إنهيار مخيف للريال اليمني في عدن صباح اليوم الخميس محكمة الاستئناف الكويت تحجز قضية طارق السويدان للحكم أردوغان يحسم موفقة من حرب غزه و يعلن قطع العلاقات مع إسرائيل القيادة الأمريكية تعلن عن ضربات جوية جديدة تستهدف مخازن أسلحة الحوثيين وتصدي لهجماتهم في باب المندب مدير أمن المهرة يكشف عن حرب و مواجهات للقوات الأمنية مع مهربي المخدرات مكتب المبعوث الأممي يكشف تفاصيل لقاء سابق مع قيادات من حزب الإصلاح صاغت مسودته بريطانيا.. مجلس الأمن الدولي يصوت بالإجماع على قرار جديد بشأن اليمن الحكم على نجم رياضي كبير من أصل عربي بتهمة الاعتداء الجنسي الحوثيون يخنقون أفراح اليمنيين ..كيان نقابي جديد يتولى مهمة تشديد الرقابة على عمل صالات الأعراس مراقبون يكشفون لـ مأرب برس «سر» استهداف مليشيات الحوثي لـ أسرة آل الأحمر بصورة ممنهجة
قرأتٌ قبل فترة خبراً طريفاً وعجيباً لا يحدث عادة سوى في الغرب، مفاده أن محكمة بريطانية أصدرت حكما يلزم مصنعاً بتعويض عامل فيه بمبلغ يوازي مليون دولار بالتمام والكمال، أما الغريب والطريف فليس ضخامة التعويض فحسب بل كان مبرر التعويض نفسه، إذ تعود القصة إلى شعور العامل برغبةٍ بالتثاؤب أثناء العمل فتثاءب بقوة حتى افتك فكّاه من شدة التثاؤب، فرفع قضية يطلب فيها تعويضاً من إدارة المصنع وقد ناله بالفعل، وكان مما جاء في حيثيات الحكم ومبرراته قول القاضي أن المصنع ملزم بالتعويض لأنه لم يوفر كما يجب عملا للعامل مما أدى به للتثاؤب "فطقّ" فكه!!.
ونسمع بين آونة وأخرى عن حوادث مشابه هي في نظرنا غاية في السخف أحيانا لكنها في منتهى الأهمية والجدية في نظر القضاء الأوروبي والأمريكي الذي يعطي للإنسان وحقوقه أهمية قصوى لا مجال فيها للدعابات، فكيف نفهم مثلا تعويضا مجزيا لصالح رجل أو امرأة انزلقت قدمها عرضاً في باحة سوق تجاري؟.
لعل نظرية المسؤولية تفسر بعضاً مما غمض في كيفية إصدار مثل هذه الأحكام، فكل جهة أو مؤسسة أو إدارة مهما تعددت مسمياتها تكون ملزمة قانونيا وأخلاقيا بتوفير كل مقومات الأمان والسلامة لكل مرتاديها من موظفين وعمال وزائرين ومستفيدين في كل المرافق التي تتبعها بالضرورة، وإن أي تقصير قد يؤدي إلى أي ضرر تكون هي لا محالة مسؤولة عنه.
وهذا ما يدفع هذه الجهات إلى توخي كل سبل الرعاية والاهتمام والتوعية لإخلاء مسؤولياتها عن خطأ يتعداها بعد أن تكون قد أدت واجبها، فنفترض وضعها لوحات إرشادية تنبه للأخطار وتفسر حدود المسؤولية مثل وضع إشارة "العظمتين والجمجمة" في إشارة إلى خطر الصدمة الكهربائية أو حتى "احذر الدهان" أو الانزلاق أو الإشارات المرورية المحذرة وغيرها مما يلزم، للدفع لاحقا بعدم مسؤوليتها في حالة عدم انتباه المتضرر لهذه التحذيرات.
وطبعا لا يخلو تراثنا العربي الإسلامي من كل هذه المقومات الحافظة للإنسان جسدا ومعنى بل حتى للحيوانات والدواب، فنرى الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول قولته الشهيرة "والله لو أن بغلة في العراق عثرت لسألني الله عنها لمَ لم أسوي لها الطريق".
وهذا الأسبوع فقدنا عزيزا علينا من أصهارنا، وهو شاب ميسور الحال تعرض لحدث سير قاتل في المنعرج الذي وصفناه في مقال سابق بعنوان "باب الخطر" على طريق صنعاء الحديدة، وكأنّ مهمة إدارة مرور "باجل" قد أصبحت فقط البحث عن أرقام هواتف أقارب الضحايا وإبلاغهم بالحضور لاستلام جثامين أبنائهم، أما أن تلاحظ تكرر الحوادث في هذه النقطة إحصائيا وتعقد الاجتماعات مع الجهات ذات الصلة لفهم سبب هذا التكرر ووضع الحلول المناسبة من إشارات ومعالجات فلم نسمع بهذا حتى الآن.
وفي هذا الإطار؛ وفي حرق سريع للمسافات والزمن اليوم ولكل الحوادث التي سبقت ولم تحاسب عليها أي جهة، نوجّه للمؤسسة العامة للطرق وللإدارة العامة للمرور ولكل الجهات ذات الصلة التهاني بعدم وعي المواطن اليمني اليوم بقدرته على مقاضاتكم بسبب الإهمال المؤدي إلى الوفاة وإتلاف الممتلكات على الطرق السريع خصوصا.
إن منطق الأمر لا يعني السعي للتربح من هذه القضايا -إن رفعت- أو إضاعة الوقت في المنازعات بقدر ما هي رمز واضح الدلالة أن على هذه الجهات أن تخلي مسؤوليتها القانونية والأخلاقية تجاه المواطن الذي عليه وحده أن يتحمل بعدها عواقب أخطائه وإغفاله للإرشادات المفترضة في كل مكان يحتوى خطرا يهدده.
وهنا أعود للمرة الألف للتساؤل: هل للصحافة اليمنية دور يذكر في معاضدة الجهود الرامية للإصلاح، وهل صوتها مسموع فيما تعرض بما يكفي؟ بعبارة أخرى أوضح هل تقوم الملحقيات الصحفية وإدارات العلاقات العامة في الجهات الحكومية وغير الحكومية والقطاع الخاص أيضاًُ بواجبها في عرض ما تكتبه الصحافة للتمحيص والتحقيق ووضعها أمام أنظار صناع القرار في هذه الجهات أم أنه لا حياة لمن تنادي؟.
* خبير إعلامي ومدرب
n.sumairi@gmail.com