المعارضة اليمنية بين سندان الضغوط الخليجية .. ومطرقة مطالب الثورة الشبابية
بقلم/ حمود الطيري
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و يومين
الإثنين 09 مايو 2011 05:38 م

تشهد الساحة اليمنية حراك سياسي ودبلوماسي مكثف في الآونة الأخيرة وبشكل موازي لما يدور في ساحات الاعتصام من حركة ثورية عارمة في عموم محافظات الجمهورية،،،

هذا الحراك الدبلوماسي يتم تحت إشراف مجلس التعاون الخليجي في محاولة منه لإيجاد مخرج ما أو صيغة توافقية ترضي جميع الأطراف السياسية .

هذا الحراك بدأ من وجهة نظري بتسريبات وتصريحات كانت تحاول جس نبض مختلف الأطراف السياسية .

فكانت المبادرة الخليجية الأولى التي تتمحور حول بند رحيل الرئيس وأبنائه وأقربائه ، والتي قوبلت برفض صريح من قبل الرئيس بحجة أن ذلك يعتبر تدخل في الشأن الداخلي .وقوبلت بترحيب حذر من المعارضة بحكم ما تتطلبه المرحلة من تكتيك تفاوضي يأخذ في الاعتبار جعل الرفض يأتي من الخصم وإظهاره بمظهر الساعي إلى التأزيم لكسب أو على اقل تقدير تحييد الوسطاء وسحب الدعم الدبلوماسي والمعنوي الذي كان يتمتع به الرئيس من قبل بعض دول المجلس وبالأخص المملكة العربية السعودية ، والذي تنبه له الرئيس أو بالأحرى (نبه) له فصدر ترحيب رأسي بشكل مستعجل يرحب بكل الجهود التي يبذلها مجلس التعاون الخليجي لحل الأزمة اليمنية كما سماها البيان الرئاسي.

وبعد فترة وجيزة واستجابة على ما يبدو لبعض مطالبات النظام في إيجاد مخرج مشرف للرئيس وعائلته وإيجاد ضمانات كافية بعدم ملاحقة الرئيس وأركان نظامه قضائياً تم صياغة أو بالأصح تعديل لفظي في بعض بنود المبادرة ،،،

فعدل بند التنحي ببند نقل صلاحيات الرئيس إلى نائية من اجل أن يكون الخروج للرئيس خروجاً مشرفاً .... فبادر النظام بالترحيب بهذه المبادرة والتي تم رفضها من قبل المعارضة نزولاً عند رغبة شباب التغيير المعتصمون في الساحات والميادين والذين ينادون بمطلب واحد وهو رحيل النظام ومحاكمته على جرائمه التي ارتكبها في حق أبناء شعبه وعلى الدماء التي سالت في ساحات الحرية وميادين التحرير وكل ساحات وشوارع المدن اليمنية .

ولكن ومن اجل اظهار النظام على حقيقته والذهاب الى ابعد ما يمكن قامت المعارضة وبمغامرة الموافقة على المبادرة الخليجية الثالثة وفي نسختها المعدله واظنها كانت تعلم بان موافقة النظام عليها لم يكن الا من باب اظهار نفسه بمظهر المنصف والعادل ومن يريد حل الازمه وقد اصابت في ذلك وحصل ما كانت تتوقعه ويتوقعه الكثير من رفض الرئيس التوقيع على المبادرة بحجة تثير السخرية وهي انه ليس طرف في الازمه !!!! بالرغم من ان جل ان لم نقول كل بنود المبادرة تتمحور حول الرئيس ونقل صلاحياته وتنحيه وعدم ملاحقته واعطائه الضمانات الكافية فظل الوضع بين ترحيب ورفض من قبل الأطراف السياسية والنظام.

وعلى ما يبدو أن هذه الحالة من انسداد الأفق السياسي الحاصل بين النظام والمعارضة والتي لا توجد أي بوادر توحي بإمكانية الجلوس للحوار كانت له مبرراته المنطقية والواقعية ،،،، فكما نعلم أن النظام اليمني منذ سنوات يرفع شعار الحوار والتحاور لكنه لا يجد حرجاً من التنصل عن أي اتفاق وبدون أي مبرر أو حياء فكم من اتفاقات ولقاءات ولجان شكلت للقيام بحوار وطني جاد ما يلبث النظام أن يتنصل ويتنكر لأي اتفاق أو أطار يتم الإجماع علية مما أوجد قناعة تامة لدى كل القوى السياسية والشعب اليمني بأسره بأن الحور مع هذا النظام لا جدوى منه ولا توجد ضمانات لا أخلاقية ولا قانونية لدى النظام يمكن أن تكون مشجعة للحوار ولتنفيذ ما يتفق عليه .

ولهذه الأسباب أصبح عدم الثقة هي الأساس الذي يحكم علاقة المعارضة مع النظام ،وهذا ما يفسر تلك المبادرات التي كان الرئيس صالح يظهر علينا كل يوم بمبادرة ولكن الشعب والقوى السياسية كانت دائماً لا تلقي لها بالاً لأنها قد خبرت هذا النظام بأنه لا يفي بعهد ولا ميثاق فكانت تلك المبادرات والتي من كثرتها جعل البعض يقول _مستهزأً_ بأن الرئيس سيدخل موسوعة غينتس للأرقام القياسية لكثرة تلك المبادرات خلال فترة زمنية وجيزة .

هذه الحالة من التباعد بين الأطراف يبدوا أنها جعلت دول مجلس التعاون الخليجي وبدعم أمريكي أوروبي تمارس ضغوط على جميع الأطراف للجلوس على طاولة الحوار ، فكان اجتماع الرياض مع المعارضة وكان مبرر المعارضة هو مناقشة المبادرة الخليجية الأولى وليس المعدلة ،،،، وما تبعه في اجتماع أبو ظبي مع وفد الحكومة يأتي في ذات السياق والذي توج بزيارة امين عام مجلس التعاون الخليجي لليمن لتوقيع المبادرة والتي على مايبدو قد اظهرت جميع الاطراف بحقائقها وتجلت مواقف وسلوكيات جميع الاطراف للرأي العام المحلي والاقليمي والدولي ،،

والذي نأمل من كل هذه الاطراف جميعاً ان تمارس دورها الاخلاقي والقانوني في اجبار هذا النظام على الرحيل وسحب أي شرعية عنه او أي غطاء دبلوماسي بعد ان اتضح للجميع كذبه ومراوغاته البائسة.

هذه الحالة التي اشرنا اليها سابقاً جعلت المعارضة من وجهة نظري في موقف لا تحسد علية فهي من يخوض العمل الدبلوماسي أمام الرأي العام العالمي والإقليمي وهذا يوجب عليها الأخذ والعطاء والحور وإعطاء الأعراف الدبلوماسية والتفاوضية حقها ،ولكنها في نفس الوقت يجب ألا تبتعد أو تتنازل عن مطالب الثوار الأساسية فنقول لها وبأعلى صوت يجب أن لا تكون عامل هدم أو تحجيم وتقزيم او تمييع لمطالب الثوار وشباب الثورة ورجالاتها المعتصمون بساحات وميادين الحرية والشرف وإعطاء النظام ورموزه وبلاطجته وأزلامه فسحة من الوقت أو مخرج للهروب بجرائمهم التي ارتكبوها في حق إبطالنا في ساحات الثورة وفي حق شعبنا اليمني الصابر والصامد وأيضا في حق الوطن بأسره أرضنا وإنسانا .