رفض الحوثيون الدعوة السعودية للحوار.. الأسباب والأهداف
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 3 سنوات و 6 أشهر و 19 يوماً
الخميس 29 إبريل-نيسان 2021 11:12 م
 

بعد ساعات من دعوة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في 28 أبريل نيسان الجاري للحوثيين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات "للوصول إلى حلول تكفل حقوق الجميع في اليمن وتضمن أيضا مصالح دول المنطقة " أكد المتحدث العسكري للحوثيين يحيى سريع أن " سلاح الجو المسير نفذ عملية هجومية على قاعدة الملك خالد الجوية بخميس مشيط بطائرة مسيرة وكانت الإصابة دقيقة " ، ويعد هذا الهجوم الرفض العملي لدعوة ولي العهد السعودي لإيقاف الحرب والحوار .

فلماذا يرفض الحوثيون الدعوة السعودية لوقف الحرب والجلوس إلى طاولة المفاوضات ؟

وما هي شروط الحوثيون للاستجابة لهذه الدعوة ؟

وهل للرفض الحوثي للدعوة السعودية علاقة بمفاوضات فيينا بين الولايات المتحدة وإيران ؟

تساؤلات سنجيب عليها في هذا التحليل

* لماذا يرفض الحوثيون الدعوة السعودية ؟ 

رغم أن ولي العهد السعودي في مقابلته التلفزيونية قد أشاد بالحوثيين وأكد أن "الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة العروبية واليمنية الذي أتمنى أن تحيا فيه بشكل أكبر ليراعي مصالحه ومصالح وطنه قبل أي شيء آخر ." إلا أن هذه الإشادة لم تجد حفاوة من قبل الحوثيين أو قبول يذكر إلا أن القيادي الحوثي محمد علي الحوثي أشار في تغريدة بتويتر في 29 أبريل نيسان الجاري إلى أن " التصريحات محل اهتمامنا" داعيا السعودية وأمريكا وبريطانيا إلى " أهمية معرفة منهم الأطراف الذين يمكن أن يتحقق السلام للشعب اليمني باجتماعهم ، ان كانوا جادين فالسلام سيتحقق " . ويبدو أن لدى الحوثيين اعتراضا على مشاركة الأطراف اليمنية الأخرى في مفاوضات السلام القادمة فهم يرغبون بمفاوضات مباشرة مع السعودية وليس مع الأطراف اليمنية التي يتهمونها بالعمالة والارتزاق .

الحوثيون يريدون من السعودية أولا : وقف قصف الطيران على مسلحيهم الذين يخوضون معارك عنيفة مع الجيش الوطني في مارب ، فتحييد السعودية عن معركة مارب هو الشرط الأول للحوثيين حتى يستجيبوا للدعوات السعودية لوقف الحرب والجلوس على طاولة الحوار ، وبينما يستميت الحوثيون للسيطرة على مارب كهدف استراتيجي لن يتنازلوا عنه تريد السعودية بقاء مارب كورقة ضغط بيدها خلال المفاوضات القادمة مع إيران ومع الحوثيين ، فالسعودية لا تريد أن تذهب مارب للحوثيين الا في اطار صفقة مع الحوثيين وإيران .

كما يريد الحوثيون من السعودية تحقيق شروطهم الأخرى وأبرزها فتح مطار صنعاء وموانئ الحديدة وبعدها سوف ينظرون في دعوات السعودية لوقف الحرب والجلوس على طاولة الحوار فالحوثيون في هذه المرحلة يشعرون بأن موازين القوى في المنطقة قد تغيرت لصالح إيران وحلفائها وأنهم في وضع أقوى الآن ولذا سيستمرون بتصعيد هجماتهم ضد السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة حتى يتمكنون من فرض شروطهم .

* مطالب ايرانية من السعودية

رغم أن حديث ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في مقابلته التلفزيونية كان ناعما مع ايران حيث وصف ايران بأنها " دولة جارة " وأكد بلاده ترغب في إقامة علاقات " طيبة ومميزة " معها وأن المملكة " تريد لإيران أن تنمو وأن يكون لدينا مصالح فيها ولديها مصالح في السعودية لدفع المنطقة والعالم للنمو والازدهار" إلا أن ايران لم تقابل حديث ولي السعودي بنوع من التفاعل الإيجابي رغم ان هذه التصريحات تعد رغبة سعودية بالمصالحة مع ايران بعد سنوات من القطيعة وسوء العلاقات كما هي توجه سعودي لإنجاز تسوية مع ايران في ملفات المنطقة وأولها الملف اليمني وهو اعتراف سعودي بالدور الإيراني في اليمن ومحاولة لإنجاح المباحثات السعودية الإيرانية برعاية عراقية والتي تعثرت بعد انطلاق أول جولة في بغداد بحسب تأكيدات صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية في 18 أبريل نيسان الجاري ومن المتوقع أن تتواصل هذه المباحثات قريبا بحسب تأكيدات مصادر عراقية .

تدرك ايران مدى تشابك أزمات المنطقة ببعصها ولذا تعمل على ربط القضية اليمنية بقضاياها مع الولايات المتحدة وتسعى للاستفادة من الرغبة السعودية بالحوار معها بالحصول على دعم السعودية لموقفها في مفاوضات فيينا ودفع واشنطن لرفع العقوبات المفروضة عليها وعودتها للاتفاق النووي الإيراني وبعدها ستعمل على تسوية الملف اليمني بحيث تكون السعودية قد أثبتت حسن نواياها لإيران وقدمت ما يعزز الثقة معها كما ستكون ايران وحلفائها في اليمن حينها في وضع أقوى فيفرضون شروطهم كاملة .

* فشل سعودي بعد سنوات عجاف

بعد ست سنوات من الحرب التي قادتها السعودية في اليمن صارت المملكة تتودد للحوثيين وتشيد بنزعتهم العروبية وتتقرب لإيران فالمملكة التي فقدت الدعم الأمريكي لحربها في اليمن وتدرك أن موازين القوى في المنطقة تتغير لصالح إيران وحلفائها تريد إيقاف الحرب في اليمن بأي ثمن .

لم يكن ينقص المملكة امكانيات لحسم المعركة عسكريا في اليمن وهزيمة الحوثيين وإضعافهم وترتيب الوضع اليمني بما يؤدي إلى إعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب وأمن واستقرار اليمن وإنهاء خطر المليشيات فيه وعودة الدولة لكن سوء النوايا السعودية جعلتها تسعى لتقسيم اليمن ودعم المليشيا في الجنوب والشمال وإعادة الحوثيين إلى موالاتها بأي ثمن فهم بنظر المملكة الطرف اليمني الأصدق والأقرب إليها ومن حقق أجندتها في اليمن ولذا فإنها لم تقطع حوارها معهم بشكل أو بآخر ولا قطعت دعمها السخي عنهم بطرق عدة وتتجه الآن للاستجابة لكافة مطالبهم ولو كانت على حساب هيبتها ومصالحها الإستراتيجية وعلى حساب اليمن وحاضره ومستقبله وأمنه واستقراره فكل ما يهم السعودية هو إيقاف الحرب وعودة الحوثيين إلى موالاتها والالتزام بمتن الاتفاق القديم معها والذي خرجوا عنه " مؤقتا " بسبب بعض الخلافات وتقاطع المصالح .