نحن من اليمن
بقلم/ الاستاذ/معمر الإرياني
نشر منذ: 3 سنوات و 4 أشهر
الأحد 18 يوليو-تموز 2021 08:01 م
 

في الحقيقة يصعبُ على أي عاقل في أنحاء اليمن مجاراة المليشيا الحوثية الإيرانية في تعاطيها مع غيرها؛ ذلك لأن هذه الجماعة خليط استعلائي عرقي/ مناطقي، كما تؤكد على ذلك تصرفاتهم الهمجية، وقبل ذلك تنظيراتهم الدينية والثقافية، زورًا وبهتانا.

نحن من اليمن، هكذا سنواجه، وهكذا سنتعامل مع الجميع، وأي فخر عظيم بالانتساب لليمن؟، اليمن باتساعها الجغرافي وعمقها التاريخي، وبأهلها الذين ينبذون أي منطق استعلائي، جغرافيا كان أم عرقيا أم غيرهما. اليمن بما هي جسمٌ واحد موحّد، كل عضو فيه يكمّل الآخر، والأحمق هو من ينتقص من هذا العضو أو ذاك في جسده.

في الحقيقة إن التعاطي غير المسؤول، بتلك السلوكيات الهمجية التي تمارسُها مليشيا الكهنوت الإمامي البغيض هي امتدادٌ تاريخي لما عرفت به من تصرفات تنزع في حقيقتها إلى منطق "أنا خير منه". وهو المنطق الذي دحضته ثورتا السادس والعشرين من سبتمبر 62م، و14 أكتوبر 63م، وجعلت اليمنيين جميعًا إخوة متساوين أمام النظام والقانون، استنادا إلى تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف.

تُعتبر محافظة إب امتدادًا تاريخيا للدولة الحميرية التي قامت في ظفار إب، وشهدت حالة من الازدهار الحضاري بسدودها وحصونها وآثارها التي لم يُكتشف منها إلا القليل حتى اليوم. ذكرها المؤرخ الروماني "بليتوس" في تاريخه، في القرن الميلادي الأول، كما ذكرها أيضا الهمداني في الإكليل وأسهب في ذكر تفاصيل هذه الدولة الحضارية الأصيلة. ولا تزال الأبيات الشعرية المنسوبة للملك أسعد الكامل شاهدا حضاريا على أصالة وإبداع إب الخضراء:

وريدان قصري في ظفار ومنزلي    بها أسّ جدي دُورنا والمناهلا

على الجنة الخضراء في أرض يحصب  ثمانون سدا تقذف الماء سائلا

مآثرنا في الأرض تصدق قولنا  إذا ما طلبنا شاهدا أو دلائلا

هكذا تغنت إب قديما بإنجازاتها العملية على الأرض، لا بالعرق ولا بالسلالة، كما هو الشأن مع اليمن كل اليمن في هذا الجانب. وهكذا تغنى ملوكها وخاصة الملك المذكور، وهو من الملوك الموحدين من قبل دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما تذكر المصادر التاريخية. وكانت تلك السدود هي التي تغذي المدرجات الزراعية على طول العام.

أما إذا توقفنا عند مآثر الدولة الصليحية فلن يسعنا سفرٌ لسرد تلك الإنجازات التي لا تزال آثارها إلى اليوم شاهدة على إبداع يماني أصيل، قلّ أن نجدا له نظيرا.

في الحقيقة نعرف مدى حقد مليشيا الحوثي الإيرانية على منطقة إب التي ساهمت وبقوة فاعلة في ثورة السادس والعشرين من سبتمبر 62م، إسهاما متميزا، ابتداء من جمعية الإصلاح التي تشكلت في منتصف أربعينيات القرن الماضي، مرورا بقيادة ابن منطقة إب الشهيد علي عبدالمغني لتنظيم الضباط الأحرار، وما قدمه قبل ذلك وبعده رموزها التاريخية كالشيخ حسن الدعيس، والقاضي عبدالرحمن الإرياني والأستاذ محمد علي الربادي وأديب اليمن الكبير الدكتور عبدالعزيز المقالح، ثم المؤرخ محمد حسين الفرح، وأخيرا الشاب خالد الدعيس، ولا تزال إب ولادة بالعظماء الرجال المدافعين عن عروبة وكرامة وهوية الشعب اليمني في مختلف الجبهات.

مرة أخرى: نحن من اليمن، هكذا، نقول، ولن نزيد عليها، فاليمن بيتنا الكبير، ومن أجله نبذل الغالي والرخيص، وكما ناضل آباؤنا وأجدادنا في سبيل وطنهم، فسنواصل الدور حتى ننتصر لإرادتنا، فإرادة الشعوب لا تُقهر، وإن غدا لناظره قريب.