كيف استثمرت الولايات المتحدة واسرائيل الهجوم الحوثي على الإمارات؟
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: سنتين و 9 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 01 فبراير-شباط 2022 08:12 م
 

في 17 يناير كانون الثاني الجاري أعلن الحوثيون عن مهاجمة دولة الإمارات وتحديدا مدينتي أبو ظبي ودبي بخمسة صواريخ باليستية وطائرات مسيرة استهدفت مطاري أبوظبي ودبي ومصفاة النفط في مدينة " مصفح " وهو ما أثار العديد من ردود الأفعال الإقليمية والدولية حيث حصدت الإمارات الكثير من المواقف المتضامنة معها حيث توالت بيانات الإدانة الإقليمية والدولية لهذا الهجوم..

ولكن كيف تعاملت الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل مع هذا الحدث ؟

وكيف سعت لاستثماره ؟

وما هي المكاسب التي تسعى لتحقيقها على اثر هذا الحدث ؟

تساؤلات سنجيب عليها في هذا التقرير ...

◼️ عرض أمريكي بالحماية وبيع أسلحة

رأت واشنطن في هذا الهجوم الحوثي على الإمارات فرصة لتؤكد على حضورها الدبلوماسي والسياسي والعسكري في المنطقة ولذا فقد تفاعلت بشكل سريع مع الحدث وعقب هذا الهجوم قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ستعيد النظر في قضية إعادة إدراج الحوثيين على قوائم الإرهاب ، وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إن واشنطن تدين الاعتداء الحوثي على السعودية والإمارات، وتلتزم بالدفاع عن أمن شركائها في منطقة الخليج.

وأشار إلى أن واشنطن تعمل جاهدة مع السعودية والإمارات على تزويد شركائها بما يحتاجون للدفاع عن أنفسهم ، وإيقاف تدفق الأسلحة والأموال إلى مليشيا الحوثي، ومحاسبة قياداتها.

مضيفا بأن بلاده ستواصل محاسبة الذين يقفون وراء هذا السلوك، وملاحقة الضالعين في الهجمات العسكرية التي تهدد أمن وسلامة المدنيين والاستقرار الإقليمي.

في ذات السياق ، قالت القيادة المركزية الأمريكية إن قواتها في قاعدة " الظفرة " بأبوظبي مستعدة للرد على أي هجمات لاحقة للحوثيين.

وقالت، في بيان لها، إن قواتها في الإمارات واجهت تهديدين صاروخيين داخليين، وتم التعامل معهما باستخدام عدة صواريخ باتريوت اعتراضية وأن الجهود المشتركة مع القوات الإماراتية نجحت في منع الصاروخين من استهداف القاعدة، كما عملت على حماية أفرادها.

الولايات المتحدة الأمريكية بدأت باستثمار ما حدث واعلنت عن جاهزية قواتها لحماية حلفاءها في الإمارات وأبدت استعدادها لإعادة النظر في تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية حيث اعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن في 20 يناير كانون الثاني الجاري أن إدارته تدرس إعادة تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية دولية .

◼️مكاسب واشنطن من الهجوم على الإمارات

تدرك واشنطن أن الحوثيون لن يواصلوا قصف الإمارات للتداعيات الخطيرة لتحويل الإمارات إلى دولة غير آمنة ومستقرة لأن استقرار الإمارات لا يهم شيوخ الإمارات ومواطنيها فقط بل يهم الدول الكبرى فهي دولة وظيفية تخدم الدول الكبرى في المنطقة ، كما تدرك واشنطن بأن هذا الهجوم هو رسالة من الحوثيين للضغط على الإمارات لتبتعد عن الصراع في اليمن.

ولكن واشنطن سعت لتضخيم ما حدث إعلاميا حيث دعت الخارجية الامريكية في 27 يناير كانون الثاني الجاري المواطنين الأمريكيين الذين يفكرون في السفر إلى دولة الإمارات على إعادة النظر وأشارت إلى وجود تهديدات عن وقوع هجمات باستخدام صواريخ أو طائرات مسيرة.

كما نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤول أمريكي تصريحه أن إيران غير مشتبه بها في الهجوم على أبو ظبي، " فالحوثيون يعملون بمفردهم "، على حد تعبيره.

إضافة إلى بيان القيادة الأميركية والتي أشارت فيه إلى أنها رفعت حالة التأهب في قاعدة الظفرة في الإمارات أثناء الهجوم، وأن قواتها احتمت في الملاجئ قد أرادت منه التأكيد على خطورة ما حدث وهي تصريحات أمريكية تصب لصالح الخطاب الإعلامي الحوثي والتهديدات المتكررة من الحوثيين بجعل الإمارات غير آمنة ، كما تؤكد ان واشنطن أرادت تضخيم حجم الخطر الحوثي على الإمارات لدفعها إلى شراء أسلحة أمريكية ومنظومات دفاعية لحمايتها من الصواريخ الباليستية والطائرات الحوثية المسيرة ، إضافة إلى تقديم الإمارات خدمات جديدة في ملفات المنطقة مقابل التعاون الأمريكي معها .

لقد وجدت واشنطن في هذه الهجمات فرصا جديدة لتؤكد أنها لم تنسحب من المنطقة وأن منطقة الخليج ما تزال على قائمة أولوياتها وأن لديها استعداد لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية وملاحقتهم واتخاذ تدابير ضدهم ومنها محاصرتهم بحريا ومصادرة أية أسلحة إيرانية تتدفق إليهم وأن واشنطن ما تزال تعمل على حماية حلفاءها في المنطقة وملتزمة بأمن الإمارات، وتقف متحدة مع شركائها الإماراتيين .

 لقد عزز الهجوم الحوثي على الإمارات من حاجة الإمارات لواشنطن حيث تسعى الإمارات لشراء منظومات دفاعية أمريكية أكثر تطورا إضافة إلى منظومات حماية من الطائرات المسيرة الدقيقة ومن الصواريخ الباليستية وهو ما يعني انتعاش سوق الأسلحة الأمريكية وتحقيق واشنطن لمكاسب جديدة في المنطقة .

◼️مكاسب اسرائيل من الهجوم على الإمارات

من جهتها سارعت اسرائيل لاستثمار الهجوم الحوثي على الإمارات حيث دان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد بشدة الهجوم الذي تعرضت له الإمارات وأكد وقوف إسرائيل إلى جانب دولة الإمارات.

ودعا لبيد ، في تغريدة له على تويتر ، المجتمع الدولي إلى إدانة مثل هذه الهجمات، والعمل الفوري للحيلولة دون امتلاك إيران ووكلائها الأدوات لمواصلة تقويض الأمن الإقليمي وإلحاق الأذى بالأبرياء، على حد تعبيره.

ونقل موقع صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية عن جهات أمنية إسرائيلية قولها إنّ إسرائيل عرضت على أبو ظبي المساعدة في عمليات التحقيق حول ملابسات الهجمات التي استهدفت أبو ظبي أمس الاثنين، حيث تريد التعلم واستخلاص العبر للحيلولة دون تعرضها لهجمات مماثلة في المستقبل.

كما حملت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في 20 من يناير كانون الثاني الجاري الاستعداد الاسرائيلي لتقديم مساعدات عسكرية ودعم الأمني واستخباراتي للإمارات، بحسب محللين وباحثين إسرائيليين.

وقد بدا بينيت جادا في حديثه عن الاستعداد لتقديم الدعم العسكري وبيع المنظومات الدفاعية للإمارات ، وبهذا السياق، أفاد رئيس شركة "سكاي لوك" الإسرائيلية لأنظمة الدفاع بأن الإمارات طلبت دعمها العاجل بعد الهجوم الحوثي، وفق ما نقلته يديعوت أحرونوت الإسرائيلية.

‏وفي اليوم الثاني للهجوم الحوثي على الإمارات أي في 18 من يناير كانون الثاني الجاري نشرت وكالة رويترز نقلا عن وزارة الدفاع الإسرائيلية اعلانها إتمام اختبار جوي لمنظومة أسلحة " أرو" المضادة للصواريخ الباليستية وهو رسالة اسرائيلية للإمارات بأن هذه النوعية من الأسلحة هي من ستحمي الإمارات من الصواريخ الباليستية للحوثيين .

ولم يقف الاستثمار الإسرائيلي لما حدث عند بيع أسلحة ومنظومات دفاعية للإمارات بل رأت إسرائيل في هذا الهجوم دافعا لمزيدا من التطبيع بين اسرائيل والإمارات حيث من المقرر أن يصل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ اليوم الأحد إلى الإمارات بدعوة " شخصية " من ولي العهد الشيخ محمد بن زايد "، وفق ما أعلن مكتبه. وهذه الزيارة هي الأولى من نوعها منذ تطبيع العلاقات بين البلدين.

فضلا عن أن هذا الهجوم سيشكل دافعا لتل أبيب لمحاولة حشد الدول الخليجية خلفها لتشكيل تحالف عسكري عنوانه العريض حماية هذه الدول من خطر ايران وأذرعها في المنطقة وحقيقته استثمار ما حدث لصالح إسرائيل وتعزيز تواجدها بمنطقة الخليج والحصول على المزيد من التطبيع مع الدول العربية .

لقد استثمرت واشنطن وتل أبيب في الهجوم الحوثي على الإمارات وحققت العديد من المكاسب دون ان تقدم الحماية الحقيقية لها بل ستظل الإمارات عرضة لمثل هذا الهجوم الذي ستسعى واشنطن وتل أبيب لاستثماره مجددا .

* عن موقع قناة بلقيس .