إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة
إن تحقيق الإنتقال الثوري يتطلب منا الإنتقال من إعتمادنا على الآراء في مواجهة المُشكلات إلى إعتمادنا على البحث و الدراسة في تفنيد هذة المُشكلات و إيجاد الحلول المناسبة .
فماذا سنكتب عن اليمن بين ثورتين لايفصلهما عن بعض نصف قرن من الزمن فقط , بل يجمعهما تكرار و تطابق الدوافع و الأدوات و الظروف المُحيطة بِهما , فلن نكون متجاوزين على ثورة سبتمبر المجيدة إذا قُلنا أنها لم تحقق أهدافها المُعلنة على أقل تقدير , فليس من المعيب على ثوار سبتمبر أن ثورتهم لم تنجز التغيير المنشود في ذلك الوقت , بل الأهم هو أن هذه الثورة أوجدت ذخيرة نضالية من تجارب الإخفاق و النجاح .
وحتى لا تكون مُقاربتنا لثورة سبتمبر في عيدها الذهبي مُجرد إستقراء تأريخي لن نجد فيه سوى جلد للذات وعض على الأنامل , فإننا سوف نُركز على خُلاصة تجربة ثرية مر بها شعبنا طِوال خمسون عام , لعل هذه الخلاصة تكون ذات معنى , يجد فيها اليمنيون نافذة تُضيئ لهم مسيرتهم نحو المُستقبل , خصوصاً أن ثورتنا الجديدة تسلك ذات الخُطى و يُعاني ثوارها من ظروف و أدوات إستقطاب هي ذاتها تقريباً و لو إختلف الزمن .
ماهي النظاميين ما قبل الثورتين ( الإيهام و الوهم في مُقابل الثورة )
ليس من المهم مدى التطابق والتماهي في سياسات الإمامين اللذان ثار عليهما الشعب في عامي 1962 و 2011 , بل الأهم هو إنعكاسات هذه الأفعال على بُنية و تركيبة المُجتمع اليمني و أثارها الثقافية و السياسية فية , حيث أصبحت هذة الإنعكاسات عبارة عن تهيئة إستباقية قام بها النظامان الحاكمان لِخلق بؤر سرطانية مُستقبلية في جسد الثورتين التي كان كُل نظام يتوقع حدوثها في نهاية المطاف , نتيجة لإدراكه لمسارات الثورة و تعداد و تكرار مسالكها و محطاتها ( فإذا كانت ثورة سبتمبر هي نتاج لتراكم نضالات الشعب مُنذو 1922 بإنتفاضة المقاطرة و بعدها الزرانيق ثم 48 و بعدها حركة 55 إضافة إلى توافر الشروط و المُتغيرات الإقليمية و الدولية , مما دفع النظام إلى تكييف سياساته مع هذة الحقائق و المُتغيرات ) .
ساعد غياب مرجعية فلسفية لدى ثوار سبتمبر , إلى تركيزهم على الفوقيات بإقتلاع الإمامة كسلطه , و تغافلوا عن إرساء و تجذير ثقافة شعبية ( مُجتمعية ) تامة المُغايرة عن الوضع الإمامي , و هو ما قاد إلى ولوج ثورة سبتمبر وضع هو عبارة عن خليط غير مُتجانس من طموحات ثورة و رجعية ملكية , مما أدى إلى مُركب إجتماعي غير مُستقر لم يندمج و لم يتوحد , و بالتالي بقاء موروثات العهد البائد , لِتصبح هذة الموروثات عوائق صد لإحباط كُل أمل و لإيقاف أي توجه لإحداث تغيير حقيقي , هو السبب الرئيسي في تعثر ثورة سبتمبر في أكثر من مرحلة من جمهورياتها المُتعاقبة , هذا أفرز أخيراً إنتكاسة ثورة سبتمبر , بإقحامها في صراع ثوري داخلي بين أقطاب الثورة ذاتها , نتيجة توحد الثوار على مطلب إسقاط الإمامة و إختلافهم في الأهداف لغياب المرجعية الثورية الفلسفية الطابع , و هذا كان هو المنفذ و الثغرة للبؤر السرطانية لنظام الملكية أن تنفذ من خلالها و تعيد تجسيد النظام الرجعي ( الملكي ) لكن برداء الجمهورية , عقب إغتيال آخر مشروع حقيقي للتغيير في عام 1977 , و هذا كان أنصع مثال على إنتصار الملكية على الثورة في صراعهما من خلال إستراتيجية الإيهام و الوهم .
التساؤل الثوري و إستمرار الثورة ؟؟
إن الثورة هي فعل يقتضي بالضرورة و جود رد فعل من الطرف الآخر ( النظام ) , و إن إستمرارية هذا الفعل أيضاً يعني إستمرار رد الفِعل طالما إستمر الصراع الذي لن يتوقف إلا بإنهزام أحد طرفي الصراع , و هذا يدفعنا إلى التسليم بأن النظام أو بقاياه لا تزال تُصارع في سبيل بقاءها , فهي مع ذلك و إن إستنزفت و إستنفذت أدواتها و و سائلها فإنها تُدرك من التأريخ أنهُ لاتزال لديها وسيلة لطالما أثبتت هذه الوسيلة نجاعتها في إفشال الثورة , خصوصاً التجارب التي حدثت في ثورات اليمن المُعاصر , و هذة الوسيلة تمثلت في تحقيق النظام إختراق صريح يُصدع جسد الثورة و يخلق إصطفافات مُتضادة داخل الجسد الثوري , و النظام هُنا مُستميت في تحقيق هذا الأمر , و دوافعه و أمله يقتبسه من سلفة الإمامي البائد , في تكرار النكسة التي أُصيبت بها ثورة 26 سبتمبر و أفرزته هو بذاته كنظام إستمر 33 عاماً , و مما يُشجعه على هذا الأمل و التوجه في إفشال ثورتنا الحالية , هو تقارب و سيامية الظروف و الأدوات التي أحاطت بالثورتين .
والعبرة و الدرس هُنا تتمثل في أن أي توجه نحو تحقيق حُلم النظام أو ما تبقى منهُ و تحت أي مُبرر , يُعتبر خطير و لا مسئول و يُهدد مصير الوطن عموماً .
وهذا ما دفع شباب الثورة إلى بللورة فلسفة جمعية , أهم ما في هذة الفلسفة الثورية هو وجود مرجعية معيارية ترتبط بالثوابت الثورية و أهادف الثورة المُعلنه , و أهم معيار من هذة المعايير هو أن التجربه و التأريخ هو النبراس و المُرشد , لتفادي أخطاء الرعيل الأول و عدم السماح بتكرار أخطاء الماضي
لماذا أخفق ثوار سبتمبر في تحقيق التغيير المنشود ؟
خلال قرون عديدة من الزمن , إبتُليت اليمن بصفتين لازمت البعض من أبنائها , هُما ضعف الولاء و العصبية , و هاتين الصفتين عادت على اليمن بالوبال و الكوارث بالتظافر مع عوامل تأريخية مُختلفه بإختلاف المرحلة .
يتجلى توحد المظلوم (الثوار) مع الظالم (النظام) كأبرز أسباب لفشل الثوار في إحداث التغيير المنشود , فبدون تخلي ثوار ذاك الزمان عن موروثهم الثقافي و تحليهم بذهنية السُلطة التي ثارو عليها و حلوا محلها , فكيف سيبنون البناء الجديد والحجارة هي ذاتها من نفس المقلع .
لقد تاه ثوار سبتمبر في متاهات التغيير إذا جاز القول و ذلك عائد لتغافلهم أو عدم معرفتهم بحقيقة مفادها أن الثائر يخرج من تقاليده لكي يُثبت حقيقته التغييرية , ثُم ينتقل من حقيقته إلى تغيير سِواه , فأول مهام الثائر أن يتغير حتى يتبدى حقيقة جديدة تنتقل بالتحقيق إلى ملايين الحقائق , مثل النهر لمُتدفق كُلما عظُم دفقه حقق أثرهُ على أرض الواقع مُغيراً معالم الأرض التي يسلكها و يخلق فروعاً و أنهاراً تحمل ذات الحقيقة التي حققها الأصل .إن التأريخ يزخر بثورات عديدة لكنها كانت ناقصة و قليلة التأثير , وذلك يعود لمحدودية التغيير في حقيقة الثائر , حيث تولدت علاقة تنامي في التقهقر بالنقص إلى الأكثر نُقصاً , وهذا أدى إلى تزايد فُرص نجاح الثورات المُضادة بسبب تنامي فُرصها الإيجابية على حساب تنامي سلبيات الثورات الأصلية .
حامل الرسالة لا يختبئ خلف أحلامه الذاتية أو أحقاده الدفينه .
كُنا و ما زِلنا نعتقد أن شباب الثورة مؤتمنون على أهداف الثورة ( مُستقبل الوطن ككل ) , و هذا إقتضى أن نكون عنوان عريض يحمل الأمل و الحياة لكافة أبناء الوطن , بمختلف أطيافهم و إيديولوجياتهم , و من هُنا يكتسب شباب الثورة شرعية و جودهم في ذلك الموقع المُتقدم حاملين لِواء الرسالة المعني بِها كافة أبناء اليمن , فكان لزاماً على حامل الرسالة لكي يكون ذا مصداقية لدى شعبه , لا بُد أن يُبلغ رسالته إلى كافة المعنيين بها , مهما كانت مواقف الأخرين و أخطائهم و هفواتهم , فهذا لا يُبرر تجاوزهم أو إغفالهم من قبل حامل لواء التغيير , الذي أخذ على نفسه أن يكون في الطليعة و لزاماً علية تحمل تبعات هذا القرار , و على رأس هذة التبعات أن الثائر الحقيقي هو الأمين و المؤتمن على إنتشال أبناء و طنه من مسارات الخطاء و الخطيئة و إيصالهم إلى بر الأمان
كما أصبح واضحاً الآن أن شباب الثورة لاقوا و سيُلاقوا الكثير من الإيلام و الإستعلاء الفئوي و الطبقي الأجوف الواهم و الغير حقيقي , و إنما يعود إلى جهالة و ثقافة فاسدة رسبت في هؤلاء طوال السنوات الماضية , لكن هذا لم ولا يجب أن يكون عائق أمام إيصال الرسالة و تحقيق الحقيقة التي نصبو لها و عنوانها مُستقبل أجمل لنا ولإبناء وطننا كافة , و هذا ومن واقع تجربة سبتمبر لن يتحقق إلا بتحلينا نحن شباب الثورة بالقدر الأقصى من الصبر و الصمود خلف هدفنا السامي ونُبل وسيلتنا , هذه هي بذاتها التضحية الحقيقية المطلوب منا تقديمها في سبيل إنقاذ شعبنا .
كما يجب أن لا نغفل عن حقيقة , هي أن التصنيف الفئوي السلبي في سياق التبرير لأنفسنا حالة العجز و اليأس من ممارسات القوى المٌقاومة للتغيير , هو برأينا أساس الإخفاق المتوقع لأي مسعى تغييري في السياق العام , لأننا بذلك نُنكر على هؤلاء أو نستثنيهم من إستحقاقات التغيير , و بذات الوقت ننفي عن أنفسنا صفة الريادة و الإرتقاء إلى طليعة المسار .
إلى متى ؟؟
إن الفترة الزمنية التي عاث من خلالها النظام البائد فساداً و إفساداً في المُجتمع ( سياسياً و ثقافياً) كان لا بُد معها من وجود إستمرارية لحالة الحراك الثوري المُستمر حالياً كقناة تُفلتر و تُرشح الثوار و وجوه الثائرين , حيث وأن شباب اليوم رغم إنكارهم و رفضهم أشكال الفساد التي كانت ولاتزال باقية إلى الآن و إن بصورة أقل , فإنهم أي شباب اليوم مُتأثرين بها بيئياً و ثقافياً .
ووو عليه فأن الثورة مُستمرة حتى تنجح , و لكي تنجح الثورة , فإننا نربط هذا النجاح بتحقيق ثلاثة نقاط محورية في التغيير :
1- تحقيق حالة الإنتقال و التحول المؤسسي في الدولة , ليحل القانون محل العُرف و الكفاءة محل المحسوبية .
2- تغيير جوهري و جداني يطال الإنسان (الفرد) ينقله ثقافيا وإقتصادياً وعلمياً من حال سلبي إلى حال إيجابي 3- ترسيخ مفهوم أصيل أن الراعي (الحاكم) ماهو إلا أجير عند الرعية (المحكومين) .
إن تحقيق النقاط الثلاثة الأنفة الذكر , كفيل بنقل اليمن من حالة تجمد الزمن الذي تعانيه منذ نصف قرن , و يضعها في صيرورة التأريخ و في إطار المؤثر والمُتأثر بالحركة الإنسانية.