في أول إجتماع بعد عودته من أبوظبي.. عيدروس الزبيدي : المجلس الانتقالي بات رقمًا صعبًا على الساحة وعليكم التمسك بقضية الجنوب ولا تتراجعوا ولا تتطرفوا
الرئيس اللبناني مخاطباً وفدا ايرانيا رفيعا: لبنان تعب من حروب الآخرين ووحدة اللبنانيين هي أفضل مواجهة
الغارديان.. نتنياهو بات عبئاً على بايدن ولن يتحقق السلام حتى يرحل
تيك توك يقوم بتسريح موظفين على مستوى العالم من فريق الثقة والأمان
أول دولة عربية تتبنى تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الخدمات الحكومية
الجيش السوداني يصل القصر الرئاسي بالعاصمة الخرطوم .. وقوات الدعم السريع تتعرض لانتكاسات واسعة في عدة مدن سودانية
لماذا أعلن الرئيس زيلينسكي استعداده للتنحي عن رئاسة أوكرانيا؟
منظمة دولية تكشف عن تصفية 953 يمنياً.. الحوثيون في طليعة القتلة وفي مناطق الشرعية تتصدر عدن قائمة التصفيات الجسدية وحزب الإصلاح والمؤتمر في صدارة الضحايا
معارك في مأرب والجوف وتعز وقوات الجيش تعلن التصدي لهجمات الحوثيين
قبائل الطيال وسنحان وبني حشيش وبلاد الروس تعلن النفير العام لاستعادة الدولة وطالبت مجلس القيادة الرئاسي بضرورة توحيد الصف الوطني،وحشد الإمكانات لدعم الجيش والمقاومة.. صور
الدفء هو المصطلح الأكثر تعبيراً عن العلاقات السعودية اليمنية، إنه درجة من العلاقات الإنسانية تتجاوز المصالح المادية إلى العناق الوجداني بين شعبين..
سلسلة من الصدف أحيت الحنين في نفسي إلى اليمن السعيد، توجت بزيارة خاطفة أكدت لي ذلك التواصل الوجداني بيني وبينه قبل اللقاء. أحببت اليمن قبل أن أزوره، وعشقته بعد الزيارة، وتحمست لانضمامه لمجلس التعاون الخليجي منذ العام 1996م ومازلت، بل وأزدادُ قناعة بأهمية اليمن للخليج عمومًا وللمملكة خصوصًا لأسباب استراتيجية وأمنية لا تخفى على أي مراقب لوضع الخليج والجزيرة العربية وما تتعرض له منطقتنا من تحديات وتهديدات.
قبل عدة أسابيع حاضرت لخمسة عشر صحفيًا من مختلف وسائل الإعلام اليمنية، فوجدت في الحديث معهم وإليهم متعة لا تعدلها سوى الرغبة الجامحة في زيارة اليمن. ولم يخب ظني في حميمية العلاقة التي تجمع السعوديين واليمنيين، فقد وصف أحد أولئك الصحافيين
في موقع «مأرب برس» انطباعاته عن المملكة في مقالة طويلة بدأها بوصف الرياض في «مشهد ليلي ساحر تدخره ... لعينيك وأنت تحلق في سمائها قبل الهبوط...أنوار تشي لك بشيء مختلف، بمدينة فتحت لها الصحراء ذراعيها لتسترخي بدون ترقب.. هاهي جدائلها مستلقية في رمال نسيت ذراتها..»، ويضيف متغزلا: «أنت في بلد يسير بقانون، عليك أن تفهم هذا، إذ العشوائية هنا لاتجدي، فأنت هدف لجهة تنفذ ذلك القانون.. تشعر بأنك ككل الناس ملتزم وقانوني»، لينتقل بعد وصف الأماكن والنظام إلى «شاب جامعي سعودي ينتظر مثلك أمام مكتبة (....) قبل أن تفتح، سيحدثك -بعد التعارف- عن محمد حمود الحارثي، وأيوب طارش وأغنية (جوال)، والسنيدار، وفيصل علوي.. هو بالمناسبة لايعرف اليمن ... لكنه يتحدث عن الكثير من أشياء تخص اليمن». هذه الانطباعات كانت ستبقى مجرد تجربة ذاتية عاشها هذا الصحفي في بلادنا، لكنها تتعمق صدقا عندما تجد تعليقات القراء اليمنيين تسير في نفس المنحى الإيجابي تجاه المملكة.
عندما نقلت غبطتي بتلك المقالة وبانطباعات الشعب اليمني عن المملكة إلى فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في لقاء قصير أتاحه فخامته لي في الأسبوع الماضي، وتلعثمت في التعبير الدقيق عن فهمي للعلاقة الشعبية السعودية اليمنية كان الرئيس أكثر دقة في استخدام تعبير «الدفء» في توصيفها. والدفء هو المصطلح الأكثر تعبيرا عن العلاقات السعودية اليمنية إذ يتجاوز بمراحل مستوى العلاقات الطبيعية إلى العلاقات الخاصة، إنه درجة من العلاقات الإنسانية تتجاوز المصالح المادية إلى العناق الوجداني بين شعبين قدرهما أن يعيشا متجاورين.
التفتُّ إلى فخامته محاولًا أن أعبر عن شعور يتملكني عندما أشاهد شخصيتين عربيتين هما فخامته ومعالي السيد عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية، سألني فخامته لماذا؟ فاستنتج بعد جوابي أنني «أملك حسًّا قوميًا مرتفعًا». وهو محق في ذلك، ولكنه حسّ واقعي يبتعد عن الشعارات التي أوردتنا المهالك ويؤمن بالإنجازات التي نعايش صورًا منها تتمثل في أكبر وحدة تشهدها الجزيرة العربية على يد الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، وأحدث وحدة حققها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح بين شطري اليمن الحبيب، يضاف إلى ذلك اتحاد الإمارات العربية. تلك نماذج حية بنيت على أسس ومصالح فصمدت وواجهت التحديات الداخلية والخارجية.
إن العلاقات السعودية اليمنية والخليجية اليمنية يمكن أن تكون مثالًا صادقًا للحلم العربي. فاليمن عمقنا الاستراتيجي، ويجب النظر إليه على المدى البعيد وليس من خلال الواقع الحالي فقط. منطقة الخليج تحيط بها بؤر متوترة ومتفجرة وعمقنا الجنوبي يمكن التعويل عليه والوثوق به حيث المنافذ البحرية الآمنة والخيارات الاستراتيجية المتعددة. لا أعتقد أننا نفرط في شيء مثل تفريطنا في اليمن إذا نحن لم نتوجه إليه بجدية ونعمل جنبًا إلى جنب مع أبناء اليمن المخلصين في تنمية ذلك البلد الذي تتوفر له من المقومات الطبيعية والجيوسياسية والبشرية ما يفضي بأي جهد حقيقي في تنميته إلى النجاح. اليمن ليس في حاجة إلى مساعدات أو معونات أو صدقات، وهو شعب أبيّ لايقبل الحسنة، إنه بحاجة إلى استثمارات وإلى قرار خليجي بتنميته على غرار قرارات الاتحاد الأوروبي بتنمية البرتغال قديما، ودول أوروبا الشرقية حديثًا لتكون في مستوى بقية دول أوروبا الغربية.
لقد كانت ليلتان في اليمن كفيلة بترك أثر عميق وحقيقي في نفسي تجاه الأشقاء وبلدهم العزيز، ولم تفاجئني حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة مثلما فاجأتني البساطة التي يتعاملون بها مع ضيفهم بما يشعره بأنه من بقية أهل الدار. ولقد أدهشني أن ندخل على فخامة الرئيس بدون تفتيش أمني وبدون تعقيدات بروتوكولية، كما أن دماثة أخلاقه، وروحه الطيبة المرحة التي وصفها مستشاره الإعلامي الأستاذ عبده بورجي بأنها السهل الممتنع، قد زادت إعجابي بذلك الرجل الذي يواجه التحديات بعزم أكيد وحكمة تستوعب الموالين والمعارضين له.
إن تجاوز النظرة الآنية القاصرة لأهمية اليمن تفتح لنا أفقًا واسعًا نحو المستقبل، ولا يخالطني شك في أن مستقبل اليمن آتٍ لا محالة وأكاد أتبين معالمه إنْ أخلص أبناء اليمن في صناعته، وتضافرت جهود دول الخليج في تنميته.
* صحيفة المدينة السعودية