طواحين الموت في حجة.. حيث الباشق يفتي بالقتل ويتأبط مسدس«كلك»
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 12 سنة و 9 أشهر و 6 أيام
الخميس 22 مارس - آذار 2012 12:56 ص

على إيقاع شعارات الموت وفتوى الباشق التي يفتي بقتل أبناء كشر ومستبأ ويعزز شبح الموت عندما يدور بكوفيته على سيارة شبح ومسنود بالمرافقين ليحثهم على إن دماء أبناء حجة حلالا زلالا ويعتبرهم أمريكيين وإسرائيليين.. حرب إبادة راح ضحيتها أبرياء من الطرفين فيما يتباهى الباشق رجل الدين الذي يتأبط مسدس "كلك" قيمته مليون ريال كتلك التي يتأبطها ضباط الحرس الخاص.

كتب/ محمد عبدالله الجرادي

الباشق الذي قفز من برنامج ( فتاوى مع المرحوم يحيى الدرة) إلى علامة يفتي في الدماء..

في منخفض يشبه حضن الأم، وعلى مسافة كافية من منطقة ملغومة كلياً قذف بإمراة مسنة "طريدة تقلبها الحياة على جحيم قفارها"، كان ذلك الساعة الثانية بعد منتصف ليل مظلم شهد أعنف معركة في منطقة عاهم لا يزال صداها يحفر في وجدان الناس وذاكرتهم.

اقتربت من الحاجة سعادة التي كانت تتكئ إلى جدار صغير هو الوحيد في وادي يؤمه أكثر من عشرة آلاف نازح، سألتها ما الذي جاء بك إلى هذا الوادي؟

أجهشت الأم المسنة بالبكاء وكانت تتحدث بلكنة محلية ممزوجة بالحسرة والغصة حتى لم أكد أفهم ما تقول لولا فتاة بجوارها لعبت دور المترجم ، وأفهمتني أنها تقول "تريد ترتاح فهم أزعجوها".

منهم يا جدة؟ كررت سؤالي فلم ترد كان بكاؤها حادا مكتوما أقرب إلى استغاثة، حتى أني لم أستطع أن أتمالك نفسي حينها لأواصل الحديث مع عجوز تجاوزت الستين عام وتنتظر – هناك- لعل قافلة إغاثة تأتي بالمعونات لأهل هذا الوادي أو تحمل إليهم خبراً ساراً يبشرهم بإمكانية العودة إلى منازلهم الخالية إلا من غبار الحرب.

كان الأطفال حولها ينظرون إليها بدهشة، وكانت النسوة التي رفضن أن تنقل إليهن عين الكاميرا يشاركنها نحيبا مكتوما وأنينا حبيسا يأبى إلا أن يشق مجراه وتزفر به صدورهن. آلاف الأسر نزحت إلى وادي العريض، تبعثرت في معظم مناطق المنطقة وقرى حجة المتاخمة لقاع الوادي، لجأت إلى منازل عائلات فقيرة كما في الخمج، يعيشون على الهامش، بعيدا عن أساسيات العيش البسيطة، تركوا منازلهم بالثياب التي يلبسونها، حفاظاً على حياتهم، مخلفين وراءهم ممتلكات وبيوت لا يعلمون مصيرها حتى الآن.

رغم كل ما يصفونها بالجرائم التي ترتكب في تلك المناطق من قبل رجال قادمين من خارج محافظة حجة ومدججين بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها سلاح مدرعات الحميضة المضاد للرصاص وهو سلاح لا تمتلكه إلا الجيوش النظامية لا يزال من يقتلون الناس هناك يحاولون إقناع أنفسهم واليمنيين من حولهم بطهارة أيديهم التي ترتكب أبشع المجازر وتسجل أكبر عملية انتهاك للإنسانية في تلك البلاد.

وجدنا الآلاف من سكان عاهم ومستبأ بلا أدنى مقومات الخدمات الإنسانية، وتكاد المرأة في حجة تفتقر إلى دورة مياه في قرية ريفية ثم ماذا عن الأطفال والمعالجة النفسية لهم بسبب الدمار النفسي الذي غذاؤه الحرب والتشرد ؟

هذه ليست مقدمة مشوقة لمسلسل درامي، بل هذا واقع يعيشه آلاف الأطفال والنساء والمسنين النازحين في وادي العريض، والمندلة، والخبج، وشفر، وعبس، ومناطق مختلفة من محافظة حجة.

وقد تسلم الفريق الإعلامي الذي زار المنطقة إحصائية بسقوط 94 قتيل من قبائل حجور وأكثر من 100 جريح إضافة إلى إغلاق 9 مدارس في هذا السوق وفي القرى المجاورة له مدرسة الحبوة، ومدرسة الفتح بعاهم، ومدرسة الشهيد يحيى عياش، ومدرسة عائشة، ومدرسة الزبيري و22 مايو و6 مدارس في مستبأ إضافة إلى تعطيل 20 مسجداً.

اتهمت القبائل الحوثيين بإغلاق 7 مستوصفات وحرق 3 آلاف مصحف في دار عاهم، وتعطيل 9 محطات بترول بسبب قطعهم للطريق الرئيسي، ونزوح قرابة 15 ألف مواطن.

بيت المداني.. مسمار جحا كذريعة لاحتلال المنطقة

السؤال الذي يراود معظم من لقيتهم من أبناء المنطقة هو : لماذا لا يعيش الحوثي أو المنتمي لجماعته في منطقته كمواطنين صالحين؟ ولماذا تتحول منازل المقاتلين في حجة إلى مواقع ينطلق منها غزو مزعج للمنطقة؟ فمثلاً أن تقاتل في صعدة ولديك منزل في حجة أو في الجوف يتحول ذلك المنزل فيما بعد إلى موقع عسكري مصحوب بحملة البنادق هذا ما حصل في منطقة أبو دوار وهي آخر عزلة في مديرية مستبأ التي يقع فيها بيت حسن بن إسماعيل المداني ( أبو يوسف المداني ) بناه في عهد الأمام البدر وكان هو مندوب الامام في مديرية مستبأ التي مركزها أبو دوار ولديه تحت البيت ثلاث مزارع صغيرة في منطقة اسمها وادي حيران، وهي من ممتلكات إسماعيل المداني أشتراها في عهد الأمام من أهالي المنطقة.

مع محسن حمود العمري أحد أبناء المديرية تصل إلى البدايات الأولى للمشكلة التي راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 600 قتيل من الطرفين ومئات الجرحى وأكثر من 15 ألف نازح يتوزعون على مناطق عدة في حجة.

يتحدث محسن بأنه كان يعرف حسن بن إسماعيل المداني شخصياً وأمتدح الرجل وقال "انه كان لا يؤذي أحد وعاش بيننا في ملكه معززا مكرما ولم يكن يشعر أحد بوجوده في المنطقة، وكانت أمواله بيد شركاء من مستبأ ولا تزال حتى الآن، وكان يحظى بعلاقات طيبة مع كل أبناء المديرية وأبناء المديريات المجاورة بمن فيهم أبناء حجور حتى توفي".

قبل سنة من الآن وفي بداية اندلاع الثورة اليمنية يقول العمري جاء يوسف المداني وكان لديه 5 سيارات محملة بالمرافقين وقال أنه يريد أن يسكن في بيت أبيه، وشاع حينها أنه انتقل من صعدة إلى حجة نتيجة خلاف مع عبدالملك الحوثي وكان الناس في المنطقة ينزلون لزيارته ويقيلون في مجلسه بناءً على علاقتهم سابقة مع والده الذي عاش في المنطقة لسنوات دون أن يختلف مع أحد".

ويضيف محسن: "ما هي إلا أيام وامتلأت منطقة أبو دوار بجيش عرمرم -حسب تعبيره- معظمهم قادمون من صعدة مدججون بالأسلحة الثقيلة والخفيفة يحملون شعارات غير مفهومة ولا تعني أهالي المنطقة الفقراء".

نازحون على أرض جدباء

في خبت من خبوت تهامة مديرية حيران قرية الـ"خمج" الواقعة شرق مديرية حرض بمحافظة حجة، يقبع أكثر من ألف نازح ونازحة يفصل بينهم وبين وادي العريض الذي يحتضن أكثر من 10 آلاف نازح .

مسافة كبيرة بالسيارة سلكناها نتيجة قطع الحوثيين للطريق الرئيسي الذي يمر بمديرية مستبأ. هؤلاء من أبناء مديرية عاهم، يقطنون أرضاً جدباء لا ماء فيها ولا غذاء، شديد الحر، بعيدة عن مراكز الخدمات والأسواق.

أطفال بملامح جافة شردوا من مدارسهم، وشيوخ أجهدهم الدهر يتمنون أن يجدوا مكاناً يهنئون فيه بالراحة، وسراجات يبددون بها شيئا من ظلام الليل وكآبته ووحشته.

يقول توفيق علي قاسم طالب في صف أول ثانوي وأحد النازحين في هذه المنطقة: "تركت الدراسة وهربنا عند هؤلاء" ويشير إلى شخص بجواره من نفس المنطقة. ويتابع "ما نسوي في موت الحوثي اعتدى على المدارس والمساجد والبيوت وقطع علينا الخطوط .. خربوا بيوتنا" ومع كل ما يحل بتوفيق ومن معه إلا أنه لا يزال يطمح بأن يكون طبيباً في المستقبل.

هؤلاء النازحون يئسوا من كل ما حولهم، وبقوا يتطلعون فقط إلى الأيادي البيضاء والقلوب الرحيمة التي يناشدونها أن تكون لهم ملاذاً بعد الله، وأن تسارع إلى إيوائهم كما آوت اخواناً لهم من قبل، وهم ممن عاشوا حروب صعدة الستة.

في هذه المنطقة قابلت عدداً من النازحين، وقرأت الحزن العميق في وجوههم، ولمستُ الألم في أحاديثهم، ورأيت صوراً موجعة لن تخطئها الذاكرة ولو بعد سنين طويلة، صورة لطفل في الثالثة من عمره في أحد المخيمات بعد أن اختل عقلياً بسبب المواجهات واضطرت أمه إلى ربطه على عمود خشبي خشية من أن يذهب بعيداً، صورة محزنة لأم تستخدم أكياس طحين فارغة لابنها الرضيع لينام عليه بدلاً من الفرش، مرضى لا يجدون مستشفيات يتلقون فيها العلاج بسبب قطع الطريق الرئيسية.

ليس النزوح والحرب وحدهما من سلب فرحتهم، بل إن التجاهل الكبير لمعاناتهم وأوضاعهم المأساوية هو الأقسى من كل ذلك حسب أحد النازحين.. ولولا رحمة وكرم أهالي الخمج لماتوا من البرد والجوع..

ولولا لفته جمعيات خيرية لكان الوضع أكثر مأساوية -هكذا يقول النازحون.

الباشق.. من خطيب للثورة السلمية في الستين إلى أمير حرب في مستبأ

كان أحد أبناء مستبأ يتساءل "ما الذي أتى بمحمد الباشق من عبس ليفتي بالحرب واستباحة دماء الناس ثم إن كل قطرة دم سيتحمل مسؤوليتها باعتباره مفتي المسلخ المذهبي،" يصف الباشق بأنه "لا يقل خطورة عن قساوسة "محاكم التفتيش" التي سلخت الإنسان باسم الدين في عصر الانحطاط الأوروبي.

لقد بات الباشق شبحاً للموت يتحدث عنه الأطفال في المساء وتخوف أمهات الأطفال أبنائهن في المساء لإجبارهم على النوم في مخيمات النازحين حيث تقول الأم لطفلها (نام قبل أن يأكلك الباشق)!!

يعمل محمد الباشق قاضياً من قبل عبدالملك الحوثي في منقطة مستبأ، وقد تقدم مواطنون من أبناء مديرية مستبأ بشكوى ننقلها هنا للنائب العام ورئيس مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل وهي أن محمد الباشق يحل دماء أي مواطن يخالف الحوثيين في المنطقة، وقد أهدر دم شخص يدعى الحاج عبده وهو صاحب دكاكين مؤجرة لأنه اختلف مع شخص يدعى عبدالرحمن الصوفي أرد أن يدخل بوايت مجاري من أرضية الحاج عبده فرفض الحاج عبده فذهب الصوفي يشتكى للباشق القاضي المعين فقال الباشق للحاج عبده أمام الناس الحاضرين من أبناء مستبأ إذا منعت الوايت من المرور فدمك مهدور إلى ذمتي ويشير بيده..

 يقول من شهد الحادثة ان الباشق اصدر أوامر للحوثيين إذا اعترض الحاج عبده على الوايت يقتله، فتدخل المواطنون وأدخلوه إلى بيته عندما فتح مرافقي الباشق بنادقهم عليه.

وشكا المواطنون من أن محمد الباشق حول جامع أبو دوار على جامع للسب والتهجم في خطبة الجمعة حيث قال في نهاية خطبة له : لعنة الله على المؤتمر وشركائه والمشترك وشركائه.. وألف لعنة الله على الذي يسمع وما يلعنهم.. فقام مواطن كبير في السن فقال وهو يغادر المسجد "لعنة الله علي إذا صليت في المسجد وأنت تخطب فيه".

وسبق أن خطب الباشق في أكثر من ساحة وخطب في ساحة الستين بصنعاء كممثل للحوثيين.

أتذكر أن محمد الباشق قال في المنتدى السياسي بساحة التغيير بصنعاء أن حذاءه أشرف من قيادات المشترك فيما كانت تجلس الناشطة في ساحة التغيير سميرة الفهيدي نهضت وقالت: اسمح لي أن أقول أنك قليل أدب وأن الطيرمانة التي على رأسك لم تكسبك شيء من الوقار بإمكانك أن تناقش سياسيا كيفما تشاء، كان ذلك أثناء الحديث عن المبادرة الخليجية.

الاستيطان الحوثي في مستبأ

بعد أن تمكن الحوثيون من بسط سيطرتهم على أبو دوار وهو مركز مديرية مستبأ دون أن يعترضهم أحد تم السيطرة على مديرية مستبأ بالكامل. يتهم مواطنون الشيخ عبدالرحمن الجماعي وهو من أبناء مستبأ وكان عضو مجلس النواب سابقاً وابنه مدير مديرية الجميمة سابقاً والشيخ علي محمد حزام والشيخ حسن هادي قرسوس - أحد مشائخ عاهم- بتسليم الحوثيين مستبأ، وكان هؤلاء المشائخ أثناء زيارة الوفد الإعلامي للحوثيين متواجدون معهم، وكان أحد المتهمين بتسليم المديرية وهو عضو مجلس محلي عن مركز (ر) يدافع باستماتة عن الحوثيين ويقول أنهم ناس مسالمون وطيبون وينشرون ثقافة القرآن ولا يعتدون على أحد.

الشيخ أحمد بكيلي رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام في مديرية مستبأ الذي تبع الفريق الإعلامي بسيارته الهايلوكس إلى عبس كان يبدوا متألماً وهو يتحدث عن سيطرة الحوثيين على المديرية، قال: في شهر شعبان حاول الحوثيون ان يتوغلوا بحجة زيارة بيت المداني في أبو دوار وكان دليلهم الشيخ بن حزام والشيخ الجماعي وهم من أدخلوهم المنطقة. حاولنا خلال هذه الشهور نبعدهم عن مناطقنا ولكن للأسف لا نمتلك الإمكانات للدفاع عن أرضنا وأعراضنا، ولا أخفيكم أننا طرقنا باب الدولة فردت علينا: "لدينا صلح مع الحوثيين".

ويتساءل أحمد بكيلي: "هل من حق المواطن على الدولة أن تحميه؟".

ويضيف: "حاولوا أن يستقطبونا إلى صفوفهم ورفضنا الدخول معهم وتحاشينا الدخول في صراع معهم ولم نكن نعرف أنهم سيجتاحوننا وينهبوا ممتلكاتنا ويشردوا قبائلنا".

وقال أن هناك من فقدوا مصالحهم ولجأوا اليهم ليستعيدوا الهيمنة على المديرية.

مضيفاً "حاولوا أن يبتزوا المواطنين ويأخذوا منهم الجزية فساق المواطنون مواشي وذرة والذي يرفض يقولون له السيد يطلبك السيد يتهرج فيك".

ويتساءل أحمد بكيلي قائلاً "أين حكومة الوفاق ورئيس الجمهورية؟ مدارس أغلقت ومراكز صحية أصبحت ثكنات عسكرية وأصبح وضع مستبأ مثلما وضع الفلسطينيين مع الإسرائيليين كل يوم اختطاف من قبائلنا ولا يفرجوا عليهم إلا بوسطاء ابن حزام أو الجماعي بعدما ينهبوا ما بيديه ويأخذوا عليه جزية.

في الطريق إلى أبو دوار

بعد مرورنا بمخيمات النازحين في بني خمج كان خلف هذه المنقطة وعلى مسافة بعيدة منها دوريات محملة بمسلحين تتبع الحوثيين تنتظر الفريق الإعلامي والحقوقي، لتنقله إلى أبو دوار حيث بيت يوسف المداني، أثناء مرورنا بسوق على الطريق الرئيسية في مستبأ وفيه جحافل من المسلحين الحوثيين ومعهم أبو يحيى المطري، توقفنا لدقائق معدودة اعترضنا أحد المواطنين أسمه أحمد علي أبو جعران حينما سمع اننا فريق إعلامي يزور المنطقة، رفع صوته أمام الفريق وأمام الحوثيين مطالبا الحوثيين بالرحيل وقال بصوت مرتفع : هؤلاء محتلين احتلوا بلادنا هدموا بيوتنا، فقام مسلحي الحوثي فوراً بالاعتداء عليه وضربه بأعقاب البنادق أمام الفريق الإعلامي الذي صوره فيديو مباشرة، هرع مجموعة من الناس المتواجدين بالإضافة إلى الناشط في منظمة هود سليم علاو وابعدوا عنه الحوثيين.

ما ان وصلنا منطقة أبو دوار إلا وأمامنا شاب يقول ان المواطن الذي وصف الحوثيين بالمحتلين هو أبوه وقال: ابي أرسلني أعتذر لكم فهو تعبان واليوم ما شرب علاج وعنده حالة نفسية. ليتضح في ما بعد أن الولد ليس له إي علاقة بالرجل ، حيث قال رئيس فرع المؤتمر في المديرية الذي أطلعناه على الفيديو أن هذا الشاب لا تربطه بأحمد جعران إي علاقة وتتضح الحقيقة أكثر عند مطالبة الحوثيين للفريق بحذف مقطع لحظة الاعتداء ليثبتوا بذلك أنهم تورطوا بالاعتداء على الرجل أمام عدسات الكاميرا.

تبدي لك هذه التصرفات أن الحركة الحوثية تتصرف في حجة بشيء من بشاعة مستوطن يمارس الإذلال بحق الأرض والإنسان ولا أظن أن الحوثي قادر على التعايش إذا ما كانت العقلية التي يسير عليها كذلك، لقد بات مصدراً يبث الرعب في المناطق المحاذية لمنزل يوسف المداني الذي لم يصدر من أبوه إلا كل خير كما يقول الاهالي.

ثم لا ينبغي أن يأتي الأبناء ليمارسوا سطوتهم مستندين بالآلة العسكرية القادمة من صعدة، ويتصرف كما كان يعمل النبلاء الإقطاعيين بحق الطبقة الكادحة والفلاحين الملتصقين بالأرض، بإمكانك أن تجد الإنسان في مستبأ سلمياً في هيئته وماذا بإمكانه أن يفعل وهو الذي يرتدي الفوطة والشبشب على طول الخط. وتكاد حياتهم كلها في قطيعة تامة مع السلاح منذ الولادة حتى الممات!!

على الطريق إلى أبو دوار أطقم مسلحين كثيرة تجوب المنطقة فيها مقاتلين يحملون أسلحة مختلفة ولاحظت أكثر من نقطة تفتيش يقف في كل نقطة شابان مسلحان يبدو الإعياء عليهم ، النقاط التي نصبها الحوثيون بالبلك مكتوب عليها "الترتيبات الأمنية لكم وليست عليكم".

لم يتمكن الفريق من النزول في قرى مستبأ للحديث مع المواطنين الذي يقول الحوثيون أنهم راضين على تواجدهم ليحكموا بديلاً عن الدولة إلا أن شاباً من نفس المديرية ومن الشباب الذي حالفهم الحظ بأن يلتحقوا بالجامعة كتب لي رسالة أجدني مضطراً لنشرها نصاً هنا " أود أن أخبرك أنكم لم تطلعوا إلا على جزء يسير من كم هائل من الانتهاكات والممارسات اللاإنسانيه واللاأخلاقيه التي يمارسها الحوثيون ومن يقف معهم بحق أبناء هذه المنطقة منذ احتلالها قبل 9 أشهر، ولو كان الحوثيون صادقون في ادعائهم أن أبناء المنطقة راضون عنهم لتركوا لكم المجال لتلتقوا بالناس وتسألوهم عن حقيقة ما يحدث، لكن عندما رأوا أن تواجدكم يشكل خطرا عليهم سارعوا إلى استضافتكم وأخذكم بعيدا عن الناس حتى يرسموا لكم صورة وردية عنهم وعن أعمالهم وقد رأيتم بأم أعينكم ما حصل من انتهاك لحق مواطن أراد أن يعبر عن رأيه سلميا ويشكو ما لحق به وإخوانه من ظلم فكان جزائه الضرب والإهانة أمام عدسات الكاميرا".

الحوثيون: اللعنة على قوارير المياه.. النصر لـ" ريد بل"..

في مستبأ وزع الحوثيون قائمة باسم البضائع الأمريكية والسعودية التي على المواطنون والتجار عدم شرائها وأحرقوا على صاحب بقالة قوارير مياه صحية لأنها من تعبئة منطقة جيزان السعودية ويباع في المناطق الحدودية.

 وقال أحد المواطنين فضل عدم ذكر أسمه، ان صاحب بقالة بدأ يراجع القائمة التي تسلمها من الحوثيون فلم يتبقى له ما يبيع إلا الزبادي والحقين فأضطر إلى إغلاق البقالة.. كان ذلك قبل شهرين، مضيفاً "ذات مساء جاؤا يسألونني كرتون "رد بل" وهو شرب منشط.

وقال إن المحلات التجارية في أبو دوار التي تحت سيطرة الحوثي لها ما يقارب شهرين ونصف مقفلة وقاموا بمنع أصحابها من أخذ بضائعهم وانتهت مدة صلاحياتها وما زالت إلى الآن بينما سمحوا لبعض الناس الذي يدعموهم بالأموال ويجيبوا لهم الجزية.

واشتكى مواطنون في أبو دوار و مستبأ من تعرضهم لتهديدات من مثل أنت تبع السفير الأمريكي واجتمعت مع مترجمين أمريكيين.

وقال آخر ان قريباً له تعرض للاختطاف لحظة وصول الفريق الاعلامي الى المنطقة يدعى على محمد حسين محولي لأنه قال لأبن حزام لا تدخلوا منطقتنا فخطفوه عند السيد، ويقولوا لأهله تابعونا عند السيد "هكذا أصبح وضعنا في مستبأ ما حد يتكلم".

سوق عاهم من حياة اقتصادية لعشرات الآلاف إلى خرابة لأشباح الموت

ونحن نتجول في سوق عاهم الشهير الذي بات أقرب إلى مدينة قديمة هجرها سكانها قبل عشرات السنين وجدنا حجم الخراب كبير جداً، يقول المواطنون إن 9 مدارس أغلقت في هذا السوق وفي القرى المجاورة له مدرسة الحبوة، ومدرسة الفتح بعاهم، ومدرسة الشهيد يحيى عياش، ومدرسة عائشة، ومدرسة الزبيري و22 مايو و6مدارس في مستبأ إضافة إلى تعطيل 20مسجداً واغلقت 7 مستوصفات وأحرق نحو 3 آلاف مصحف في دار عاهم، وتعطيل 9 محطات بترول بسبب قطع الحوثيين للطريق الرئيسي، ونزوح قرابة 15000 مواطن أي ما يعادل 5000 أسرة حسب الإحصائيات التي تسلمها الفريق من المركز الإعلامي لتكتل قبائل حجور.

وتشير الإحصائيات إلى إن خسائر إغلاق هذا السوق التي يؤمه تجار من عدة محافظات يمنية وتجار سعوديون تفوق الخمسين المليار وتؤكد الإحصائيات التي حصل عليها الفريق إلى أن 2750 عاملاً فقدوا أعمالهم ومصالحهم جراء قصف سوق عاهم بقذائف الهاون والمدفعية من قبل مسلحي الحوثي المتمركزين في الجبال المشرفة على منطقة أبو دور.

وتشير المعلومات إلى إن متجر يحيى علي العسري وكيل هائل سعيد أنعم في عاهم أحرق وفيه بضاعة بمئات الملايين وأحرق الحوثيون بجواره دكاكين مواطنين.

سوق عاهم يعد من اشهر أسواق اليمن التاريخية ويعد من أكثر الأسواق المشتركة بين اليمن والسعودية خصوصاً بعد أن تحول سوق الملاحيط والحصامة، إلى مناطق عسكرية للحوثيين بعد الحرب الأخيرة في صعدة.

وتوافد الناس على سوق عاهم يوم الاثنين الذي يباع فيه من الإبرة إلى السيارة، فالسعوديون يقدمون إليه ليشتروا المواشي، والقات، والذرة بشكل يومي.

ويعد سوق عاهم أكبر وأهم أسواق حجة ومن أكبر الأسواق في اليمن ويشتهر بتجارة الأسلحة بمختلف أنواعها.

اشتعال الحرب

في يوم عيد الأضحى من العام الفائت كان المصلون من قبائل حجور وعاهم يجتمعون في منطقة الجبانة بسوق عاهم لأداء صلاة العيد، حينها جاء الحوثيون بسيارات يصرخون بشعاراتهم وسط المصلين وكان خلفهم مدرعتين نوع حميضة، فتناوشوا ،حسب رواية محسن عمر، مع الشباب وأطلقوا النار وطلبوا من شاب يدعى منصور جبهان تسليم سلاحه و رفض فأطلقوا عليه الرصاص وكان أول قتيل من قبائل حجور يسقط في المنطقة وكانت الشرارة التي أشعلت الحرب حتى الآن، ترك القبائل الصلاة ورجعوا الى بيوتهم ليحملوا السلاح بينما انتشر الحوثيون في الجبال مباشرة وخصوصاً جبل وكل الذي يطل على دار القرآن بعاهم فقاموا بقصفه مباشرة بالأسلحة الثقيلة.

قبل هذه الحادثة كان الحوثيون يمارسون عملهم دون أن يعترضهم القبائل حتى أنهم وصلوا إلى منطقة بني داوود وهي بعد مركز مديرية كشر حسب رواية الموطنين.

يسيطر الحوثيون حالياً على مديرية مستبأ ومركزها أبو دوار بعد أن أخرجتهم القبائل من كشر وسوق عاهم، ويسيطرون ايضا على جبل الجرائب وهو جبل يقع تحت جبل المشبه التي تسيطر عليه القبائل. إضافة إلى أنهم يسيطرون على المعهد المهني والمركز الأمني التابعين لمديرية عاهم لقربهما من أبو دوار التي يتمركز فيه الحوثيين، وذكر مواطنون من أبناء عاهم إلى أن الشاب محمد أحمد المقري، وهائل جبهان وأثنين آخرين قتلوا في المعهد المهني لأنهم ذهبوا لسحب جثة مواطن من المعهد فانفجرت الجثة بهم لأنها ملغومة ولم يسمح الحوثيون بإخراج جثثهم إلا بعد وساطة من لجنة الصلح.

يقول أهالي المنطقة أن الحوثيين استهدفوا قبائل حجور لأنها تمثل زربة الحدود مع السعودية وكل محافظة حجة وإذا تمكنوا من إضعاف هذه القبائل سيدخلون حجة وربما يصلون ميدي.

يقول الشيخ عبدالله ميقار أنه اتصل بالحوثيين وسألهم لماذا اعتديتم على دار القرآن؟ فردوا عليه: أنها دار الفسقة.

في ضيافة مقاتلي الحوثي..

أذهلني منظر مئات الشباب يمتنطقون البنادق والقنابل وعلى صدورهم وجعب الذخيرة، أكبرهم لا يتجاوز عمره 20 عاماً. وما أدهشني أني سمعت أحدهم وهو يتحدث مع الناشط في منظمة هود في حجة هادي وردان بأن القبائل مجانين -حسب قوله- فهم يعتدون على بيت ابن رسول الله ( يقصد يوسف المداني) وهكذا يقولها بكل جدية!!

ولمست من بعض المقاتلين أنهم يتعايشون مع كل هذا الوجع دون رضاهم، في حين تنفجر أفواههم بالآيات القرآنية "وقاتلوا الذين يقاتلونكم".

سألناهم عن هوية الدولة التي يطمحون بها؟ فقالوا السيد وضحها في خطابة دولة مدنية، تعال نعطيك نسخة من الخطاب(كل شيء لديهم جاهز في سيديهات).

يبدون أسفهم على التضحيات لكنهم يقولوا أنهم يريدون إعادة عزة الأمة.

ومن الطرائف التي ربما لا أفهم مغزاها أن نغمات هواتفهم كلها مقاطع من كلمة لعبدالملك الحوثي بعضها "سنسحقهم" و "المسيرة القرآنية" ونغمات أخرى من الفاظه التي لا تستحضر سوى الموت والقتال.

في بيت يوسف المداني كان اللقاء مع أبو يحيى المطري الذي بدا بسيطاً ولا تبدوا عليه ملامح الرجل القيادي الخطر، تعامل معنا بطريقة محترمة، وكان يستقبل الأسئلة التي توجه إليها من الصحفيين بصدر رحب وواسع، قال انهم يدافعون عن أنفسهم في حجة.

وأعتبر أن ما يشاع في وسائل الإعلام من أنهم يخططون لإسقاط بعض المحافظات غير صحيح ولو أرادوا ذلك لأسقطوا الكثير من المحافظات عسكريا خلال أيام الثورة، إلا أنهم -كما أشار– لا يحبذون هذا الخيار أبدا ويفضلون بديلا عن ذلك "نشر فكرهم وثقافتهم القرآنية بالطرق السلمية".

الوكيل المساعد لمحافظة حجة: لن تنجح أي تسوية لا تتضمن خروج المسلحين القادمين من صعدة

من جانبه قال الوكيل المساعد لمحافظة حجة إسماعيل مهيم، أن الطريق إلى الحل بين قبائل حجور والحوثيين تبدأ من مديرية مستبأ، مؤكداً بأن أي تسوية لا تتضمن خروج كافة المسلحين الذين استقدمهم الحوثيون من خارج المحافظة إلى مديرية مستبأ "هو صلح غير واقعي وغير منطقي"، معتبراً ذلك حلا مؤقتا وسينتهي سريعا وينهار لأن كل طرق أبناء قبائل حجور تمر من مديرية مستبأ، إضافة إلى مواردهم المائية، وقد تعرضوا خلال فترة الحرب إلى حصار شديد وهذا أمر غير مقبول من أبناء مستبأ. حد تعبيره.

وأشار المهيم إلى أن الحوثيين كانوا في بداية دخولهم محافظة حجة يظهرون لأحزاب اللقاء المشترك أنهم معهم وأن هدفهم إسقاط النظام وفي ذات الوقت يقولون لحزب المؤتمر الشعبي العام أن هدفهم مقاتلة الإصلاحيين.

*ينشر بالتزامن مع الأهالي