أمريكية ، إيرانية ، صالح.. المكر الثلاثي.. صناعة الحوثية باتجاه السعودية
بقلم/ كاتب/مهدي الهجر
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 26 يوماً
الثلاثاء 20 ديسمبر-كانون الأول 2011 04:48 م

أزعم وليُحاسبني الغد عليها... أن الحركة الشيعية في المنطقة ستنتهي في العشرين سنة القادمة في مشهد كارثي مهوول ، تكون هي لوحدها من القت بنفسها للأتون واستُحصدت بتلك الصورة الكئيبة والتي لا نقبلها نحن أو نتمناها لها ..

ذلك ان المقدمات تلد نتائجها ، والمخرجات تبعا للمدخلات .

قد يكون للشيعة قدر من الدهاء والمكر في بعض المواقف والقضايا السياسية تستمده من ( التقية ) وهي عندها عقيدة ودين ، وعند غيرها خيانة وفجور وغدر .

ورغم ادعائها الصبر والحكمة ، وزعمها انها استفادت من دروس التاريخ عبر سلسلة من الظلم والاقصاء التاريخي ، لكنها في سلوكها الاغلب حمقاء نزقة ، ذات شطط وحدية أقرب للجنون ونمطية في القهر والتوحش والابادة ربما لم يصله نمط بشري آخر..

كنا قد نسينا جرائم الفاطمية والحشاشين والصفويين في البلاد العربية والاسلامية وأنسنا بالثورة الاسلامية في ايران بل وعززناها بالولاء كونها أعلنت ان رسالتها للمستضعفين وفي وجه الاستكبار الدولي ، ولأجل الاسلام وقضيته المركزية فلسطين .

فلما كُشف الغطاء وزالت الرتوش وجدنا الافعى هي الافعى ، والصفوية هي ذاتها ، بل إن اللؤم نما واشتد .

ما فعلته الاثنا عشرية وأخواتها في العراق وسوريا وتفعله الآن .. ايقظ في الامة الذاكرة وأعاد اليها صورة ومآسي السلطان الصفوي اسماعيل والمآسي الاخرى للحركات الشيعية اينما وجدت ، وأعاد وجمع وراكم عليها الكراهية .

وهي وكل حركات التطرف الاخرى دينية او سياسية او مذهبية تمثل استثناء وطارئ عابر لا يمكنه ان يستقر ويدوم لان البيئة والقابلية لها غير متوفرة ، ثم لا تلبث الا قليلا فتدهمها الامة السوية بعد ان تكون استفاقت من الصدمة والغيبوبة واستعادت عافيتها.

لكن هذه المرة بفعل متغيرات عدة اعتقد ان رد الفعل تجاه هذا الشطط والغلو الشيعي سيكون من الحدة والرد بصورة لم تمر من قبل ــ ولا نتمناها ــ بعد طول صبر ومعاناة وبآلية عفوية وغير ممنهجة .

*******

والحوثية في اليمن أداة اخرى للمشروع الفارسي الايراني في المنطقة طرحتها ايران بقبول وتواطؤ امريكي عندما فرضت ايران نفسها الطرف الآخر للمعادلة في المنطقة بعد إيصالها كفتها في ميزان القوى الى مرحلة التوازن بأدوات اخرى تختلف في مواجهة التقليدية الامريكية .

ورغم الحرب الباردة الحاصلة بين هذا النوع من طرفي الصراع الا ان حالة التوازن تَفرض تلقائيا حالة من الوفاق تقضي بترتيبات من نوع ما بشان مراعاة مصالح الطرفين إما بالتنسيق هناك مقابل هنا او الاقتسام المباشر لما يسمى الكعكة .

ويبدوا ان الامريكي قد قبل حصول إيران على مساحة في شمال اليمن والمنطقة الشرقية للعربية السعودية مقابل ان لا يُغادر جملةً العراق ، ومقابل ترتيبات اخرى في لبنان وسوريا .

وعند إيران فان ورقة الحوثية لا تقل اهمية ان لم تزد عن ورقة حزب الله لمتطلبات استراتيجيتها تجاه العربية السعودية ...

إذ أن الحوثية تُعد اداة لمشروع استراتيجي ايراني يستهدف الوجود السعودي والسيادة على الخليج ، في حين ان حزب الله ليس بأكثر من أداة تكتيكية تًناور بها ايران وورقة تضغط بها لتحسين موقفها التفاوضي .

في الوقت نفسه فان الاستراتيجية الامريكية حاضرة ايضا للاستفادة من اداة الحوثية بشان التعاطي مع العربية السعودية ودول الخليج .

فمسالة تمزيق العربية السعودية وإضعاف التدين السني الذي تصنفه مراكز البحث الامريكي (راند ) أنه ابعد في المداهنة والاحتواء عنه من الشيعي أمر حاضر بقوة في استراتيجية الامن القومي الامريكي بعد 11 سبتمبر .

أما بشان صالح وهو المناور الذكي والبرجماتي الماكر فانه قد حضر في الحوثية منذ الوهلة الاولى بل إنه عن يقين الوالدة والقابلة والحاضن .

فبعد استشعاره المشهد ، واقتراب تجمع الداخل عليه ، وحضور ايران كقوة بل ربما كقطب محوري ـــ وهو الذي كان قد ارتهن وارتمى في حضن صدام في فترة محوريته ـــ فضلا عن حقده المخبأ والظاهر على العربية السعودية .

كان ان اتجه صالح الى الحوثي ..فشقه عن حزب الحق ثم هيأ له استلهام الفكرة ـــ من ايران الخمينية ـــ والتغذية والبناء حتى غدت الحوثية الآن على هذه الصورة المسخ ...

مولود هجين تتقاسمه جينات ثلاث .

إن نَسَبْتَهُ لصالح يصح الشبه ، وإن نسبته لقم وجدت فيه قم ، وإن قلت امريكا وجدته امينا غير مفرط في خدمة استراتيجيتها .

*******

تنفس الصبح عن ثورة التغيير في اليمن فحضرت الحوثية في البكور والقت بسهامها ، وكانت للحوثية فرصة باتجاه ان تتعقد الامور وتتبعثر الاوراق وتفنى القوة الرادعة لها والعقبة .

صاح الحوثي مع من صاحوا ...ارحل ..ارحل ..

ثم انثنى وفي فمه لزوجة ولعابه يسيل .. ليرحلوا جميعا قبيلة وجيش وساسة .... وليتركوا له ولصالح الشباب الثائر في الساحات.

استغلت الحوثية الوضع فتمددت في محافظات الجوار ، ثم وضعت المجانيق على اسوار دماج وفرضت الحصار .

وما في دماج الا نساء واطفال وبسطاء عزل ثم الحجورية ..

وما الحجورية بيت القصيد وهدف حملة الحوثي ؟

الاّ مشيخة وطلبة علم لا يمكن تسميتهم بالجماعة فضلا عن الحركة المذهبية او السياسية .

اقرب للسذاجة والحمق وقلة الخبرة والحيلة ، لهم مواقف وقضايا يشعلون لأجلها المعارك بالكاسيت والكتيبات مع بعضهم او من يختلفون معهم من غيرهم في الفروع .

كانت الحجورية تكدس في كتاتيبها بدماج المساوك والاثواب القصيرة وفي المقابل تكدس الحوثية الصواريخ والقذائف والقناصات .

ولو كان للحجورية عقل وافق لاستلهموا المشهد القادم بيقين منذ اجل عبر مقدماته .

غير انها كانت كرامات لجند الله في ضحيان على يد ولي امر المسلمين المتوكل على الله الرئيس الصالح قدس الله سره .

*******

وقد كان اليمنيون يتمنون التعايش بين ومع فرقاء المذهب والسياسة شركاء على وطن لا يفصلهم عن بعضهم حزب او مذهب ، يحملون هم البناء والتنمية وهمومهم على السواء .

غير ان الحوثية يبدو انها أبت على نفسها ان تعيش وكان ولا زال الشعب اليمني يرجوها الحياة في تنوع يبني ويبدع في الجمال.

خرجت الحوثية بشطط وحمق متناهي تحت ظل فرصة تحسبها .. تستبق على الناس دون تفريق بين مذهب وقبيلة ودول جوار ..

اعتدت على القبائل في المحافظات الاخرى فجرت عليها القبائل ، واعتدت على الاطفال والنساء وبسطاء الناس فجرّت عليها أولي المروءات والنجدة .

واعتدت بسفور على سلفية صعدة على نحو يشبه الابادة فجرّت عليها السلفية الجهادية من كل مكان الى قتالها وغضب جمهور اهل السنة والجماعة .

ثم دولة العربية السعودية بمشيختها ، ومتطوعيها ، وربما جيوش تتلوها جيوش .

الحق إن الشفقة تحضر جراء واقع مأساوي تجره اليها الحوثية بسوء عملها وشططها وفجورها الذي يبدو انه لن يقف عند حد .

كم الامنيات ان يضبط الحوثيين عقل ، فيستبينوا حجمهم ، ويعلموا قدرهم ، ويلزموا حدهم .. ثم يكونوا شركاء في أطار عملية سياسية ودولة مدنية تجمع ولا تفرق ، تقارب ولا تستقصي .

إن من يختار الطريق عليه ان يقبل بما سينتهي اليه مسلكه .

ومن وضع يده جورا وصلفا على مخناق غيره عليه ان يستعد ويرضى بأيادي غيره تمتد الى مخناقه ...