صواريخ تضرب تل أبيب في مدارس الحوثيين.. التعليم يتحول إلى أداة لترسيخ الولاء بالقوة الأمم المتحدة تتحدث عن توقف وصول سفن الوقود إلى ميناء الحديدة فيتو روسي صادم في الأمم المتحدة يشعل غضب الغرب الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين الحوثيون يبدّلون المنازل المستولى عليها إلى مراكز احتجاز بعد اكتظاظ سجونهم بالمعتقلين المحكمة الجزائية في عدن تصدر حكمها النهائي في المتهمين بتفجارات القائد جواس شهادات مروعة لمعتقلين أفرجت عنهم المليشيات أخيراً وزارة الرياضة التابعة للحوثيين تهدد الأندية.. واتهامات بالتنسيق لتجميد الكرة اليمنية أحمد عايض: ناطقا رسميا باسم مؤتمر مأرب الجامع
قال ذات يوم المصلح الديني المعروف محمد عبده بأن الأمة بأمس الحاجة إلى حـاكم ( مستبد عادل ) يصلح بخمسين عاما ما أفسده الدهر ، وهذه المقولة جعلت من المفكر محمد عابد الجابري يعترض عليها كونها ربطت الاستبداد بالعدل وهما في نظره نقيضان لا يلتقيان ، فالاستبداد يعني أولا رفض الرقابة وثانيا عدم المشورة ، وهذان الشرطان هما أساس العدل وبدونها من المحال أن يكون المستبد "عادلا" .
أن الحديث هنا يتحدث عن سبل تحقيق العدالة المأمولة والتي هي في نظر البعض يجب أن تتجسد في الحاكم حتى تنعكس على المحكومين ، والعدل قد يعني كأحد نتائجه تحقيق الكفاية في العيش وتصعيد من وتيرة التنمية ، فحيث ما وجد العدل اختفى الفساد والمحسوبية .
ثم أني أذكر صديقا قديما من أحد دول الخليج تحدث عن اليمن بأنه مرتع للتخلف والقبلية المزمنة ، وكان من الطبيعي أن يكون الدفاع عن هذا الوطن بإحصاء عدد الصحف التي لا تتعرض للرقابة وبعدد الأحزاب الموزعة بين اليمين واليسار وبهيئات المجتمع المدني وبالحراك النسوي المميز حتى أصل إلى نتيجة مغلوطة بأن اليمنيين أفضل من الخليجين الذين يعيشون تحت أسوء استبداد في الحكم ألا وهو الحكم العائلي الإقطاعي ، طبعا همس صديقي في أذني بأنه ورغم كل ذلك ، فهو يفضل أن يبقى خليجيا على أن يكون مواطن يمني ، مادام أنه كل سنة يستطيع أن يقود سيارة جديدة وأن يسكن في منزل فخم وأن مستقبل أولاده قد تم تأمينه ثم وأخيرا انه ينعم بنظام يمنع الآخرين من التطاول على ممتلكاته ولذا هو متنازل عن كل الحريات التي ينعم بها اليمني ولا يريدها إطلاقا ، لذا نحن نلحظ أن شعوب الخليج هم من الشعوب الأكثر التصاقا بحكامهم والأشد ولاءً وطاعةً ، أنهم وبكل سهولة يمزجون الوطن في عباءة الحاكم ولا يرون أية غضاضة في ذلك .
السؤال الفكري و الملح هنا هو ما هي الأولية التي يريدها الإنسان ، الأمن الفكري أم الأمن الغذائي وكيف نبحث عن طريقة حتى نستطيع الوصول أليهما معا ، بالنسبة لي هو أن الأمن الفكري المتضمن الحريات العقائدية والشخصية أمر في غاية الأهمية لكنه مقابل انعدام لقمة العيش فأنا لن أستطيع إن أفكر أو أدلي برأيي بأي شيء يحدث حولي ، سأظل مهموما بأولوية توفير طريقة واحدة فقط لكي أبقى على قيد الحياة ، أنه يجب علينا أن نعترف بأننا في اليمن أي شيء آخر غير توفير القوت اليومي يعتبر شيء من الترف الذي نستطيع أن نتخلى عنه .
البشرية وعبر نضالها الطويل الممتد منذ بدء وجود الإنسان على هذه الأرض وهي تبحث عن أفضل طريقة تستطيع أن تجعل الحياة مكانا آمانا دون أن تضطر إلى إراقة الدماء ، وآخر ما استطاعت أن تخترعه هو النظام الديمقراطي الذي يعني حكم الأغلبية عبر ممثلين لها ، وأن يكون هدف هؤلاء الممثلين أو المندوبين تحقيق أفضل طريقة لعيش تلك الأغلبية التي أختاراتهم وأن لم ينجحوا خلال فترة زمنية معينة من تحقيق تلك الأهداف فأنهم وعبر إقامة انتخابات يتم استبدالهم ، لذا فهذا النظام الديمقراطي هو أحد وسائل محاولة تحقيق الكفاية الفكرية والأمنية والغذائية وهي وسيلة قد تشوبها الكثير من الإختلالات إلا أنها تبقى ورغم ذلك أفضل الموجود ، والمجتمع الذي يلجأ إلى الديمقراطية هو مجتمع خاض تجارب مريرة ونضال طويل وعانى كثيرا من استبداد حكامه ، فالشعوب الفقيرة والبائسة هي من تبحث دوما عن أية طريقة لإخراجها من حالتها تلك أما الشعوب المترفة فهي تخشى القيام بأي تغير قد يدخلها في دوامة غير مأمونة الجوانب .
أحسب أن الحرية الفكرية والثقافية هي مرحلة تأتي بعد توفير الحياة الكريمة ، لأن مستوى العيش الآمن يعني خلق مجتمع يمتلك مستوى عالي من التعليم والوعي ، كما أن الحياة الاقتصادية المقبولة تعني بالضرورة خلق تحولات اجتماعية ونقل نوعي من حياة البداوة أو القبلية إلى الحياة المدنية مما يجعل هذا المجتمع مؤهل لقبول الرأي الآخر والدين الآخر والثقافة الأخرى ، لأن من يرفض التنوع هو الإنسان الفقير الذي لا يجد قوت يومه ، وهذا الفقير لا بد أن يكون جاهلا ، والجهل صفة تعني التطرف والتمسك بما هو موجود حتى وأن كان هذا الموجود هو أكبر ضرر عليه وعلى أسرته لأنه غير مؤهل لاستيعاب الجديد ، والناس أعداء ما جهلوا.
والديمقراطية والتشريع الديني لا يمكن لهما أن يلتقيان ، فأما دولة دينية وإما دولة ديمقراطية ، لأن الأخيرة تعني التعددية وحرية الاختيار ، أما الدولة الدينية التي تقوم على الحقائق المطلقة والنتائج المحسومة فهي ليست بحاجة إلى وجود رأي آخر ، لأنه وبطبيعة الحال هو رأيي فاسد وخاطيء ، ومن الصعب المزج بين النظامين لأنه وكما هو الوضع في اليمن أن تم المزج بينهما فلن نخرج إلا بصورة مشوهة ونظام مسخ بلا هوية أو ملامح .
النظام الديمقراطي يعني حرية الاختيار ، وهذه الحرية ليست منحة من أحد ، بل هي حق مستحق للإنسان ، فحرية الاختيار تعني احترام الذات والثقة بالنفس ، أما عندما تتم مصادرة هذا الحق وتلزم إجبارا بإتباع رأيي ودين ومذهب وثقافة واحدة ومحددة ويمنع عنك الخروج عنها وإلا ستعاقب ، فهذا يعني إذلال متعمدا وسحق للكرامة الإنسانية واعتبار المواطن مجرد رقم في وسط قطيع وليس إنسانا .
كان من المؤسف جدا أن نسمع عن عدد من اليمنيين اعتقلوا في سجن الأمن السياسي لأنهم قرروا أن يعتنقوا المسيحية في بلد يدعي أنه تعددي ، بل من الأكثر أسفا أن تحجم جميع الجمعيات المدنية والمنظمات الحقوقية من الوقوف معهم ومع حقهم بالاختيار الذي كفلته لهم كل القوانين والأنظمة .
أن ما يحدث بحقهم لن يؤتي بأية نتيجة تذكر سوى الضرر بسمعة الدين الإسلامي الذي يصر البعض على تصويره بدين مستبد يعامل معتنقيه وكأنهم داخل سجن لا يحق لهم الخروج منه إلا إلى القبر ، كما أن هذه القضية أن لم تجد لها حلا يحترم حرية الإنسان وحقه في الاختيار مؤهلة للتصعيد وخاصة انه هنالك منظمات بدأت تثيرها لتكتمل حينها الهجمة المستمرة والدائمة .
ثمة خلاف واسع ظهر مؤخرا نحو تطبيق حق الردة ، وخاصة أنه لا نص واضح في القرآن يمكن الاستدلال عليه ، بل النصوص الدينية وفي أكثر من موضع تشير إلى حرية الاعتقاد ، ناهيك أن التصرف بهذا الشكل ضد من قرر أن يبحث عن طريق ينسجم مع ذاته لا تليق كثيرا بعصرنا الحالي ولن تضر الدين الإسلامي المتزايد في التوسع والانتشار ، وعلينا أن نوازن بين فرحنا مع من أراد أن يعتنق الإسلام وكيف نحترم رأيه ونهلل بحضوره وبين من قرر الانتقال إلى دين آخر ، لأن الاختلال في الموازين والكيل بمكيالين لا يليق بدين عظيم مثل الدين الإسلامي .