المستحيل ليس الماني.. أم النحس ليس إسباني؟!
بقلم/ اكرم حماد
نشر منذ: 14 سنة و 4 أشهر و 12 يوماً
الثلاثاء 06 يوليو-تموز 2010 08:24 م

إذا سألت (قبل المونديال) أي متتبع لمّاح عن المنتخبات الأربعة التي ستصل إلي الدور نصف النهائي في كأس العالم 2010.. سيقول لك (البرازيل والأرجنتين وإسبانيا.. وربما يضيف إنجلترا أو إيطاليا).. ولكن بطبيعة الحال وجهات النظر التي تسبق المونديال لا علاقة لها بواقع الحال عندما يبدأ النزال.. لأن النظريات مهما إرتفع شأنها تصبح مجرد كلام بمجرد دوران ماكينة (العمل)!

منتخب البرازيل خرج من البطولة من الدور ربع النهائي للنسخة الثانية علي التوالي.. والعتب علي كارلوس دونغا الذي أخطأ بإستبعاد رونالدينيو الذي كان بإمكانه أن يكون ورقة رابحة في الشوط الثاني.. ويمتد العتب ليشمل مستويات كاكا وفابيانو وفيليبي ميلو التي لم ترتق للمستوي المأمول!

ومنتخب الأرجنتين حذا حذو راقصي السامبا وعاد إلي بيونس آيريس من نفس الدور.. والعتب علي دييغو مارادونا الذي تجاهل ريكيلمي وزانيتي وكامبياسو.. ويمتد العتب ليشمل تشكيلته الخاطئة وتكتيكاته العجيبة.. هذا دون ان نغفل تواضع دفاع المنتخب وإختفاء ليونيل ميسي في وقت الحقيقة الذي يسبق السراب!

وبين رقصة السامبا الحزينة ورقصة التانغو (المألومة).. ضاع منتخب إيطاليا من الدور الأول بسبب التخبُط الفكري لمارتشيللو ليبي.. وخرج الإنجليز من الدور الثاني بسبب نجوم يتلاعبون بشعار المنتخب ولا يلعبون به!.

عموماً.. خرجت أغلب المنتخبات المرشحة.. وصمدت منتخبات المانيا وإسبانيا وهولندا والاورغواي بوصولها للدور نصف النهائي.. المانيا طرقت ابواب التأهل بعد عروض ترتدي ثوب الإبداع.. وإسبانيا وصلت بعد ولادة قيصرية بلا إمتاع.. وهولندا غازلت هذا الدور بعد مستويات فيها بعض الإقناع.. والاورجواي عادت إلي الواجهة من جديد بعد كفاح كبير إنصهر في بوتقة لمسة يد يراها البعض رذيلة واراها فضيلة لها إيقاع!.

واليوم تتكئ عيون العالم علي اريكة مباراة (المانيا وإسبانيا) في الدور نصف النهائي.. وهذه المباراة إعادة لنهائي يورو 2008.. وكلنا يذكر ذلك النهائي الذي ضرب فيه الماتادور الإسباني بقوة بفضل سرعة وحنكة فيرناندو توريس!.

منتخب المانيا وصل في هذه النسخة إلي الدور نصف النهائي بعد مستويات من أجمل ما يكون.. مستويات لم اشاهدها من قبل حتي مع منتخب المانيا 90 الذي كان يضم نجوماً في قيمة لوثار ماتيوس ويورغن كلينسمان ورودي فولر وتوماس هاسلر.. وما يميز منتخب لوف عن منتخب بيكنباور هو سرعة الأداء وإنسيابية التحرك بالكرة ومن غير كرة ووجودة الهجمات المرتدة وتسخير المهارة الفردية لمصلحة المجموعة!

من جانبه وصل منتخب إسبانيا للدور نصف النهائي ولكن (بطلوع الروح).. وبعد معاناة ما بعدها معاناة.. وبمستويات أقل من المتوقع بكثير.. وبصريح العبارة.. لولا تواجد لاعب بقيمة دافيد فيا في صفوف المنتخب الاسباني لخرج الماتادور من الدور الأول علي خلفية المستويات (العادية).. صحيح تشافي هيرنانديز وإينيستا ساهما بشكلٍ أو بآخر في إنتصارات المنتخب.. لكنهما لم يقدما نصف مستوي يورو 2008.. خصوصاً تشافي.. أما فيرناندو توريس فقد كان ضيف شرف في كل المباريات التي شارك فيها.. ولا ادري لماذا يصر ديل بوسكي إلحاحاً ويلح إصراراً علي الدفع به رغم مستوياته المتواضعة!.

أغلب النقاد والمتتبعين يرجحون كفة المانيا علي خلفية رباعيات (الخيام) التي عكرت مزاج استراليا وانجلترا والأرجنتين.. ولكن لكل مقام مقال.. ولكل مباراة ظروفها الخاصة.. بمعني أوضح.. قد يستعيد المنتخب الإسباني ذاكرة التألق ويقدم مباراة كبيرة وينتزع بطاقة المباراة النهائية.. خصوصاً إذا وضع ديل بوسكي توريس في دكة البدلاء ودفع بسيسك فابريجاس من البداية للسيطرة علي خط الوسط.. وقد يواصل منتخب المانيا عروضه القوية ويخسر المباراة بسبب سوء التوفيق.. والعكس صحيح.. قد يتعملق منتخب إسبانيا ورغم ذلك يضحك المانشافت في نهاية الأمر.. كُل شئ جائز!

في الختام أقول.. اليوم سنكسب مباراة من أجمل ما يكون.. مباراة تقف علي أطراف المتعة.. وتتمايل علي (مرجيحة) الإثارة.. وإذا قال لنا رفاق ميروسلاف كلوزه في نهاية الأمر (المستحيل ليس الماني).. سنهنئ إسبانيا علي شرف المحاولة.. وإذا قال لنا أصدقاء دافيد فيا (وداعاً يا نحس السنين).. سنبارك لالمانيا هذا المنتخب الشاب والجميل.. ويكفي المانيا فخراً انها نفضت غبار المستويات (المملة) وأصبحت تقدم الفن الجميل أمام منتخب الأرجنتين الذي كان يتنفس الفن الجميل.. وكان فعل ماضٍ ناقص!!

 

* مقال خاص بـ"مأرب برس"

**صحفي سوداني..صحيفة المشاهد السودانية