المنظمات المجتمعية اليمنية بين الاسترقاق وأمل الاستحقاق!!
بقلم/ د.عبدالكريم القدسي
نشر منذ: 11 سنة و شهرين و 28 يوماً
الثلاثاء 20 أغسطس-آب 2013 04:35 م

كنت في لقاء جمعني مع زملاء حقوقيون يتبعون وزارة حقوق الإنسان، وكم تمنى هؤلاء رؤية مساهمات جادة من قبل المنظمات المجتمعية بعناوينها الطيفية(الحقوقية-الخيرية،،،،الخ)، وذلك لرسم إستراتيجية شراكة حقيقية مع مراكز صنع القرار ومؤسسات الدولة (الأمنية والضبطية –العدل--الشؤون القانونية-والعمل والشؤون الاجتماعية) ، تطرق اللقاء للعديد من القضايا التي تهم إسهام منظمات المجتمع المدني(هيئات-مؤسسات-جمعيات،،الخ) بقضايا الكرامة الآدمية وبما يخدم الحالة الإنسانية والقيم الداعية إلى تساوي أفراد المجتمع بالحقوق والواجبات، باعتبارها قيمة

 فاعلة تجسد رؤية السمو بسلامة الأبدان والأذهان، وكينونة الحفاظ على القيمة الإنسانية (الفكرية- والبدنية)، و استفادة الحياة بنتاج المنظمات المدنية الفاعلة منها، وذلك لردم هوة الاستغلال المفزع للإنسان وآدميته(فكره-بدنه)، لكبح جماح تجارة الاسترقاق الفكري والبدني، والحفاظ على هدية الخالق من نعمة العقل و مقومات الحركة وديمومة التنعم بما وهب للبشر من مكونات أعضاء البدن المتعافي البعيد عن استغلالية الإنسان لأخيه الإنسان،،،،،،

ومن الضرورة استنهاض الوعي المجتمعي ليسهم برقي الحياة، ليتعافي الفكر بمقومات بقائه المستند على عطايا التناغم بين أعضاء الجسد ونتاج العقل (منظومة روح متكاملة حسية- وفكرية)، وأقول أن ما أعجبني في ذاك الحديث الجامع:هو الفكر المتأني في استقراء الواقع وبما يحمل من مآسي وأحزان، تختزل قيمة الكرامة الإنسانية، وتمتهن الجسد الإنساني، وراء عناوين استغلالية شتى، وذلك في ضل غياب العدالة المجتمعية والتشريعات الفاعلة، ومن بين أهم أسبابها زيادة هوة الفقر الأسير وراء الوعكات الاقتصادية والسياسية ،والصراعات المجتمعية التي تتجسد من خلال هذه

 العناوين، بفعل غياب القوانين الصارمة التي تنظم حياة الفرد وتصون كرامته، وأن وجد البعض منها تبقى حبيسة الأدراج والرفوف، وحينها تخضع الكثير من القضايا الإنسانية الحقوقية لظلم العرف أو لتقديرات الانتهاز والفساد المسكون في غياهب دهاليز القضاء و الأجهزة الضبطية ، وهذا ما يؤدي إلى تفشي أوكار وعصابات الاسترقاق (البدني- والفكري)،في ضل غياب مصفوفة التكامل والتعاون بين الأجهزة الضبطية -الرقابية والقضائية ، ما يجعل الخلل في منظومة العمل المؤسساتية القضائية والضبطية تقع في نطاق الاستغلال بين أرجوحة القوانين المبددة والتشريعات

 الضائعة التي تحدد جرم تلك القضايا وعقوباتها، والمؤلم أن نرى الأجهزة الضبطية في الكثير من القضايا تتمحور وراء قدسية الذات المستغل لوضعنا المجتمعي ، بخاصة عندما نرى هؤلاء وقد أمسكوا بالمجني عليه ليصبح جاني وضحية في آن واحد، وأن أمسكوا بالجناة بقدرة قادر تحاك حبكات وقصص انتهازية لإطلاق سراحهم، وهكذا تموت الكثير من أسرار وخفايا الكشف عن تلك العصابات التي تغتال كرامة الشرف والأبدان ، ما جعل الفقراء أكثر عرضة لامتهان حرياتهم وكرامة أبدانهم ، بفعل تخمة الكروش المسكونة بالثراء والانتهاز وفعل الفساد المبدد للكثير من القضايا التي

 تموت أسرارها وخفاياها وراء جبروت الوجاهة- المال- والقوة ،، من هنا فأن وجوب أشراك منظمات المجتمع المدني الفاعلة منها هي حالة ضرورية لإسناد الحياة من غول العبودية واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، بغية تقليل نفوذ المال وسطوة التسلط العاشق لتجارة الأوطان والأبدان،، .

أحد الزملاء من الحضور من العاملين في وزارة حقوق الإنسان، سألته كم عدد المنظمات الأهلية المتواجدة المصرح لها بالعمل في وطننا "اليمن"، سواء كعناوين أو واقع عمل؟؟ أجابني بلغة الأرقام :العدد يربو عن 9000 منظمة( منها أكثر من 50 منظمة أجنبية عامله في اليمن)،حقاً صعقت بهذا العدد المهول ، وعشت الصدمة، ولا زالت تعيش وجداني وكياني نظراً لخطورة هذا الرقم الفلكي المجنون، وقلت في خاطري، أين إسهامات المنظمات ذات البعد الإنساني والخيري في واقعنا المجتمعي !!؟؟، سواء المنظمات الحقوقية المدعومة من منظمات حقوقية أجنبية أو المنظمات الخيرية المدعومة

 عربياً أو إسلاميا،نعم أيها الأصدقاء والأحبة: لكم نسمع من جعجعة لكننا لا نرى طحيناً ، نتاجاً لواقع معاش خيري وحقوقي سوى القليل مما تيسر، والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: أين نتاج العمل الإنساني ومساهمات هذه الجمعيات على مختلف عناوينها الحقوقية والخيرية،،،،الخ؟؟،،،،

لا شك بأن الأحزاب سواء التقليدية منها أو الأحزاب ذات الطابع المتأسلم سياسياً، لديهم الكثير من تلك التفريخات العاشقة لتقديس المال وجلب الأرزاق على وقع الصراعات السياسية والأزمات الاقتصادية والأخلاقية التي تعيشها شعوبنا العربية - واليمن جزأ من هذا الأداء، كما أن الكثير من هذه المنظمات ،تسير على وقع التباين بين النتاج الثوري المستقل والانتهاز الحزبي المنتصر لذاته ، وهنا لا أنتقص مجمل الأداء لتلك المكونات ذات الطابع الحقوقي أو الطابع الخيري ، لكنني أفصح عن مكامن الخوف من أن تصبح الكثير من تلك العناوين من المنظمات الخيرية

 والحقوقية مخطوفة هي الأخرى كوطني المخطوف بيد الأحزاب والمشاريع الإقليمية والدولية، ، وحينها لن تشفع مجتمعنا كثرة العناوين بقدر العشق ألسرابي المجنون وراء تلاقح الانتهاز والفساد والاستبداد، وتلاقي تلك العناوين مع مرتع المشاريع الصغيرة وقدسية الذات،في غياب الدور الرقابي والأسس المنظمة لأداء تلك المنظمات على كافة عناوينها، وهنا أطرح السؤال على: وزير حقوق الإنسان "حورية مشهور"، وكذا وزيري الشؤون القانونية و الشؤون الاجتماعية والعمل و أقول: أين يكمن دور الشراكة بينكم وبين تلك المنظمات؟؟، أين دور الرقابة الغائبة والتقارير

 السنوية التي تبين مستوى أداء تلك المنظمات!!؟؟ ،والتي من المفترض أن تكونوا انتم من تساهمون رقابياً وبما تم تنفيذه من برامج و مصفوفات عمل ومساهمات شراكة حقيقية تتعقب الأداء والتميز، لتقولوا لمن أحسنوا كثر الله خيركم ؟؟،وتقولوا لمن يستخدمون العناوين الإنسانية الحقوقية والخيرية مطية كسب سلعية أو رابحة قفوا عن هذا الصلف اللعين ،على أن تسحب التصريحات الممنوحة للمنظمات التي تعمل كعناوين انتهازية،،،،،،

من هنا يتحتم على تلك الوزارات أن تعمل بجدية نحو تقنين الكم المهول من تلك العناوين، وإبقاء النوع النموذجي ليساهم في بناء الصرح المجتمعي ،والارتقاء بأداء الحياة ،على وقع الشراكة التي تتلمس هموم الوطن وهموم الأبدان وكرامتها،، وكبح جماح التطاول على الفقراء والمحتاجين، وبما تفعله الأكف الليلاء، العاشقة لربحية الاتجار بكرامة الإنسان وأعضاء الأبدان، وبما نسمع عن بروز قضايا الاتجار بالأعضاء وكافة الانتهاكات التي تتعرض لها الطفولة بفعل أوكار تهريب الأطفال إلى دول الجوار،

والسؤال الأكثر إلحاح اليوم لماذا يا وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تصرفون تصريحات العمل للكثير من المنظمات التي تمارس الاسترقاق!!؟؟،أين دور وزارة حقوق الإنسان للاختيار النوعي لتلك المنظمات التي تثبت حسن سيرتها ونجاح أدائها!!؟؟،،،نعم لا يأس يغتال أحلامنا للأبد، ولن تبارحنا تباشير الصبح الآتي وسنبقى على أمل، عل الضمائر تستنهض، لتتحقق أماني البسطاء والشرفاء لاستشراف الآتي من السنين في وجود المخلصين من محبي الوطن، اليمن أغلى، وحماك الله يا يمن