أردوغان يحسم موفقة من حرب عزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة تفاصيل لقاء وزير الداخلية مع قائد القوات المشتركة لماذا دعت دراسة حديثة صندوق النقد الدولي لبيع جزء من الذهب الخاص به ؟
مأرب برس – لندن – خاص
قبل الدخول بتحليل سيناريو إعدام الرئيس العراقي صدام حس ين رحمه الله، يجب أن نزف البشرى المقرونة بالتهنئة على سلامة جميع حجاج بيت الله الحرام، حيث كانت هناك خطة خطيرة تابعة لمسلسل مرحلة مابعد منتصف الثمانينات من القرن المنصرم والذي أمر به روح الله الخميني، والذي لأجله شُحنت السيوف والمدي والخناجر والسواطير والفؤوس من إيران نحو الديار المقدسّة، وبالمقابل شُحن لأجلها الرجال المدربين لإثارة الفتن والقتل في موسم الحج، وكان مقرّرا وعلى ما يبدو تكراره في هذا الموسم ،ومن خلال ردة الفعل التي تثيرها عملية إعدام الرئيس العراقي السني في صبيحة عيد الأضحى، ولأجل هذا عقد رجل إيران القوي في العراق عبد العزيز الحكيم عدة إجتماعات سرية وعلنية في الأراضي المقدسة، وأثناء موسم الحج ولكن وعلى مايبدو كان تحت الكونترول السعودي، ولقد أنقذ الله الأبرياء من كارثة بشرية وسياسية، وأن من يظن بأن الولايات المتحدة لا تعلم فهو يحتاج لمزيد من القراءة عن الدسائس الأميركية والإيرانية ، وعن العلاقة التاريخية بين طهران وواشنطن من جهة، وبين طهران وتل أبيب من جهة أخرى.
وجميعنا تقريبا نتذكر التظاهرات الدموية التي كانت تتعمّد على تأجيجها السلطات الإيرانية أثناء موسم الحج، ظنا منها أنه التوقيت المناسب لتصدير الثورة الإيرانية ،ومن ثم هو التوقيت المناسب للتمهيد الى مشروع الإمام الحجّة المنتظر والذي لا يظهر من وجهة نظرهم إلا عندما يصل القتل والتهجير والتسفير والمطاردة والسقوط الأخلاقي والإجتماعي ونشر الظلم الى مديات واسعة، كي يكون مبررا لهم بتصدير الثورة والتدخل في الدول والمجتمعات على أنهم حملة رايات ومشروع المهدي المنتظر.
فقبل أقل من عام إفتتح مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران آية الله علي الخامنئي مؤتمرا في مدينة( قم) و تحت شعار (شيعة علي هم الغالبون) ولقد دعيت له الشخصيات الشيعيةالتي توالي إيران، ومعهم بعض الشخصيات المنخرطة في المشروع الإيراني، وهي من مذاهب وجنسيات مختلفة، وتدعم مشروع تصدير الثورة الإيرانية ومن جميع أنحاء العالم، وتم بموجبه الإتفاق على تأسيس ( منظمة الشيعي العالمية) وإشترطوا أن تكون مقراتها في جميع أنحاء العالم، و يكون تمويلها من ثروات الدول التي يتم السيطرة عليها مثل العراق، ومن الدول التي يتواجد بها الشيعة في موقع القرار، أي من خلال خيانة الأمانة والوظائف وسلب أموال دولهم لصالح المشروع الإيراني، وأن هذه السرقات ليست حرام لأنها مُخَرّجة تخريجا إفتائيا أي من خلال الفتوى التي تجيز ذلك من وجهة نظرهم.
ولقد أعطيت خلال المؤتمر تعليمات بفتح المنظمات والمراكز الثقافية والإستراتيجية في جميع أنحاء العالم ،والتغلغل في الدول التي يتواجدون بها من خلال الهدوء والتمسكن ومناشدة السلام كخطوة أولى، أما المهمة التي أعطيت الى عبد العزيز الطبطبائي الحكيم وهو رجل إيران القوي في إيران، والذي كان حاضرا في المؤتمر هو الملف السعودي والتحرك على الشيعة في السعودية نحو الشروع بمسلسل القلاقل، ولقد صدرت تعليمات سرية حملت توقيع عبد العزيز الحكيم تطالب بالتهيؤ الى المعركة الكبرى ضد السعودية والتي أطلق عليها تسمية القلعة الوهابية، ونحو نصرة الشيعة هناك، ومن ثم العمل على إتساع الجغرافية الشيعية لتخرج من مدن القطيف والإحساء نحو مدن سعودية أخرى.
وبما أن الإشارات قد صدرت من المملكة السعودية قبل فترة قصيرة، والتي تناشد بمساندة السنة في العراق ومنع إبادتهم من قبل الشيعة الذين يوالون إيران ،وحثت الولايات المتحدة على قبول هذا التوجه ،والهدف دعم السنة في العراق، ومن ثم تحجيم الدور الإيراني هناك ،ويبدو أنها خطة بديلة عن بناء السور على طول الحدود العراقية السعودية والتي إقترحتها السعودية و رصدت لها المملكة كمقدمة بحدود 6 مليار دولار، وهناك دراسات تؤشر بأن المبلغ الكلي سيكون بحدود 12 مليار دولار، وهي قضية تقترب من النكتة، لأن هذا السور سوف يساعد إيران على إحتلال العراق و للأبد ومن ثم سيريحها هناك ،ومن ثم يساعد إيران على إنهاء العروبة والمشروع العروبي في العراق وفي المنطقة وبسط نظام ولاية الفقيه في العراق ،وسيكون هذا السور حاجزا نفسيا بين الأجيال العربية، وعلما أنه غير مجدي إستراتيجيا، وحتى وأن زود بالمجسات الإلكترونية، أو تمت حراسته عبر الأقمار الإصطناعية، فهو غير مجدي ولا يحمي المملكة من الخطر الإيراني ،لأنه لايصد الصواريخ ولا الحمم ولا القذائف ولقد جربتها إسرائيل مع الفلسطينيين وفشلت فشلا ذريعا ،وهكذا جربتها إسرائيل في جنوب لبنان ولم تنجح حيث وصلت الصواريخ الإيرانية التي أطلقها حزب الله الى العمق الإسرائيلي، وكانت مؤثرة و على الأقل نفسيا وإقتصاديا، لهذا فبمليار واحد سوف يُنقذ العراق، وبسواعد العراقيين من إيران، وستوفر حينها المملكة 11 مليار دولار لو فكرت بالطريقة الصحيحة، وأجبرت الولايات المتحدة على قبول الفكرة بشرط إعلان جدول زمني لإنسحاب القوات الأميركية من العراق.
وحتى وأن نجحت السعودية في بناء هذا السور مع العراق، فماذا تعمل إتجاه مملكة البحرين التي سيقطفها الإيرانيون سواء رضينا أم أبينا، وسواء رضى آل خليفة أو لم يرضوا، فالبحرين ستكون من حصة إيران عاجلا أم آجلا ،وإن هناك بعض المؤشرات في المراكز الإستراتيجية الغربية التي نوهت الى ذلك، وخصوصا بعد وصول الموالين لها الى البرلمان والحكومة في البحرين، ولهذا ستسلّم البحرين الى إيران إما بصفقة سرية طرفها بريطاني مثلما حصل مع أمارة المحمرة العربية عام 1925 عندما قدموا الشيخ خزعل الكعبي وأولاده هدية الى إيران وأنتهى دوره، وستكون الصفقة مقابل تعهد إيران بتزويد بريطانيا ودول الإتحاد الأوربي بالنفط والطاقة، لأن القراءة الإستراتيجية تقول إن إيران ستكون اللاعب الرئيسي في تحديد أسعار النفط والطاقة الذاهبة للعالم ومنها أوربا في حالة تحقيق هلالها الشيعي ( لبنان ــ سوريا ــ العراق ــ البحرين ــ أفغانستان ) وهيمنتها على ضفتي الخليج، وهو هلال شبه كامل تقريبا، وهذا إن لم تتعرض إيران للضربة الإسرائيلية الأميركية، أوالأميركية الإسرائيلية المباغتة وهناك فرقا ،ولا تتوهموا بأن الضربة من أجل العرب أو من أجل كراهية إيران، فالجواب لا بل من أجل المشاركة مع إيران في الكعكة الطاقوية والإستراتيجية،.
أو ربما سيتم الإتفاق بصفقة بلا حرب بين الولايات المتحدة وإيران، وطبعا هناك إسرائيل التي هي في حضن الولايات المتحدة، وحتما ستكون ثمارها ضد العرب الذين أصبحوا مهمشين من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل وحتى من قبل إيران.
ولو عدنا لقضية البحرين فهناك السيناريو الآخر لقطف الحكم لمصلحة إيران، وذلك من خلال المظاهرات الشعبية والإعتصامات المستمرة في الشوارع، والتي ستطالب بإسقاط الحكم هناك لمصلحة الشعب ( المتظاهرين) وطبعا إن من سيخطط لهم ويدعمهم هي إيران ، والهدف كي لا تؤجج الولايات المتحدة وبريطانيا والعرب والعالم ضدها ،فستقول أنه شأن داخلي ومظاهرات محلّية، وحينما سيسيطر المتظاهرون و سيتم الإتفاق إما بإزالة الحكم الملكي نهائيا ،أو أنهم سيطاليون بإبعاد الرؤوس الكبيرة التي حكمت سابقا، وأعطاء حيزا للسنة في الحكم مثلما هو حاصل في العراق.فماذا ستفعل السعودية في حينها فهل ستبني سورا أيضا؟.
، علما أن عملية أنقاذ العراق ليست من خلال دعم السنة العراقيين فهذا إنتحار جديد يبشر بمشروع طائفي جديد، بل من خلال دعم المشروع العربي في العراق أي من خلال دعم ( السنة والشيعة العرب) هناك، لأن الشيعة العرب العراقيين هم ضحية منسية، وتتعرض لأبشع أنواع التنكيل والتهجير والتحجيم والحصار والقتل من جماعات إيران في الفرات وجنوب العراق، ومن الأخطاء الشائعة بأن الشيعة العرب العراقيين هم الذين سيفوزون في الوضع الجديد في العراق ، وكذلك من الأخطاء الشائعة بأن شيعة العراق يوالون إيران والمشروع الإيراني، فهناك فرق شاسع بينهما ، وإن الهدف الإيراني لا يختلف عن الهدف الأميركي والإسرائيلي وهو تحجيم دور العرب وإذلالهم لأنهم عربا.
وبالعودة لقضية إعدام الرئيس العراقي صدام في صبيحة يوم العيد فهي آخر ورقة يلعبها الإحتلال لإشعال الفتنة الطائفية بين السنة والشيعة كي يهرب من العراق، لهذا جاء التوقيت وعلى ما يبدو بترتيب إيراني أميركي إسرائيلي كويتي، ولهذا أعلنت إيران بأن يوم الوقفة هو ليس يوم الجمعة بل يوم السبت، والغاية الإسراع في الإعدام ليكون إشارة طائفية واضحة بأن إيران أخذت ثأرها من الرئيس صدام كونه رئيسا للعراق وسنيا، ومن ثم كي يكون هناك طلاقا بين العيد السني والشيعي في المستقبل، ولو جئنا لعملية الإختلاف فهي تحدث عادة في شهر رمضان، أي يكون عيد الفطر في إيران وعند المرجعيات الشيعية الإيرانية في العراق ولبنان والبحرين بعد العيد الذي تعلنه الدول العربية حبا بالتفريق والإنعزال وتأسيس النهج الإيراني، ولهذا تفاجأ الجميع بأن يحدث الإختلاف في عيد الأضحى هذه المرة، لهذا تمنّوا أن يتزعزع أستقرار حجاج بيت الله الحرام من خلال هذا التوقيت أيضا ، وتمنوا أن تُستغل الفوضى في الحجيج ليأخذوا زمام المبادرة بالعبث في الجبهة الداخلية السعودية لمصلحة المشروع الإيراني، ولإشعال الفتنة مذهبيا ،ولكن هذه المرة بين الدول المختلفة مذهبيا أي بين الرياض ومن معها ،ضد إيران ومن معهأ ، ولكن قدرة الله حالت دون تحقيق ذلك، وحرص السلطات السعودية على السهر من أجل سلامة حجاج بيت الله الحرام عندما تعمّدت السلطات السعودية لتوزيع الحجّاج الإيرانيين الى مجموعات منعزلة بعضخا عن بعض، وهكذا عمدت بإستخدام الإسلوب نفسه إتجاه بعض الجنسيات التي تميل للشغب، وذلك منعا لحصول البلبلة وإستغلال موسم الحج ،وهنا نطرح على القارىء الفطن سؤلا: لماذ تواجدت محطات التلفزة الأميركية وفي مقدمتها شبكة الـ ( CNN ) في الديار المقدسة ولأول مرة وبهذا الحجم والإنتشار إن لم تكن السلطات الأميركية لديها تصور مسبق بأن هناك شيئا ما سوف يحصل؟.
اما التنحي الأميركي عن القضية فهو سخيف لأن كل شيء في العراق بيد الولايات المتحدة، ومن يقول عكس ذلك فهو مخدّر أو من مسامير القاطرة الأميركية
، فهي التي شجعت نوري المالكي ليتجاوز القانون والدستور العراقيين ( إن كان هناك دستورا وقانونا) والذي ينص أن من يوقع على قرار الإعدام هو الرئيس ونائبيه، ولكن الرئيس ترك بغداد وذهب الى دويلته في السليمانية، وتعمّد على إستقبال النواب السنّة وبعض الأكراد في الحكومة ليوحوا بأنهم لا علاقة لهم بموضوع إعدام صدام حسين كي تتجسّد المذهبية وبتعليمات من المايسترو الأميركي, فلهذا وتحت مبدأ( العَزّة بالإثم) إستل قلمه المالكي فوقع على قرار الإعدام وخرج ليزف إبنه عريسا على عروسته ضمن مراسيم إحتفالية صاخبة، وهي عملية إستهتار بالقيم الإسلامية والإجتماعية والأخلاقية، وكذلك هي إهانة الى شرائح كبيرة في العراق، وبنفس الوقت إستطاعت الولايات المتحدة إهانة جميع المسلمين بعيدهم، وهكذا أهانت الأمة العربية وقادتها جميعا، عندما وافقت أن يكون ضحية العيد الرئيس صدام حسين وكأن لا مكان له ليومين أو ثلاثة في العراق ومن ثم ينفذ به الحكم بيوم آخر غير يوم العيد، وهو درس جديد من دروس إزدواجية أميركا، فهي التي لم تُحرّك قضية سنّة إيران وتذهب لتُحرّك قضايا حقوق الإنسان في الصين ومصر ، ولم تُحرّك قضية الجزر الأماراتية المحتلة ولا حتى قضية إقليم الأحواز العربي المحتل، وتذهب لتحرّك الملف الصومالي أو تبني سورا مع المكسيك أو تقرّر زيادة القوات في العراق!!.
وحتى لو عدنا لقضية الحكم على صدام فلقد جاء من أجل ولصالح إيران عندما أصروا على قضية ( الدجيل) التي حدثت أثناء الحرب العراقية الإيرانية ( 1980 ــ 1988) ولم يفتحوا الملفات الأخرى، والتي هي مهمة ومعقدة وكبيرة، لذا فعندما أصر نوري المالكي على القول ( أنني أخذت الفتوى من بعض مراجع الشيعة فوقعت على الإعدام) فهذا التصريح له مدلولات بأن العراق تحت حكم الكهنوت، وأن المرجعيّة الشيعية هي السلطة العليا في العراق ،بل هي أقوى من الإحتلال الأميركي، ومن جانبها أرادت الولايات المتحدة أن تربط المرجعيّة بالإحتلال وبالولايات المتحدة كي تبقى تدور في فلك الإحتلال، وكي لا تفكر بترك الإحتلال،و بذلك نسفت الولايات المتحدة جميع خطوط التلاقي التي ربما متبقيّة بين المرجعيّة الشيعية والشعب العراقي ( علما أن من يهيمن على المرجعية الشيعية هو الإيراني علي السيستاني ورفاقه الأفغاني بشير النجفي ، والباكستاني أسحاق فياض ، والإيراني محمد سعيد الطبطبائي الحكيم وهو إبن شقيقة عبد العزيبز الحكيم) وبذلك قــُبر مشروع المصالحة الوطنية في العراق وللأبد كي تتجسد عملية التقسيم، حيث أصبحت الفجوة واسعة جدا بين الشيعة الذين يوالون إيران في العراق وسنة العراق، وكذلك أصبحت الفجوة واسعة جدا بين المرجعية الشيعية وبين المرجعيات السنية والمجتمع السني ، وقد إنتقل رئيس الوزراء نوري المالكي من خلال إصراره على إعدام صدام بيوم العيد من موقع أنه رئيس الوزراء للعراق (فيما لو صدقنا ذلك !!) الى موقع رئيس وزراء شيعة إيران في العراق، أو رئيس وزراء الإئتلاف الشيعي، أو رئيس وزراء المنطقة الخضراء بفرعها الشيعي الإيراني، أي إنعدمت الثقة بهذا الرجل ،وهذا ما تريده إيران والولايات المتحدة كي يكون الطريق ممهدا الى الشخصية التي تليه، والتي ستكون غير مرتبطة بقضية إعدام صدام من وجهة نظرهم لتباشر بالخطوات المتبقية من السيناريو ،.
ويعتقد أن تلك الشخصية هو ( عادل عبد المهدي المنتفجي) والذي أنتقل من ( بعثي الى شيوعي الى ماوي الى يساري الى إسلامي إيراني وأخيرا الى إسلامي أميركي ) أما عل مستوى البرلمان العراقي فلقد أرادها الذين يدورون في الفلك الإيراني عملية هروب من تعديل الدستور العراقي، حيث أن هناك أكثر من( 51 ) فقرة مختلف عليها في الدستور العراقي ولقد تشكلت لجنة لإعادة النظر بها من الشيعة والسنة والأكراد، ولكن اللجنة لم تجتمع ولم يبق من المدة التي منحت لها إلا إسبوع واحد، فجاء توقيت الإعدام كي ينسفها تماما وهذا ما حصل لحد هذه اللحظة.
فمستشار الأمن القومي العراقي وصاحب نظرية الرقص على الأموات في العراق سبق وأن قال ( إن تعديل فقرات الدستور خط أحمر) وبإن بإعدام الرئيس صدام ترسخ اللون الأحمر كثيرا ،وهذا ما تريده إيران التي شاركت بكتابة الدستور العراقي وبنسبة 70% تقريبا..... ونعتبر أن جميع هذه الخطوات تصب في خانة الإعداد الى معركة بغداد الكبرى والتي هدفها تفريغ بغداد من القوى الوطنية ومن مختلف المذاهب الدينية ويبدو أنها رغبة إسرائيلية فهناك معلومات عن إشتراك القوات الكردية ( البشمركة) والتي تدربت في إسرائيل في عمليات الإعداد لهذه المعركة، وطبعا أن مستشار الأمن القومي موفق الربئيي من الحالمين بدويلة صغيرة على ضفاف دجلة يشاركه بها أحبابه وأصدقائه من الإسرائيليين.
أما الأصوات التي حرصت إيران على أن تكون حاضرة لحظات الإعدام قد تمرنت وتدربت على ما يبدو على تمثيل وإخراج المسرحية بأدق تفاصيلها ،وبالإشتراك مع الولايات المتحدة وإسرائيل والكويت، ولقد كشفها البيان الموحد الذي صدر في إيران والكويت وإسرائيل بخصوص إعدام الرئيس صدام وكأن من كتبه قلم واحد، لهذا فلقد نجحوا وبمسرحية محبوكة أن يوحوا للناس بأن مكان الإعدام هو الشعبة الخامسة التابعة للإٍستخبارات العراقية، والتي كانت مهمتها الملف الإيراني في العراق، والتي تقع في مدينة الكاظمية في العاصمة بغداد ،وإن من يعتقد بأنه كان هناك مكانا للإعدام وللمشنقة فهو واهم وضحية لعبة إعلامية، فإن المديرية المعنيّة كانت للإستجواب فقط، وأن الإعدام يحصل عادة في سجن أبو غريب وليس داخل هذه المديرية .
ولقد إتصلنا بضباط من الجيش العراقي السابق ، وحتى من الذين عملوا في هذه المديرية ،وأكدوا بأنه لايوجد هناك مكانا للشنق ولا حتى هناك مكانا مشابها لما شاهدناه ، وليس هناك مكانا للإعدام، وأنها كذبة مفبركة، ولقد كان هناك مرسوما جمهوريا وبتوقيع الرئيس صدام حسين يمنع بموجبه الإعدام في المناسبات الدينية والوطنية وبعض أيام الإسبوع مثل يوم الجمعة والأحد والأثنين، وكذلك يؤكد على تلبية وصية الذين يعدمون الى ذويهم والحفاظ على متعلقاتهم وذكرياتهم، أي لم يكن الوضع كما هو سائد الآن أو كما ساد لحظات إعدام الرئيس صدام ،حيث تجسدت جميع المظاهر البربرية والهمجية والغابوية والمرضية والظلامية، لهذا فإن المكان معد سلفا ولم يزره مسؤولا عراقيا بدليل أن الربيعي وبعض الذين حضروا إعدام صدام قالوا عن المكان ( أنه آسن ومظلم وتهب منه رائحة الموت) وهذا يعني أنهم لا يعلموا بمكانه سابقا، وأن من أعده الإحتلال أو المليشيات التي توالي إيران أو الأجهزة الإيرانية، وحتما أن الشخصيات الإيرانية الرفيعة التي تم القاء القبض عليها من قبل قوات الإحتلال وقبل ثلاثة أيام من الإعدام كانت غايتها حضور لحظات الإعدام ،أو الغاية تهريب الرئيس صدام حيا أو ميتا نحو إيران أو نحو مكان ما في العراق أو في الخارج.
ولهذا تم تطوير أو تعديل الأدوار من خلال الهتافات المتعمّدة باسم ( مقتدى الصدر) ومن ثم ذكر اسم آية الله محمد باقر الصدر وهو المفكر الشيعي الذي أعدمه النظام العراقي في عام 1980 وهو مؤسس حزب الدعوة الإسلامية في العراق والذي ينتمي له نوري المالكي، وصدور الصلوات بلكنة إيرانية، وجاءت الخاتمة من خلال التصوير عبر جهاز الهاتف النقال ( الموبايل) ليتم توزيع الفيلم ، فكان الهدف الإيحاء بأن من أعدم صدام هي ليست إيران والإحتلال وإسرائيل، بل هو مقتدى الصدر ومليشيات جيش المهدي، ومعهم حزب الدعوة الذي ينتمي اليه الجعفري ونوري المالكي وهو الحزب غير المرغوب به من قبل إيران و المجلس الأعلى للثورة الإسلامية بزعامة عبد العزيز الحكيم ،وبهذا أرادوا إخراج منظمة بدر والمجلس الأعلى وإيران من مسألة إعدام الرئيس صدام، ومن ثم رمي العصافير كلها بحجرة واحد ولصالح مشروع الإحتلال والتغلغل الإيراني.
وبالفعل إنطلت اللعبة على الكثيرين و حتى على بعض وسائل الإعلام المرئية والمقروءة والمسموعة والتي
هدفها التخلص من مقتدى الصدر وجيش المهدي الذي للآن لم يغادر خانة مقتدى الصدر بشكل كلي، وللحقيقة فأن جيش المهدي تعرض للإختراق المدروس، ولهذا أصبح جزء منه يوالي إيران والرئيس الإيراني نجاد، والقسم الآخر تحول الى قاطع طريق ومؤجج للصراعات الطائفية والمناطقية، أما القسم الثالث فأصبح مع الإحتلال، والقسم الرابع وهو القلّة لازال بين خانة مقتدى الصدر وخانة الكتلة الصدرية في البرلمان، والتي هي الأخرى أصبحت تريد التخلص من مقتدى الصدر بعد تثبيت مسقبلها السياسي والعلاقاتي مع الإحتلال والأطراف السياسية العراقية، ولأن أفراد هذه الكتلة أصبحوا مؤهلين ــ من وجهة نظرهم طبعا ــ لقيادة التيار الصدري وما تبقى منة جيش المهدي و بدلا من مقتدى الصدر.
لهذا أرادوا من خلال الهتافات التي صدرت أثناء لحظات الإعدام بأن يقولوا لقبيلة الرئيس صدام، ولأعضاء حزب البعث ولمحبي الرئيس صدام داخل وخارج العراق بأن دم رئيسكم وقريبكم وحبيبكم برقبة مقتدى الصدر وجيش المهدي، وكذلك برقبة حزب الدعوة ، وأن الإحتلال وإيران وإسرائيل والكويت دول ليست لها علاقة بإعدام صدام ،ولم يعلم حكامها بالإعدام، علما أن مسألة تصوير الإعدام وتصعيد الهتافات وإستفزاز الرئيس صدام كانت مقصودة ومحبوكة من قبل دوائر الإحتلال، وبإيعاز مخابراتي وسياسي أميركي، وهنا لا ندافع عن مقتدى الصدر أو عن جيش المهدي ،فمهمتنا التحليل و من وجهة نظر معينة، ومن ثم نحن نعرف بأن مقتدى الصدر ورفاقه قد سعدوا بإعدام صدام حسين ظنا منهم بأنه هو من أمر بإغتيال والد وأشقاء مقتدى الصدر عام 1999 ولكن الحقيقة هو مخطط إنجليزي إيراني إسرائيلي لأنه كان رجلا عروبيا وعلى خصومة شديدة مع السيستاني، ومع المشروع الإيراني، ومن الرافضين للتغلغل الإيراني في المرجعية الشيعية، وفي شؤون العراق، ومن الرافضين لنظرية ولاية الفقيه، وكل هذا كان سببا للتخلص منه ليُمَهَد الطريق للسيستاني ولإيران وللإحتلال ولإسرائيل، لأنه لو كان باقيا لكان جيفارا وغاندي العصر من خلال طرده للإحتلال وليس من العراق فقط بل من المنطقة كلها ومن خلال قيادته للمسلمين وبمختلف مذاهبهم.
فالولايات المتحدة من جانبها وعلى ما يبدو تيّقنت بأن عملية إخراج أيران من العراق ولبنان والمناطق التي دخلتها بعد الحرب على العراق أصبحت شبه مستحيله، لهذا أصبحت تميل لتقوية القوس السني مقابل الهلال الشيعي ( ونتكلم بهذه الصيغة إضطراريا ومن أجل البحث والتوضيح لأننا نرفض التسميات الطائفية)لهذا أعطت الإيعاز الى سفنها وحاملات طائراتها وربما الى غواصاتها بالتحرك نحو منطقة الخليج العربي، والهدف هو حماية القوس السني ،والذي سيتكون من الدول الخليجية زائد اليمن مع الإشارات المغرية نحو سوريا علما أن سوريا في وضع قوي وأصبح هناك تنافسا شديدا على حبها والإستحواذ على قلبها ، ولكن الذي يخيفنا هو غيرة الحبيب الإيراني فيما لو تزحزحت دمشق بإتجاه الطرف سين أو صاد ،فإن المساحة التي تركتها إيران لسوريا ونتيجة تقاعس وتواطىء من العرب طبعا ضيقة جدا، وإن أي تحرك لسوريا ربما يثير إنتباه طهران، وربما يُحسب بطريقة خاطئة من قبل إيران وحينها تكون الأمور غير سارة لدمشق والتي هي أمام مسؤوليات تاريخية كونها القلعة المتبقية للمشروع العروبي والقومي، وهذا بحد ذاته يخلق نوعا من
الصراع الداخلي داخل نفوس القادة في سوريا ، ونتيجة ذلك فنحن نعتقد بأن زيادة التواجد الأميركي في الخليج له أهداف وأسباب كثيرة ومنها:
أولا:
فربما سيكون هذا التواجد عامل مساعد فيما لو تكفلت إسرائيل بضرب إيران وعلى الأقل من أجل أخذ زمام المبادرة وليس من أجل إسقاط النظام في إيران.
ثانيا:
وربما جاء من أجل توفير البيئة المناسبة للجيش الأميركي الذي سينسحب من العراق وبأية لحظة نحو دول الخليج العربي.
ثالثا:
ربما جاء التواجد العسكري كخطوة أولى لمحاصرة التغلغل الإيراني في العراق وبدعم عربي للأطراف السنية في العراق.
رابعا:
ربما جاء للضغط على إيران من أجل مساومتها على أوراق تخص العراق ولبنان وسوريا والبحرين.. أو من أجل فرض اللقاء معها ولكن بالشروط الأميركية.
خامسا:
ربما جاء من أجل مباغتة سوريا وبالإتفاق مع إسرائيل لخطفها من إيران ،وبذلك يتم تقطع الهلال الشيعي التي تنوي إيران تأسيسه والسيطرة عليه.
سادسا:
ربما جاء من أجل الإعداد الى مسلسل الحصار الصارم على إيران والإعداد الى الضربات أو الحرب الخاطفة بإتجاه إيران في المستقبل.
سابعا:
ربما جاء وبتفاهم مع بريطانيا ومجلس التعاون الخليجي من أجل منع سقوط مملكة البحرين بيد إيران من خلال القادة السياسيين الذين يوالون إيران في البحرين.
ولكن وكعادتنا لا نستثني الطرف القادر على قلب جميع الطاولات، وهو الطرف المقاوم ( المقاومة العراقية) وبجميع أطيافها فهي حتما لها رأي بهذا كله، وأنها تراقب جميع التحركات والمتغيرات ،خصوصا وأن بين صفوفها من هم خبراء في الفن السياسي والعسكري والعملياتي والإستخباري ،وإن من يظن أنها أصبحت ضعيفة بعد إعدام الرئيس صدام فهو لا يجيد قراءة الواقع العراقي، فنحن نجزم أنها ستكون أقوى وأكثر صلابه بالدفاع عن الشعب العراقي والعراق والأمة العربية، فنعم أن أحد شروطها قد سقط وهو إطلاق سراح الرئيس صدام، ولكن حتما سيكون هناك شرطا بديلا وقد يكون صعبا على الإحتلال وحكومة المالكي التي هي صنيعة أميركية وإيرانية.... وسنرى.
كاتب ومحلل سياسي - مركز البحوث والمعلومات