آخر الاخبار

مليشيا الحوثي تقوم بطرد أكثر من 500 طالب من أحد مراكز جماعة الدعوة والتبليغ غربي اليمن صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل صفقة سرية تسعى الصين لإبرامها مع الحوثيين بعد زيارته لمخيمات النزوح بمأرب..تحرك عاجل من قبل رئيس الوزراء بخصوص احتياجات النازحين د مختار الرباش: دليل الحوكمة الجديد يهدف إلى تطوير أداء قطاع الحج والعمرة توافقا مع رؤية المملكة 2030م لتطوير خدمات الحج والعمرة قناة إسرائيلية شهيرة تضع صورة عبدالملك الحوثي في صدارة قائمة الاغتيالات أحزاب التحالف الوطني بمحافظة مأرب تعلن رفضها القاطع لقرار الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على حميد الأحمر وتحذر من الانحناء إعصار مدمر يهدد حياة 22 مليون أمريكي  بولاية فلوريدا كأسوأ كارثة طبيعية منذ 100 عام وبايدن يناشد السكان بالفرار فورا البنك المركزي الإسرائيلي يكشف عن خسائر مخيفة ورقم فلكي لكُلفة الحرب خلال عام 20 صاروخاً من لبنان تجاه تل أبيب يشعل المواجهات من جديد.. وحزب الله يعلن تصديه لمحاولتي تسلل هي الأعنف اشتعال الحرب وبدءاً من اليوم..وكوريا الشمالية تعلن قطع الطرق والسكك الحديدية مع الجارة الجنوبية

صدام: يدخن بنهم حتى اللحظة الأخيرة،
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 16 سنة و 5 أشهر و 11 يوماً
الأحد 27 إبريل-نيسان 2008 06:18 ص

لم يكن الرئيس العراقي السابق صدام حسين يعرف إلى اين يقوده الجنود الأميركيون بعد نقله من «كامب كروبر»، فقد اقتيد معصوب العينين، لئلا يتعرف على مكان اعتقاله. لكنه، قبيل مغادرته المكان الذي مكث فيه أكثر من سنتين التفت إلى مرافقه، وقال: «كنت أحب هذا المكان لكنه تغير كثيراً»، بما يظهر أنه عرف طوال ذلك الوقت انه كان معتقلا في احد قصوره.

أعد المكان لاستقبال السجين الجديد بما يليق بأهميته. متاهات طويلة ومتعرجة، تؤدي إلى زنزانته استُحدثت عن قصد بشكل يمنع حفظها وتذكرها. فمن يدخل لن يعرف طريقه إلى الخارج من دون مرافقة.

أجهزة المراقبة والكاميرات تحتل الزوايا وعلى طول الممرات بدت زنزانات أخرى لم تستعمل بعد، ولا تزال الصفائح المصنوعة من الاسفنج المضغوط تحمي أبوابها من الخدوش كأنها مطلية حديثاً. أجهزة التكييف والتهوئة والإضاءة وطلاء الجدران الأبيض الرمادي والسقوف الاصطناعية كلها تم تجهيز المبنى بها قبل نقل الزائر الجديد إليها.

دخول الزنزانة يمر عبر ردهة وسطية فيها دراجة ثابتة للرياضة وضعت هناك بطلب من صدام، وإلى جانبها كرسي مرتفع للكشف الصحي حيث كان يخضع دورياً للفحوصات الطبية ويتلقى زيارة أطبائه. فهو كان يعاني ارتفاعاً في ضغط الدم بلغ بعد العلاج 16 على7، يرتفع أحياناً أكثر من ذلك بحسب وضعه النفسي.

وكتب صدام، في مذكراته التي حصلت «الحياة اللندنية» على جزء منها، عن حاله الصحية قائلاً: «الدواء الذي كنت أتناوله اهتدينا إليه أنا والطبيب وليس الطبيب العراقي وحده هو الذي قرره وإنما أنا معه. كنا نناقش صفات كل دواء وطبيعتي وطبيعة ظرفي... جاء الأطباء بعدما تمكنوا بعد شهرين ونصف من خفض الضغط... وقد بذلوا جهداً حقيقياً أظنه صادقاً».

في الزنزانة التي تبلغ مساحتها نحو 15 مترا مربعا تعلو أحد جدرانها نافذة صغيرة مستديرة، وضعت مغسلة وكرسي حمام متصلان ببعضهما بعضاً من نوع الكروم. وعلى جانبهما مصطبة اسمنتية لتحمل فرشة وتشكل السرير. هنا كان صدام يمضي معظم وقته معزولاً عن العالم الخارجي لا يصله منه إلا كلمات قليلة يتبادلها مع الحرس أو صوت الراديو الذي كانوا يستمعون إليه في الخارج.

 

أعطي صدام كأي سجين آخر بزة صفراء كان يرتديها بشكل دائم. وحرص كثيراً على نظافتها. لكنه عاد وطلب بزته السوداء وقميصاً أبيض فتم تلبية طلبه. ومن ضمن الاتفاقات التي عقدت معه أيضاً قبل دخوله السجن مده بالسيجار الكوبي الذي بقي يدخنه بنهم حتى اللحظة الأخيرة، والمحافظة على نظام غذائي قليل الملح والدسم. لكنه ذات يوم رأى أحد حراسه يأكل رقائق «دوريتوس» فطلب أن يتذوقها ومنذ ذلك الوقت صار يطلبها أيضاً إلى جانب الكعك الأميركي المحلى وهو طلب تمت تلبيته أيضا.ً

ونشأت بين صدام وسجانيه علاقة جيدة على رغم أنهم كانوا يتبدلون باستمرار بما لا يسمح بجعلها علاقة وطيدة. فكان يمازحهم ويمدهم بالنصائح العملية فيشير على أحدهم بألا يرهق نفسه بالتمارين الرياضية بما يؤذي صحته. ويقول: «عدت أمزح معه وقلت له: عشرون حركة بالنسبة لك جيدة، وبعد 10 سنوات ربما 5 أو 15. أما لو قررت أن تتزوج بثانية فقد لا تتجاوز ما تؤدي من حركة كهذه بين الثلاث والاربع». ويكتب صدام: «ضحكنا حول تلك المزحة جميعاً بحبور... قلت ذلك باللغة الإنكليزية الركيكة مما استذكرته عن الصف قبل الأخير بالإعدادية في بغداد قبل أن أكلف مع رفاقي آنذاك بواجب إطلاق النار على عبد الكريم قاسم».

ووجد صدام أن الطاقم الطبي أفضل من غيره من حيث المعاملة و «بينهم من ترتاح إليه النفس»، بحسب ما جاء في مذكراته. فذات مرة ارتفع ضغطه إلى 21 على 18 وجاء الطبيب وقبل أن يشرع بالعلاج سأله «ما الذي حصل يوم أمس والذي قبله والذي قبله؟» فأجاب صدام: «غنيت مع نفسي أغنية ذكرتني... مع حضور قوي وعاطفي لما كنت أتعامل معه من ذكريات بصورة أهدأ وقد كنت صادقاً إذ رددت كلمات الأغنية مع نفسي في قلبي من غير صوت». وكتب صدام شعراً أهداه إلى أحد سجانيه فكتب أسفل الصفحة «إلى صديقي الإنسان هوكي، عرفتك في ظروف صعبة في سجني وكنت الصديق والانسان المحب المستقيم في واجبك أتمنى لك ولعائلتك كل خير وأدعو الله أن يوفقك في عملك».

وخلال فترة سجنه، تنقل صدام بين زنزانته وباحة خلفية كان يمارس فيها رياضة المشي. سقف الباحة مفتوح على الهواء والشمس لكنه معزول بأسلاك حديدية. ووضعت في الباحة طاولة وكرسي من البلاستيك الأبيض استعملهما السجين للقراءة والكتابة. وكان ممكناً رؤية حروق صغيرة مستديرة خلفها السيجار على الطاولة. وطلب صدام لف مسند اليدين على طرفي الكرسي بإسفنج سميك لأنه كلما وضع ساعديه عليهما تزحلقا، كما أنه كان يحب أن يمسك بذراعي الكرسي وهو يفكر في كتاباته أو يقرأ القرآن الكريم، وهو الكتاب الوحيد الذي كان بحوزته. وفيما يذكر صدام في مذكراته أنه كان يغسل ثيابه بيديه حفاظاً عليها ومنعا «لانتقال الأمراض الجنسية» نفى المصدر العسكري المرافق أن يكون ذلك صحيحاً لأن الثياب كلها كانت تغسل في الأماكن المخصصة لها ولم يعط صدام المساحيق والأدوات اللازمة للقيام بذلك بنفسه.

في زاوية الباحة وضع حوضان خشبيان فيهما تراب ليزرع فيهما زهوراً يبدو أنها لم تنبت قط. وكان يشتكي باستمرار من ذلك حتى أنه لم يبق اليوم إلا عود صغير متيبس وسط التراب. في يوم المغادرة طلب، وقبل التقاط الصورة الأخيرة كما هي الإجراءات لدى تسليم السجناء للسلطات العراقية، طالب صدام أن يرتدي بزة رسمية وفوقها معطف أسود وقبعة. اتخذت له الصورة الأخيرة فيما كتب الجندي اسمه بطريقة خاطئة على اللوح الذي خلفه. غضب صدام غضباً عارماً وطلب محو الاسم. فهو ليس بحاجة لمن يعرف عنه.