موسم الضربات النوعية
بقلم/ احمد الظرافي
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 21 يوماً
الثلاثاء 25 سبتمبر-أيلول 2007 10:25 م

مأرب برس – خاص

يعتبر شهر رمضان المبارك ، شهر الانتصارات والفتوحات الإسلامية ، وهذه حقيقة معروفة ، ولم نعد بحاجة لإثباتها بأن نعود للتاريخ الإسلامي لكي نستعرض أو نعدد الغزوات والفتوحات التي قام بها المسلمون في هذا الشهر الكريم منذ فجر الإسلام وحتى العصر الحديث ، لأن تلك الحقيقة قد أصبحت واقعا حيا نعيشه ونلمسه بأنفسنا ونشاهده بأم أعيننا في أرض المعركة الجارية على ثرى العراق النازف الجريح ، والتي هي امتداد للصراع بين الحق والباطل ، والخير والشر.

ونحن إذا تتبعنا مسار الصحوة الجهادية المباركة في العراق ، ضد القوات الأمريكية والقوات الأجنبية المتحالفة معها ، لوجدنا أن أقسى الضربات والعمليات النوعية ، وأعنف الهجمات وأدقها وأشدها فتكا بجنود تلك القوات ، قد حدثت وتحدث في شهر رمضان من كل عام ، هذا فضلا عن الكثافة الملحوظة في أعداد الهجمات وسع ة انتشارها وامتدادها وذلك طوال هذا الشهر الكريم : ولا غرابة في ذلك فشهر رمضان – فضلا عن كونه شهر الصيام والقيام وقراءة القرآن - فهو شهر انتصار الإنسان على نفسه وعلى شهواته وعلى ما يعتريه من ضعف وإيثار للراحة والفراش الوثير، وهذا نتيجة لفضائل ونفحات الشهر الكريم التي تنعكس على نفس المؤمن فتصقلها وتهذبها وتجعلها أقرب إلى الخير والفضيلة وأبعد عن الشر والرذيلة كما تملأها عزما وحزما وتصميما ، وفي رمضان يصل الحماس الديني ذروته ، وتبلغ الروح المعنوية غايتها ، بما يعنيه هذا وذاك من استعداد للتضحية والشهادة وبذل الغالي والنفيس دفاعا عن العقيدة والكرامة ، وانتصارا للحق والعدل ، وثأرا من الظالمين والغزاة المجرمين الذين استحلوا دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ، لا لشيء إلا لأنانيتهم ولعقدة الامتياز التي تسيطر على تفكيرهم ، ولجبروتهم وقوتهم الغاشمة ، ولأنفسهم الأمارة بالسوء التي أغرتهم وأضلتهم ، وسولت لهم قهر الشعوب والأمم الضعيفة وفرض الإرادة عليها ونهب خيراتها وثرواتها واستباحة دماء أهلها عدوا بغير حق وعلوا في الأرض وفسادا.

وأمتنا - بحمد الله - ليست ضعيفة ولا مكسورة الجناح ، وليست عقيمة التفكير أو قليلة الموارد ، وهي أمة ترفض الخنوع وتأبى الاستسلام ولا تنام على الضيم ، ولا تقبل بالذل والهوان، ولديها من المبدعين والموارد ما يجعلها أغنى أمة ، ويكفينا فخرا أن جل الحركات التي لازالت صامدة في وجه المد الغربي الاستعماري العسكري والسياسي بقيادة المارد الأمريكي ، والتي أيضا لا زالت ترفع السلاح وتقارع هؤلاء الغزاة ، تنتمي إلى التيار الإسلامي - الشعبي طبعا - أو محسوبة عليه بشكل أو أخر ، وهذا سواء في فلسطين أو العراق أو أفغانستان أو الشيشان أو الصومال ، ولكن مشكلتنا – نحن المسلمين - هي مع حكامنا ، حكام المسلمين المنبطحين الذين رضوا بالدنية في دينهم وارتضوا لأنفسهم أن يكونوا أتباعا أذلاء للدول الغربية ومطايا لحكومات هذه الدول لتحقيق سياساتها ومصالحها الاستعمارية من جهة ، وسوط عذاب وآلة بطش في أيديها ضد شعوبهم من جهة أخرى .

ووقائع التاريخ وشواهده القديمة والجديدة تدل دلالة واضحة وأكيدة بأن أمتنا في التاريخ المعاصر – وبالأحرى أي فئة من الفئات المجاهدة المنتمية لأمتنا الإسلامية – لم تُهزم في أرض المعركة ، أو في أوقات الحرب ولكنها – هُزمت في مرحلة المفاوضات ، وفي أوقات السلم ، لكونها تدخل هذه المرحلة من منطق ضعف ودون أن تكون هناك أرضية مهيأة وصالحة للسلم والتفاوض ، وأيضا دون أن تكون مستعدة لما ستسفر عنه عملية التفاوض هذه ، وقد تكون النتيجة – بالتالي - هي أن تخسر في المرحلتين - في مرحلة الحرب وفي مرحلة المفاوضات - وهذا جحر لدغت منه أمتنا مرات ومرات ، وهل ابتلع الصهاينة الضفة الغربية وقطاع غزة وهودوا القدس الشريف إلا بعد اتفاقيات: كامب ديفيد 1979 ووادي عربة وأوسلو1993؟! وهل سقط العراق فريسة بيد القوات الأمريكية ، إلا بعد هدنة خيمة صفوان المشئومة في عام 1991 ، وبعد القبول بفتح أبواب العراق على مصارعها للمفتشين والجواسيس الدوليين ؟! ولكن للأسف الشديد فبالرغم من كل ذلك فلازالت حكوماتنا حتى الآن لم تعتبر، ولم تتمثل الحديث الشريف القائل " لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين " ، ويكون ذلك – عادةً - عندما تلقي سلاحها وتجعل السلم خيارها الأوحد ، أمام عدو متربص غاشم لا أمان له ولا عهد ويدعي الجنوح للسلم وهو يستعد للحرب ويكرس الجهد والوقت والمال لاختراقها وتمزيق صفوفها ، وإفساد ذات بينها ، لتكون لقمة سائغة لابتلاعها - في نهاية المطاف - أو لتكون النتيجة النهائية هي الاستسلام أو - على الأقل - الاستكانة للإملاءات والشروط المفروضة عليها – وهذا الحال هو ما وصلت إليه حكومات الشعوب الإسلامية في الوقت الحاضر .

رمضان 1424هـ ، بداية الهروب من العراق

وسأتحدث في هذا الجزء عن حركة الجهاد في العراق خلال شهر رمضان من عام 1424هـ مركزا فقط على أهم العمليات النوعية التي نفذها المجاهدون فيه ضد القوات الغازية والتي أربكت حسابات هذه القوات وجعلتها تغير من نهجها وسياساتها في العراق – وهي قليل من كثير – والكتابة حول هذا الموضوع رغم حداثته له أهمية خاصة لكونه يعتبر توثيقا لتضحيات وبطولات المقاومة العراقية الباسلة ، وما سكبه المجاهدون الأبطال من دماء زكية على أرض العراق ، وما قاموا به – ولا زالوا - من دور كبير وخطير في التصدي لمشاريع الهيمنة الأمريكية والصهيونية - نيابة عن الأمة - ليس قي العراق فحسب وإنما في المنطقة الإسلامية برمتها .

كيف استقبلت المقاومة الشهر الكريم ؟

لقد كان شهر رمضان من عام 1424هـ - هو أول رمضان يهل على العراق بعد احتلاله من قبل القوات الأمريكية الغازية ، وهو يصادف شهر نوفمبر 2003 – ويتقدمه بخمسة أيام فقط - وقد جاء رمضان ذلك العام ، وظلال الحزن والأسى مخيمة على العراقيين ، بسبب الاحتلال الأجنبي الغاشم لبلادهم ، والذي أفقدهم لذة الأمن والشعور بالطمأنينة ، وبسبب ما جلبه لهم من خراب دمار وفوضى ، فكيف استقبلته المقاومة العراقية يا ترى؟

لقد استقبلت المقاومة العراقية شهر رمضان من عام 1424هـ ، بمعنويات مرتفعة للغاية وبإصرار شديد على تصعيد عملياتها الجهادية التي تعكس مدى قوتها وتنظيمها وقدرتها على طرد القوات الغازية ، فقد استقبلت يومه الأول بموجة مكثفة من العمليات والهجمات العنيفة ، على مقار القوات المحتلة وقواعده العسكرية ، بما في ذلك المطارات والفنادق والمنشآت المحصنة في قلب بغداد والتي اتخذت قواعد لقيادات القوات المحتلة ، ولوكالة المخابرات CIA وأوكارا للجواسيس والمرتزقة الأجانب العاملين مع تلك القوات ، وعلى كل ما يمت للاحتلال الأجنبي وعملائه بصلة ، ومنها – على سبيل المثال - أقسام الشرطة العراقية الجديدة والتي تعرضت صبيحة الاثنين 26/10/2003 

* الصليب الأحمر يقر بعجز القوات الأمريكية بضمان الأمن ( 26/10/2003 )

الموافق الأول من رمضان 1424هـ ، لهجمات عنيفة - لكونها تشكل طوقا أمنيا ودرع وقاية للمنطقة الخضراء التي تجثم فيها قيادة القوات الأمريكية المحتلة – ولقناعة المقاومة العراقية بخيانة تلك القوات لوطنها ودينها وأهلها ، وبعمالتها وتبعيتها للاحتلال الأمريكي ، والذي اضطر لاستحداثها ليكرس من خلالها وجوده واحتلاله ، وليستخدمها – إضافة إلى قواته الغازية - كأداة وكرأس حربة لقمع العراقيين وطعنهم في ظهرهم ، وإجبارهم على القبول بواقع الاحتلال المفروض عليهم ، كما قام بتشكيلها من أجل حماية قواته الغازية ، التي استباحت العراق أرضا وأنسانا وثروات وتاريخا ودينا ، ولتكون سياجا وخط دفاع أول لتلك القوات في وجه المقاومة العراقية الشريفة التي تسعى لتخليص شعبها وبلادها من براثن الاحتلال الأجنبي.

ولم تقتصر الهجمات على مدينة بغداد وإنما أمتدت لتشمل محافظات، مثل كركوك، والموصل وديالى وصلاح الدين ، إضافة إلى مدن غرب العراق مثل الفلوجة والرمادي والقائم ، وهذا ما لاحظه مراسلو وكالات الأنباء والصحف الغربية – في حينه - فقد قال مراسل بي بي سي في بغداد جوني ديموند: إن الموصل ، وهي ثالث أكبر مدينة عراقية قد كانت هادئة حتى وقت قريب لكنها لم تعد كذلك.- أي مع حلول شهر رمضان المبارك 1424هـ الذي أثار هلاله المقاومة الكامنة في نفوس العراقيين الشرفاء ، فاستيقظت الخلايا النائمة من غفوتها وانخرطت في صفوف المجاهدين لتسدد ضرباتها الموجعة لقوات الاحتلال .

فضح أكاذيب القوات الأمريكية

وقد روَّعت تلك الهجمات الجهادية والتي جاءت بمناسبة شهر رمضان 1424هـ – روعت جحافل الغزاة وأذنابهم ، وأقضت مضاجعهم ، وأثارت الرعب والفزع في نفوسهم ، وسقط من خلالها قتلى بالعشرات سواء في صفوف قوات العدو الأمريكي والقوات الأجنبية المتحالفة معها ، أو في صفوف قوات الشرطة العراقية العميلة .

وقد اعتبر هذا الشهر - بحق - بداية الهروب الحقيقي من العراق فبعد انسحاب منظمة الأمم المتحدة نتيجة للعملية الضخمة التي استهدفت مقرها والتي أدت إلى قتل وجرح الكثير من موظفي المنظمة الدولية كان أبرزهم الممثل الخاص للأمين العام للمنظمة الدولية, سيرجيو فييرا دي ميلو.– في أغسطس 2003 ، جاء انسحاب منظمة الصليب الأحمر الدولي - بعد هجوم مماثل على مقر ها في حي الأندلس ببغداد في 26/10/2003-، وقد حدث انسحابها - وسط مناشدات واسعة من المسئولين الأمريكيين وعلى رأسهم وزير الخارجية كولن باول - في حينه - وعكست تلك المناشدات مدى حرص الإدارة الأمريكية على بقاء هذه المنظمة في العراق – ليس لدورها الإنساني الخيري في خدمة العراقيين – وإنما لكون وجودها في العراق من شأنه تحقيق أهداف سياسية وإعلامية ، تصب في مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية ومن ذلك : تبرير الاحتلال الأمريكي الهمجي الغاشم الذي انتهك جميع المواثيق والمعاهدات الدولية ، وجميع حقوق الإنسان بغزو دولة مستقلة ذات سيادة ، عمدا وعدوانا ، ودون وجه حق ، واحتل شعبا أمنا ، وأطاح بقيادته الشرعية وقوض أركان دولته ونظامه السياسي والاجتماعي والاقتصادي، ولاستخدامها في التغطية على جرائم الحرب الذي أرتكبها أو ويرتكبها الجيش المحتل الغاصب بحق العراق والعراقيين صباح مساء ، وبصورة مستمرة ، وللتسويق لهذا الاحتلال ، وإضفاء الطابع الشرعي عليه أمام الرأي العام العالمي الذي كان أغلبه معارض للحرب الأمريكية على العراق . وللتغرير بمنظمات المجتمع المدني الأخرى ودفعها لاقتفاء أثرها والقدوم إلى العراق.لكي تكون في خدمة الاحتلال الأمريكي هذا من جهة .

ومن جهة أخرى لأن الإدارة الأمريكية كانت تعلم أن ذلك الانسحاب سوف لن يتوقف عند منظمة الصليب الأحمر الدولي وإنما سيقود إلى انسحابات مماثلة وإلى تداعيات سياسية وإعلامية خطيرة ليست في صالح الوجود الأمريكي في العراق – ولكن هذه المناشدات – برغم قوتها - ذهبت أدراج الرياح - على كل حال – ووقع ما كانت تخشى منه إدارة البيت الأبيض ، فقد وذكرت بعض وسائل الإعلام - بعد ذلك الانسحاب - عزم كل من بلغاريا وهولندا إغلاق سفارتيهما في العراق وعن وجود خطط لنقل دبلوماسييها من العاصمة العراقية إلى عمان.- وإنه وإن تم نفي هذا الخبر في وقت لاحق – إلا أنه قد كشف عن حقيقة مهمة وهي هشاشة الوضع الأمني في العراق وغياب الاستقرار في ظل سيطرة الاحتلال ، وفضح أكاذيب القوات الأمريكية المحتلة ، في بسط سيطرتها على العراق ونشر الأمن في ربوعه ، وإثبات عجزها عن حماية نفسها من ضربات المقاومة العراقية الموجعة لها ، فكيف بقدرتها على فرض الأمن وحماية من جلبتهم معها ، أو تسعى لجلبهم واستثمار عملهم لخدمة احتلالها الغادر.

وقد أدت هذه التطورات النوعية في الهجمات ضد قوات الاحتلال الأميركي – في هذا الشهر – إلى جعل مساعد وزير الخارجية الأميركي ريتشارد أرميتاج يعترف في 8 نوفمبر2003من بغداد ، بأن بغداد وتكريت والرمادي والفلوجة تمثل مشكلة أمنية للقوات الأميركية في العراق، مشيرا إلى أن هجمات المقاومة "أيقظت" الإدارة الأميركية.

عمليات متقنة أكثر ومميتة أكثر

وقد استمرت الهجمات على نفس هذا المنوال تقريبا حتى نهاية الشهر ، وقد صل متوسط الهجمات اليومية في ذلك الشهر إلى 35 هجوما، والذي بلغ ذروته بشن 50 هجوما ، في بعض الأيام. بعد أن كانت أقل من 20هجوما في الشهور السابقة - وفقا لما صرح به للصحفيين ، قائد قوات التحالف البرية في العراق الجنرال ريكاردو سانشيزفي وقته -.. والأدهى من ذلك - كما قالت - يومئذ - صحيفة النيوزويك الأمريكية - بأنها – أي العمليات الجهادية - أصبحت عمليات متقنة أكثر ومميتة أكثر.

وجاء في تقييم نشرته صحيفة الأندبندت تحت عنوان: "شهر نوفمبر: كان أكثر الشهور قسوة وأشدها دموية". وذكرت الصحيفة أن قوات التحالف خسرت في هذا الشهر 105 من جنودها بينهم 77 أمريكيا. مشيرة إلى أن الشهر انتهى بمصرع 12 موظفا أجنبيا من غير العسكريين الأمريكيين في أقل من 48 ساعة. وخلصت الصحيفة إلى القول بأن نوفمبر من عام 2003 يصبح أسوأ شهر تتكبد فيه القوات الأمريكية أكبر عدد من الخسائر في صفوف جنودها منذ حرب الخليج الثانية في فبراير شباط عام 1991 والتي أسفرت عن مصرع 162 جنديا أمريكيا. وهذا ما أكدته أيضا صحيفة " الواشنطن بوست " في تقرير لها نشر فى بداية ديسمبر 2003 ذكرت فيه أن شهر نوفمبر من العام 2003 كان الشهر الأكثر دموية للقوات الأمريكية في العراق في ذلك العام ، حيث بلغ عدد القتلى من الجنود الأمريكيين الذين أعلن عنهم فى هذا الشهر 79 قتيلا متجاوزا بذلك عدد القتلى الذين قتلوا خلال شهرى الحرب المباشرة مارس وإبريل 2003 ، ولم يكن شهر نوفمبر هذا ، إلا الشهر المقابل لشهر رمضان 1424هـ بفارق أيام بسيطة – ولكن تلك الصحف لم تأخذ في اعتبارها فضائل ومزايا ونفحات هذا الشهر الكريم وأثرها في إشعال جذوة الجهاد ورفع الروح المعنوية للمجاهدين – وإن كانت القوات الأمريكية مدركة لهذه الحقيقة ولذلك أخذت في الاستعداد على طريقتها - وربما بناء على نصيحة عملائها من العرب والصفويين في مجابهة المقاومة العراقية - فشنت حملة عسكرية كبيرة لملاحقة المسلحين، وصفت بأنها " أكثر العمليات صرامة وعنفا " وأسمتها عملية " المطرقة الحديدية " والتي جاءت متزامنة مع شهر رمضان 1424هـ ، وأُعلن عنها في مطلع نوفمبر 2003 ، قامت خلالها بحملات تفتيش ، شملت مناطق متعددة من العاصمة العراقية ، وأسفرت عن مقتل العشرات واعتقال المئات من العراقيين - لمجرد الشبهة أو حتى بدون شبهة - ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة، لكن هيهات ، فبالرغم من ذلك يبقى للمقاومة طرقها وأساليبها وتكتيكاتها التي لم تخطر على بال قوات الاحتلال الأمريكي وهو ما هو جارٍ على أرض الواقع .

فجوة داخل بطن وولفويتز الصهيوني

ومن العمليات الجهادية النوعية في هذا الشهر هي : ما تعرض له فندق الرشيد الموجود في المنطقة الخضراء في قلب بغداد ، والذي تستخدمه القوات الأمريكية كأحد المقار الرئيسية لها منذ سقوط بغداد في إبريل 2003- وتقيم به أعداد كبيرة من المدنيين والعسكريين الأميركيين.

فقد تعرض هذا الفندق - الذي يتألف من 14 طابقا و 400غرفة وجناح.- في صباح الأحد الموافق26-10-2003، لسلسلة من الهجمات الصاروخية قدرت بـ 29صاروخا ، وقد اعتبر هذا الهجوم هو الأعنف من نوعه منذ سقوط بغداد ، وحتى ذلك الوقت ، طبقا لتصريحات القادة الأمريكيين.

على أن أهمية هذا الهجوم النوعي ليس فقط لما يمثله من اختراق لمنطقة عسكرية شديد التحصين والحراسة ، لكونها تضم كلا من قصر المؤتمرات ومقر سلطة الحكم الانتقالي والقصر الجمهوري السابق ، الذي يتربع فيه الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر ، وكذا فندق الرشيد الذي تقيم به قيادة القوات المحتلة ، وإنما أيضا لكون هذاالفندق كان هو نفس الفندق الذي كان ينزل فيه بول وولفويتز نائب وزير الدفاع الأمريكي وذراعه الأيمن ، والذي يعتبر من أبرز اليمينيين الجدد ومن صقور الإدارة الأمريكية المتصهينيين ، ومن أبرز المخططين والمتحمسين لغزو العراق ، بل وصفته الكثير من وسائل الإعلام بأنه المخطط الاستراتيجي للبنتاجون وأنه مهندس ومحرك الحرب الأمريكية العدوانية على العراق .

ولذا فقد اعتبرت هذه العملية محاولة اغتيال لرأس هذه الأفعى السامة ، لكن الملعون نجا من هذا الهجوم الصاروخي بأعجوبة ، في حين قتل 19 شخصا من القوات الغازية ومن المرتزقة والجواسيس الأجانب ، وعلى رأسهم ضابط أمريكي كبير من القوات الأمريكية الخاصة ( برتبة ليفتنانت كولو نيل ) . إضافة إلى إصابة العشرات من بينهم 12 من الأمريكيين. كما أسفر الهجوم عن خسائر مادية جسيمة للفندق ، وكان هذا الهجوم هو الثالث من نوعه الذي يتعرض له فندق الرشيد منذ دخول القوات الأمريكية بغداد في ابريل 2003 وكان بول وولفويتز حينئذٍ يقوم بثاني زيارة لهذا البلد المستباح ، خلال ثلاثة أشهر ، وبعد ستة أشهر من الإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، وذلك من أجل رفع معنويات جنوده المنهارة وجني ثمار انتصارهم المزعوم ، ورسم مستقبل هذا البلد طبقا لهواهم ومصالحهم التي خططوا لها مسبقا في أروقة البنتاجون والبيت الأبيض ، وأيضا لحث القائمين على أمر العراق الجديد على ضرورة التعجيل بتشكيل جيش وقوة شرطة وحرس حدود وقوات دفاع 

مدني جديدة في العراق. تتولى المهام الأمنية نيابة عنهم كما تتولى - في نفس الوقت – دعم وحماية قواتهم المحتلة ، بيد أن هذه العملية النوعية المباركة والتي كان لها صدى إعلامي واسع النطاق، أربكت حساباته وخطط إداراته، وأثبتت له ولها – وللعالم أجمع - أن مقاومة العراقيين لم تبدأ بعد وبأن الحرب لم تنته كما زعم الرئيس بوشو وإنما بدأت . مما حمله على العودة السريعة من حيث أتى مساء من نفس ذلك اليوم. محملا بالخيبة بعد كانت زيارته شؤما على إدارة البيت الأبيض – وذلك بعد أن كان قد تم نقله بعد الهجوم مباشرة إلى جحر آخر هو مقر الفرقة الأمريكية الأولى.- المسئولة عن العاصمة بغداد – ونفس الشيء حدث بالنسبة للقيادات والشخصيات الهامة الأخرى التي أرعبها هذا الهجوم حيث جرى نقلها بصورة عاجلة إلى جحور أخرى - وذكرت جريدة السبيل أنه تم الإعلان وقت لاحق - عن تعرض وولفويتز لمحاولة اغتيال ثانية ، بعد انتقاله من فندق الرشيد في إلى مقر القيادة الأمريكية القريب منه ، لكنه نجا من المحاولة الثانية أيضا . وبرغم تظاهر وولفويتز المبالغ فيه بالشجاعة بعد الهجوم ، إلا أنه أقر - بعد ذلك - بأنه كان يشعر « بفجوة داخل بطنه » خلال الهجوم .

وعلى الفور – ونظرا لهذه الاختراقات الأمنية الخطيرة التي كشفت عن مدى تغلغل المقاومة العراقية ومدى قوة مصادر معلوماتها - قررت القيادة الأمريكية إخلاء جميع مقراتها في بغداد وتوزيع قواتها على أماكن أخرى، رغم أن تلك المقرات كانت تعدّ من أكثر مناطق بغداد حماية وتحصينا. وقد اقر وزير الخارجية الأمريكي كولين باول – في أعقاب هذا الهجوم الصاروخي الذي تعرض فندق الرشيد الذي كان يقيم به نائب وزير الدفاع الأمريكي بول وولفيتز في قلب بغداد أن بلاده لم تتوقع مواجهة هذا القدر من الهجمات المكثفة والمستمرة على قواتها في العراق بعد الإعلان عن انتهاء المهمة في أول مايو2003وبدا باول محبطا وهو يدلي بهذه التصريحات . 

علما بأن هذه المحاولة لم تكن أول – ولا آخر - محاولة تستهدف مسئول أمريكي بارز ، فقد تعرض الحاكم المدني الأمريكي في العراق بول بريمر في ديسمبر 2003 لمحاولة اغتيال أوشكت أن تطيح برأسه على طريق مطار بغداد الدولي ، وتلا ذلك محاولة اغتيال قائد القوات الأمريكية الوسطى جون أبي زيد في مدينة الفلوجة.

شهر إسقاط الطائرات

ومن أبرز العمليات الجهادية النوعية القاصمة لظهور الأمريكيين في شهر رمضان 1424هـ ، هي نجاح المقاومة العراقية الباسلة فى إسقاط العديد من المروحيات الأمريكية ، ونجم عن ذلك مصرع العشرات من الجنود والطيارين الأمريكيين .

أولى هذه الطائرات – وهي من طراز شينوك - أسقطت يوم 8 رمضان 1424هـ الموافق 2 نوفمبر 2003 قرب الفلوجة في غرب العراق ، مما أدى إلى مصرع جميع من كانوا على متنها وعددهم حوالي 40 جندي وطيار أمريكي ، غير أن بيان الجيش الأمريكي أشار إلى أن عدد القتلى كانوا 16 جنديا أمريكيا فقط ، وأن البقية وعددهم 21 جنديا أصيبوا بجروح - زعم ذلك رغم أن الطائرة تحولت في الجو إلى كتلة من اللهب – كما قال شهود العيان - وذلك قبل أن تسقط فتتحول إلى تبن ( انظر الصورة ) ، وعلى كل حال كانت هذه الخسارة هي أول خسارة كبيرة يُمنى بها الجيش الأمريكي ، منذ سقوط بغداد في ابريل 2003 ، وقد وصف هذا الحادث بأنه " كان صدمة للأمريكيين " ، وبأن ذلك اليوم يعتبر " يوما أسود 

بالنسبة لهم " كما صرح بذلك الرئيس جورج بوش الصغير بنفسه .

وأما الطائرة الثانية – وهي من طراز بلاك هوك – فقد أسقطت بصاروخ في 14رمضان 1424هـ الموافق 9نوفمبر 2003 في منطقة القادسية قرب تكريت ، وأعترف الجيش الأمريكي بمصرع ستة جنود أمريكيين - رغم أن هذه الطائرة مهيأة لحمل 12 جندي على الأقل ، إضافة إلى الطاقم المكون من أربعة طيارين.

وقد جاء إسقاط هذه الطائرة بينما كان الأمريكيون لا زالوا لم يفيقوا بعد من صدمتهم بسقوط الطائرة الأولى ، حيث جاء حادث سقوطها بعد ساعات قليلة من قداس خاص أقيم على أرواح ضحايا المروحية شينوك. وبعد حوالي 20يوما فقط من إسقاط طائرة من نفس الطراز وفي نفس المكان تقريبا – أي قرب تكريت – مما ضاعف من صدمة الأمريكيين وأثار السخط ضد إدارة بوش ، فقد نفلت البي بي بي سي – في حينه - عن هاورد دين، المتنافس الديمقراطي على الرئاسة في الولايات المتحدة، قوله لوكالة أسوشييتد برس "إنني لا أفهم منطق الرئيس (بوش)، بأن الأمور تسير حسنا مع تزايد العنف وأعداد القتلى. في مفهومي هذا لا يعني إلا أن الأمور تسير إلى الأسوأ". وأما الطائرتين الثالثة والرابعة - وهما من طراز بلاك هوك - فقد أسقطتا معا بفعل هجوم صاروخي في الموصل ، مساء السبت 20 رمضان 1424هـ  

* تحطم طائرتين مروحيتين أمريكيتين من طراز بلاك هوك فوق منطقة سكنية غرب الموصل بعد تعرضهما لكمين ، ولهجوم صاروخي ( 15/11/2003 )

الموافق 15/11/ 2003وقتل فيهما أكثر من 19 جنديا أمريكيا، وأصيب تسعة بجروح، جميعهم من العسكريين. وكان لسقوط هذه الطائرات بشكل متتابع ومصرع من فيها وقع الصدمة على الشعب الأمريكي الذي كذب عليه بوش وقال له أن العملية انتهت ، وبعد أن صرَّح بريمر في مطلع نوفمبر 2003بأن 90% تقريباً من العراق هادئ وطبيعي، ويعيش في سلام حسب تعبيره . وقد أرجع المراقبون في العراق إسقاط هذه الطائرات سواء من طراز شينوك أو من طراز بلاك هوك - والتي تعد من أهم المروحيات القتالية المتطورة في الترسانة العسكرية الأمريكية - إلى مدى تطور وفعالية تكتيكات الهجمات المسلحة للمقاومين العراقيين ، وعلى أن تكرار إسقاط الطائرات الأمريكية خلال الأسابيع القليلة الماضية ، ليس ضربة حظ – كما يزم البعض - وأن أسلوب الطيران الليلي الذي تتبعه القوات الأمريكية في العراق لم يجد نفعا - على حد تعبير هؤلاء المراقبين-

 السيطرة على التغطية الإعلامية

وفضلا عن ذلك تعرضت طائرة تابعة لشركة " DHL " في سماء مطار بغداد الدولي إلى الإصابة بصاروخ أرض جو أدى إلى اشتعال النيران في جناحها الأيسر مما أرغمها على القيام بهبوط اضطراري. وذلك يوم 22/11/2003 الموافق 28رمضان 1424هـ، ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات إلا أن هذا الحادث هو الأول الذي تصاب فيه طائرة. وظل هذا الحادث طي الكتمان حتى اليوم . هذا بالإضافة إلى عدد من الطائرات التي تم إعطابها ، أو إسقاطها بنيران المقاومة العراقية ، دون أن يتم الإعلان عنها ، ومعروف أن التضليل والتعتيم ، والسيطرة على التغطية الإعلامية ، والتعمية على الخسائر ، وعدم التصريح بالعدد الفعلي لقتلى الجيش الأمريكي هو العنصر الثابت في السياسة الإعلامية الأمريكية في الحروب ، وذلك منذ غزو فتنام ، وهذا ما كشفت عنه تصريحات كبار القادة العسكريين والسياسيين الأمريكيين .

فقد نقل عن تشارلز شيهان ميلز رئيس جمعية المحاربين القدامي التي تقف ضد الحرب في العراق – قوله - في 11نوفمبر 2003‏ إن البنتاجون يريد إخفاء الخسائر البشرية الحقيقية للحرب لأن رد فعل الرأي العام علي صور التوابيت والجنازات يمكن أن يؤدي إلي تغيير الموقف من الحرب والحكومة تريد أن تسيطر علي التغطية الإعلامية‏'‏

ومن جهة أخرى نقل عن السيناتور جون ماكين أحد قادة الحزب الجمهوري في مجلس الشيوخ الأميركي قوله : " إن المشاكل التي يواجهها الأميركيون الآن في العراق تعالج إعلاميا بنفس الطريقة التي عالجت بها أميركا حرب فيتنام. واتهم ماكين إدارة الرئيس بوش بالفشل في مواجهة ما وصفه بالوضع الصعب في العراق. وأشار إلى أن هناك مشكلة حقيقية تواجه أميركا هناك ويجب على الإدارة أن تشرح أبعادها للشعب.

طائرات إف 16 تقصف تكريت

وقد ردت القوات الأمريكية على هذه الهجمات النوعية وعلى عمليات المقاومة في استهداف الطائرات الأمريكية وإسقاطها ، بقصف المدن العراقية - التي حدثت فيها العمليات النوعية تلك – بالأسلحة والقنابل الفتاكة باستخدام الطائرات الحربية ، وباقتحام تلك المدن ومداهمة بيوت المواطنين وبممارسة إعمال الانتقام والعقاب الجماعي بشكل يندى له الجبين ، وفي شهر رمضان المبارك وعلى مرأى ومسمع من العالم ، حدث ذلك بصورة خاصة في مدينة تكريت ، فبعد يوم واحد فقط من إسقاط المروحية الأمريكية بنيران المقاومة العراقية قرب المدينة ومصرع من كان فيها – تعرضت هذه المدينة الأبية ، إلى قصف جوي عنيف وهمجي بطائرات إفـــ 16 دل على مدى الاستهانة بدماء وحياة العراقيين ، وعلى الحقد الأسود في قلوب الأمريكيين على هذه المدينة التي تعتبر معقل نظام البعث السابق ، ومسقط رأس النخبة من القادة العسكريين العراقيين ، وأيضا لكونها أحد معاقل المقاومة الشريفة المناوئة للوجود الأمريكي في العراق والمصرة على إخراجه منها بالقوة – كما دخل إليها بالقوة - ثم بعد تلك العمليات الجوية وذلك القصف الوحشي الهمجي ، قامت أرتال القوات الأمريكية المدعومة بالسيارات المصفحة باقتحام هذه المدينة ، ومداهمة بيوت المواطنين عنوة ، وتدمير مجموعة من المنازل بها. واعتقال وقتل كل من يشتبه بصلته بالمقاومة العراقية أو بالرئيس العراقي صدام حسين - والذي كان حينئذ لا زال طليقا وكان يتهم بتمويل وقيادة جزءا من المقاومة. وإن ذلك الحقد الأسود على مواطني هذه المدينة قد أفصحت عنه أيضا تصريحات قادة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق – فقد صرح قائد أمريكي لوسائل الإعلام بكل وقاحة ، أنه يريد تذكير أهالي تكريت بان الولايات المتحدة لديها " أنياب ومخالب " وأنها قادرة على استخدامها. – كما ذكرت محطة بي بي سي - مما يعني أن ذلك القصف الجوي والبري الوحشي الذي تعرضت له مدينة تكريت - يومئذٍ - لم يكن ردا على عملية مقاومة معينة ، ولا لضرب أهداف عسكرية محددة في المدينة – ولو حتى من وجهة نظر القادة الأمريكيين – وإنما جاءت من قبيل استعراض العضلات ، وإظهار قوة بطش الولايات المتحدة الأمريكية وقدرتها على سحق خصومها والمناوئين لها

 مذبحة للقوات الايطالية 

ولم تقتصر الهجمات النوعية على مدن وسط وشمال وغرب العراق وإنما شملت أيضا مدن جنوب العراق ، ومن أهم العمليات الجهادية الضخمة التي حدثت في رمضان 1424هـ في جنوب العراق تلك العملية النوعية التي سحقت مقر قيادة القوات الايطالية في الناصرية.

ففي ضحى يوم الأحد 18رمضان 1424هـ ، الموافق 12نوفمبر2003 ، تعرض هذا المقر لهجوم عنيف بشاحنتين مفخختين أحداهما تحمل صهريجا محملا بالوقود ، دمر مقر قيادة القوات الإيطالية في الناصرية جنوبي العراق والمؤلف من ثلاث طوابق وأحاله إلى ركام ، وأدى الهجوم – حسب المصادر الرسمية - إلى مصرع 19 عسكريا إيطاليا وجرح أكثر من 20 آخرين ، كما أدى الهجوم إلى تفجير مخزن للذخيرة مما ضاعف من حجم الخسائر وقد وصفت هذه العملية بأنها " أكبر خسارة يُمنى بها الجيش الإيطالي منذ الحرب العالمية الثانية "وكان هذا الهجوم صفعة شديدة في وجه الصفيق برلسكوني رئيس الحكومة الايطالية الحليف الأساسي لجورج بوش الصغير ، والذي شارك بنحو 2500-3000 جندي ، إلى جانب القوات الأمريكية والمتحالفة معها في احتلال العراق.- رغم المعارضة الشعبية الواسعة في بلاده لذلك – وموجه له شخصيا لموقفه العدائي من العراق دون سبب يذكر ، وقد أدى هذا الهجوم الكبير إلى بث الرعب في عواصم الكثير من الدول التي كانت تنوي إرسال قوات إلى العراق دعما للأمريكيين لكنها أحجمت بعد هذا الهجوم عن إرسال أي جنود إلى العراق ، ومن تلك البلدان اليابان – على سبيل المثال - والتي أعلنت بعد هذا الهجوم أن خططها السابقة لإرسال قوات إلى العراق قد لا تكون ممكنة التطبيق في ظل الظروف الراهنة. كما قررت البرتغال تغيير خطتها المزمعة لنشر حوالي 128عنصراً من نخبة رجال الشرطة في الناصرية، على أن يتم نشر الوحدة في مدينة البصرة.

وأما في إيطاليا فقد نزل الخبر مثل الصاعقة على الايطاليين المعارضين للحرب على العراق أساسا ، وخيم عليهم الحزن والذهول ، بسبب حجم الخسائر البشرية الفادحة في صفوف قواتهم المسلحة ، وقد تزايدت الدعوات – بعد هذه الكارثة - من أجل سحب القوات الايطالية من العراق ، وتعالت الأصوات المنتقدة لرئيس الحكومة برلسكوني والمنددة بسياسته المؤيدة للرئيس الأمريكي جورج بوش .

علما بأن تداعيات هذا الهجوم لا زالت تتفاعل حتى اليوم في أروقة القضاء ومكاتب التحقيق والجيش الايطالي حيث قرر القضاء الايطالي يوم 24مايو2007 ملاحقة ثلاثة ضباط بتهمة « إهمال اتخاذ تدابير عسكرية لحماية» القاعدة وفقا لما نشرته صحيفة الشرق القطرية يوم 25مايو2007 – وأذاعته وكالة الأنباء الايطالية .