|
إن الموافقة الأخيرة من نظام الرئيس صالح على التوقيع على المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها المقترحة من السيد جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن وهي الآلية التي لا تنص على أي ضمانات , أو حصانة للرئيس علي صالح وأركان نظامه الذين ارتكبوا جرائم حرب في حق المدنيين , والمتظاهرين , لم تأتي عن قناعة ذاتية من هذا النظام إذا ما صدقت النوايا , ووقعت المبادرة الخليجية وأنا اشك في ذلك , وإنما فرضتها الحاجة الملحة , وفرضتها قوة الشباب وعزيمتهم وإصرارهم العجيب الذي اجبر العالم وفي مقدمتهم الدول الخليجية عن ممارسة ضغوط قوية وحقيقية على هذا النظام للتوقيع على هذه المبادرة التي يرفضها شباب الثورة جملة وتفصيلا , هذا من ناحية , أما من ناحية ثانية وصول رأس النظام ومن يسمون أنفسهم بصقور المؤتمر الذين كانوا يطرحون وبقوة خيار الحسم العسكري إلى قناعة مطلقة بفشل هذا الخيار وخاصة بعد تجريبهم له في صنعاء , وتعز , وخسارتهم الكبيرة لمواقع عسكرية ومدنية كانوا يسيطرون عليها وسقوطها في أيدي أنصار الثورة سواء كانوا من مسلحي القبائل , أو من الجيش الموالي للثورة وخوفهم من أن يلقوا مصير القذافي وأنصاره أو يخسروا مواقعهم كما خسروا نظرائهم في التجمع الدستوري في تونس والحزب الوطني في مصر الثورة.
ولذلك فضل النظام وبقايا النظام وصقوره العودة إلى المبادرة الخليجية وتوقيعها للحفاظ على مواقعهم , وللبقاء داخل إطار التسوية السياسية كجزء من اللعبة السياسية المستقبلية بعد رفضها والتهرب من استحقاقاتها مرات عدة , ولن يستبعد بأن يهيئوا أنفسهم في تكتل مناوئ يسعى لإفشال الفريق عبد ربه منصور هادي وحكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها فور توقيع المبادرة الخليجية وآلية تنفيذها المقترحة من السيد جمال بن عمر , وخاصة وأنهم يدركون أن شباب الثورة الذين قدموا قوافل من الشهداء في سبيل انتصار الثورة لا يمكن أن يقبلوا بأي حال من الأحوال بأنصاف الحلول , وبأن يلتف على ثورتهم , وتنتصر نصف ثورة , كما أنهم لن يقبلوا بأن يبقى أيا من أركان النظام , أومن قيادات الحرب في الحزب الحاكم في المشهد السياسي , أو في أي تشكيلة حكومية قادمة بعد ما فعلوا بالشعب وبالشباب من قتل و تنكيل.
وعليه فلا يستبعد بأن يتحولوا إلى عصابات تثير المشاكل والقلاقل والاضطرابات في وجه أي حكومة مقبله هذا إذا ما وقعت المبادرة ولم يسيروا قدما في قرار الحسم العسكري الذي بدؤوه منذ عدة أسابيع.
كذلك لا يمكن أن نغفل الحالة الصحية التي يعاني منها الرئيس صالح , وهي حاجة ملحة لأن يوقع صالح على المبادرة الخليجية , وينقل كل صلاحياته إلى نائبه للسفر إلى الخارج لاستكمال إجراءات العلاج الذي ينصحه به الأطباء , وقد يكون هذا مبررا كافيا لأن يوقع صالح المبادرة الخليجية كي يلق قبولا دوليا , واهتماما طبيا مناسبا من الدول التي ينوى التوجه إليها بغرض استكمال إجراءات العلاج وذلك بعد القطيعة السياسية التي عانى منها منذ عودته إلى اليمن , إذ لا يمكن لأي دولة أوربية , أو حتى عربية استقباله , أو الاهتمام به في حال لم توقع المبادرة أو لم ينقل كل صلاحياته لنائبه وهذا معطى كافي لإقناعنا بالتفاؤل الحذر بإمكانية التوقيع هذه المرة علاوة على تزايد الضغوط الدولية عليه.
كما لا أستبعد شخصيا بأن يكون خروج النائب , والدكتور الإرياني إلى خارج اليمن بالتزامن خروج ضغط وتهديد لهذا الفريق مفاده إما أن توقع المبادرة وآليات تنفيذها وتجنيب اليمن ويلات الحروب والسير إلى المجهول , وإما أن يتخذوا موقفا من الخارج.
وإلا ما السر في هذا التحول الدراماتيكي السريع في موافقة التوقيع على المبادرة والقبول بما تقبل به المعارضة وعليه فإن هذه الموافقة ليست نتيجة لقناعة متأخرة وإنما فرضتها الحاجة إلى ذلك.
في الأربعاء 09 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 04:02:55 م