آخر الاخبار

اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟ حمدي منصور لاعب نادي السد بمحافظة مأرب ينتزع ثلاث ميداليات ذهبية ويحقق أعلى النقاط في بطولة الأندية العربية للووشو بالأردن صورة.. هل ظلم الحكم الإماراتي المنتخب السعودي أمام استراليا؟ مع تواصل انهيار العملة.. الرئيس يبحث هاتفيا مع رئيس الحكومة خطة الانقاذ الإقتصادي وتدفق الوقود من مأرب وحضرموت ترامب يرشح أحد الداعمين بقوة لإسرائيل في منصب وزير الخارجية

عن النموذج التركي وأردوغان وحقيقة العلاقة بالعلمانية 3
بقلم/ أ. د/أ.د.أحمد محمد الدغشي
نشر منذ: 7 سنوات و 11 شهراً و 26 يوماً
الخميس 17 نوفمبر-تشرين الثاني 2016 04:01 م
العلمانية (الأم) تدعم الانقلاب الفاشل
يتبع: ثانياً: العامل الخارجي : من الدعم والمساندة إلى التآمر والانقلاب
ربما أجاب ماتقدّم جزئياً على دور العامل الخارجي في العقد الأول من حكم العدالة والتنمية في عدم قيام انقلاب سريع تجاهه، لكن لم تكد تمض السنوات التالية لذلك العقد بسلام، إذ سرعان ما بدأت الاستدراجات لإيقاع النظام التركي في مشكلات عدّة لعل أبرزها في هذا السياق تلك المواجهات التي كان معدّا لها مع روسيا، وافتعال جملة من التحديات الرامية إلى خلق بيئة اضطراب وعنف وصراع مجتمعي داخلي، وحين وُجد أن الحكومة تنبهت لذلك عمدت تلك الأطراف أو بعضها إلى التعجيل بذلك الانقلاب الفاشل في 15/7/2016م. واتضح أنها كانت هيأت الدعم الواسع لنجاحه، غير أنه مع ذلك فشل!!
وقد تضمن خطاب للرئيس التركي طيب أردوغان إلى الشعب التركي ألقي في اليوم التالي للانقلاب 16/7/2016م مايشبه التلميح البعيد بداية إلى دور الإدارة الأمريكية في ذلك، من خلال عدم تفاعلها مع ماوصفها الرئيس أردوغان بالتحذيرات المتكررة المرسلة إليها من أن جماعة (حزمت) أو تيار الخدمة (وهو ما يُعرف بـ(التيار الموازي) داخل الحكومة التركية) تخطّط لأعمال تخريبية في تركيا، ولم تلتفت أمريكا لذلك، حتى وقع الانقلاب فعلياً، وطالبها بسرعة تسليم رئيس تلك الجماعة ( فتح الله كولن) المقيم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، حيث نحى باللائمة عليه وعلى جماعته في تنفيذ الانقلاب! وكرّر ذلك على نحو من الاتهام المباشر للإدارة الأمريكية في 29/7/2016م، مصارحاً لها في خطاب علني بأن نقدها للإجراءات والتدابير التركية في ضبط الوضع الأمني يعني تأييداً منها للانقلابيين، وهو مادفع البيت الأبيض للتعبير العاجل في اليوم ذاته عن رفضه لتلك الاتهامات .
والواقع أن الارتباك الأميركي في التعامل مع المحاولة الانقلابية في ساعاتها الأولى كان جلياً؛ ففي أول ردّ فعل عليها، تنصّل وزير الخارجية الأميركي جون كيري من إدانتها، واكتفى بالتعبير عن أمله بالهدوء والسلام ووجود سلطة تدير شؤون البلد (10). 
كما كان الوزير الأمريكي كيري قد علّق في 16/7/2016م بأن من شأن الاتهام للولايات المتحدة بالضلوع أو التواطئ مع الانقلابيين أن يعمل على توتير العلاقة بين البلدين، وأن أمريكا تنتظر تقديم أدلة قانونية من أنقرة، تثبت تورّط غولن في محاولة الانقلاب الفاشل، فيما عبر رئيس الوزراء التركي علي يلدريم في مؤتمر صحفي عقده في 18/7/2016م عن خيبة أمل أنقره من رد فعل واشنطن تجاه مطالبتها أدلة على ضلوع فتح الله غولن في الانقلاب بعد كل ما رأته أمامها، وأضاف في خطاب آخر أن الولايات المتحدة لم تستند إلى أدلة قائمة على تحقيقات حين أعلنت حربها على (الإرهاب ) في 2001م. 
وزاد وزير العمل التركي فصرّح أنّ الولايات المتحدة "دبرت" محاولة الانقلاب(11) . 
وثمة تساؤلات تركية كثيرة حول الموقف الأمريكي من الانقلاب، لاسيما عدم قيام القوات الأميركية المتمركزة في قاعدة إنجرليك الجوية بمنع إقلاع طائرة تزويد وقود في الجو لطائرات أف 16 التي شاركت في المحاولة (12).
وتؤكد جملة المعطيات أن الولايات المتحدة تأخرت في إدانتها للانقلاب، حتى بات من المؤكّد سيطرة حكومة العدالة والتنمية على الوضع في البلاد فراحت تعلن تأييدها الذي لم يخلُ من تلكؤ. ولم تختلف عواصم الاتحاد الأوروبي عن الموقف الأمريكي إذ لم تسارع إلى تأييد إدانتها للانقلاب ، وانتظرت حتى أعلنت حكومة العدالة والتنمية سيطرتها على الأوضاع تماماً في 16/7/2016م، ومن ثمّ أعلن الاتحاد وقوفه بعد ذلك معها. 
ومما يشير إلى انزعاج بعض دول الاتحاد من فشل الانقلاب تصريح وزير الخارجية الفرنسي أن انتصار الحكومة التركية على الانقلاب لايُعطي أردوغان (صكّاً) على بياض، وهنا يُشار إلى أن باريس كانت قد وجّهت بعثتها الديبلوماسية العاملة في أنقرة إلى الإغلاق قبيل يوم من الانقلاب، وعزت ذلك إلى ما وصفته بتهديدات أمنية! وفي حين يؤكّد الناطق باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالن صحة ذلك فإنه يشير إلى أن التهديدات الأمنية حدثت في اليوم ذاته في مدينة (نيس) بفرنسا وليس في تركيا!! (13) أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فأبلغ أردوغان أنه يجب أن لاتكون هناك إجراءات غير دستورية.! 
وفي 18/6/2016م يصرّح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة معاً أن على تركيا احترام الديموقراطية، وحقوق الإنسان، والحريات الأساسية. وقد شاركت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد فيديريكا موغيريني في ممارسة الضغوط على تركيا، خلال مؤتمر صحافي جمعها بكيري يوم 18 /7/2016م في بروكسل، فقالت:" إنّ محاولة إعادة عقوبة الإعدام لمعاقبة المتهمين بالضلوع في الانقلاب يمكن أن يؤدي إلى استبعاد طلب تركيا بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي" (14) .وقد ردّ وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بأنّ الانتقادات الموجهة من دول أخرى بشأن تعامل تركيا مع المشتبه بتدبيرهم الانقلاب يرقى إلى مستوى دعم المحاولة الفاشلة التي سعت للإطاحة بالحكومة(15).  
فيما صرّح جون كيري من جانبه ثانية أن على تركيا عدم التمادي في فرض النظام بعد محاولة الانقلاب، وقد جرّ ذلك إلى تلاسنات بين مسئولين أتراك على أعلى المستويات وآخرين من الولايات المتحدة. وكل ذلك يشير إلى عدم الانسجام مع سياسة أردوغان وحزبه، وأن عدم نجاح الانقلاب مثّل لهم صدمة نفسية وسياسية عسيرة! إذ لو كان ثمة انسجام مع السياسة التركية لسارعوا بإدانة الانقلاب أول سماعهم به، لا أن ينتظروا حتى يطلع الصبح، بعد أن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود، فيشرعون بالإدانة على استحياء، ثم بدلاً من أن يكفّروا عن ذلك بإدانة الانقلاب، ولو متأخرين؛ إذا بالتهديدات المبطنة تتواتر على أردوغان وحزبه، وكأن ذلك تنفيس عن ما كانت تخبئه دواخلهم تجاه أمانيهم بنهاية عاجلة لحكم العدالة والتنمية! وذلك كلّه يخلص بنا إلى نتيجة باتت مؤكّدة اليوم وهي أن دوائر صنع القرار في أبرز العواصم الغربية إلى جانب واشنطن وموسكو جميعها وقفت وراء الانقلاب، إما بالتوجيه المباشر منذ البداية، وإما بالعمل على محاولة الاحتواء للانقلاب والسعي نحو توظيفه في اتجاه التخلّص من حكم العدالة والتنمية الذي بات يشكّل - في ظنها- تهديداً للجميع. وهنا فإن الانقلاب وإن وجّهت تهمته المباشرة إلى جماعة إسلامية (هي الخدمة) التي تماهت مع الخط العلماني منذ مشاركتها في الانقلاب على عدنان مندريس في 1980م؛ فإن ذلك يظل ظاهر اللعبة وشكلها الخارجي، أمّا جوهر الحقيقة فإن الانقلاب صناعة علمانية بامتياز (غربي). 
وأرجو أن لاُتنسى هذه الحقيقة- خاصة أن لنا عودة لمناقشة هوية الانقلاب لاحقاً بعون الله.
ومرة أخرى : كل شيء اختلف تقريباً هذه المرة مع نظام حزب العدالة والتنمية، وفي مقدّمة ذلك حياة المواطن التركي ومستواه المعيشي وكرامته، مع الاحتفاظ ما أمكن بقيمه الأصيلة، وهو ماتفتت على صخرة ولائه كل مؤامرات الداخل والخارج.
_______أ.د احمد محمد الدغشي من صفحتي على الفيس بوك _______________________________
الهوامش والمراجع :                                    
(10) راجع: تقرير المركز العربي للبحوث ودراسة السياسات ، مستقبل العلاقات التركية - الأميركية بعد محاولة الانقلاب الفاشلة،26/7/2016م نقلاً عن: “Secretary of State John Kerry 
responds to the possibility of a military coup in Turkey,” Politico, July 15, 2016, accessed on 26/7/2016, at:http://politi.co/2asE4cE). 
(11) راجع: المركز العربي، المرجع السابق،
Victor Kotsev and John Dyer, “Turkey blames U.S. for coup attempt,”USA Today, July 18, 2016, accessed on 26/7/2016, at:http://usat.ly/2a2WVfJ). 
(12) المرجع نفسه: 
Mark MacKinnon, “Tensions grow as Turkey, U.S. trade rebukes after failed coup,” The Globe and Mail, July 18, 2016, accessed on 26/7/2016, at: http://bit.ly/29XEFnH).
(13) قناة الجزيرة الفضائية، برنامج بلا حدود، حوار مع الناطق باسم الحكومة التركية إبراهيم كالن، حول الانقلاب الفاشل في تركيا ( حوار: أحمد منصور)، 28/7/2016م.
(14) المركز العربي، مرجع سابق،
Joint Press Availability With EU High Representative Federica Mogherini,” U.S. Department of State, July 18, 2016, accessed on 26/7/2016, at: http://bit.ly/29Vho5O)..
(15) وزير الخارجية التركي: انتقاد مقاضاة مدبري الانقلاب يرقى إلى دعمه"،رويترز، 18/7/2016، 
http://ara.reuters.comت/article/worldNews/idARAKCN0ZY2BV. (دخول في 26/7/2016م).