إذا لم يسـالمـك الزمـان فحـارب . !
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 17 سنة و شهر و 20 يوماً
الخميس 27 سبتمبر-أيلول 2007 10:07 م

الإهداء: إلى قادة انتفاضتنا الباسلة الذين ألمحهم قادمين.. يس عبد العزيز - محمد اليدومي - سالم البيض - علي ناصر - حيدر العطاس

أمتنا في خطر نراه الآن أكثر من أي وقت مضى وهو خطر عظيم نشعر به يتهدد سلمها الاجتماعي .. ويكاد ينسف كيانها الموحد الأرض والإنسان !! هذا الشعور المزعج يبدوا حاضرا أمام كل من يشتغل في الشأن السياسي ، وكأنه حقيقة يراها رأي العين، ولا ينكرها إلا مستهتر أو غبي لسوء حظنا أنه يخوض في الشأن العام!

سيكون علينا أن نلاحظ أن الذين يحذرون من تقسيم اليمن إلى أكثر من كيان لا يقدمون جهدا كبيرا في استشراف المستقبل ولا يقدمون أكثر من قراءة مباشرة لواقع مشؤوم بدأت مقدماته بالحدوث .

لسنا هنا نبدي الحسرة على منجزات فاتتنا وكان بالإمكان انجازها وأكثر لولا عبثية الحاكم واستهتاره ..الأمر أكبر بكثير من تحسر على شيء كان عليه أن لا يفوتنا لكنه قد فات .. مثل هذه الخسارة يمكن للشعوب تحملها أو حتى تعويضها.. لكنها الحسرة والألم من إضاعة عقود من الزمان قضاها الحاكم في حروب وصراعات داخلية إن هدأت حينا فقد كان لديه من الدهاء ما يجعلها تعاود الكرة أحايين كثيرة ، ومن حصاد لثلاثة عقود كاملة تحولت فيها البلاد إلى ماكنة ضخمة تروسها تأكل بعضها بعضا في عالم محكوم بسباق اللحظة والثانية!

نحن نشاهد بداية وقوع الفاجعة .. إنه انفراط عقد كياننا الموحد .. انهيار سلمنا الاجتماعي وزوال سكينتنا العامة!! إن إيقاف هذه الفاجعة يستدعي جهودا خارقة ويتطلب قرارات صعبة وتلزمه مواقف استثنائية .

إن نظرة سريعة لمن هو مؤهل للقيام بمثل تلك الجهود واتخاذ تلكم القرارات والمواقف ستجعلنا نقف أمام اثنين لا ثالث لهما، إما الرئيس علي عبد الله صالح ونظامه ، وإما أحزاب وتيارات المعارضة الوطنية التي تسجل حضورا واسعا في كل محافظات ومديريات الوطن الموحد وهم هنا اللقاء المشترك.

بالتأكيد لن نراهن على الخيار الأول ليس لأنه مهندس الفاجعة والفوضى فحسب ، بل لأنه لم يعد لدينا متسع من الوقت لتجريب المجرب ، وهو برغم أنه الأكثر علماً ودراية بتفاصيل الفاجعة إلا أن صلته الحميمية بها ستحول دون بذله شيئا في اتجاه الحل والإنقاذ .

الحاكم لن يفعلها .. وهو لا يعترف بالمشكلة حتى يقدم لها الحل .. ولأن فاقد الشيء لا يعطيه .. ولأنه لفيف من الفاسدين والملوثين ومن الجنون انتظار الإصلاح منهم .. ولأننا أمام نظام غريب يفتقد للوحدة الايجابية وعاجز عن اتخاذ القرار الفعال .. ولأنهم يعلمون أن أي خطوة في اتجاه الإصلاح ستطالهم بالمسائلة .. وأن الخطوة الأولى ستبدأ بطلب الإجابة الجماعية منهم على السؤال المزعج " من أين لك هذا ؟ "، هناك يقين داخلي لديهم أن هذا الكابوس لن يستطيعوا الهروب منه إن بدأت الخطوة الأولى فلديهم من المعرفة الأوليةً ما تجعلهم يعلمون أن أشد دساتير الأرض بدائية تعجز عن تقديم ضمانات لناهبي المال العام بعدم المسائلة يوما ، وما ثمة تشريع عرفي أو مكتوب يقول أنها صغائر تسقط بالتقادم ، لكل ذلك وغيره علينا أن نسقط أي رهان بالإصلاح قد يقوم به النظام طوعا واختيارا .

لأسباب كثيرة لا مجال لذكرها هنا سيكون علينا أن نراهن على الإخوة في اللقاء المشترك .. دعونا نوجه لهم الدعوة الآن .. نناشدهم فيها الرحم ونستثير فيهم الواجب الوطني .. ونستنهض لديهم الحس الإنساني أن يكونوا شيئا مذكورا الآن على الأقل ! سنقول لهم أن الاحتجاجات التي يشهدها الجنوب مرشحة للزيادة ، ولن تدخل مرحلة الكمون أو البيات مرة أخرى ، وهي إن لم توجه لتكن جزءا من نضال وطنى موحد يسعى لفرض مشروع وطني للإصلاح الشامل فستتجه لفرض مشروع الانفصال عن الوحدة التي لم يجد فيها الناس مايلبي طموحاتهم وهم فيها محرومون من المواطنة المتساوية في ظل الضم والإلحاق حسب ما جاء في رسالة "مقبل" التي تزامنت مع بيان تنسيق جمعيات المتقاعدين والذي قرر نفس مآخذ مقبل وأضاف مثليها .

هل سيقوم اللقاء المشترك بالواجب..؟ هل هو جاهز لدفع استحقاقات اتخاذ الموقف الصعب والقرار الأصعب..؟ وهل آن الأوان لدفع التضحيات التي تهون في سبيل الحفاظ على السلم الاجتماعي والكيان الموحد..؟ الإجابة الصادقة على السؤال تستدعي ما هو أكثر من تصريح لقحطان يبثه هنا أو هناك، أو بيان يكتبه الصبري في الليل ليوزعه في النهار.

المطلوب.. انتفاضة سلمية كاملة يقودها المشترك في كل مديريات ومحافظات اليمن من صعده إلى سقطرة تستهدف إسقاط النظام القائم ليحل محله نظاماً ديمقراطياً كامل الأوصاف والتفاصيل . إن جميع المهرجانات التي تشهدها المحافظات الشمالية الآن والتي يحشر المشترك فيها الناس وهم يلوحون بقرص الخبز الساخر من اليمن الجديد أو وهم يحملون دبب الماء الفارغة ، مثل هذه المهرجانات ستكن ذات جدوى فقط إن كانت جزءا من جهد وطني شامل يقدم مطالب شاملة تطالب بالحكم الرشيد والذي هو شيئا آخر غير ماهو قائم الآن أشخاص وتشريعات، إن مثل هذه المهرجانات سيكن ضررها أكثر من نفعها إن لم توجه لإسقاط النظام الذي بدا عاجزا عن إيقاف عجلة التدهور المريعة، وإلى أن تكون كذلك فهي تؤدي – وربما من حيث لا تشعر! - تمثيلية هزلية تعمل على إضاعة الفرصة التاريخية الوحيدة المتبقية للإنقاذ المدروس وتقطع الطريق على أي جهد وطني موحد وتعمل فيما تعمل على إضعاف القضية الجنوبية والتي تعد المدخل الحقيقي للمشروع الوطني الذي نرجوه .

فليبدأ العصيان إذا .. ولتكن هذه المهرجانات والاعتصامات بداية كرة الثلج فحسب والخطوة التي سيليها التظاهر الشامل بكل مدينة وقرية لإسقاط النظام الفاسد الذي أضاع الثروة والموارد وغدا يشكل خطرا على الأرض والإنسان. دعوا رغيف الخبز يرتاح حينا من الدهر .. فقد أعلن الحاكم عجزه عن إعادته إلى حجمه قبل أشهر فحسب ، وتحت شعار) الإصلاح أو الموت) فلتبدأ الانتفاضة السلمية ولنتجه نحو العصيان المدني الشامل من اجل السلم الاجتماعي الذي بدا أنه على وشك الانهيار .. ومن أجل الوطن الديمقراطي الموحد الذي حوله الرئيس إلى ضيعة له ولمعاونيه، ولا مانع أن تمتلئ السجون بالمناضلين .. ولا مانع أيضا أن نشبع لدى الحاكم رغبة الأخذ .. فليأخذ ما طاب له من الأرواح والدماء، وعلى لوحة الشرف أن تستعد وتتزين لاستقبال أسماء شهداء انتفاضتنا الباسلة وثورتنا السلمية.

على قيادة اللقاء المشترك أن تعلم أنها إن ظلت رهن الحيرة ولم تحسم أمرها في وقت مبكر باتخاذ قرار المواجهة وقيادة العصيان المدني الشامل، فسيستبدل الناس قوماً غيرهم، ولن تعدم الاحتجاجات من يقودها، وعلى الرجل العجوز وهو اللقاء المشترك في هذه الحالة أن يرضى بالدور الثانوي كتابع وليس كصاحب المبادرة في الانتفاضة التي سيقودها آخرون، وها هي الأحداث قد بدأت تكشف عن بعضهم وما "باعوم" و"النوبة" إلا قليل من كثير سرعان ما سيكونون ملئ السمع والبصر، ليجد المشترك نفسه مضطرا لأن يحث أعضاءه على المشاركة في انتفاضة شاركوا فيها قبل أن يستأذنوه وقبل أن يقرؤوا بياناته!!

في مطلع هذا الأسبوع دعا الرئيس الأحزاب إلى جلسة حوار مفتوح بعد أن شاهد نظامه يترنح بفعل احتجاجات المتقاعدين ، نتيجة الحوار المفتوح معروفة سلفا .. لا شيء ، هذه هي النتيجة وهكذا هو الرئيس ونظامه حين يغشاه الموج يدعو الأحزاب والمعارضة ، وحين يلوح له البر سرعان ما يصعـّر الخدين!! ليس على المشترك أن يضيع وقته في جلسات الحوار بعد الآن ، إذ لا معنى لأي حوار لا يسبقه صدام ومواجهة، وقبل أن يمتلك ما يكفي من أوراق الضغط الميدانية فإن كل جلسة حوار مع الحاكم ..تهريج ينتقص الكثير من كرامتهم .. مضيعة للوقت الذي هو الآن من ذهب.

 ليس عليهم أن يحضروا جلسات باجمال أو غيره قبل أن يقتنع القائد الرمز تماما بأنه ليس وحده في هذا البلد وأن هناك غيره أناس كثر تقوم لهم الدنيا ولا تقعد ، وأن عليه أن يدفع استحقاقات الشراكة الوطنية كاملة ليس كهبة ومنحة وإنما كاستحقاق إن لم يدفعه طوعا فسيتعين عليه أن يدفعه كرها وغصبا. ولا نحتاج هنا أن نقول للإخوة في المشترك أنتم أمام نظام تعلمون جيداً أنه إذا وعد أخلف، وبالتجربة لديكم من الأدلة ما يكفي لتعرفوا أن لا قيمة لمواعيده ومواثيقه وهو لن يعطي شيئا (إلا ما دمت عليه قائما) ،هذه السلطة التي تستنزف غالبية الثروة والموارد العامة لتذهب إلى جيوب وأرصدة مسؤوليها بطرق غير مشروعة لا تستحي بعد ذلك من الإيغال في إظهار المن والأذى على الناس وطلب الشكر على ما تقدمه لهم من فتات. هذه السلطة لا تعرف غير لغة القوة فلتروها من أنفسكم قوة، لاتحتاجون إلى استخدام العنف أو الجنوح نحو السلاح .. ليس هناك أقوى من الاحتجاجات السلمية ولا أشد من الاعتصامات والتظاهرات .. وهي حين تشهرها الجماهير المظلومة في وجه حاكم مستبد فإنها بمثابة أسلحة دمار شامل لا سبيل لمواجهتها. 
 

لطالما قلنا أن اللقاء المشترك هو صمام أمان الوحدة الوطنية ، وقد حان الوقت ليبرهن أنه كذلك، يستطيع في ظرف أيام أن يري النظام من القوة والحضور مالم يره قط، أشهر معدودة من النضال في الميدان سترجح في الميزان عقودا من الاجتماعات والجلسات المغلقة، أياما من الصبر على النضال في الشارع ستختصر المسافات وستقرب المراحل، وان لم يستجب الحاكم الآن فسيستجيب حين يقال له ( آلآن وقد عصيت ؟)! 
 

المعروف بالضرورة أن مثل تلك الأوراق ومثل تلك القناعة لا يكفلها سوى الانخراط الفعلي واليومي في الاحتجاجات السلمية ودفع التضحيات التي يطلبها علي عبد الله صالح ونظامه كاملة، وأيا كان من سيقود الاحتجاجات ومن سينظم الثورة السلمية التي بدأت جذوتها بالاشتعال .. فإنه بالتأكيد هو ذلك الذي سنسمعه قريبا يردد النشيد الجميل والحكمة الأزلية (إذا لم يسالمك الزمان فحارب).

* * سيدي ومولاي صاحب الفخامة .. كرد على ما اعتبره الأمنيون وقوعي في خطيئة البوح وفاحشة إبداء الرأي تجاه قضية عامة قدرتُ أن من الواجب أن أقول شيئا حيالها .. راحت كلابك البوليسية في منشوري "الدستور" و"البلاد" وكالعادة ترد على ما كتبته في صحيفة الثوري بطريقتها الخاصة والمحببة ظنا منها أن القذف والنيل من العرض وسيلة فعالة لشطب أي امرأة من خارطة الحياة العامة ! لمَ لا تقل لهم سيدي أن الإيغال في أعراض المؤمنات خطيئة لطالما كانت عواقبها وخيمة ؟!

لمَ لا تنصحهم بالقول .. بيوتكم من زجاج فلا ترموا بالحجارة من كانت بيوتهم من فولاذ؟!

يارئيس " البلاد " وياحامي "الدستور".. قل لهم (عد شي قبيَـلة؟ ، ما يسبرش كلنا عندنا أعراض!!) أما أنا فسأقول .. اللعنة على "دستور" تقذف فيه المحصنات بحجة الدفاع عنه ، وتبا لـ"بلاد" ينتهك فيها عرض الطاهرات بدعوى الدفاع عنها ، واطمئن سيدي فلن نجاريهم بالبذاءات ، وعهدا لن نخلفه أن نظل ( شوكة الحنجرة وفي طليعة المفرزة .. في خندق المواجهة الأول نقاتل بورد وحبر وبامتداد غصص خارطة الوطن).

tawkkol@gmail.com

صحيفة الثوري 27-9-2007 ، العدد 1978