|
توالت الأوجاع على اليمن .. ( وطننا الحبيب ) .. وهو يتقلب بين نيران المتصارعين ألماً ..
ما زال جرحه ينزف .. والنزاعات تتصاعد .. والصراعات تشتد .. وانتهاك حرمة الوطن هي الماثلة للعيان بل أنها الهدف ، والإيغال فيها متعمد بقصد إيذاء الطرف الآخر ..
ترى من الطرف الآخر ؟!
اليمنيون يحملون هوية واحدة .. ينتمون جميعهم إلى هذه التربة .. يدّعون الجميع حمايتها..
وفي هذا الصدد شعارهم هو محاربة الفساد ، محو الإقصاء والتهميش في علاقة اليمنيين المتفاعلة فيما بينهم ، وإذا بكل طرف يرفع محاربة هذه الشعارات ، يمارس مضمونها بأبشع ممن سبقه ،بل يعمل على إلغاء الآخر وإذا تسنى له القضاء عليه تماماً ..
وهذا ما دأب عليه الإخوة الحوثيون الذين كانوا يشكون من بشاعة هذا الأمر ،وكأنهم يعترضون فقط على من يمارسه ،فحين يؤول إليهم مضمون الفعل فإذا بهم يحللون كلما حرموا على غيرهم ..
نلاحظ أن الحوثيون بعد أن تغلغلوا في مفاصل الدولة خاصة الجيش والأمن بدأوا بممارسات لا تقرها الأعراف الديموقراطية ، ولا مقتضيات التعايش ،ولا سلامة العلاقة بين أبناء الوطن الواحد ..
فهم قد أصبحوا يعترضوا ، ويعطلوا فعل كل ما لا يروق لهم ، ويتعارض مع مصالحهم ، والوطن هنا خارج الحسابات ، فأي قرار يُتخذ في أي مؤسسة للدولة من قمة الهرم وحتى قاعدته لا يوافقون عليه طالما أنهم يرون الأطراف الأخرى مؤثرة فيه ..
وهذا المرض قد استشرى في كل مؤسسات البلد ، ففي الرئاسة لهم مستشار ، وفي الحكومة لهم ممثلون ، وفي الوزارات فرضوا مراقبين ، وفي كل فعل أو أمر أو حركة هم راصدون لها على قاعدة فرض هيبة السيد والجماعة على حساب الرئيس والحكومة ، وحتى في المؤسسات التعليمية فاللجان التي يُدّعى أنها ثورية أصبحت شرعيتها فوق القانون ، ولا تعترف بالأعراف الأكاديمية ، أو العلمية ، ولذلك ممثلوهم يقتحمون الاجتماعات الأكاديمية ، ويغلقون الحرم الجامعي متى ما أرادوا ، وسيفهم مسلط على رؤوس من ينتقدهم ..
وتخيلوا معي أن رئيس الجامعة يوجه آمراً لعمداء الكليات بتمكين اللجان الثورية من العمل ، و يا ليتهم يبدأوا في معالجة هذه المسألة بالفعل مع من يتناغم معهم ، لأن هدفه تغطية عوراته الواضح للعيان فسادها ..
وبعد أن تتخيلوا هذه المسألة صدقوا أن فاقد الشيء لا يعطيه.. فانظروا من اختاروا لمحافظة صعدة بعيداً عن شرعية الدولة ! ومن يؤثر في شرعية القرار على مستوى الدولة ، متكئاً على العنف والقوة ، هم قد يطردون وزيراً ، أو مديراً ، أو مسؤولاً ، و يصروا على تعيين شخص ما يمكّنهم من الأمر في أي موقع يختارونه ..
ضربوا بكل الاتفاقيات وآخرها وثيقة الحوار ، واتفاق السلم والشراكة عرض الحائط ، وممارساتهم هي من تُناقض شعاراتهم وتصريحاتهم ..
ماذا يريدون من التمدد في المحافظات ؟ّ!
التعمق في هذا الأمر يُنبئ أنهم لا يعتمدون غير شرعيتهم على قاعدة فرض سياسة الأمر الواقع ..
نريد أن نفهم ، هل الحوثي وحركته أحد مكونات الشعب ، أم إنه قد انتقل من هذا المربع إلى مربع الحاكم بأمره ؟!
أو أن هناك فعل آخر يحقق أهداف للأجندات أخرى فيكون الفاعلون في حركة الحوثي بمثابة المندوب السامي ؟!
إن كان هذا ما يحدث فإنه الكارثة بعينها .. على الوطن والمواطن ، ويصيب العلاقات بين مكونات المجتمع في مقتل ، ما يؤدي إلى مخاطر حقيقية تتمثل لا قدر الله في انزلاقات البلد إلى صراع مدمر ليس كالذي سبق ..
نريد أن نُشعِر المندوب السامي أن الرعاية في اليمن من حقهم الاعتراض على من يصادر حقوقهم وحرياتهم ، ومنعهم من المشاركة في بناء وطنهم ، والتعبير عن ذلك وفق لقواعد الديموقراطية ، فحق النضال مشروع حتى التحرر كما حدث ذلك تاريخياً في جميع البلدان ..
وإن كان الإخوة في حركة الحوثي يشعرون بانتمائهم لهذه الأرض فعليهم التعامل مع غيرهم في البلد على قاعدة المواطنة المتساوية ،والخضوع في ذلك للقانون ، وتحقيق هيبة الدولة على ما عداها ..
في الجمعة 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 08:09:55 ص