حزب الإصلاح: ''ثورة 11 فبراير نجحت في تحقيق انتقال سلس للسلطة وما حدث بعدها انقلاب''
هجمات مباغتة لرجال القبائل تستهدف نقاط الحوثيين في الحنكة بمحافظة البيضاء
حماس ترد على ترامب: ''غزة ليست للبيع''
زلزال بقوة 5 درجات قرب سواحل اليمن
قميص ميسي قبل انضمامه لبرشلونة يطرح بمزاد مقابل مبلغ خرافي
فساد بالمليارات .. ترامب يؤكد ثقته في الكشف عن احتيال البنتاغون.
الريال اليمني يسجل انهيارًا غير مسبوق بتجاوزه 2300 مقابل الدولار
انضمام تركيا وقطر للجنة الشراكة الصناعية التكاملية
لأول مرة طوفان سعودي غير مسبوق ضد نتنياهو وترامب
ترامب من جديد يعلن شراء غزة.. ويكشف عن دولة ثرية في الشرق الأوسط ستقوم بإعادة بنائها لندن- عربي21
مع كل ذكرى لمعركة بدر الفاصلة في التاريخ الإسلامي يستدعي الحوثيون تلك المناسبة بإطلاق سلسلة من هجمات واسعة، يشنونها على اليمنيين، مع أنه لو كان لأحد الحق في استدعاء تلك المعركة العادلة لكن ذلك من حق اليمنيين الذين أخرجهم الحوثي من ديارهم.
معركة بدر كانت بين النبي الكريم وأصحابه الذين طردتهم قريش من ديارهم، وصادرت أموالهم في مكة بحجة أنهم خانوا دينهم، وتركوا تقاليد أجدادهم، وتحالفوا مع أعداء قريش من أهل يثرب، وتلك التهم هي المعادل الموضوعي للتهم التي يكيلها الحوثيون لخصومهم، الذين طردوهم من ديارهم، وقالوا عنهم “خونة الأوطان ومرتزقة العدوان”.
التشابه-إن جاز أن يُستدعى التاريخ-هو بين ظروف الذين “أُخرجوا من ديارهم وأموالهم” في صنعاء وعمران وصعدة وذمار وحجة وريمة وغيرها، وظروف أولئك الذين “أُخرجوا من ديارهم” في مكة. فقريش أخرجت المهاجرين من مكة وصادرت أموالهم، واتهمتهم بخيانة دين أجدادهم، والحوثيون أخرجوا المهجّرين من أبناء اليمن من ديارهم وصادروا أموالهم، واتهموهم بخيانة الوطن والدين، وهنا يبدو-لو جوزنا إسقاط التاريخ على الحاضر-أن الحوثي يتخندق في معسكر قريش، فيما يتخندق المهجَّرون اليمنيون في خندق الذين هجرتهم قريش قديماً، مع ضرورة التأكيد على عدم جواز توظيف أيٍ كان للمشتركات الدينية في الصراعات المعاصرة.
إن استدعاء أي طرف لمصطلحات دينية قديمة في صراع معاصر يسيء إلى تلك المصطلحات ويفرغها من مضامينها السامية، ولكي ندرك بشاعة هذا الاستدعاء، لنا أن نتصور أن يكون مقاتلو الحوثي الذين يجلبهم بالمال لقتال إخوتهم في مأرب وغيرها في منزلة “أهل بدر” في الإسلام، لنا أن نتصور ذلك، لندرك حجم الجريمة التي يمارسها الحوثي في حق مصطلحات ورموز إسلامية جعلها شعاراً له، وأفرغها من مضامينها السامية، ليملأها بمضامين تفوح منها روائح الطائفية المذهبية والسلالية العنصرية.
إن تسييس الحوثيين للرموز والاصطلاحات الإسلامية لا يتوقف على “معركة بدر”، ولكن التجريف الأكبر، والتشويه الأقبح تعرض له مصطلح “أهل البيت”، عندما زعم الحوثي أنه ممثلهم، وحاول أن يلبس عباءتهم، ليمارس تحتها كل أنواع الإجرام، التي تحفل بها تقارير دولية لا تحصى.
ونتيجة لذلك الاستهلاك البشع لمصطلح “أهل البيت” أصبح هذا المصطلح ومضامينه عرضة لهجمات شرسة، وسخريات متوالية من قبل بعض خصوم الحوثيين، لسبب بسيط، وهو أن الحوثي غلَّف جرائمه، بهذا المصطلح، الأمر الذي جعل المعنيين الحقيقيين بالمصطلح عرضة للانتهاك المستمر، وبما لا يتسق مع احترام الرموز الدينية والتاريخية.
ولنختم بمثل آخر، وهو اصطلاح “أنصار الله”، الذي أطلقه الحوثيون على عناصر حركتهم. ولكي ندرك حقيقة الجرم الذي جناه الحوثي على هذا الاصطلاح، فلنا-كذلك-أن نتصور أولئك الذين يعذِّبون السجناء حتى الموت، ويسرقون الطعام من أفواه الجياع، ويكذبون كما يتنفسون، لنا أن نتصورهم على هيئة حواريي عيسى بن مريم، الذين ورد وصفهم بـ”أنصار الله” في القرآن الكريم، ولنا كذلك أن نرصد حجم التجريف الهائل الذي تتعرض له الآية “يا أيها الذي آمنوا كونوا أنصار الله” عندما ترفعها-شعارا لها-جماعة لم تتورع عن ممارسة أية وسيلة في سبيل الوصول إلى أهدافها السياسية.
إن تحويل الرموز الدينية إلى شعارات سياسية أسهم-بشكل كبير-في موجة من ردة الفعل العنيف ضد تلك الرموز، بل وفي اتخاذ موقف من الدين والمفاهيم الدينية بشكل عام، وهو ما يحتم مراجعة جماعات الدين السياسي لتكتيكات توظيف المقدسات في صراعاتها السياسية في سبيل الوصول إلى السلطة والثروة، بعيداً عن المقاصد الحقيقية لتلك المقدسات التي أفرغها التوظيف السياسي من مضامينها الروحية الخالصة.