أمطري حيث شئت فخراجك سيأتيني
بقلم/ رشاد الشرعبي
نشر منذ: 16 سنة و 5 أيام
الإثنين 10 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 12:05 ص

مع كل محطة تقف عليها اليمن (نصر أو هزيمة, نجاح أو إنتكاسة, إنتعاش أو كارثة) نجد النظام الحاكم يعمل كربان سفينة يقود معصوب العينين نحو المجهول, ولا يهتم بمصير من عليها, كتشبثه بالبقاء رباناً للسفينة يستأثر بكل الإمتيازات المشروعة منها أو غير المشروعة. 

وعلى عكس الواجب الذي يتحمله مسئولي النظام الحاكم أمام الله والشعب والدستور والمسئولية الملقاة على عاتقهم, نراهم يبذلون جُل جهودهم ويستخدمون كافة الأسلحة ويسخرون مختلف الوسائل خاصة المملوكة لركاب السفينة, فيما يفترض أنهم – الربان والبحارة- ليسوا سوى موظفين لديهم وبمقابل محدد لا مطلق.

دائماً الإنتصارات تتحول إلى علامة تجارية للربان والبحارة, والثورات والمناسبات والمؤسسات والثروات الوطنية تُصار إلى ملكية خاصة, كيف لا وهم من حققوها ويحافظوا عليها.

 لكن العثرات وسياسات الفشل والنهب والعبث ليس هناك سوى الشعب الصابر سيتحمل نتائجها ومايترتب عليها ليفوت الفرصة على الحاقدين من "الأئمة الطغاة, والإنفصاليين الخونة, والإخوان الإرهابيين, والكهنة الناصريين, والمتربصين بثورة اليمن ووحدته وأمنه وإستقراره وسيادته وإستقلاله ". 

وفي حال وقوع الكوارث الطبيعية أو التي بسببهم, فليس هناك أكثر حرصاً على ضحاياها من ربان السفينة وبحارتها, ولذلك لا حق لأحد أن يتدخل في أعمال الإغاثة والإنقاذ وتعويض الأضرار غير السلطات المحلية والمركزية, رغم إنعدام الثقة ببحارتها شعبياً ومحلياً وإقليمياً ودولياً.

لليمن رصيد من النقد الإحتياطي بالعملة الصعبة يقال أنه وصل إلى 7 مليار دولار, بالإمكان العبث به دون رقيب أو حسيب كما يحدث للكثير من الأشياء على متن السفينة (اليمن), لكن ذلك الإحتياطي كان في الإنتخابات الأخيرة واحدة من وسائل ترهيب الناخبين وتخويفهم من المنافس, فكان من السهل وصمهم بـ(التتار).

والحال لا يختلف, حيث يتم تسخير الجيش والأمن - كمؤسسة وطنية - لصالح رُبان السفينة, ولا يمنع ذلك أن يكون البحارة ليس من الفاشلين فقط ولكن حتى من المقربين, فهذا ماسيجعلها مؤسسة للدفاع عن الثورة والوحدة اليمنية ومنجزاتهما ومكاسبهما والحفاظ على إستقلال الوطن وسيادته وتوفير الأمن والإستقرار وحماية التجربة الديمقراطية والتعددية الحزبية وحرية الصحافة و(نظام الكوتا) أيضاً.

فرغم مرور سنوات منذ أثار الراحل الشيخ الأحمر – رحمه الله- غضبهم جراء قلقه مما يجرجرون السفينة إليه, فهم يصرون على ان يقودونها إلى ما بعد "النفق المظلم", بل يكشرون عن أنيابهم و(يبهررون) ولا يخجلون مما عرف عن أداء النظام لعقود من فشل وفساد جعله محل عدم ثقة شعبه وجيرانه والمجتمع الدولي عموماً. 

لم يعد لصوت العقل والحكمة أي مجال لديهم, ولم يبق للمسئولية الدينية والوطنية والدستورية أي فاعلية أو إحساس عندهم, ولا يهتمون لنصائح العقلاء والصادقين بالتوقف عن المكابرة والحد من هوس التشبث بالكرسي وهستيريا الترف, والكف عن قيادة السفينة بعيون معصوبة وبفريق بحارة فاشلين وفاسدين.

 فالنظام يصر على (خرق السفينة) لمنح نفسه أكبر قدر من السنوات في (كابينة القيادة), والتمنع عن أي خطوة لإحالته للتقاعد, فكل ما يهمه أن يظل ممسكاً بزمام الأمور ومتشبثاً بالسفينة (خزنة وصميل ومقود) إلى أن يقضي الله بأمره, أو يتحقق الحلم الذي أنتظرناه طويلاً, حينما يصحو الشعب من غفوته ويثأر لثورته المفترى عليها وينتقم لوحدته المجروحة ويعيد لنفسه واليمن عزته وكرامته وحريته وسيادته وإستقلاله ويحكم نفسه بنفسه.

نظام يبدو كمن سُلب منه الحياء وأنعدم فيه الخجل ومات ضميره, ففي كل محطة تمر بها بلادنا يصر على أن يصادر الإنتصارات ويزعم الإنجازات ويتنصل من الهزائم ويمارس العبث والنهب والترف بثروات الوطن وأموال كافة أبناء الشعب, ولا يزهد حتى عن إستغلال الكوارث كوسيلة للإستجداء وفرصة للتكسب والإستئثار بمساعدات فاعلي خير يعرفونه (أبو قربة مخرومة).

والواقع يحكي ما هو أكثر سوءاً, ففيما كان سكان المناطق المتضررة من السيول يعيشون المآساة وتحاصرهم الكارثة وأضرارها من مختلف الجوانب وعجزت السلطات الرسمية عن إنتشالهم ومد يد المساعدة إليهم, كان (بحارة النظام) يخوضون غمار معركة سد الطريق أمام المجتمع المدني والأشقاء والأصدقاء للوصول إليهم والقيام بما فشلت عنه حكومتهم.

من السهل على أي بحار (برأس أو بدونه) أن يهدد ويتوعد من سيعمل على إغاثة المنكوبين والمتضررين مباشرة ويشدد على ضرورة أن تكون السلطات المحلية هي القناة الوحيدة لأعمال الإغاثة والتعويض.

لكن كنت أعتقد أنه من الصعب عليه وزملائه أن يتجرأ ويعلن إكتفاء المتضررين من المواد الغذائية وغيرها, وأنه لم يعد سوى النقص في مهمة الإعمار, فيما الواقع يؤكد عكس ذلك وفضائية الحكومة شاهد (من أهلها) على ذلك وعلى أن (ذيل النظام محال ان ينعدل).

 ومما يثير الشكوك أكثر حول ماهو أبعد من المماحكات الحزبية والمنافسات السياسية في كارثة كان يفترض أن ينأوا بها عن مثل هذه الأمور التافهة, حيث قد تكون هناك شركات المقاولات جاهزة وتحت الطلب وفق قاعدة (أمطري حيث شئت فإن خراج العمولات والمناقصات سيأتيني). 

Rashadali888@gmail.com