إن ما دفعني لتوجيه هذه الرسالة الى الشعب اليمني الشقيق , هي التطورات المتسارعة المثيرة للقلق على الساحة اليمنية وحبي لليمن التي عشت فيها لسنوات لن أنساها , وخوفي من أن يتكرر لديكم سيناريو الطائفية المدمر الذي جرى في العراق .
أود أولا ان اعبر عن تقديري واعجابي الكبير بثورة الشعب اليمني ضد نظام التخلف والفساد الذي جر البلاد الى الخراب والتأخر عن التقدم , وأحيي الدماء الطاهرة التي روت درب الحرية والمستقبل الزاهر الذي يريد تجار الحروب والأزمات أن يسرقوه .
وأني أرى الأمل بالشباب اليمني الواعي الذي عرفت وعيه وغيرته على الوطن والعروبة والاسلام عندما كنت مدرّسا لاربع سنوات في معهد المعلمين بصنعاء خلال التسعينات . هذا الشباب الذي اثار لدى ولدى كل عربي غيور على عروبته ودينه , شعورا بالفخر وهو يشاهد انتفاضته عندما سجل ملحمة الثورة وقدم دماء شبابه ضد نظام الفساد والتخلف . واذا كان عتبي على قيادات الحراك الشعبي أنهم لم يهيأوا برنامج عمل واضح ومتفق عليه لمرحلة ما بعد سقوط النظام , وهو ما أتاح الفرصة للآخرين للانقضاض على الثورة وتحريف مسارها, فلا زال في الوقت متسع لاعادة النظر بالتحرك السابق ووضع أسس الحراك الجديد . واعلموا أن كل سلبيات النظام السابق لا يمكن أن تقارن بأهوال المصائب التي ستحط على الشعب اليمني في ظل الطائفية البغيضة اذا أخذ السيناريو الأعجمي مساره .
واقول للشباب ان لا ينساقوا وراء شعارات مضللة وخادعة تدغدغ مشاعره وحاجته للخلاص من الفقر والفساد وبحثا عن فرصة هنا وهناك , وتذكروا المثل العربي \" تجوع الحرة ولا تأكل بثديها\", والمثل الآخر \"المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين \" وصنعاء رابع عاصمة عربية وصلت اليها مخالب العجم ويراد لها ان تكون جحر لدغ لباقي العرب لا سمح الله .
ولقد كان دخول المليشيات الطائفية المسلحة الى صنعاء الحبيبة والمدن اليمنية وسيطرتها على مقاليد السلطة بتواطؤ من أتباع \" أبي رغال\" الغادر , هو بداية فرض تغيير طائفي على اليمنيين بصورة تدريجية . وهو ما حصل في التجربة المرة التي عاشها الشعبي العراقي ولا يزال مسحوقا تحت جحيمها بسبب المليشيات والتنظيمات الطائفية البغيضة التي تستغل الدين أسوأ استغلال . وكما في العراق وباقي البلدان العربية , فقد رأينا إن المليشيات هي مخالب المشروع الايراني وغطاءه للهيمنة على المنطقة .وهذه التنظيمات هي عدو الدولة الشرعية والقانون وستدمر كل القيم الحضارية .
وأني واثق من قدرة الشعب اليمني على كشف ورفض الخداع والتضليل الذي يمارس عليه من قبل حركات مأجورة ومنافقين وتجار الأزمات ومنتهزي الفرص الذين يريدون اعادة عقرب الساعة الى الوراء .
وأود التأكيد هنا على أن شعارات الاصلاحات التي يرفعها البعض تكشفها الممارسات والارتباطات الخارجية , فلو كانت الدعوات صادرة من قوى يمنية تسعى لحل مشاكل البلاد وفق نظرة يمنية , فإنها تكون مقبولة وقابلة للنقاش , ولكن الارتباط بمشروع دول اقليمية لها أطماع باليمن والمنطقة ينسف كل الادعاءات ويربطها بمصالح الدول الخارجية وهو ما حصل في العراق عندما جاء الاحتلال تحت شعار تغيير النظام الدكتاتوري بآخر ديمقراطي , فإذا بنا نخضع لاحتلال علني وآخر خفي ألعن منه خلق فتنة راح ضحيتها ملايين القتلى والنازحين والمهجرين . لذا أنصح أهلي في اليمن أن لا يسمحوا للاخرين أن يجعلوا اليمن ساحة صراعات اقليمية يكون اليمنيون وقودها كما حصل في العراق , وأن يحذروا كل المسميات التي تخفي وراءها الخراب للعرب والمسلمين مثل القاعدة والحوثيون والمليشيات.
وأنا هنا لا أدعوا الى معاداة جماعة الحوثيين كلهم بل يجب الاهتمام بهم لأنهم أبناء اليمن في النهاية مع الحرص على توعيتهم بأبعاد المؤامرة, وأن قيادتهم تريد ان يكونوا أداة للمشروع الأعجمي في اليمن .
وندائي ونداء كل عربي الى أهلنا من مشايخ اليمن الحكماء ورجال الدين والعسكريين والكوادر العلمية والثقافية وكل الخيرين في اليمن , أدعو ان تتجاوزوا كل الخلافات وان تلتحموا وتدعموا طاقات الشباب للوقوف بوجه طاعون الطائفية المدمر . وأنا واثق من خلال معرفتي الجيدة بالمجتمع اليمني العظيم أن فيه قدرات جبارة قادرة على تصحيح مسار الأحداث وإفشال المؤامرة شرط الاتفاق على منهج عمل واضح يضع مصلحة اليمن ومستقبله فوق كل اعتبار . واقول للاغلبية الصامتة من الشعب اليمني : اعلموا ان الطوفان عندما يأتي فلا مفر منه .
هذه الرسالة ليست توجهيات لا سمح الله , بل هي خلاصة تجربة مرة يعيشها الشعب العراقي , وهي امنيات صادقة من محب يحتفظ بقدر كبير من الوفاء للشعب اليمني الطيب الذي أتمنى له كل الخير والتقدم , والله من وراء القصد .