اخرج إني لك من الناصحين
بقلم/ توكل كرمان
نشر منذ: 13 سنة و 8 أشهر و 6 أيام
الأربعاء 09 مارس - آذار 2011 04:38 م

مسرحية رائعة تلك التي أداها الرئيس وحزبه خلال الأحد عشر شهراً الماضية ! رئيسنا هذا متعدد المواهب لو لم يكن رئيساً لكان أضاف جديدا رائعاً للسينما العالمية ولكان ألمع نجوم هوليود وغيرها !!

للحظات كثيرة حسبناه جاداً في وعده ، لم يجبره أحدٌ على الكذب ، فلماذا يصر عليه؟ حسبناه ذكياً ، قدّر أن هذه هي اللحظة الحاسمة للانسحاب ، ليس بأقل الخسائر بل بمجد لا يضاهيه فيه أحد .

نظامه أوصل البلاد إلى حافة الهاوية ، وما ثمة غير الانهيار الكبير ينتظرنا وينتظره ! حسبناه يعلم ذلك جيدا بحكم اطلاعه على كل شيء ، حسبناه لا يأبه لكل ما يقوله المنافقون عن ربان السفينة الذي ليس عليه أن يرحل .. عن القائد الضرورة الذي عليه أن يبقى .. وعن رجل المرحلة الذي عليه أن يكمل المشوار !!

السفينة فيها ألف خرق والانهيار الكبير قد اكتملت فصوله ، والقائد الضرورة عبارة طالما سمعها " سياد بري " من قبله كثيراً ، هذه حقائق يعلمها الرئيس بحكم موقعه أرقاماً وتفاصيل ، وبناءاً عليها حسم أمره وقرر الرحيل الآن لمصلحته الشخصية أولاً ولمصلحته الشخصية ثانياً ولمصلحته الشخصية عاشراً عليه أن يفعل ذلك د ون أن يلتفت لأحد ، الأمر يعنيه هو دون مافيا الفساد فلماذا يتركهم يقررون مصيره وهو يعلم أنهم لا يفعلون ذلك لوجه الله !

كان بيده أن يحرز مجداً لن ينازعه عليه أحد ، كل الألقاب ستكون محل إجماع ولن يبخل بها عليه أحد ، سيتفنن المثقفون والكتاب في الداخل والخارج في وصفه بألقاب العظمة والعبقرية التي لم تخطر له على بال .

كل الاختلالات والإخفاقات في عهده ما علمنا منها وما لم نعلم لن يلتفت إليها احد ، سيبدل الناس سيئاته حسنات وستنقلب نقمه نعماً وأفضال .

سيندم الذين بالغوا في نقده على فعلهم المشين كيف كانوا يسيؤون ويحسن ، ويخطئون ويعفوا ، يؤلبون العالم عليه ليقتلوه أو يخرجوه وهو الذي يستجديهم ليطعمنا من جوع ويؤمننا من خوف !

قلنا لن يخذله ذكائه وفطنته من القيام بمعجزة التحول من مجد زائل إلى آخر لا يزول ، والمرهونة بـ " كفاية " يقولها بصدق وينفذها حقيقة لا دعوى !

لكنه لم يفعل !! وفوت على نفسه الفرصة في إنقاذها من سوء الخاتمة!

بعد فعلته هذه هل هناك مغفل واحد في هذا العالم سيصدق حرفاً واحداً سيقوله بعد اليوم ؟ ألم يطلق رصاصة الرحمة على كل الوعود والاتفاقات التي رعاها أو قالها يوماً ؟ قال " ما وعدت به ليس مسرحية ولن أكون مظلة للفاسدين " ، بعدها بيوم قلنا هذه ليست مسرحية إنها فضيحة وجنون ! هل نقول أنه ذهب إلى ميدان السبعين ليمثـّل ؟ يؤسفنا ذلك ! في ميدان السبعين قال " أتيتم من غير أن يدعوكم أحد " يقول ذلك للحشود التي أخذ الواحد منهم رشوة مقدما قبل أن تنقلهم سيارات الجيش والدولة من كل فج عميق ! ويصر أنه لولا بكاء الأطفال ما نكث بوعده ، ولولا العويل ما بقى مظلة للفساد يرعاهم ويرعوه !

سيدي الرئيس .. من تطمح أن يصدقك بعد ذلك هم ، أم نحن ، أم أحرار العالم الذين وقفوا على أعصابهم لإحدى عشرة شهرا وهم يتابعون الرئيس الذي شذ عن القاعدة ؟!

تحدث عن بكاء الأطفال الذين استجاب لهم ، انظروا كيف يبدوا مصمماً في امتهان الطفولة وهو يحشر من المدارس ودور الحضانة ليهتفوا بالروح بالدم في المسرحية المملة أو في الفضيحة المحزنة .

ألا يعلم حجم معاناة الطفولة المغدور بها في بلد أضحت ظاهرة تهريب الأطفال فيه مقززة تطال مئات الألوف في استغلال بشع ترعاه شبكات – بعضها - رسمية ؟ أضعافهم يمارسون أعمالا شاقة ليعولوا أسراً طالما قيل أنه عائلهم الوحيد !

سيدي الرئيس .. أين كانت رحمتك بالطفولة وبلدك ملئى بأرقام مخيفة عن الأطفال النائمين على الأرصفة المحرومين من الدواء والغذاء وفرص المستقبل الآمن ؟

للأسف.. لقد فوت الرئيس علينا وعليه الفرصة في مسامحته ، لكنه لن يفوت علينا الدعوة إلى محاكمته :

كيف راح الرئيس يجود بالمليارات وراتبه لا يزيد عن المائة وخمسين ألف ريال ؟ ومن أين له بالمزارع والضياع والمصانع والقلاع هو وعشيرته وبنوه الذين يتمرغون بالمال والجاه بغير حساب .

محاكمته .. عن فساد مالي غير مسبوق خلال ثمانية وعشرين عاماً ابتلعت حاضر ومستقبل شعب كان بإمكانه أن يكون أفضل بدونه بمئات المرات !!

محاكمته في ظل تشريعات محليه لا تنتهي بالتقادم ، وأخرى دولية ترى في الفساد جرائم ضد الإنسانية وتلزم البوليس الدولي بتعقب الفاسدين لإعادة ما نهبوه يوماً !

لم يترك لنا وله من خيار آخر ؟ قد يكون الطوفان نعم .. نعلم ذلك ونتوقعه !

قد تكون الصوملة أيضاًَ ، ذلك أمر متوقع وطالما حذرنا منه ، لكن ما عليه أن يعلمه .. ما عليهم أن يعلموه .. ما نعلمه نحن أن كل ذلك إن حدث فسيكون لأشهر أو أيام ، وسيبقى الشعب وقواه الحية صمام الأمان ، ولن يحول أحد بعد ذلك دون الحساب العسير لكل من أخذ ما ليس له في ظل حكمه الميمون .

أصدقكم أني لست آسفة على تراجعه باستثناء الخجل أمام العالم أني يمنية وهو خجل سيظل إلى حين .

كان سيحقق مجداً لا يستحقه ، هي سنة الحياة حيث المقدمات تدل على النتائج ، وحيث يستحيل الإصلاح بالملوثين ، ومن قبل قال الله لمن هو أشد بطشأ وأكثر علواً " آلآن وقد عصيت قبل وكنت من الفاسدين " .

علي عبد الله صالح الذي – وباعترافه - رعى الفساد الكبير في حكمه ! وفي عهده دفع اليمنيون ثمن كل يوم يمر عليهم جوعاً وألماً وشقاء مقابل فلل وبذخ وأرصدة يتمرغ بها وذووه والفاسدون الذين يحملهم ويحملوه ويحميهم ويحموه

نحن ماضون لإسقاطه سلميا ودون الرجوع لأحد ولحظة سقوطه المدوي قد اقتربت كثيرا ، وسيجد قريبا من يقول له اخرج إني لك من الناصحين .