غصة قلبي هذا الكاتب الرخيص ا
بقلم/ الحاج معروف الوصابي
نشر منذ: 16 سنة و شهرين و 12 يوماً
الجمعة 05 سبتمبر-أيلول 2008 04:52 م

ما أسهل أن تحمل قلما وتتجه للكتابة في الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية ، وبقدر ما تهرج وتبتذل وتتعرض بالغمز والتصريح للثوابت وللقيم الموروثة وللذوق العام ستنعت بالكاتب الكبير ، أو الصحفي النحرير ، فإذا ما زدت با التسبيح لمولانا السلطان والتزلف للآل ومن حول الركاب ، والشتم بأقذع الكلمات والأوصاف على المعارضة ورموزها فانك حتما س تتقدم وتصل إلى رأس صحيفة أو مؤسسة أو شيء من هذا القبيل مع رتبة كاتب ركن ، أي صحفي مخبر 0

أما إن حال بينك وبين البلاط آخرون أو أسباب أخر ولم تصل ، فأمامك أن تبتذل في مواطن أخرى ، مثل موضوع المرأة ، والحريات المفتوحة ، والتشدق ضد الدين الإسلامي بكل نقيصة وعيب ، تتلقفك في الحال السفارات الأجنبية ، والمنظمات الغربية باعتبارك ناشط سياسي ومدني وأحد رواد التحديث في المنطقة ، وستقدم لك الدعوات باستمرار إلى لقاءات خارجية أو مؤتمرات و دورات في هذا الأمر كون ذلك هم وقضية دولية ، وقضية مجتمع مدني ، وبعد فترة وأنت موغل بوعي منك أو دون شعور ستجد نفسك تعمل في إطار نشاط استخباري دولي أو لجهة ما رغم اعتقادك أنك كنت بعفوية تعمل في مؤسسة دولية ذات نشاط إنساني أو معني بالديمقراطيات الناشئة ، أو في إطار المنظمات التابعة للأمم المتحدة ، أما إن كانت نيتك مبيتة على هذا الأمر فقد وصلت إلى مرامك حيث سيتحسن دخلك ، وسيرتفع ذكرك بين الناس ، وقد تكون وجدت لنفسك حصانة كي لا تتعرض لك سلطات بلدك المحلية إن ضايقتها في أمر أو أصبحت تحسك منافس لها يجب أن لا تتقدم ، فكليكما الآن على السواء تحت رعاية وتوجيه عم واحد ولا احد أحسن من أحد0

فإذا لم تصل إلى لقب الكاتب الكبير ، أو الصحفي النحرير بواحدة مما سبق ، فأمامك فرصة ثالثة وهي الهجوم بوحشية وقلت أدب على المؤسسات والشركات ورجال المال والأعمال بهدف الابتزاز وحصول المناوشات مع ردود الأفعال ، فيصدق الجمهور القارئ ببساطته انك حامي الحمى والسلطة الرابعة تعرض نفسك وحياتك للخطر من اجل الشعب الضحية ، وأمامك أن تتهم هذا المستثمر إذا لم تنال منه مساعدة أو حق تسويق الإعلانات بأنه على علاقة بشريك إسرائيلي ، أو أنه استورد مواد ملوثة ، أو أغذية فاسدة ، أو.... الخ ، رغم أن ذلك قد يكون وارد في أكثر من حالة ، إلا أن تلك لا يقربها أحد بسبب الإكراميات والهدايا والهبات ، وقضيتك هي وحدك قضيتك دون أي اعتبار آخر 0

ويمكنك بعد أن تكون قد مارست ما سبق بإتقان ،أن تتطور وتتواجد بصورة متقدمة على غرار ما تفعله الشركات وهي تحدث نفسها وترتقي بأدائها تحت ضغط العولمة 000 هنا تستطيع أن تفتح خط هجوم ساخن ومستمر على دولة إقليمية بغض النظر عن راهن ومستقبل علاقات دولتك معها على أن تكون محورية مثلا وعلى خلاف بقوة مع أخرى في ذات المحيط الإقليمي لتستقبلك هذه الأخرى بحفاوة وترحاب في سفارتها وقد تعتبرك فعلا احد أدوات سياستها الخارجية ، وبطبيعة الحال سيرتب لك لقاء أو يرتفع ذكرك إلى عند الزعيم الثوري لهذه محل الترحاب والذي يمتلك منظومة فكرية وأيدلوجية تدفع به إلى الرغبة التوسعية للزعامة 0

أو قد تسعى تلك محل الهجوم إلى استرضائك وكسبك إلى صفها برصيد مفتوح لم يكن باستطاعة أبيك وجدك قراءة الرقم أو التفكير في ذلك 00

 

أنت الآن وصلت إلى مستوى اللاعب الإقليمي ، فتقدم حتى وإن صفعت أو ضُـربت أو حتى بال عليك أحدهم ليس يصدك ذلك طالما وقد اتخذت الغاية تبرر الوسيلة سبيلك الأوحد، فأنت مناضل وصاحب قضية 0

- 2 -

هذا الرخيص الذي يسمى بالكاتب الكبير أو الصحفي النحرير وهو لا يستطيع تركيب جملة مفيدة ومستقيمة من الأخطاء في المعنى والمبنى هو الغالب اليوم والذي يتسنم المشهد رغم افتقاده إلى جل القواعد التي تُكوّن ما يسمى ميثاق الشرف 0

لعل الفساد الحاصل في الوظيفتين الإدارية والسياسية للأداء السلطوي هو السبب الأول في التعري من القيم والسقوط الأخلاقي المريع ليس لمن يدعي الكتابة فحسب إنما إلى سوق النخاسة باللحوم الحمراء لفئات اجتماعية أخرى ، ولثالثة في الاتجار بالأطفال والشحت في دول الجوار بالجواز الدبلوماسي وقضايا أخرى لا تبتعد عن هذا السياق 0

لكن ذلك لا يعفي من وجود الكاتب الملتزم بقضية ورسالة يحمل القلم والهم والحرقة التي تتشكل في كلماته ليبلغ بها الأعماق ويشكل من خلالها واقع ورأي عام ايجابي مبصر ومبادر ورشيد0

إن الكتابة أمانة وعهد ، ورسالة ايجابية حتى لو لم يكن صاحبها يعرف الله ، فكم من الكتاب في المجتمعات الأخرى ذات النزعة الإلحادية يصارعون لصالح قيم إنسانية وطنية ترتبط بالأرض والإنسان والشعور الإنساني في عراك ينتصرون في نهايته بانتصار قيمهم العظيمة وتخلدهم الاحداث0

وإذا كان التافهون في شعاب الحياة كثير ، فانه ليس أتفه ولا أقبح في هذا السقوط القيمي من صنفين 000

الأول : رجل دين (حامل فقه وشريعة ) باع دينه بدنيا ه أو دنيا غيره فمسخه إلى ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث )

والثاني : حامل قلم وفكر عرف الحقيقة وواجباته فاتجه عليها منكبا على وجهه ، والى جواره زوجته تمشي على استحياء قد كشف ثدييها دون أن ترعشه حمى 0

هذا المسخ الذي يحارب الواجب باسم الواجب ، والحقوق والحريات باسم الحقوق والحريات ، وحق الشعب والأمة باسم النضال لهو أسوء اللصوص ، والساقطين في القعر ، ذلك الذي أساء للكلمة وشوه رسالتها ، واعتدى على الأمة بمتاجرته لقضاياها لصالح مشروعه الشخصي 0

غصة القلب من أرسلناه لأجلنا نحن الشعب فباعنا لأجله هو 00فهل ثم من هو أتفه00

Wesabi111@gawab.com