قطرنة 21 فبراير.. وزفاف المعارضة على الحزب الحاكم!
بشير المصباحي
بشير المصباحي

أيام الإمام أحمد واجهه بعض الأحرار أن الشعب قد تعلم ووعي وأصبح اكثر إدراكاً للحرية والتطور وكان رد الإمام أن الشعب ما زال جاهلاً ... ولا يدرك شئ من حوله، وأصر الإمام على رأيه أمام الأحرار مؤكداً انه سيثبت لهم صوابية رأيه...

فأمر مقربيه أن يذيعوا في الناس أن الجن قد تمردوا عليه وأعلنوا عصيانهم ومطالبة الرعية أن "يتقطرنوا" بقطران الإبل كي يحصنوا أنفسهم من شر الجن حتى يتم السيطرة عليهم من قبل ملك الإنس والجن (أحمد ياجناه)، فصدق الشعب الأمر وأصبح في اليوم التالي متقطرناً بقطران الإبل وأول من فعلها وزير الإمام الأول وكبير حراسه فتبعهم الشعب المغلوب على أمره وهو لا يعلم من الأمر شيء.

وكان الإمام حينها في قمة الإنتصار والنشوة لكسبه الرهان أمام الثوار الأحرار وبالتالي عدم تنفيذ مطالبهم بالإصلاحات الداخلية التي طالبوا بها نيابة عن الشعب ...

واليوم ما أشبه الليلة بالبارحة..

فهاهو علي عبدالله صالح وأركانه في الحكم لثلاثة وثلاثين عاماً يحاولون أن يثبتوا للعالم زوراً وبهتاناً أن الشعب اليمني لا يعرف أي معنى للديمقراطية والحرية ... التي خرج الثوار في سبيلها ، وقدموا الشهداء والتضحيات الجسيمة من أجل تحقيقها على أرض الواقع.

فهناك دعوة للشعب أن يتقطرن في يوم 21 / فبراير.. حتى تقتنع القوى الداخلية والخارجية بأن تلك الفئة المتسلطة على الشعب هي الوحيدة القادرة على إدارة دفة الحكم في البلد..

وأن طريقتها ليس لها منافس في السيطرة على مجريات الأمور في اليمن وإن بتغيير بعض الوسائل والأشخاص.

فحالة الإستخفاف بالشعب بلغت ذروتها عندما يتم إعداد الناس لإنتخابات أشبه بحفلة زفاف باهضة التكاليف والتي قد تتجاوز تسعة مليارات ريال بشكل رسمي ومثلها من خزينة الأحزاب يحضرها الكثير من المدعويين كي يكونوا بمثابة شهوداً على عرس أشبه بالزواج الكاثوليكي طرفيه الحزب الحاكم واللقاء المشترك.

بالأمس القريب بدت الدول الأعضاء في مجلس الأمن في حال إندهاش من أمر كهذا .. فالعالم الحُر ليس بمقدوره أن يستوعب كيف تتم إنتخابات ولا يوجد مرشحون يتنافسون فيها على المقعد ، في حالة تعد بمثابة شاهد على التخبط واللاوعي السياسي والثوري الذي قد يفقد الشعب معه على المدى البعيد والمتوسط أي ثقة بقياداته وأحزابه.

فإذا كان عبدربه هو المرشح الوحيد فلماذا لا يتم تزكيته عن طريق مجلس النواب وأنتهى الأمر بدون تكاليف باهضة تدفع من خزينة الدولة ...

وبدون البحث عن شرعية للإتفاقات الخاصة بالأحزاب وضمان مصالحهم من خلال الإلتفاف على إرادة الشعب وإستغلالها بطريقة لا تَمَت بصلة للمسئولية والمصداقية مع النفس أولاً .. ولا مع الجماهير بأي طريقةِ أو حال من الأحوال.

ولم يتمالك المجتمع الدولي نفسه أمام هذه الحالة الفريدة من نوعها سوى أن يوجه الدعوة إلى أطراف العمل السياسي، في البيان الصحفي الصادر عنه، إلى إجراء انتخابات في اليمن ذات مصداقية وغير عنيفة يوم 21 فبراير المقبل.

يعني مطلوب إنتخابات تنافسية فيها أكثر من مرشح وهذا هو المقصود بإنتخابات ذات مصداقية، بدلاً من حالة الإستخفاف التي يبدو عليها الحال يا قيادات الأحزاب اليمنية.

تلك الخلطة اليمنية الخاصة لصناعة الديكتاتوريات تحت مسمى الديمقراطية أربكت قلاع الديمقراطية في العالم و جعلتني أتذكر كلام سيد قطب رحمة الله عليه في الحديث عن الآية القرءانية ( فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ). حيث قال قطب؛ إستخفاف الطغاة للجماهير أمر لا غرابة فيه .. فهم يعزلون الجماهير أولاً عن كل سبل المعرفة ، ويحجبون عنهم الحقائق حتى ينسوها , ولا يعودوا يبحثون عنها .. ويلقون في روعهم ما يشاءون من المؤثرات حتى تنطبع نفوسهم بهذه المؤثرات المصطنعة . ومن ثم يسهل إستخفافهم بعد ذلك , ويلين قيادهم , فيذهبون بهم ذات اليمين وذات الشمال مطمئنين!

وهذا ما يحدث الآن في اليمن ... للأسف الشديد!!!

حيث لا يمكن بأي طريقة وتحت أي مبرر تسمية تلك المسرحية الهزلية إنتخابات إلا لدى من استخفهم شركاء الأمس واليوم والذين يبحثون عن تعزيز شراكتهم ومصالحهم بديكتاتورية جديدة يصطنعونها من أجل حصانة ماضيهم الأسود و حماية حاضرهم ويحافظون من خلالها على مستقبلهم البعيد كل البعد عن مصالح الشعب وتوجهاته.

فهل تملك أحزاب الإتفاق أن تعلن أمام الملأ سبب عدم قبولها بالتنافس للإنتخابات ووجود أكثر من مرشح للرئاسة ؟؟؟

وهل تستطيع أن تكاشف الشعب بصراحة عن البعد الوطني من وراء ذلك .. هذا إن كان هناك بُعداً وطنياً أصلاً؟؟؟ خاصةً وأن المبادرة الخليجية لم تشترط أن يكون عبد ربه المرشح الوحيد وكذلك الدستور الذي يؤكد على أن لا يقل عدد المرشحين للرئاسة عن ثلاثة أشخاص يتم تزكيتهم من قبل مجلس النواب؟؟؟


في الأحد 29 يناير-كانون الثاني 2012 10:07:38 م

تجد هذا المقال في مأرب برس | موقع الأخبار الأول
https://marebpress.org
عنوان الرابط لهذا المقال هو:
https://marebpress.org/articles.php?id=13508