يد البطش الحوثية تطال ملاك الكسارات الحجرية في هذه المحافظة افتتاح كلية التدريب التابعة لأكاديمية الشرطة في مأرب اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟ حمدي منصور لاعب نادي السد بمحافظة مأرب ينتزع ثلاث ميداليات ذهبية ويحقق أعلى النقاط في بطولة الأندية العربية للووشو بالأردن صورة.. هل ظلم الحكم الإماراتي المنتخب السعودي أمام استراليا؟
يُمارس الأن وزير العدل السوداني السيد عبدالباسط سبدرات عادة ملتصقة تماماً بمهام وواجبات وزراء الخارجية حيث صار يقضي جل وقته على طائرات الحكومة السودانية متنقلاً من دولة إلى أخرى حاملاً رسائل خاصة من الرئيس البشير إلى زُعماء الدول العربية والأفريقية بقصد حشد تأييد سياسي كبير يدعم موقفه في مواجهة دعوة الأرجنتيني السيد أوكامبو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والذي طلب فيها من المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال في حقه، والجنرال البشير رئيس الدولة الأفريقية الذي قضى وقت أطول من غيرة في سدة حكم بلاد بوسط جغرافي ساخن بموجب ماجاء في الترجمة الحرفية لمذكرة المدعي العام مُتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وجرائم إبادة، وهما جريمتان من حيث الاختصاص الموضوعي تدخل نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية وفقاً للمواد(5،6،7) من النظام الأساسي للمحكمة، والسؤال الذي يطرحه كثيرون هل ينعقد فعلاً الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة رئيس دولة بهذا الشكل الذي طالب به المدعي العام
( أوكامبو)، وهل يسمح القانون الدولي بذلك؟
قبل الجواب على التساؤل المطروح أشير إلى أنني سبق وأن كتبت موضوعاً عن المحكمة الجنائية الدولية واختصاصاتها وطبيعة المدعي العام فيها لمأرب برس يمكن العودة إليه بتتبع اللاين التالي: http://marebpress.net/articles.php?lng=arabic&id=295 ، حيثُ يتضح فيه أنني نصحت الحكومة السودانية وقتها بضرورة التفاعل القانوني السريع مع مذكرات المحكمة الجنائية الدولية القاضية باعتقال السيد علي كوشيب ( أحد زعماء ميليشيات الجنجويد المتعاونة مع الحكومة السودانية، والسيد أحمد محمد هارون وزير دوله بالحكومة السودانية السابقة، وزير شؤون حقوق الإنسان في الحكومة السودانية الحالية، فالمواجهة السياسية لن تُفيد كثيراً الحكومة السودانية باعتبارها في كل الأحوال مثلها مثل غيرها من بلدان العالم الثالث الفقيرة رقم صغير(مكشوف) في معادلة طويلة (معقدة).
يجب أن نتذكر رد السيد بي كي مون سكرتير الأمم المتحدة عندما طلبت منه الحكومة السودانية التدخل بعد طلب المدعي العام الدولي من المحكمة إصدار مذكرة اعتقال للرئيس البشير، إذ قال: أنه يأسف لعدم استطاعته عمل شيئ كون طلب المدعي العام مرتبط باجراءات قضائية لا تدخل ضمن نطاق تأثير اختصاصاته، كما أن الاتحاد الأفريقي رغم قوته وتأثيره على بعض المقررات الدولية فيما يتعلق بالقضايا ذات الشأن الأفريقي هو الأخر فشل في إقناع مجلس الأمن بالتدخل لوقف هذا الطلب، كذلك الجامعة العربية هي الأخرى فشلت في إصدار حتى بيان يُرضي السودانيين واكتفت بمبادرة(سرية) ظاهرها رحمة وباطنها عذاب مضمونها ضرورة التحرك على الاتجاهين السياسي والقانوني.... لإنقاذ أحد الرؤساء العرب من إصدار أمر بمذكرة مهينه كهذه!!!؟
إذا ومما سبق يتضح أن الطريق الوحيد الذي يجب أن تمضي فيه الحكومة السودانية هو الطريق القانوني فحسب، ومن هنا يبدأ الخط القانوني في هذا الموضوع......
الاختصاص للمحكمة الجنائية ينعقد حال تحقق أربع جرائم نص عليها النظام الأساسي للمحكمة في المادة(5) وهي وفقاً لذلك كالتالي (1)جرائم الإبادة الجماعية، (2)جرائم ضد الإنسانية، (3) جرائم الحرب، (4)جرائم العدوان..... ووفقاً لهذا التصنيف فإن موضوع مايُتهم به البشير من فعل يدخل ضمن الاختصاص الموضوعي للمحكمة الجنائية الدولية...، لكن هل مجرد تحقق هذا الاختصاص يجعله فعلاً واقعاً لامناص منه؟
الأمر لايقف عند هذه النقطة فحسب، فلأجل ينعقد الاختصاص للمحكمة الجنائية الدولية وفق ماتقدم يجب توافر أحد ثلاثة شروط شرطان عامان وشرط خاص بحالة الرئيس البشير (بصفته)... تفاصيلها جميعاً كما يآتي:
الشرط الأول: لابد أن تكون هذه الجريمة مرتكبة بالفعل في إحدى الدول الموقعة على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية وهي ماتسمى بنظام روما الأساسي للمحكمة بالدول الأطراف، أو أن يكون مرتكب هذه الجريمة مواطن لأحد هذه الدول أو أجنبي يتواجد بشكل مؤقت أو دائم في دائرة نطاق اختصاص إقليمها الدولي، ولهذا فإن الدولة الطرف تكون مُلزمة بالتعاون قضائياً مع المحكمة الجنائية الدولية بمقتضى المادة (14) من نظام المحكمة الأساسي، وكما تعلن الحكومة السودانية أنها ليست دولة طرف بالنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ولم توقع على اتفاقية اختصاص هذه المحكمة فهنا يُمكن القول أن هذا الشرط غير متحقق في حالة الرئيس السوداني، ولايمكن التعويل عليه قانوناً في ملاحقة البشير قضائياً من المحكمة الجنائية الدولية...
الشرط الثاني: بشكل ملتو وبصياغة قانونية خطيرة استطاع القانونييون المحترفون الذين أوكلت إليهم مهمة صياغة النظام الأساسي لهذه المحكمة من مد يد المحكمة الجنائية الدولية إلى خارج نطاق الدول الأطراف باتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، فلمجلس الأمن حق إحالة فعل متعلق بإحدى الجرائم الأربع إلى المحكمة للتحقيق واتخاذ الاجراءات القانونية والقضائية المناسبة ضد من قام بارتكابها وفقاً للمادة13/ب، وحيث سبق لمجلس الأمن في وقت سابق أن أحال موضوع الجرائم المرتكبة في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية فإن الاختصاص هنا ينعقد للمحكمة الجنائية الدولية حتى وإن لم تكن السودان عضو طرف، أو حتى موقّعة على النظام الأساسي للمحكمة....... وبالتالي فإن للمحكمة ملاحقة الرئيس البشير ومطاردته بمذكرات اعتقال وليس بمذكرة واحدة هذا وفقاً لنص المادة المشار إليها آنفاً...
الشرط الثالث وهو شرط خاص بصفة الرئيس البشير، فكما هو من المعلوم فإن رؤساء وزعماء الدول ومسؤوليها السياديون وأعضاءها الدوبلوماسييون يمتلكون حصانه دولية تُعدّ في تاريخ النظم القانونية من الحصانات الأقدم تاريخياً، لكن وفي حقيقة الأمر ومن خلال القانون الذي يحكم اختصاص محكمة الجنايات الدولية وهو نظامها الأساسي( نظام روما) فإنه لاحصانة لأحد أمام إجراءاتها، فلم يرد نص يمنح زعماء الدول ورؤساء الأنظمة السياسية فيها حصانة من أي نوع، بل أنه جاء نص صريح في النظام الأساسي للمحكمة ينص على عدم حصانة رؤساء الدول من المتابعة القضائية أمام المحكمة حيث نصت المادة (27) من النظام الأساسي للجمعية بما نصه:( يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بالصفة الرسمية، وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص سواء كان رئيساً للدولة أو حكومة، أو عضو في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً، لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسؤولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي كما أنها لا تشكل في حد ذاتها سبباً لتخفيف الجريمة)
إذا ومن النص يتضح أن الرئيس البشير لايمكن بحال من الأحوال أمام المحكمة الجنائية الدولية أن يستفيد من حصانة منصبه الرسمي القائمة حقيقة على القوانين الداخلية للسودان و الدولية والداخلية والأعراف المقرة دولياً، ليمكن القول كذلك أنه ووفقاً لهذا النص فإن المحكمة الجنائية الدولية لها اختصاص محاكمة أي رئيس دولة بل وإصدار مذكرة باعتقاله، وبالتالي فإن لهذه المحكمة اختصاص حق نظر طلب السيد المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال في حق الرئيس السوداني.. وهذا ما دعمته الفقرة الثانية من ذات المادة(26) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إذ جاء فيها:
(( لا تحول الحصانة أو القواعد الاجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية الشخصية للشخص سواءاً كانت في إطار القوانين الوطنية أو الدولي، دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا لشخص.))
ومما سبق يتضح أن المحكمة الجنائية الدولية مختصة بنظر مايتهم به البشير الرئيس السوداني من جرائم وفقاً لقواعد الاختصاص المبينة بالنظام الأساسي لهذه المحكمة، ولا يوجد مانع قانوني يحيل دون ذلك، حتى لو منحت القوانين الوطنية حصانة مُشدّدة لشخص ما فإنها لن تجديه نفعاً أمام المحكمة الجنائية الدولية.
لكن هناك نص قانوني في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية منح المنظومة الدولية ذراعاً حديدياً لمواجهة اجراءات المحكمة الجنائية الدولية حيثُ تنص المادة(16) منه على أن لمجلس الأمن حق الطلب من المحكمة الجنائية الدولية تأجيل اجراءات التحقيق والمحاكمة سنة كاملة قابلة للتجديد بطلب أخر ويشترط أن يكون لهذا الطلب قراراً كاشفاً يصدر من مجلس الأمن حيث نصت المادة (16) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أنه: (( لا يجوز البدء أو المضي في تحقيق أو مقاضاة بموجب هذا النظام الأساسي لمدة اثني عشر شهرا بناء على طلب من مجلس الأمن إلى المحكمة بهذا المعنى يتضمن قرار يصدر عن المجلس بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، ويجوز للمجلس تجديد هذا الطلب بالشروط ذاتها..))
ويتضح جلياً أن قدرة مجلس الأمن في عرقلة البدء في اجراءات التحقيق والمحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية بكل هيئاتها بما فيها المدعي العام واسعة، ويظهر هذا في ثلاثة استنتاجات من النص:
الأول: أن النص لم يعطي للمحكمة حتى حق دراسة طلب مجلس الأمن بل أن مفهوم سياق النص يذهب إلى أن طلب مجلس الأمن بتأجيل البدء في اجراءات تحقيق أو محاكمة ما متى ماكان مشفوعاً بقرار يصدره مجلس الأمن وفقاً لقواعد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة يكون هذا الطلب بمثابة الإلزام للمحكمة.
الثاني: يبدوا بوضوح أن هذا الطلب لا يقف عند عدد محدد إذ يستطيع مجلس الأمن تكرار هذا الطلب كل عام وبالكيفية المشار إليها سابقاً وحتى مالا نهاية.
الثالث: أنه لا مدة ولا إجراءات محددة يكون مجلس الأمن مُلزماً بتقديم طلبه خلالها فله أن يقدّم طلبه قبل البدء في التحقيق أو المحاكمة كما له أن يتقدم بذلك خلال اجراءات التحقيق والمحاكمة مالم تصدر المحكمة قرارها النهائي.
وبهذا المفهوم لنص المادة (16) من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية يستطيع النظام السوداني والرئيس البشير وبضغط سياسي قانوني كبير الاستفادة من هذا، لكن رد سكرتير الأمم المتحدة بالشكل الذي تم الإشارة إليه مسبقاً يظهر بدون أدنى شك أن المجموعة الغربية بمنظمة الأمم المتحدة ليست مستعدة على الأقل (نفسياً) في الوقت الحالي على تقديم خدمة ذهبية كهذه لنظام لاتستسيغه كثيراً في أفريقيا.......
ــ
khaledalj@hotmail.com