هل يقطف الغربيون الثمرة السورية؟!
بقلم/ فيصل بن قاسم العشاري
نشر منذ: 12 سنة و 5 أشهر و 3 أيام
الإثنين 23 يوليو-تموز 2012 12:14 ص

لا تزال العلاقة بين الدول الغربية ودول الشرق الأوسط الإسلامية تحكمها العلاقة الراديكالية التقليدية الاستعمارية وإن بأشكال مختلفة، فبعد ما يزيد عن ثلاثة قرون من الحملات الصليبية المتتالية وانكسار الجيوش الجرارة أمام بضعة آلاف من المقاتلين المسلمين أدرك الغربيون أن سر التفوق النوعي لدى المسلمين هو ما يسمونه ب (العقيدة القتالية) رغم ضعف العدة والعتاد، ورغم تفجر الثورات العربية قبل بضعة عقود لطرد الاستعمار الغربي إلا أنه اتخذ لونا آخر من الاستعمار عبر وكلاء محليين بالاستعمار الثقافي الذي يولد نوعا من التبعية والاسترقاق غير المسلح، إلا أن عقدة (العقيدة القتالية) لم تغب عن أذهان المستعمر الغربي؛ فتعامل معها بكل حزم وجدية لأنها تمثل رأس الحربة التي تطعن في بالون العدو المنتفخ!

فقام لاحقا باختراع ما يسمى بمصطلح (الإرهاب) وجعله سمة وحيدة لـ (المجاهدين العرب) سواء كانوا ممن يتبع القاعدة أم من خارجها..ومع تحفظنا على سلوكيات القاعدة وطريقتها غير الشرعية في التعامل مع مصطلح (الجهاد) لا سيما في الداخل المسلم إلا أن هذا الملف اعتبر شماعة كبيرة وغطاء واسعا للتدخل الغربي السافر في قضايا أمننا الداخلي، واستغلت بعض الأنظمة العربية هذه الموجة لتصفية حساباتها الخاصة.

ولم يكتف الغرب بمحاربتها ومطاردة من يعتنقونها؛ بل قام باستغلالها وتوظيفها أحيانا حسب سياسة (الفتح والإغلاق)، كما حصل مع الاتحاد السوفياتي سابقا وطرده من أفغانستان بمساعدة (المجاهدين العرب) إلا أنه بادر إلى التخلص منهم فور انتهاء المهمة رغم أنه شجعهم في بداية الأمر وأمدهم بالسلاح! وكذلك ما حصل في البوسنة والهرسك، فبعد إبادة الصرب لآلاف المسلمين وتدخل (المجاهدين العرب) مرة أخرى وطعنهم في خاصرة العدو الصربي واتضاح ملامح تراجعه وتقهقره أمام ضربات (المجاهدين العرب) تدخل بشكل مفاجئ وأوقف تقدم الآليات الصربية بالضربات الجوية وتم (اختطاف) النصر حينها لصالحه والتضييق بعد ذلك على من يحملون (العقيدة القتالية من المجاهدين العرب)..

وهذا المشهد يكاد يتكرر اليوم في الحالة السورية، حيث برز تقدم واضح لأداء الجيش الحر بمختلف تشكيلاته الأيديولوجية والتي يغلب عليها الصبغة الإسلامية (أصالة أو تأثرا) ومن الواضح أن هناك جماعات مختلفة وكلها تجمعها العقيدة القتالية للتخلص من نظام الأسد..فهل سيبادر الغرب إلى التدخل العسكري لقطف الانتصار الحقيقي الذي يسطره أصحاب (العقيدة القتالية) على الأرض؟..

في ظني أن ذلك إن تم سيتم بشكل محدود متخذا صفة الرمزية فقط بعد عقد صفقة غربية روسية كما حصل مع ليبيا! ليتم بعدها بعثرة الجيش الحر على أساس الفرز الأيديولوجي أولا والطائفي ثانيا واتخاذ قيادات مرنة يسهل السيطرة عليها غربيا ثالثا..

لذلك ينبغي على الجيش الحر أن يعي هذه المؤامرات، وألا يقبل بالمساومات الغربية، وأن يبني الجيش السوري على أساس أفراد الجيش الحر ومن سينضم معهم لاحقا، كما ينبغي على الجماعات المقاتلة أصحاب (العقيدة القتالية العالية) من مختلف تشكيلات (المجاهدين العرب) أن يسمعوا لنداء العقل والشرع، وان يتركوا الأنانية المفرطة والتي تتلبس بشعارات (الخلافة والدولة الإسلامية) وأن يعلموا أن مثل هذه القضايا بحاجة إلى تدرج أولا..وإلى اتفاق شعبي ثانيا وإلا كانوا كالعادة لقمة سائغة للغربيين قتلا ومطاردة وبالتعاون مع شركاء النصر والتحرير لاختلاف وجهات النظر وإصرار كل فريق على رأيه!

وليعلم (الجهاديون العرب) أن الغربيين يتربصون بهم الدوائر سواء حسب مصطلح محاربة الإرهاب تارة ..أو توظيفهم لهم في إحراز النصر المسروق لاحقا تارة أخرى!

وليعلم (شركاؤهم من الفصائل الأخرى) سواء كانت سنية أم غيرها بأن الغربيين لا يريدون خيرا لأبناء سوريا، والدليل هو تقاعسهم عن نصرتهم هذه المدة الطويلة، وأن مبررات هذا التقاعس أوهى من بيت العنكبوت، فالخوف على دولة يهود ليس مبررا كافيا لأن النظام السوري عميل بامتياز لليهود..

وأن اتخاذ الفيتو الروسي ذريعة لعدم التدخل غير كاف أيضا، فلو شاءوا لفعلوا بدون الحاجة لذلك كما حصل في العراق وليبيا والبوسنة والهرسك..لكنهم ينتظرون البديل المناسب الذي سيخلف الأسد..

كما أن الفيتو الروسي يمكن أن يؤثر عليه اللوبي اليهودي المتواجد في روسيا بقوة لو أرادت إسرائيل إنهاء نظام الأسد!

فهذه دلائل واضحة على أن الغرب لا يريد خيرا بسوريا ولا غيرها من بلاد المسلمين، فعليكم أيها الشركاء بالحفاظ على وحدتكم الداخلية والتفاهم مع كل الفصائل للوصول إلى تسويات مرضية للجميع، وإلا تبعثر نصركم وتبخرت دماء شهدائكم، وكنتم كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا!