاً آخر.

وإذا ما اتفق على إعادة بناء الدولة اليمنية على أساس فيدرالي فأعتقد أن التقسيم الأمثل المراعي لمجمل المعايير والشروط والاعتبارات العملية والإدارية المشار إليها آنفا يكون ما بين ثلاثة أقاليم إلى أربعة وليس أكثر خذ مثلا دولة كالباكستان التي يقارب عدد سكانها 150 مليون نسمه وهي دولة فيدرالية اتحادية فهي مقسمة حسب ما أذكر إلى إقليمين فيدراليين هما إقليم السند وإقليم البنجاب ذلك ان كثرة الأقاليم لا يحقق الأهداف والجدوى المثلى للأسلوب الفيدرالي في الإدارة.

• مؤخرًا ظهرت قضية المغتربين اليمنيين في السعودية وما يتعرضون له من انتهاكات كيف تقرأ كل تلك المعطيات.. وهل ترى أن توقيت إثارة القضية هذه الأيام كان عفويا إذا ما أخذنا في الحسبان أن الرياض تعد من أهم رعاة المبادرة ومن بعدها الحوار وان إثارة القضية في هذا التوقيت قد ينعكس سلبا على المبادرة والحوار أيضا؟

اشك ان قضية إخواننا المغتربين اليمنيين في المملكة العربية السعودية الشقيقة هي قضية مؤلمة ومزعجة تحكي بالدرجة الأولى عن حجم معاناة الإنسان اليمني داخل وطنه الذي لم يجد فيه فرصة لعمل شريف يوفر له لقمة عيش كريمة نتيجة لاستشراء الفساد وفشل السلطات الحاكمة عن القيام بأبسط مهامها ومسئولياتها تجاه مواطنيها عموما وأيضا وعلى الضفة الأخرى ما يجد نفسه في دول المهجر فيه من مشكلات ومعاناة ناتجة عن عدم امتلاكه للتأهيل والتدريب الفني والمهني كأيدٍ عاملة ماهرة وفي ما يتعلق بالزوبعة التي أثيرت مؤخرا حول وضع إخواننا المغتربين في السعودية فإن الواجب الأكبر يفرض علينا سواء أكنا في الحكم أم في الأحزاب أم في المنظمات المدنية أو في الإعلام ان نتعامل مع هذه القضية بأقصى درجات الشعور بالمسئولية والحرص المتناهي على مصالح ووضع مغتربينا في السعودية وان لا نخضعها بشكل مباشر أو غير مباشر للأجندات والأغراض والمكاسب السياسية في هذا الطرف أو ذاك لأنها في الحقيقة قضية وطنية ذات طابع إنساني بالدرجة الأولى ووفقا لهذه الرؤية يجب علينا ان نأخذ في اعتبارنا العوامل الرئيسية التالية:

1-ينبغي التفريق أو التمييز بوضوح بين مغتربينا الذين يعملون في السعودية وأوضاعهم خاضعة للقوانين السائدة هناك شأنهم شأن غيرهم من المقيمين من بلدان أخرى وبين أولئك الذين اضطروا إلى السفر إلى السعودية بطرق غير قانونية عبر التهريب والتسلل .

2-ان معالجة وضع المغتربين اليمنيين في السعودية سواء القانونيين أو غير القانونيين لا يمكن ان يحقق نتائج ايجابية عبر حملات العداء والتشهير والاستهداف السياسي للدولة المضيفة لهم ذلك أن مثل هذا الأسلوب من شأنه ان يعقد المشكلة أكثر وأكثر ويدفع بالسلطات السعودية الى اتخاذ ردود أفعال لا تصب في صالح إخواننا هناك واعتقد جازما ان معالجتها تتم في إطار اخوي ودي في مناقشتها مع الأشقاء في السعودية وكما تؤكد تجارب الماضي بان أشقاءنا في السعودية يبدون في العادة تعاطفا وكرما تجاه أشقائهم اليمنيين المقيمين فيها ويتجاوزون عن بعض الترتيبات القانونية المعمول بها لترتيب أوضاع اليمنيين شريطة عدم تعمد حملات الاستفزاز والتحريض والتعبئة السياسية المضادة للسعودية.

3-واعتقد ان تشكيل اللجنة الحكومية رفيعة المستوى التي يرأسها رئيس الحكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة، المكلفة بالسفر الى الرياض للتباحث مع الأشقاء هناك بشأن قضية المغتربين اليمنيين هي إجراء صائب وموفق لاشك انه سينجح في الخروج بنتائج إيجابية لصالح إخواننا المغتربين هناك ولعله من المستحسن والمفيد لو أوقفت الحملات العدائية من قبل بعض الأشخاص والجهات التي تستهدف السعودية لأنها ليست في صالح قضية المغتربين على الإطلاق بل تلحق بهم أفدح الأضرار والعواقب الوخيمة وذلك من قبيل الحرص على بقاء مغتربينا هناك حتى لا يجبروا على العودة الى وطنهم فلا يجدون فيه سوى الضياع.

وأخيرا ورغم ان توقيت الحملة كما أشرت ليس بريئا بل يدخل في سياق الأجندات السياسية الإقليمية والدولية التي تلعب في الساحة اليمنية لكنني لا اعتقد انها ستؤثر سلبا على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومستقبل مؤتمر الحوار الوطني لأن هذه القضايا كلها تحت سيطرة وتوجيه وإدارة الرعاة من القوى الدولية العظمى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها الغربيين ولا يخشى من إمكانية قيام أطراف داخلية بإثارة أي معوقات في طريق تلك القضايا والملفات ليس لحرصهم على وطنهم ولكن لخوفهم من عواقب رد الفعل الأمريكي والغربي وتهديدات مجلس الأمن الدولي الموجه من قبلها.