|
استضافت بريطانيا يوم 27/1/2010 مؤتمراً دولياً شارك فيه ممثلو 24 بلد عربي وأجنبي ومندوبين عن مؤسسات مالية عالمية خصص للتباحث بملف اليمن المتشعب والمتعدد المخاطر حيث هناك الحرب مع الحوثيين ، وتنامي تنظيم القاعدة ، والحراك الجنوبي الذي يطالب بالإنفصال . وصودف زمن انعقاد المؤتمر مع اعلان السعودية دحرها الحوثيين المتسللين الى اراضيها ودفعهم بإتجاه الإنكفاء مسافات بعيدة في الداخل اليمني. ورغم ان الإجتماع لم يدم اكثر من ساعتين، إلا ان القرارات التي تم اتخاذها كانت في غاية الأهمية وسيحصد اليمن نتائجها الإيجابية فيما لو تحققت هذه القرارات بالسرعة المطلوبة، لأن الأوضاع لا تحتمل المماطلة والتسويف وأطلاق الوعود دون السعي الجدي الى تنفيذها . وبدا من خلال الإجتماع ان قضية تنظيم القاعدة هي ما يشغل بال المجتمع الدولي اكثر من ملف الحوثيين ومن ملف الحراك الجنوبي اللذين ينظر اليهما – على ما يبدو – من منطلق ان حلهما مرتبط بمدى ما تحقق الدولة من تنمية داخلية ومن لامركزية ادارية . وهذان الملفان يصبحان خطران بقدر ما يتم استغلالهما من قبل تنظيم القاعدة، حيث تتردد احاديث اعلامية عن تنسيق ما يقوم بين الحوثيين وتنظيم القاعدة ، كما هناك محاولة جادة من تنظيم القاعدة لكسب تأييد الحراك الجنوبي .
وتعود محاولة دعم القاعدة للحراك الجنوبي إلى منتصف العام الماضي 2009، حين أعلن ناصر الوحيشي ـ زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب ـ دعم الحراك، وخاطب الجنوبيين بتسجيل صوتي قائلا: " إن ما تطالبون به حقكم كفله لكم دينكم، فلا يمارس باسم الحفاظ على الوحدة والظلم والقهر والاستبداد". معتبرا "إن الوحدة من صنع الشعب كافة، وليست حكراً على شخص". وهذا يعني ان مواجهة القاعدة هي في سلم اولويات المجتمع الدولي.
وبناء على ذلك جاءت قرارات المؤتمر الذي استضافته لندن، و نصت على
التالي: أولا: التزام اليمن بمواصلة برنامج الإصلاح والالتزام ببدء مناقشة برنامج لصندوق النقد الدولي للإصلاح، وهذه قضية ركز عليها مندوب الصندوق الدولي لتقديم برنامج الإصلاح ومساعدة الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات في هذا المجال. ثانيًا: إعلان مجلس التعاون الخليجي عن استضافة اجتماع لدول المجلس والجهات والدول المانحة الغربية هذا الاجتماع يكرس لبحث سبل توزيع وتقديم الدعم لليمن ومساعدة الحكومة اليمنية على تحديد أولوياتها. والأرجح ان السعودية هي التي ستستضيف المؤتمر في شهر مارس / آذار المقبل. ثالثا: المجتمع الدولي ممثلاً في هذا الاجتماع يلتزم بتقديم الدعم للحكومة اليمنية في مواجهة القاعدة بموجب كل القرارات الدولية.
رابعًا: اتفق المؤتمرون على تقديم المزيد من الدعم في عدد من القضايا الأمنية الأوسع نطاقا خاصة الدعم لخفر السواحل اليمنية من قبل جهات مختلفة. خامسًا: الإتفاق على بدء عملية رسمية لأصدقاء اليمن، تتعامل مع تحديات أوسع نطاقا يواجهها اليمن ومن ذلك مجموعة عمل حول الحكم والعدالة وتعزيز سلطة القانون ورشح عن المفاوضات التي جرت في اطار مؤتمر لندن، ان هناك تخوف كبير من ان يكون تنظيم القاعدة قد استفاد من الأوضاع العامة التي تسود اليمن وقرر ان ينقل نشاطاته من افغانستان الى هذا البلد الذي لا تستطيع حكومته بإمكانياتها الضعيفة مواجهة تنظيم متمرس في عمليات التخفي، ويملك موارد مالية كبيرة يعرف كيف يستغلها لشراء ولاء اشخاص كثيرين، كما يعرف كيف يستفيد من الأوضاع الأمنية السائبة في بعض دول جوار اليمن مثل الصومال لينتقل عبرها الى اليمن او من اليمن الى الخارج، كما يعرف كيف يستفيد من سوق السلاح المتوافر بسهولة في اليمن حيث تظهر اخر الدراسات المختصة ان كل 100 شخص يملكون نحو 25 قطعة سلاح. والمعلوم ان قيادة الجزيرة العربية في تنظيم القاعدة تقيم في اليمن وأن مئات التكفيريين قد انتقلوا من افغانستان ومن مناطق مختلفة من العالم الى هذا البلد ، ليضافوا الى أتباع التنظيم الداخليين ، وقد اقاموا معسكرات للتدريب، ومخازن كبيرة للأسلحة ، وتملكوا الأراضي والسيارات ، والمراكب السريعة لتهريب الأنصار او لنقل المتفجرات وإختيار تنظيم القاعدة لأرض اليمن لا يعود فقط الى التركيبة القبلية والعشائرية في البلاد والتي هي ارض خصبة لإستقبال عناصر القاعدة ، بل ايضاً لأن موقع اليمن الإستراتيجي يلعب دوراً اساسياً في المخططات التي يسعى تنظيم القاعدة الى تنفيذها، حيث حدود اليمن مع السعودية بطول 1800 كلم، وهناك حدود كبيرة مع سلطنة عمان، كما هناك خليج عدن ، والبحر الأحمر ، وباب المندب ، والشواطىء القريبة لإريتريا وجيبوتي والصومال. ويضاف الى ذلك بدء الضغط العسكري الكبير على تنظيم القاعدة وعلى حلفائه من طالبان في افغانستان وباكستان، وبدء الضغط السياسي ايضاً حيث طلب رئيس افغانستان حامد كرزاي من السعودية التوسط لدى طالبان للدخول في مشروع مصالحة وطنية الأمر الذي حتم على قيادة تنظيم القاعدة ايجاد المأوى البديل خاصة وأن الرياض اشترطت لقاء التوسط ان تتخلى طالبان عن تحالفها مع اسامة بن لادن هذه التحديات المحدقة باليمن هي التي استوجبت الإسراع بعقد مؤتمر دولي ولكن العبرة تبقى في تنفيذ ما تم الأتفاق بشأنه.
*رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي
في الجمعة 29 يناير-كانون الثاني 2010 08:21:12 م