في عام 1990م ودون اي حرب اتفق الشمال والجنوب على توحيد الشطرين ونص الاتفاق على بناء دولة قوية مشتركة بالتساوي بين الشطرين ، ولكن حب السلطة دفع بالمتسلطين في الشمال الى الانقلاب على ذلك الاتفاق في عام 1994م واجتاحوا الجنوب مستندين الى فتوى من علماء السوء والبلاط التي حللت قتل النساء والاطفال ونهب الممتلكات واسقطوا بذلك الاجتياح قرار الوحدة الشعبية الحقيقية الذي كان قد وقعت بحبر الاقلام عام 90م وصنعوا قرار جديد ينص على فرض الهيمنة على الجنوب ووقعه طرف بدماء الطرف الاخر فارضين سياسية الامر الواقع .
ابناء الجنوب ونظرا لافتقادهم الى قوة عسكرية قوية وتخلي حلفائهم الدوليين عنهم بعد ان كان نظام الشمال قد وعد حلفاء الجنوب بتمكينهم من الهيمنة على اليمن فقد رضخ الجنوبيين لسياسة فرض الامر الواقع طوال 13 عام الى أن اعلن عام 2007م عن الحراك الجنوبي السلمي الذي يطالب بحق تقرير المصير وفك الارتباط القسري بالشمال مستندا في طلبه الى مظلومية ابناء الجنوب التي لا ينكرها إلا ظالم , وكون اليمن جزء من جسد الوطن العربي الذي اصيب منه في بداية الامر الجزء التونسي بظاهرة الربيع العربي عام 2011م ثم انتقلت الظاهرة الى اجزاء اخرى من جسد الوطن العربي وكان اليمن احد الاجزاء التي انتقلت اليه الظاهرة فثار الشمال مسقطا صالح وازداد حراك الحراك الجنوبي وتأثيره ووجوده .
ولأن ثورة 2011م التي اسقطت صالح لم تسقط النظام بأكمله فلم يكن حراك الجنوب يلفت الاهتمام لدى القوى الخارجية التي تهيمن على قرار اليمن والسبب في ذلك ان سقوط صالح لم يؤثر على هيمنتها كون النظام ظل موجود وسقط احد رموزه فقط ، لكن وعقب ثورة 21 سبتمبر 2014م العظيمة التي اسقطت كل رموز النظام ومراكز النفوذ فقدت تلك الدول هيمنتها على اليمن او بشكل ادق على الشمال الامر الذي جعل انتباهها يلتفت الى حراك الجنوب فاتجهت الى الدفع ببعض قياداته السابقين الى العودة للواجهة وتأجيج حراك الحراك اكثر وتعالت اصواتهم المطالبة بالانفصال وظهر اولئك القادة على الشاشة بعد اختفائهم طوال السنوات الماضية وخصوصا الذين كانوا لاجئين لدى الجارة - التي تعتبر اليمن حديقة خلفيها لها -والتي دفعت بهم الى العودة مؤخرا الى الجنوب .
الدول التي فقدت هيمنتها على الشمال وتفكريها في انها ستفقد ايضا هيمنتها على الجنوب الذي يتمتع بموقع جغرافي هام ويتحكم في اهم مضيق بحري ويمتلك ثروة نفطية لا يثير خوفها وحسب بل يثير هلعها ورعبها لأن انتهى هيمنتها على اليمن يفقدها اهميتها في المنطقة فاتجهت بشكل واضح الى الدفع بخيار الانفصال وتحقيقه باي طريقة كانت وباي ثمن مستغلة مظلومية الجنوب ومستخدمة ذريعة حق تقرير المصير متلاعبة بمشاعر ابناء الجنوب رغم ان تلك الدول كانت من اكثر المشاركين في قتل وحدة عام 90م .
طبعا خيار تقرير المصير حق مكفول للشعب ولا يستطيع احد مصادرته لكن ونظرا للوضع الذي يعيشه الجنوب وما يعانيه من تمزق داخلي وعدم وجود قيادة يجمع عليها كل ابناء الجنوب وافتقاده لعامل القوة يجعل من خيار حق تقرير المصير في هذه الفترة بالذات نار لتمزيقه وتحقيق اطماع الدول الاخرى فتتمكن من احكام سيطرتها عليه
فحق تقرير المصير يكون اتخذاه صائب اذا كنت قوي وتملك قيادة يجمع عليها الجميع ولديك قدرة على احكام السيطرة على الوضع والقيام بمهام الدولة التي تسعى الى الانفصال عنها ، وفي كل الاحوال لو حكم ابناء الجنوب الاحرار العقل ونظروا الى الواقع بعيدا عن العاطفة التي اصبحت دول خارجية تجيد استخدامها والتلاعب بها سيجدو ان الوضع قد تغير عقب ثورة 21 سبتمبر لان كل مراكز النفوذ التي تسببت في مظلوميتهم قد تم اسقطها واصبح بالإمكان اعادة كل حقوقهم ومحاسبة كل من تسبب في اجتياحهم وشن الحرب عليهم وجبر ضررهم خصوصا وأن من اهم اهداف ثورة 21 سبتمبر تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي تتضمن مخرجاته حلا جذريا وعادلا للقضية الجنوبية .