لا يختلف أحد حول ما تشكّله المفرقعات النارية من خطر وضرر بالغ على صحة وسلامة الإنسان وعلى البيئة وما تسببه من إقلاق للسكينة العامة.. وبالرغم من وجود قرار من الدولة بمنع استيراد وتداول هذه المنتجات الضارة التي يؤدي انتشارها إلى عواقب وخيمة؛ فلاتزال الأسواق تعج بمختلف الأشكال والألوان للمفرقعات النارية التي تزين رفوف المحلات التجارية، ويتم تداولها واستخدامها في أمانة العاصمة وفي عدد من المحافظات بكل حرية.
وللأسف أن ذلك يحدث على مرأى ومســمع من جميع الجهات المســؤولة؛ مع أن ذلك تحدٍ صارخ ومخالفة صريحة للقرار الصادر بهذا الشــأن من قبل الجهات المعنية في الدولة.
وهناك مناسبات معروفة يتم خلالها الترويج لتلك المفرقعات وتداولها في الأسواق، حيث تنتشر مع قدوم شهر رمضان المبارك وخلال الأعياد وكذلك خلال حفلات أفراح الزواج، ويزداد الأمر سوءاً خلال الشهر الكريم الذي يستمر فيه القلق وإيذاء الصائمين والقائمين الكبار والصغار وإيذاء المريض والعاجز والرضيع طوال الشهر ليلاً ونهاراً، ويمتد هذا السلوك الشائن حتى حلول أيام عيد الفطر ليشكّل ذلك ذروة الانفلات والإزعاج، وبالإضافة إلى رواج المفرقعات والإسراف في استخدامها، هنالك مظهر آخر سيئ للغاية وهو إحراق إطارات السيارات في الأحياء السكنية وفي الشوارع العامة بدعوى الترحيب بقدوم شهر رمضان والتعبير عن الفرحة والابتهاج!!.
وبدلاً من استقبال الشهر الفضيل بالإخلاص في العبادة وتلاوة كتاب الله وعمل الخير والعطف على الفقراء والمساكين، وعدم إيذاء الناس والإضرار بهم، بدلاً من كل ذلك يتم استقباله بتلك الهوجة، وتعريض البشر للضرر والقلق وتلك أسوأ معصية، فما يحدث مخالفة لما أمر به الله ورسوله ولتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي نهى عن الإضرار بالناس وعن إقلاق المريض والعاجز والطفل في منازلهم وفي الشوارع والأحياء السكنية، وبكل أسف أن حدوث تلك التصرفات غير السوية يتكرر دون اعتراض العديد من الأسر على حدوثها من قبل الأبناء رغم أنها تؤذيهم وتؤذي الآخرين، وتلك مشكلة وخلل في شأن التربية.
والحقيقة أن المسؤولية مشتركة يتحملها الجميع بدءاً بالجهات المسؤولة في الدولة، وفي مقدمتها وزارة الداخلية؛ الجهة المعنية بضبط المخالفات والممارسات الخاطئة التي تضر بالسكينة العامة وبأمن المجتمع واستقراره، ونفس القدر من المسؤولية تتحمله مصلحة الجمارك باعتبارها الجهة المعنية بمعرفة نوعيات المنتجات المستوردة في المنافذ والموانئ الجوية والبحرية والبرية، وضبط المحظور اســتيراده من تلك المنتجات الضارة كالمفرقعات النارية والمبيدات الســـامة غير المصرح باســتيرادها وغيرها من المنتجات والمواد المحظورة، أما دور التوعية الجماهيرية فتتكفل به وزارة الإعلام بأجهزتها المختلفة، ووزارة الأوقاف عبر الخطباء والدعاة في المساجد، حيث إن عامل التوعية بمخاطر تلك المنتجات على الإنسان والبيئة يشكّل أهمية كبيرة.. تضاف إلى ذلك ضرورة قيام الأسرة بدورها الذي يعتبر عاملاً أساسياً مهماً في توعية وإقناع الأطفال والشباب بخطورة استخدام تلك المنتجات وما يمكن أن تسببه لهم وللآخرين من أذى وتعرضهم للخطر.
وللقضاء على هذه الظاهرة هناك عدد من المعالجات التي تعتمد على التنفيذ الفعلي لقرار منع المفرقعات النارية حماية للمواطنين وللأطفال وللبيئة، وأهمها قيام الجهات المسؤولة متضامنة بواجبها في ضبط عملية إيقاف الاستيراد لأنها مفتاح الضرر؛ إضافة إلى وضع الاحتياطات اللازمة ضد تهريب المفرقعات والمنتجات المؤذية للبشر، كما يجب أيضاً تنظيم حملات تفتيشية مستمرة على المتاجر والمحلات التي تمارس بيعها سواء بالجملة أم بالتجزئة، وإتلاف الكميات المضبوطة منها لديهم، وفرض العقوبات والغرامات المناسبة على المخالفين لتطبيق القرار سواء من المواطنين أم التجار، ويفترض أن يتزامن ذلك مع تنظيم حملة توعية إعلامية جماهيرية عبر مختلف الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة تبيّن مخاطر المفرقعات النارية على الإنسان والبيئة وما تسببه من أضرار.
وتأكيداً لمصداقية التنفيذ الفعلي للقرار الذي يُمنع استيراد وتداول واستخدام تلك المفرقعات، لابد أن يطبق ذلك على جميع المواطنين بحيث يشمل ذوي الوجاهة وكبار القوم الذين يستخدمونها في مناسبات الأفراح والليالي الملاح بإسراف بيّن، وعدم السماح لأحد بانتهاك القرار اعتماداً على ما لديه من نفوذ، حيث يفترض أن يكون أولئك قدوة حسنة لجميع أفراد المجتمع في احترام الأنظمة والقوانين.
تلك هي القضية وننتظر بفارغ الصبر أن تبادر الجهات المسؤولة بتطبيق قرار منع المفرقعات النارية دون تهاون أو تساهل حرصاً على المصلحة العامة حتى يعيش الناس في سلام آمنين.
Drbarakato@gmail.com
* نقلا عن الجمهورية نت