المبادرة السعودية بعد تدمير صواريخ الحوثي
بقلم/ عبدالفتاح الحكيمي
نشر منذ: 3 سنوات و 7 أشهر و 24 يوماً
الخميس 25 مارس - آذار 2021 08:40 م
  

شغل الأنقلابيون الحوثيون العالم بصراخهم وزعيقهم الطويل( نشتي نسافر ..فُكّوا الحصار .. أفتحوا مطار صنعاء للمرضى.. أفتحوا ميناء الحديدة.. أرحموا من في الأرض..) وعندما أعلنت السعودية مبادرتها الإنسانية بهذا الخصوص قال قادة الحوثة في البداية( ما بيش جديد في المبادرة) .. ونحن نقول لهم على العكس يوجد ألف جديد وجديد.. فقط فضحتم أنفسكم أمام الناس الذين تتاجرون بمعاناتهم وصبرهم فلا يهمكم إنقاذ حياة مرضى كما تزعمون ولا صرف مرتبات موظفين لا تزالون تطاردونهم إلى بيوتهم لدفع جزية المجهود الحربي الشنيع.

يوجد ألف جديد يا حَوَثة إيران والحرس الثوري, فبعد ضرب التحالف ليلة الأحد لمعسكر الصيانة بصنعاء تغيرت أشياء كثيرة على الأرض.. أبرزها القضاء على جزء كبير من مخزون الرؤوس المتفجرة للصواريخ الباليستية التي سمعت انفجاراتها المتلاحقة بالعشرات, وقد راهنتم عليها لفرض صلفكم حتى على الأمريكان والسعوديين بكل ما تحمله من تهديدات قائمة لإمدادات الطاقة العالمية ومنشآت النفط وطرق التجارة البحرية العالمية.

ورقة الصواريخ سبقتها أيضاً قبل أيام انفجارات مخازن المواد المتفجرة الخاصة بالطائرات المسيرة في الحفا, عطان, نقم, سنحان, عمران, ألحديدة.. أي أن عناصر القوة التي تساومون بها لفرض شروط استسلام الآخر دون قيد أو شرط مردودة عليكم وفي نحوركم.

والمخزون البشري الذي ابتلعه أخطبوط مأرب الجبار وباقي الجبهات في الجوف, تعز, وحجة يخذلكم أكثر من أي وقت مضى .. والهزائم العسكرية تعيد قياداتكم وافرادكم بالنعوش إلى حيث ألقت برحالها أم قشعم !!.

ومع ذلك لا يوجد أي جديد عندكم أو أنكم لا تريدون الإعتراف بالأمر الواقع (ألموجع) الذي تخاطبون العالم باسمه وعنوانه كمليشيا(الأمر الواقع).. ربما جاءت المبادرة السعودية تتويجاً لكل المعطيات بما فيها قصة قياداتكم المدنية والعسكرية الكبيرة التي لا تزال حتى الآن مفقودة تحت الأنقاض أو في المقابر أو في غرف الإنعاش.. وقولوا أن عبدالعزيز بن حبتور أصيب بكرونا أو أكل طبق المكرونا .. أين طحصت نظارته الطبية وفي أي ضربة طيران قبل أسبوعين وقد ظهر في مقابلة قناة المسيرة الخاطفة كأنه يتحسس الرؤية في الظلام ولم يتمكن من استعادة نظارته أو تركيب وشراء غيرها ولا حتى مقابلة طبيب عيون مع معاناته من قصر نظر حاد ؟؟.

بن حبتور لا يستطيع حتى الجلوس أو الانحناء على السرير بسبب إصابة بالغة في العمود الفقري.. وما قد يبدو أنها كورونا ليس صحيحاً لأن المصاب في المرحلة المتقدمة من المرض لا يستطيع الكلام المتواصل دون انقطاع النفس.

زكريا يحي الشامي وزير النقل ونجل مرجعية مسمى(آل البيت) وعبدالكريم الحوثي وزير الداخلية المفقود وغيره هم أبرز الجديد في الموضوع والمبادرة ..

والأشقاء هذه المرة يبدون واثقين من نواياهم في مد حبل أخير يكشف زيف تباكي قياداتكم عن الوضع الإنساني المأساوي الذي تسببتم به لليمن والمنطقة في أسوأ كارثة لا أخلاقية.

حتى المبعوث الأميركي السيد ليدركينج الذي ينتظر ردكم على مقترحات بلاده تخلى عن استعجال التعقيب أو تحقيق تقدم سريع في ملف حرب اليمن لصالح إدارة بايدن.. وهذا جديد أيضاً لأن رهانكم على تنازل أمريكي لإيران في الملف النووي وتخفيف العقوبات المالية والإقتصادية على طهران أصبح في حكم المستحيل بعد بداية العد التنازلي لأسدال الستار عن بعبع الصواريخ الباليستية وطائرات إيران المتفجرة المخزونة في اليمن صنعاء,عمر أن, صعدة, ذمار.

بدأ الأمريكان يقتنعون بالفعل إن استمرار التخلص من ورقة الأبتزاز العسكرية هذه بالطريقة الناجعة للطلعات الجوية أقصر بكثير من حكاية ألف ليلة وليلة التي تماطل بها عصابات الانقلاب المجتمع الدولي وتبتز بها شعب اليمن ودول المنطقة وغيرهم دون تقدم يذكر في إحلال السلام والتسوية السياسية في اليمن.

 

وقد تضطر إيران بنفسها مكرهة على تسليم باقي مخزون الباليستيات الحوثية ضمن صفقة بعد أن انكشاف مخابئها ومؤشرات تذبذب المبعوث الأمريكي نهاية الأسبوع تدل على مساومة كبيرة قادمة على حساب الحليف السعودي والشرعية.

صدقت أقوال الحوثة هذه المرة إن لا جديد أو مفيد في المبادرة السعودية الأولية المختصرة التي قال لهم أصحابها بأن كل الدمار الذي الحقه أذناب إيران والحرس الثوري ببلادنا لم يحرك لنا شعرة واحدة ولا رمش جفن بعكس ما تصوره رعاع الجروف أن استمرار ضرب المصالح العالمية والعمق السعودي بتلك الكثافة سيكسر إرادتهم وكبريائهم.

ولأصحاب الحسابات الأخرى نقول إن مشاركة السعودية في معركة اليمن متوازنة إلى حد كبير فالعدو المشترك الإيراني-المحلي واحد يحاول تقويض مستقبل الشعبين والبلدين إلى الأسوأ .. فمن سعى إلى تخريب ودمار اليمن لديه في الجوار أدوات مذهبية أخطر متحفزة للأنقضاض ..

من هنا يبدو تهوين كميات الأستهداف الباليستي والطيران المتفجر للسعودية لن يكون أسوأ من رهانات إيران الأخرى على وساوس ورقة التشيع والطائفية الشنيعة وتحريكها لاحقاً وقت الطلب.

وما يصدم الحوثيين أكثر في المبادرة السعودية هو تجريد أدوات إيران الانقلابية من مصادر التمويل العسكري في موارد مليارات ميناء الحديدة ورأس عيسى والصليف ومطار صنعاء التي سخروها ولا يزالون للمجهود الحربي.

أما تخفيف حدة لهجة ناطقهم الرسمي محمد عبدالسلام فجأة من موضوع المبادرة السعودية بعد ساعات على رفضها الصريح فليس أكثر من مراوغة منهم لكسب الوقت وإعادة لصق أوراقهم المحترقة والتظاهر بالضعف والاستجابة للعقل المفقود.

فما تزال شروطهم المسبقة لأي حوار ما يسمونه فصل الجانب الإنساني عن غيره من المسارات وهي نغمة تعجيزية يقصد بها إطلاق أيديهم وسيادتهم على إدارة ميناء الحديدة ومطار صنعاء بصورة مطلقة دون قيود تمكنهم من استثمار هبات النفط والسلاح الإيراني المهرب وتكنولوجيا الصواريخ الباليستية والمُسَيَّرات لاستئناف عملياتهم العسكرية ونهج الحرب بالحيلة والخديعة.

فأي إنسانية لمن ينهب المليارات من دخل ميناء الحديدة طوال عامين لصالح المجهود الحربي مخصصة لدفع رواتب الموظفين وكبح المجاعة بحسب اتفاق استوكهولم الذي انقذهم من هزيمة ماحقة.

يعتبرون أنفسهم الطرف المعتدى عليه وليس المنقلبين.. ويقدمون أنفسهم للعالم بضخ إعلامي كبير كشرعية بديلة للسلطة المنتخبة باسم(الجمهورية اليمنية) على أمل الأعتراف بهم كأمر واقع بخطاب تُغَذِّيه مزاعم إيران باعتداء السعودية المزعوم على شرعية الأنقلابيين.

ولا يزالون ينازعون السلطات الحكومية المعترف بها دولياً شرعيتها بأن صراعهم مع السعودية.. وأي تفاوضات( مستحيلة) ستكون معها دون غيرها.

ويعتبر الانقلابيون أن مفتاح سيطرتهم الكاملة على اليمن بالتخلص من ما يسمونه حصار الموانئ ومطار صنعاء باعتباره معركتهم السياسية الأولى عليهم إنجازها وقطف ثمارها مقدماً دون تكاليف أو مقابل .. وفيما لو تحقق لهم ذلك لقلبوا ظهر المجن للجميع وتنكروا لأي التزامات لاحقة بشأن وقف إطلاق النار والتسوية السياسية النهائية.

ولولا ما يسمونه الحصار والإجراءات الأمنية والعسكرية الحازمة على الموانئ ومطار صنعاء لوصل الحوثة فعلاً إلى تل أبيب وليس ضرب مرتفعات الاقتصاد السعودي فقط.

ويعني أرخاء حبل الرقابة الدولية والأقليمية على البحر الأحمر ومنافذ دخول السفن والتجارة إمكانية إعلان كيان دولي جديد للأنقلابيين بكل ما يعنيه من تقمصهم لدور الدولة الشرعية وقمع المناوئين في الداخل.

فالتزام الانقلابيين بوقف إطلاق النار الشامل بإشراف الأمم المتحدة دون قيد أو شرط على طريق مباحثات السلام والتسوية السياسية النهائية هو مفتاح الحل لمستقبل اليمن.

وما عدا ذلك مثل اشتراط الانقلابيين(رفع الحصار) غير المشروط قبل أي شيئ يستهدف التخلي عن أبرز ضمانات خضوعهم لاحقاً لمنطق الحلول السياسية الواقعية.. عدا تثبيط التقدم العسكري الراهن لقوات الشرعية والتحالف والنيل من اندفاعة خطة تحرير العاصمة صنعاء وغيرها بعد تهيئة كل ضمانات الإنتصار.

لعل تظاهر الانقلابيين الأخير بإمكانية قبول فكرة النقاش حول المبادرة السعودية جاء من باب كسب الوقت لتحييد طيران التحالف في مأرب وحجة والجوف والإسراع في تجهيز مخابئ أخرى بديلة لما تبقى من احتياطات الصواريخ الباليستية والطائرات المتفجرة بعد انكشاف خارطة توزيعها ومخابئها بدقة استخبارية عالية.

* أبتزاز طهران للمملكة *

ولا ينسى محمد عبدالسلام ومحمد على الحوثي وغيرهم اشتراطات إيران لهم برفع الحصار وفتح الموانئ ومطار صنعاء أولًا دون قيد أو شرط واقتصار اي تباحث مع السعودية دون الإعتراف بشرعية الدولة اليمنية, في سعي صفيق لفرض طهران كطرف واعتبارها الوصي المتحكم بمسارات المساومة وابتزاز السعودية.

هذه اللعبة راهنت على استسلام السعودية لسفاهة الصواريخ الباليستية والطائرات المتفجرة الإيرانية واضطرارها مع توالي الخسارات والضغوط لحماية مصالحها بصفقة منفردة مع الحوثيين .. وأهمها في الوقت الراهن مؤقتاً وقف طلعات وضربات الطيران الحربي ولو لأسبوع واحد فقط على ظن تمكين الأنقلابيين من تغيير معادلة صعدة, حجة, تعز, الجوف العسكرية ودفن الإعتراف الدولي بالشرعية بالضربة القاضية.

وتبني إيران رؤيتها هذه على أوهام استكبارية ساذجة رسمت في ذهنها تصورات سلبية عن شخصية وعقلية رجال الحكم الحاليين في المملكة وإمكانية كسر إرادتهم بسهولة .. صورة لا تنسجم مع واقع أداء المملكة على الأرض واصرارها على مواصلة هزيمة المشروع الإيراني في اليمن الذي يهدد مستقبلها ومصالحها بأي كلفة باهضة.

أما الحوثيون فلا يزالون يعتقدون أنهم في وضع يسمح لهم بتخيل قدرتهم على استكمال السيطرة على البلاد ثروة وسلطة ولن يتراجعوا أو يراجعوا حساباتهم إلا في ظل هزيمة عسكرية كبيرة وليس من خلال مبادرات سياسية يتندرون عليها في مجالسهم ومنتدياتهم.

والفرق شاسع بين سلطة شرعية تعتبر بكل سذاجة في النهاية أن الأنقلابيين طرف مثل غيره من المكونات اليمنية فيما يقدمون هم أنفسهم كطرف رئيسي بديل عن سلطة الشرعية والإرادة الشعبية برمتها.

والتأثير الإيراني على الحوثيين مزدوج .. ومع فرضية تخليها عن ورقة هؤلاء أو قللت الإعتماد عليها في جني مكاسب إقليمية في الجزيرة العربية ودولية مع الأمريكان والغرب سوف يعزز ذلك أكثر من تمسكهم بمشروع جمهورية الدولة العائلية العنصرية التي قاتلوا من أجلها طوال العقدين الماضيين باعتبارها امتدادت لإحياء مشروع دولة الإمامة الكهنوتية القديمة بكل معتقداتها الدينية المضطربة والحق الخرافي الإلهي في الحكم.

* ما يريده الحوثيون *

ما يشغل الحوثيون من المبادرات الإقليمية والدولية أبعد بكثير من ما يقدمه لهم السعوديون والشرعية اليمنية والأمريكان والأمم المتحدة.

فكل ما يريدونه هو تسليم الموانئ ومطار صنعاء وسيادتها الإدارية ورفع قيود الرقابة الدولية عليها وليس مجرد مشروع سلام شامل لا يعنيهم ولا يحقق أهدافهم ومطامعهم التاريخية المريضة.

لا جديد من العرض السعودي الذي قدمته لهم الحكومة اليمنية وسلطتها الشرعية من قبل بواسطة مارثن غريفيث بفتح مطار صنعاء تحت إشراف الحكومة المعترف بها وسلطاتها الرقابية لأنه يريد فقط نقل سلطات هذه الروافد السيادية الى سيطرة قبضته وتحكمه بها وليس لمجرد تخفيف معاناة الناس الكارثية وتنقلاتهم وانسياب حركة نقل البضائع وتسهيل التجارة ..

لقد قرر الحوثة بعد تحقيق الأمريكان لهم هذه الأمنية إعلان دولتهم لاحقاً بعد التمكن من نقل سلاح معركتهم القادمة بحراً وجواً بكل سلاسة.

لذلك كله لا يريد الأنقلابيون إعلان التزامهم بوقف إطلاق نار شامل والأنطلاق نحو تسوية لا يتحكمون هم بمسارها ومردودها على مشروع الحكم العنصري السلالي الفارسي.

* جنون وشهوة الحكم*

ولعل أبرز معوقات جهود السلام في اليمن تكمن في عدم فهم الآخرين لطبيعة تركيب العقلية الأنقلابية باعتبار الحروب المستمرة والعنف لديها قاعدة وأسلوب حياة مثالية تنسجم مع طبيعة تحقيق مشروع السيطرة على الحكم بالقوة والغَلَبة والقهر على مدى بعيد .. فالسلام حالة شاذة لا يتكيف مع شروط هيمنتهم.. ودماء الناس وحياتهم وأمنهم يعتبرها هؤلاء الشذاذ ضريبة ولاء واجبة تدخل الضحية جنة الرب من أوسع أبوابها.

وهي حالة شاذة قادمة من قعر التاريخ السحيق ليس بينها وبين العصر أو الإنسانية رابطة أو انتساب .. والدين الاسلامي والقرآن عندها مجموعة شعارات محرفة لتكريس الهيمنة والتسلط والقمع فقط باسم الوصية السماوية والتفويض الإلهي.

حالة ولوثة عقلية لا تشبه غيرها في أي بقعة أخرى من العالم بما فيها إيران.

ولا أدري إن كان العقل الأمريكي أو الإنجليزي والأوروبي الخارق يستوعب مدى عبث المبادرات الإنسانية مع أمثال هذه المخلوقات المنقرضة المتوحشة أم لا يريدون الفهم.

فالحوثية في مسلكها العملي في الواقع حركة تطهير عرقية عنصرية تلجأ إلى الإبادة الجماعية للشعب بالحروب لتحقيق نزعة الأستبداد وإشباع شهوة الأستيلاء على السلطة خارج لعبة صناديق الاقتراع والأنتخابات.

حركة عبثية لا إنسانية تعتقد إدارة جو بايدن بغباء قدرتها على ترويضها لصالح أهداف أمريكا في المنطقة.

وأكثر ما يثير الضحك سذاجة دعوات سلام قطاع المثققين اليمنيين الطوباوية على أساس(ألسلام لمجرد السلام) مع إدانة حضراتهم لجميع الأطراف في أحسن الأحوال بسلبية لا تخلو من مطمع عندما يساوون المعتدي الباغي بالمُعْتَدى عليه في مذلة مهينة ودون تصور لمعنى تعميد السلام بإهدار كرامة الناس بقبول غلبة أجندة أصحاب الأمر الواقع.

باختصار الحوثية ليست حركة سياسية أو حزب مدني تقدم إليها المبادرات ويدعونها للحوار بل حركة إبادة جماعية عنصرية شوفينية استئصالية لا تؤمن بالتعايش مع الآخرين بل بتركيعه وسحقه.

ولا ينفع مع هؤلاء إلا نظرية لكل فعل رد فعل وما يفل الحديد إلا الحديد .. وما تقط الحجر إلا أختها برغم فداحة ما يجرون شعب اليمن اليه.

ومن يجد في نفسه من أشباه المثقفين الرغبة في الاستسلام وليس السلام الحقيقي ليذهب إلى الحوثيين مع سلة بيضه كحمام سلام داجن قابل للتفقيس برخص التراب.

ومن لا يدين فعل الأنقلاب صراحة يبلع حديثه عن السلام كما يبلع الصائم القيء وليكف عن ميوعة المواقف.

* تطاول إيران بالمكشوف*

يرفض الحوثيون مبادرة السعودية الأخيرة من السطر الأول لأن أوامر إيرانية قاطعة صدرت بذلك على لسان السفير الإيراني الحاكم غير الشرعي حسن أيرلو الذي وصف المبادرة بأنها( مشروع حرب دائم واستمرار للاحتلال وجرائم حرب) ويدعو أولًا إلى إنهاء الاحتلال السعودي وسحب قواته العسكرية(المزعومة) وعدم دعم المرتزقة والتكفيريين بالمال والسلاح) وأنها مبادرة لحرب مستمرة.

وتشككت بشأن صحة تغريدة أيرلو المشؤومة إلا أنني وجدتها في صدارة موقع (٢٦ سبتمبر نت) الإليكتروني الذي ينتحله الانقلابيون.

 وهكذا تبدو معركة الحوثيين إيرانية بامتياز لا علاقة لها بالسيادة الوطنية على أرض يمنية خالصة, فأيرلو يتحدث بلغة الواثق عن بلادهم اليمن المحتلة.. وأن وجوده مع كل خبراء الحرس الثوري وحزب الله ليس احتلالًا لانهم يدافعون عن وطن بقايا أجدادهم الفرس القدامى.

لغة ومعطيات ولهجة لم نقرأها في بيانات الأنقلابيين أنفسهم الذين أصبحوا لا حول لهم ولا قوة إلا استكمال تحقيق باقي الأهداف الإيرانية لتقف الحرب في اليمن وتشتعل في كل أرجاء المنطقة.

واكتفت إشارات رفض الحوثيين للمبادرة من السطر الأول بتقديم أنفسهم كسلطة شرعية للجمهورية اليمنية كرفض مبدئي لكل الأطراف الأخرى .. ولا تحمل عندهم المبادرات السابقة واللاحقة أية أهمية بإيقاف الحرب وإطلاق النار إلا بمعنى تحييد سلاح الجو وتخليصهم من ضربات طيران التحالف القاصمة فقط, وليست نية حقيقية في سلام شامل يراعي مصلحة اليمنيين.

* معركة السيادة الأخيرة *

تظاهر الأنقلابيون بعدم تأثرهم بهزيمة وتداعيات معركة مأرب ليس السبب الوحيد لرفضهم المبادرة السعودية الأخيرة فلا يزال رهانهم على معاودة سيناريو استكمال السيطرة على البلاد بمغامرات أخرى.

والمشكلة التي تواجه كل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية المعنية بالمبادرات ليس في عدم مواءمة بنودها لتطلعات الانقلابيين الحوثيين فقط ولكن في تمنعهم المسبق إزاء أي تباحث وحوار لا يضمن شرط تحكمهم الكامل بمستقبل الدولة والسلطة والثروة وأن فرض مشروعهم بالقوة باعتقادهم رهن عامل التلاعب بالزمن فقط.

لذلك يبدو خيار مواصلة قوى الشرعية وحلفائها والمقاومة الشعبية الوطنية هو التحشيد العسكري المتواصل بأقصى ما يمكن في كل الجبهات لكسر مشروع الأنقلابيين نهائياً وإحراق فكرة الخرافة العنصرية العرقية المغذية لرفض السلام والتعايش الإنساني في وطن واحد عادل للجميع وليس وطن نكبة عائلة بدر الدين الإلهية وأنسابه.

ويمكن تفهم هستيريا السفير الإيراني غير الشرعي بصنعاء ورفض المبادرة السعودية على خلفية هزيمته الشخصية في معركة أسقاط مأرب التي أشرف عليها بنفسه وتأثير ذلك على انتكاسة مشروع إيران الخميني في اليمن والمنطقة أو بأضعاف مركزها التفاوضي في الملف النووي.. إلا أنه لا يمكن فهم دوافع استماتة إدارة الرئيس جو بايدن أواخر هذا الأسبوع في التمسك بالحوثيين على حساب الأمن القومي الأمريكي والضغط على طرف الشرعية والتحالف مع بريطانيا لتمكين الانقلابيين من التحكم بموانئ الحديدة ومطار صنعاء بشروطهم .. بكل ما يعنيه ذلك من أسقاط حق السلطة الشرعية في الإشراف القانوني السيادي على حركة السفن والملاحة البحرية والطيران وإعادة تسليح مليشيا الانقلاب كما حدث في اتفاق استوكهولم في مخطط مفضوح لتفكيك وحدة اليمن واستدامة الحرب ونزع سيادته الإدارية.

* الإنسانية القذرة*

ما يسمى مراعاة الجانب الإنساني خدعة كبرى لأن الأكثر إنسانية هو فرض السلام على المليشيات ولو بالقوة وليس مسايرة ألاعيبها وحيلها القذرة..

وشاهدنا جرأة الحوثيين في تهديد أمن المنطقة واقتصادها أكثر بعد شطبهم من لائحة الإرهاب.

ولاحظنا حجم الأسلحة الصاروخية والطيران المسير وغيرها التي دخلت للحوثيين رغم تشديد الرقابة الدولية والإقليمية على الموانئ ومطار صنعاء منذ سنوات!!.

فكيف نتخيل حجم تدفق الأسلحة عند تسليمهم موانئ الحديدة والمطارات.

الجوانب الإنسانية بنظر أمريكا وبريطانيا تتعلق بالتعاطف مع الحوثيين وليس مع الشعب اليمني.. فلماذا لا يحترم غريفيث نفسه ويدعو إلى إلزام الانقلابيين بإعادة رواتب مئات آلاف الموظفين المنهوبة بالمليارات من ميناء الحديدة على ذمة استوكهولم أم أن هؤلاء لا يستحقون الحياة.

والأفضل للسيد مارثن غريفيث تنحيه عن مهمته القذرة بشرف بدلًا من بحثه عن نجاح شخصي زائف على حساب مستقبل شعب والمتاجرة بآلام الأطفال والنساء والشيوخ في اليمن .. ومثله ليدركينج والرئيس المعلول جو بايدن وسعيه المحموم لمكاسب شخصية بعد توقع وفاته قريباً خلال عامين من الآن.

 

تلوح في الأفق رائحة طبخة أمريكية بريطانية-إيرانية قذرة تقدم طهران من خلالها تنازلات محدودة في الملف النووي مقابل تمكين قنبلة أدواتها الحوثية ومنحهم حق السيادة وسلطة القرار على موانئ الحديدة ومطار صنعاء بما يشبع غرور ادارة جو بايدن ويعوض خسارة هزيمة عملاء إيران معركة مأرب بانتصار وجودي أكبر يعزز نفوذهم وسيطرتهم على مستقبل اليمن.

 فيما يفرغ الأمريكان المبادرة السعودية من مضمونها وسياقها بأقحام تفاصيل ليست من أهدافها وأغراضها المعلنة.

تدخل المؤامرة الدولية على اليمن وتمزيقها أخطر مراحلها بمخطط أنجلو سكسوني-ماسوني خبيث.

فما الذي سيتبقى من سيادة وكيان الدولة بفرض استوكهولم جديد يفضي إلى نقل قرار التصرف بالمؤسسات الرمزية الكبرى للحوثيين.. وما الذي تبقى للرئيس عبدربه منصور هادي من سلطات ووظيفة رئاسية فعلية بعد تعطيلها عبر استوكهولم السابق أو بعد فرض المليشيات الموازية سلطاتها على عدن وسقطرى وكنس ما تبقى من هيبة الدولة والشرعية الدستورية ورمزيتها.

وسياسياً على سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة الشرعية رفض هذه التوجهات الجهنمية وتأكيد تواجدها وتأثيرها المستمر على الأرض في المناطق المحررة وغيرها لفرض رمزيتها التي يراهن الانقلابيون حتى على انتزاع مسمى دولة الجمهورية اليمنية منها وانتهاز تلاحم وفوران الإرادة الشعبية المتنامية ضد مشروع الانقلابيين العنصريين في الوقت الحاضر.