|
في ذكرى محرقة تعز ، يخطر في بالي ذلك الصمود البطولي لأبطال تعز ، وهم يواجهون نازية نظام صالح بكل أشكاله وأدوات إجرامه ، الناس وحدهم حفظوا هذه المحرقة عن ظهر قلب ، كونها أثرت في السيرة الثورية سلبا وإيجابا لمدينة هزت عرش الطغيان وأوصلته الى حالته التي كان عليها آنذاك ..
منذ مساء 29 /5 حتى منتصف وبدء اليوم الثاني استمرت المحرقة تحصد الساحة البكر ، الساحة الثورية التي أسسها ثلة من أبناء تعز المشتهين لحرية فضلى تؤتي أكلها على وطن أنهكته الصراعات والفقر والمرض .
سأتحدث هنا عن شبكة كلنا تعز ، وهي شبكة اجتماعية أسست على موقع التواصل " فيس بوك " في تلك الليلة البشعة ، كان تأسيسها من رماد المحرقة وولدت كطائر الفينيق منبعثة من آهات ثوار يتوقون لوطن ابيض خال من عربدة النظام وقهر الساسة وبهتان السياسة .
كنا ونحن في المهجر آنذاك نتلمس الرفاق عبر الاتصالات الهاتفية ، نسمع أوجاعهم ونبكي نحترق أيضا ، وبعد إحراق أجهزة البث المباشر لقناة الجزيرة وخلو الساحة للإجرام والمجرمين ، كنا نعاني من شحة المعلومات والأخبار الواردة عن المحرقة ، فكانت كلنا تعز كشبكة تضامنية في بادئ الأمر أسست لهدف ربط ما يجري في الساحة وإيصاله بالصوت والصورة الى كل العالم مستخدمين ما تبقى من إمكانيات تصوير في الساحة التي احرق فيها كل شيء . وهناك أود أن اشكر كل من ساعدنا في تلك الليلة البشعة ، كنا جميعا نبكي ونتألم ، لكننا لم نيأس ولم نفقد الأمل للحظة في مشروعية مطالبنا في إسقاط نظام صالح .
استطيع القول دون غرور ان الشبكة أثرت في الوعي الثوري اليمني ، في ظل ردة ثورية عن الأهداف والمطالب ، وقفت كلنا تعز الصفحة البسيطة بشبابها الرائعين وكل من عمل فيها محاولين منع أي مغالطات او كذب او ادعاء باسم الثورة لتمرير مكاسب سياسية ضيقة ، كان هذا مع بقية الشبكات الإعلامية المستقلة التي تجردت من الحزبية والأحزاب وعملت للثورة كهدف سامي ونبيل .
بميزانية قدرها " صفر " ريال ، وبقدرات ضخمة وكبيرة لطاقات ومبدعي الشباب الثائر عملنا جميعا في المشاركة في تغيير واسع لدى قناعات الناس الذين كانوا يتمسكون بالنظام السابق كضرورة او كرهان لحل مشاكل الحاضر والمستقبل .
في الشبكات الاجتماعية اليمنية كانت ثورة بحد ذاتها ، يعرف ذلك من عايش الواقع الالكتروني منذ اليوم الأول ، كانت هذه الثورة هي إحدى عوامل الثورة القوية على الأرض ، فإذا كانت هناك مسيرات في الشوارع ومسيرات مضادة لها أيضا ، ففي الفيس بوك صفحات مضادة لصفحات الثورة وفكر مغاير تماماً لكل ما يعتمل في نهج الثورة ومنهجها .
شبكة كلنا تعز كانت واحدة فقط من هذه الشبكات التي واجهت قبح وصلف نظام صالح ، لكنها أصبحت ذائعة الصيت بسبب أشياء كثيرة ليس أولها أنها ارتبطت بذكرى أليمة كالمحرقة ، وليس لأنها واجهت حملات تشويه ممنهجة من قبل بعض الثوار خصوصا بعد إعلان الشبكة الرافض للمبادرة الخليجية والعمل ضد الواقع الجديد الذي فرضته المبادرة برموزها وأحزابها وشبابها .
كنا نواجه التخوين والتشكيك بصبر وحب ثوري ليس له نظير ، صمد رفاقنا في طريقة الأداء وطريقة النشر الواحدة والتي تعني الجميع ، تحسن لمن يحسن وتنتقد من يسيء ، لسنا شبكة إخبارية إلا لأخبار الثورة ، ولكن أساس أداءنا الإعلامي كان توعوي وسوف يستمر ان شاء الله .
في هذه الزاوية القصيرة اشكر كل من ساندنا معنوياً منذ اليوم الأول ، اشكر الأصدقاء الذين يعملون ليل نهار في شبكة كلنا تعز ، اشكر الميامين الأبطال مراسلين ومصوري الثورة ، اشكر الأصدقاء في الصفحات الثورية الأخرى والمواقع الالكترونية الذين ساندوا الشبكة منذ أول يوم تأسيس ، الشكر لكل من شرفنا بالحضور على حائط الشبكة من الشخصيات السياسية والاجتماعية في جلسات حوارية ، بدءا بالناشطة توكل كرمان والأستاذة أمل الباشا والأستاذ جمال المليكي والأستاذ شوقي هائل سعيد والأستاذ نبيل عبده شمسان وزير الخدمة المدنية ووزيرة حقوق الإنسان الأستاذة حورية مشهور والاستاذ سوقي القاضي والأستاذة بشرى المقطري والنائبان سلطان السامعي واحمد سيف حاشد ، والأستاذ محمد يحي الصبري والدكتور ياسين سعيد نعمان ، والشيخ حمود سعيد المخلافي .. وغيرهم من الذين عبروا بأصواتهم ورؤاهم في حوار شيقة وممتعة ومفيدة على شبكة كلنا تعز
والعهد هو العهد ذاته الموجود على السيرة التعريفية للشبكة ، سنظل أوفياء لهذا الوطن ما حيينا ، وللثورة وشهداءها والعمل لأجلها وعلى خطاها حتى يكتب الله السعادة لهذا الوطن ومواطنيه .
في الأربعاء 29 مايو 2013 04:58:01 م