مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن عاجل : الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم مكافئة للاعبي المنتخب اليمني وهذا ما قاله المدرب بعد الفوز على البحرين تعديل في موعد مباراة نهائي كأس الخليج في الكويت إضراب شامل في تعز احتجاجًا على تأخر صرف المرتبات ارتفاع ضحايا حادث تحطم الطائرة المنكوبة في كوريا إلى 127 قتيلا دولة عربية تسجل أكبر اكتشاف للغاز في عام 2024 الكويت تعلن سحب الجنسية من 2087 امرأة إنستغرام تختبر خاصية مهمة طال انتظارها
كنت قبل عام إلا شهرا قد آليت على نفسي وأعلنت اعتزالي العمل السياسي كلية وتوقفت عن كل عمل عام بما في ذلك الكتابات ، المقابلات ، التصريحات .... الخ ، وكانت النية معقودة على الاستمرار في هذا الموقف بالنظر إلى ما يشوب واقعنا من فتنٍ ودهاليز مظلمة . غير أن الإنسان في ظروف استثنائية تدهمه لا يستطيع أمام ضغطها السكوت وغض النظر ..
فالحرب العبثية الدائرة رحاها في صعدة والتي تدخل عامها الرابع قد أصبحت معضلة وطنية تهدد حاضر ومستقبل وطننا برمته ويدفع في اتونها جيشنا وشعبنا من الضحايا المزهقة أرواحهم والمسفوكة دماؤهم ما يزيد حجمها كثيراً عن الحد المعقول والمقبول ، ناهيك عن التدمير والتخريب والخسائر المادية المتزايدة باستمرار والتي لم يعد بلدنا قادراً على تحمل أعبائها إلا على حساب زيادة معاناته وآلامه ولن يجدي للتخفيف منها أن تلغى احتفالات العيد الوطني في سفاراتنا في الخارج .
وإذا كان النظام - كما تُعبر عن ذلك تصريحات رموزه- لا يعرف ماذا يريد الحوثيون، فالمؤكد أيضا وبالمقابل أن الحوثيين لا يعرفون ماذا يريد النظام من هذه الحرب تحديداً.. ولعل أسوأ أنواع الحروب قاطبة هي تلك التي لا يعرف أطرافها ماذا يريدون ،إنها حينئذٍ حرب عمياء لا ترى في آفاق ميادينها إلا طلقات المدافع والتدمير والقتل وسفك الدماء، أي أنها- بعبارة أخرى - تصبح غاية ووسيلة معاً .. لقد كتبت في الأيام الأولى لتفجر حرب صعدة في صيف 2004م مقالاً في صحيفة الشورى على ما اذكر كان عنوانه (الحقيقة الغائبة في الحرب الدائرة في صعدة) يركز على ضرورة وقف الحرب فوراً وأن مايصدر من اتهامات وتبريرات لها لاتعبر عن حقيقة تلك الحرب واهدافها وغاياتها ، ولقد تحملت بسبب ذلك المقال معاناة واهانات وملاحقات وصلت الى حد المحاكم وكأن قانون واقعنا يقول بأن كل من يطالب بوقف الحروب الداخلية يصبح مجرماً !! ورغم انني أشرت في ذلك المقال في حينها ان هناك حقيقة غائبة او مغيبة لا يريد احد ان يلامسها او يكشفها هي الدافعة الصحيحة لما يجري لكنني آثرت- لبواعث المصلحة الوطنية على ما اعتقد - ان لا أكشف ابعاد تلك الحقيقة الغائبة ..
والحقيقة ان الحرب في صعدة التي تدخل عامها الرابع اليوم لاعلاقة لها مطلقاً بسيل الاتهامات والتبريرات التي تُعلن.. فلا الشعار الذي يردده الحوثييون في الهواء لا ولا الزيدية ولا آل البيت ولا السعي الى عودة الامامة كما يقولون وضرب النظام الجمهوري الذي اصبح لايسر صديقاً ولايغيض عدواً ! لاشيء من هذا يعبر عن حقيقة دوافع الحرب واسرارها ..فلقد اصبح واضحاً ومسلماً به ان النظام هو الذي خلق وأنشأ وساعد ومول جماعة الزيدية في صعدة بادئ الامر وتحديداً عقب انتهاء الحرب الاهلية في صيف عام 94م لحسابات تكتيكية آنية في أجندة النظام، فقد كان يراد لهذه الجماعات ان تكون قوة جاهزة stand by ) ) لمجابهة القوة السلفية والتصادم معها ،تلك القوة التي كان النظام منذ مابعد حرب 94م بل ومن قبلها يعدها ويدعمها ويقويها لمجابهة الحزب الاشتراكي من جهة ثم بعد القضاء على الحزب الاشتراكي لمجابهة القوة المتنامية للتجمع اليمني للاصلاح، مثلما كان هذا الاخير مُعداً لمجابهة الحزب الاشتراكي والقضاء عليه ،وبين هذه القوى التي اوجدها النظام او دعمها وشجعها وساندها نجد جماعات شيعية جعفرية إثنى عشرية بالاضافة الى بعض جماعات الصوفية. هذا هو الاسلوب التكتيكي الذي اعتمده النظام في ادارته للحكم وفي تعامله لخلق الصراعات السياسية الداخلية على قاعدة (فرقهم تسدهم)ومعلوم سياسياً واستراتيجياً ان مثل هذا الاسلوب وإن كان قد ينجح على المستوى التكتيكي لبعض الوقت فإن عاقبته استراتيجياً تكون وبالاً على النظام بالدرجة الاولى وعلى الشعب والوطن من ثم. والشاهد أن جماعة الزيديين في صعدة وماحولها كانوا أذكى تكتيكياً من النظام على نحو مكنهم بإقتدار من الاستفادة من مناخ واجواء الدعم والتشجيع الذي وفره لهم النظام لكنهم كانوا اذكى كثيراً من ان يصبحوا ادوات لتنفيذ أجندات غيرهم من القوى سواء أكانت داخلية أم خارجية .. وهو ماجعل النظام يشتاط غضباً ويخرج عن طوره ويفقد أعصابه مندفعاً الى أتون حرب عبثية لاطائل من ورائها .. وفي دوامة تخبط النظام في إدارة تلك الحرب لاح له بارق محاولة استقدام دول اخرى (ليبيا) لتدخل على خط الأزمة وكان النظام يسعى من خلال تشجيعه بل وطلبه لليبيا في الدخول على خط الأزمة لأن تقوم ليبيا بما يمكن ان نطلق عليه(الاحتواء المزدوج)أي نسج علاقة مع الجماعة الزيدية في صعدة لاحتوائها من جهة ثم توجيه طاقاتها لتصفية حسابات سياسية إقليمية مع السعودية ..
والواقع ان دخول ليبيا في خط الأزمة بالإضافة الى كونه جاء بطلب من النظام فإنه قام وفق مشروع يسعى اليه العقيد معمر القذافي قائد ثورة الفاتح من سبتمبر يتجه إلى انشاء (جمعية آل البيت العالمية) التي ترعاها ليبيا كمشروع ثقافي اجتماعي بالاساس مع شيء قليل من السياسة .. ثم تحول دور ليبيا - الذي جاء بطلب من النظام وكان مطلوباً من قِبله للأهداف التي ذكرنا - إلى دور عدائي كاد ان يعصف بالعلاقات بين البلدين!!
والواقع ان جماعة الزيديين في صعدة وما حولها تحاشوا بذكاء واقتدار ان يوظفهم احد لحسابات داخلية او إقليمية وظلوا يطرحون قضيتهم بأنهم انما يدافعون عن أنفسهم أمام حرب مفروضة عليهم .. ولكن - وكما قلت في مقال الشورى الذي أشرت اليه آنفاً في بدء الحرب - هناك حقيقة غائبة كانت غائبة آنذاك او قل مغيبة وهي لاتزال كذلك حتى الآن .. فما هي يا ترى الأسرار الحقيقية لحرب صعدة التي تدخل عامها الرابع اليوم ؟
ذلك ما سنتناوله في حلقات قادمة وذلك شعوراً منا بالواجب الملزم لنا بوضع الرأي العام أمام الحقيقة حتى يكون على بينة من أمره ليهلك من هلك عن بينة ويحي من حياً عن بينة، وحتى لا يخدعه الإعلام الدعائي فإننا نعتقد ان كشف الحقيقة هو وحده الذي سيوصل الى حل لهذه الأزمة الوطنية العاصفة ..
ولا يزال يحدونا أمل أن يسارع النظام ودون إبطاء إلى وضع حد نهائي وصادق وجاد لهذه الحرب حتى لا ينطبق على وطننا ما انطبق بالأمس على قوم عادٍ بذكر القرآن الكريم "فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين".
صدق الله العظيم.
عن الوسط