قدرها مليار دولار..مصادر إعلامية مُطلّعة تتحدث عن منحة سعودية لليمن سيعلن عنها خلال أيام الجيش الأميركي يكشف عن طراز المقاتلات التي شاركت في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين يد البطش الحوثية تطال ملاك الكسارات الحجرية في هذه المحافظة افتتاح كلية التدريب التابعة لأكاديمية الشرطة في مأرب اول دولة توقف استيراد النفط الخام من إيران تقرير حقوقي يوثق تفجير مليشيا الحوثي لِ 884 منزلا لمدنيين في اليمن. منفذ الوديعة يعود لظاهرة التكدس .. وهيئة شؤون النقل البري تلزم شركات النقل الدولية بوقف رحلاتها إلى السعودية المبعوث الأممي يناقش في الرياض مع مسئولين سعوديين معالجة الأزمة الاقتصادية في اليمن وقضايا السلام أسباب وخفايا الصراع بين فرعي العائلة الملكية في قطر وقصة الجوهرة الماسية التي فجرت الخلافات توجه لإلغاء تقنية الفار من مباريات كرة القدم واستبدالها بـ(FVS).. ماهي؟
أنامُ كثيراً هذه الأيام .. هل أنا مرهق أم أن حياتي أصحبت مظلمة إلى حد يدفعني للنعاس والانطلاق في النوم, لا يوجد في خيمتي سوى كنبة واحدة ويعيش فيها رجل واحد ,لا اعلم أين تقع الخيمة تحديداً لاتساع ساحة الاعتصام الكبيرة وعدد الخيام المتشابهة والمتشابكة كما لا اعرف كيف اخرج منها ولكنها قد تكون أفضل كثيرا مما في الخارج ,فإضافة إلى أنني لا أجد المخرج فانا أيضا لا أريد أن اخرج ,لأني إذا خرجت سوف أكون قد خنت الأمانة والعهد بيني وبين صديقي المتوفى منذ عام, ولكن المشكلة الأزلية التي لا أجد لها حلاً هي ,ما الذي جاء بي ,وكيف وصلت إلى هُنا بالأصل . وهل هناك مجال للخروج؟
لم اصف لكم الخيمة كما ينبغي . خيمة فقيرة بسيطة وسط ساحة مغلقة ,إلا من اتجاه واحد يوجد به مخرج يمر من خلاله أشخاص لا اعرفهم ولا استطيع الوصول إليهم, استغاثة بعيدة المنال ضعيفة التشخيص تخرجني من الكابوس إلى احتمالات الأمل,كابوس يشف عن حلم,دائما هناك شعاع نور واحد ,يتغير زمانه ويتبدل مكانة ولا اعرف من أين سيأتي في المرة المقبلة. وهذا الشعاع سمح لي أن أرى مكونات الخيمة , مجرد سرير بسيط صنعته من الخشب والكرتون أنام وأقوم وأعيش وربما سأموت عليه.
لم اصف لكم الإحداث العجيبة التي تحدث فيها,برد وحر ورعد وبرق وجوع لا يرحم .... نعم اشعر بغربة معلنة وأنا في وطني اشتاق للأهل والأصدقاء ابحث عن زاد فلا أجد شيء سوى تلك التبرعات البسيطة التي تأتي من فاعلي الخير والتي تصل الينا وقد اصابها الهلاك, يوميا ,وكل دقيقة يمر أناس ,يعبرون من إمامي , اسمع خطاهم والمح وجوههم المغبرة , أصواتهم الشاحبة لا تنقطع على مدار الليل والنهار وهي تنادي حيا على الخلاص – لا أكاد اتأكد هل هم موجودون فعلا أم لا حتى يختفوا من إمامي , ولكن من أين يدخلون ومن أين يخرجون ؟! حتى أني لا اعلم علو سقف خيمتي , أحيانا اصطدم به وانا جالس وأحيانا أخرى اقفز فلا اطوله.
وكذلك الأعمدة والزوايا , هي ثابتة أصلا,ولكنها تضتم الى بعضها البعض , ثم تبتعد ثانية . أحيانا اشعر أنني مختنق بها . لقد أصابني مرض التوحد وأصبحت معزولا عن العالم وأحيانا اشعر أنني أعيش في براح مخيف كثيرا ما حاولت ان اهتف مناديا طالبا العون , داعيا ان يأتيني من يخرجني من تلك الخيمة التي جعلتني أشبه بالمعتقل, او حتى يدلني على طريق الخروج من هذه الساحة التي أصبحت أشبه بمخيمات اللاجئين, وكان الرد يجيئني سريعا ومباغتا , لم يكن إلا صدى صوتي الهزيل الخائف وتردد كلماتي المتقطعة وكأن هناك شخصا آخر يطلب العون ايضا من خيمته الأخرى.
لم اصف لكم المشهد كما يجب, يوم سيء وغريب .. أرى السماء ملبدة بالغيوم من فوقي , وضوء الشمس اختفى وحلمي المسلوب الذي أتيت من أجله بعيد المنال , أنا معلق في الهواء , لست معلقا على مشانق الموت, ولكن الغريب اني عالق وسط كومة من الأوهام والأحلام الكئيبة , بدا كأنه ليس يوم موتي , لا اسمع أصوات المارة في الشارع ليس فقط لان الشارع بعيد , ولكن أيضا لأني لست بحاجة ان اسمعهم في هذا اليوم , إنني لا اسمع إلا صوت ليس بغريب عني يكاد يمزق غطاء خيمتي لقد صادف ذلك اليوم ذكرى استشهاد زميلي قبل عام ونصف في إحدى المظاهرات التي خرجنا فيها معا لإسقاط نضام الحكم الذي حكمنا منذ عقود بالظلم والاستبداد والتخلف.
اليوم كُنت نائماً, فهذا هو الشيء الوحيد الذي أفعله في كل يوم اقضيه من أيامي المريرة في ساحة الثورة واستيقظت لأرى شعاع النور إياه مسلطا على وجهي مباشرة , قلبت وجهي وأغمضت عيني هرباً منه , فإذا بي اصطدم بمشاهدة جسم بجواري ,لم أتعود ان أرى او المس او المح اي جسم في هذه الخيمة بعد استشهاد زميلي,
تذكرت سريعا انه كان لي صديقا عزيزا في متقبل العمر يدعى مصطفى , فكنت قد نسيته ولا أبالغ لكم ان قلت أنني قد نسيت نفسي ..أيضا, فبعد ان فارقته أصبحت لا أرى لا رجالا ولا نساء , أرى فقط تلك الأشباح التي تدخل وتخرج من الخيمة يوميا ولا استطيع تمييز جنسها..
وفي هذ الليلة الغريبة أرى صورا خيالية لوجه صديقي وبعض القطع النادرة واللافتات التي كان يدون عليها الشعارات الثورية قبل خروجنا في المظاهرات , وأوراق عليها عبارات تتحدث عن حب الوطن وما يجب علينا من تضحيات في سبيله أيضا عن الصداقة الدائمة حتى بعد فناء الكون وعن الأجراس التي تدق في عالم النسيان كان قد تركها لي .
كان نائما هو الآخر . حاولت أن أيقضه , لا أكاد أن ألمسه حتى اسحب يدي سريعا من قبل أن المسه وأخيرا صرخت بصوت عال.
اصحى , اصحى
وجدته يتقلب في سريرة , وكأنه اعتاد النوم في هذه الخيمة ... ثم نظر الي بعين نصف مغلقة , وقال لي بصوت تتخلله تنهيدة وتثاؤب :
صباح الحرية.
بدا كأنه ليس مستغربا للموقف كما هو الحال بالنسبة لي , كأنه يعرفني وأنه معتاد على الاستيقاظ في أسرة الغُرباء... سألت بصوت متلجلج ( من أنت ! هل تعرفني؟!) كان شعاع النور الآن موجهاً على وجه مع أني لم أره جيدا , وكان هناك شعاع آخر يخرج من رأسه ... قام من السرير وتحول من ملاك نائم الى رجل نشط , وكأنه مستيقظ منذ عام وليس من أربع ثوان..وقال لى : طبعا أعرفك
قلت له مذهولاً : ولكني لم أرك قبل الآن .
قام من السرير وأعطاني رأسه وعليه اثر الرصاصة التي قتلته في تلك الحادثة المؤسفة وكنت عندما أودعته إلى مقبرته التي أصبحت الآن مزاراً للماضي قد وضعت كفي على رأسه وقرأت له ما يجب عليّ أثناء دفنه,
فتثأب وهو يقول: ولن تراني طوال عمرك , من قال إنك ستراني أصلاً ..,مددت يدي كي المسه , وكلما اقتربت اجتاحتني موجة من الخوف والذعر , لم استطع ان المسه. نظر إلي وضحك ضحكة بريئة احدث لها صدى واضحاً في الخيمة ثم اختفى , تماماُ مثل كل الأحلام التي أراها يومياً تدخل وتخرج من خيمتي التي عادت تضمني أنا وحدي ... وحدي..
*القصة الأسبوعية الفائزة في مسابقة بي بي سي بالاشتراك مع مجلة العربي.