قف أنت في حضرة قبائل اليمن!
بقلم/ طه حسين بافضل
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 5 أيام
الإثنين 09 يناير-كانون الثاني 2012 08:53 ص
 

منذ العام الماضي، وربما قبله-قد تخونني الذاكرة- ونحن نسمع أن قبائل في مأرب وما حواليها، وفي شبوة وأطرافها، قامت بقطع كيبل الاتصالات؛ الهاتف والانترنت، وأخرى تخرب الأبراج فتقطع الكهرباء، وثالثة تفجر أنبوب الغاز!! ثم نبحث ما السبب؟ يأتيك الرد مباشرة، أن القبيلة الفلانية تريد حقها! وما حقها؟ الجواب دون تلعثم: زلط باللهجة الدارجة وبالفصحى المال ..

فوضى بالمعنى الحقيقي للكلمة، من الأشياء القليلة التي تُذكر للحزب الاشتراكي، إبان حكمه الجنوب، لقد أضعف شوكة القبائل، إن لم نقل أنهاها، بالطبع، كان يقصد أن لا تقاومه أي قوة مهما كانت. اليوم، وجود مثل هذه القبائل المسلحة، والتي أصبحت المحرك الحقيقي للأحداث، والمؤثر في بوصلتها، يعني باختصار، أنه لا تنمية ولا بناء ولا نهضة، فأنت حينئذ ستتحاكم لعقول لم تمتلك علماً ولا نوراً غير نور وعلم الجاهلية الأولى، فهذه القبائل وإن ادّعت تمسكها بالدين، وأن من أبنائها من يحمل الشهادات العليا والمناصب الكبيرة في الدولة، لكنها بالمقابل تُحكم بعقول شيوخها الذين ترجع بهم ذاكرتهم إلى منازلات دموية مع مخالفيهم، خلفت العشرات من القتلى،كأقل تقدير، دون مبالاة بدين ولا جزاء أو إنسانية .

تعيش صنعاء هذه الأيام في ظلام دامس، لأغلب ساعات اليوم، والمتاعب على المواطن تتوالى ولا تأتي فرادى، والسبب، مجموعة قبائل لا ترعى حقوق الناس ولا مصالحهم، وفيهم المريض والعامل والتاجر، وكلهم يبحث عن لقمة عيشه ويسعى للحفاظ على صحته، تبيع بعض القبائل إسلامها وعروبتها لعقول تعفّنت لعقود، وعفَّنت معها البلاد، وركنتها في زاوية ضيقة أفضت بها إلى متاعب شتى في الماضي والحاضر، وهاهي تفتح الأبواب لمتاعب المستقبل !!

حينما تُقلِّب صفحات التاريخ، تجد أن القبائل العربية تتميز عن غيرها من القبائل الفارسية والهندية؛ بالنجدة، والقِرَى والوفاء والبلاء والجود والذِّمام والخطابة والبيان.ويذمون قطاع الطرق والظلمة والمعتدين ..ما يحدث في اليمن، من وراءِ من يزعم أنَّ له قبيلة يعتصم بها، يجعلنا نتساءل: هل تغيرت صفات القبائل العربية؟ ونحن نتحدث هنا في بقعة جغرافية يفتخر أهلها بأنها أصل العرب! وأنهم أهل الإيمان والحكمة !

تلك القبائل وصلت فاتحة بالإسلام إلى الأندلس؛ في أشبيلية وغرناطة وسرقسطة وملقا وغيرها من المدن التي سكنتها القبائل اليمنية، وشاركت هذه القبائل بشكل كبير في فتح بلاد المغرب، سواء في مرحلة الفتح الغير منظم (الاستكشاف)، والفتح المنظم. كما أظهرت دراسة؛ "أن أغلب القادة الفاتحين لبلاد المغرب من قبائل اليمن، فمن سبعة قادة فاتحين للمغرب يوجد خمسة من القادة من القبائل، ناهيك عن الحضور الكبير والفاعل في فتوحات شتى للإسلام في عصور الخلافة الراشدة .

باعتقادي، واعتقاد الكثير ممن يتابعون الأوضاع السيئة في اليمن، قبل ثورات الربيع العربي، أن معاناة اليمن تكمن في حال هذه القبائل، التي لم توجد لتتعارف كما أرادها الرب الحكيم، لكنها وُجِدَت ومُكِّنَت لتتعارك، وتتنازل مع خصوم الحاكم تارة، أو مع أنصاره تارة أخرى، وكلٌ بحسب إنفاقه، لا يهم كم بقي في خزينة الدولة؟ ولا يهم أيضاً كم بقي من الأعطيات السخية للمملكة المجاورة، المهم هل طفحت جيوب رجال القبائل أم مازالت تقول هل من مزيد؟ وبالتالي، فإذا توقف الإنفاق، فليس أمام رجال القبائل إن كانوا بالفعل رجالاً بالمفهوم الصحيح للكلمة ومعناها، إلا أن يُخرِّبون أبراج الكهرباء، ويقطِّعون "كيبل" الاتصالات، ويتقطعوا الطريق الساحلي، وغيره من الطرقات، فيظل مقطوعاً لأشهر، ولو كانوا يملكون التحليق في الجو لأوقفوا حركة الطيران، حتى تُدفع الجزية الآن من قبل جيب الشعب المنهك عن يد وهو صاغر!!