لماذا تقف ايران مع أرمينيا المسيحية و تركيا السنية مع أذربيجان الشيعية
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 4 سنوات و شهر و 16 يوماً
الإثنين 28 سبتمبر-أيلول 2020 09:46 م
  

مصالح إيران جعلتها تقف مع أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان الشيعية في حين تنحاز تركيا السنية إلى أذربيجان الشيعية وتدعمها بكل السبل والوسائل.

تتعامل إيران ببرجماتية كبيرة مع ملف الصراع بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ( ناغورنو كاراباخ ) والذي احتلته أرمينيا عام 1993م إضافة إلى 6 مقاطعات أذربيجانية شرق هذا الإقليم وجنوبه وهجرت سكانه وبدعم روسي وتواطؤ دولي لتشكل الأراضي الأذرية التي احتلتها أرمينيا وأعطت سكانها ما يشبه الحكم الذاتي ما نسبته 20% من أراضي أذربيجان .

مصالح إيران المشتركة مع أرمينيا وعلاقاتها القوية بها وارتباطها بالموقف الروسي الداعم لارمينيا والمماحكات بينها وبين تركيا في بعض ملفات المنطقة ورغبتها بتحجيم حلفاء تركيا وتقليص الدور التركي في المنطقة إضافة إلى توجه قيادة أذربيجان نحو تركيا كحليف قوي لها والتعاون العسكري التركي الاذري حيث دعمت تركيا قوات أذربيجان بالأسلحة المتطورة والتدريبات ولتركيا قواعد عسكرية في باكو وكذلك التعاون الإقتصادي والأمني والاستخباراتي بين إيران أرمينيا كل هذه العوامل السابقة هي التي جعلت إيران تقف بقوة مع أرمينيا ضد دولة مسلمة شيعية اضافة مخاوف طهران من أن يؤدي عودة كارباخ إلى أذربيجان وتقويها من تعالي النزعة القومية لدى الأقلية الأذرية في إيران وتطلعها نحو حكم ذاتي وهو ما تخشى منه طهران حيث تعتبره توجه لتفكيك إيران ولهذه العوامل اتجهت إيران لدعم أرمينيا المسيحية ضد أذربيجان المسلمة الشيعية في نزعة برجماتية تعطي صورة واضحة للسياسة الإيرانية الخارجية التي تجعل مصالح إيران فوق كل اعتبار .

لقد كنت على قناعة منذ أشهر أن الحرب بين أذربيجان وأرمينيا قادمة لا محالة ذلك أن النهاية الاي آل إليها الصراع الأذري الأرميني لا ترضي أذربيجان التي تسعى بكل السبل والوسائل لاستعادة أراضيها المحتلة من قبل أرمينيا حيث تعتبر أذربيجان استعادة هذه الأراضي قضية وطنية لا تنازل عنها وتحظى بدعم شعبي وإجماع سياسي مطلق على ضرورة استعادتها وهو ما تسعى إليه وتستعد له أذربيجان.

قبل أشهر خرجت مظاهرات عارمة في شوارع العاصمة الأذرية باكو تطالب قيادة أذربيجان بالتحرك العسكري لتحرير الأراضي الأذرية ، وتبدو أذربيجان اليوم في موقف أقوى مما كانت عليه سابقا بفضل الدعم التركي المطلق لها عسكريا وسياسيا حيث تحظى قضية أذربيجان في نزاعها الحدودي مع أرمينيا بإجماع تركي منقطع النظير من قبل كافة الأحزاب التركية من جميع توجهاتها السياسية والفكرية؛ نظراً للموقف التركي الداعم بشكل مطلق لأذربيجان لقناعة قيادة تركيا أن اذربيجان تعرضت لاعتداء من قبل الأرمن وتم احتلال أراضيها وتهجير سكانها ظلما ونظرا للارتباطات القومية والعرقية والتاريخية بين البلدين وللمصالح المشتركة أيضا .

الآن أعلنت أرمينيا الحرب ضد أذربيجان مستقوية بدعم روسي إيراني لتعيد هذه الأحداث التذكير بالقضية المجمدة لهذا الإقليم ( مساحته حوالي : 4400 كليو متر ) حيث لا سلم ولا حرب ولا مفاوضات ولا حسم ، لكن أذربيجان اليوم في وضع أقوى عسكريا وبدعم تركي كبير ومؤخرا أقامت القوات التركية الأذرية مناورات مشتركة وصدرت تصريحات تركية تجدد وقوف تركيا الكامل مع أذربيجان في استعادة أراضيها المحتلة ويبدو أن لدى أذربيجان إرادة وتصميم على إستعادة هذا الإقليم مستندة إلى واجبها الوطني لاستعادة أراضيها و3 قرارات أممية ترفض الإحتلال الأرمني وتدعو أرمينيا للانسحاب الفوري من الأراضي الأذرية دون أية استجابة من قبل أرمينيا ولذا تخوض أذربيجان والحرب دفاعا عن نفسها وتسعى لاستعادة أراضيها كواجب وطني يجمع عليه كافة أبناء الشعب الأذري .

هل ستدخل تركيا الحرب إلى جانب أذربيجان هذا سيناريو محتمل بقوة خاصة مع وجود إجماع شعبي وحزبي ورسمي بأهمية الوقوف إلى جانب أذربيجان إلا أن قرار التدخل العسكري التركي المباشر يعد مغامرة ايضا ويحمل الكثير من المخاطر خاصة وأن هناك رغبة لدى الولايات المتحدة الأمريكية وقوى اقليمية عديدة باستنزاف تركيا بأي حرب في المنطقة إضافة إلى أن أرمينيا تتمتع بدعم كبير من روسيا وإيران وهذه الحرب تحمل مخاطر في توسعت رقعتها ووقفت كل هذه الدول إلى جوار حلفائها.

هذه المخاطر من المؤكد ستدفع تركيا إلى تفادي الدخول المباشر في الحرب والسعي لإيجاد حلول دبلوماسية وعبر الضغط على روسيا وإيران لوقف الهجمات الأرمينية ، والضغط على أرمينيا من خلال التأكيد على دعم أذربيجان ودعمها بالسلاح والمناورات العسكرية لتشكيل قوة ردع كبيرة تمنع الانزلاق لمواجهة عسكرية أوسع ، ولتجنب صدام أكبر وأخطر مع قوى كبرى بالمنطقة، ولكن الكثير من المعطيات تؤكد أنه في حال فشلت جهود تركيا الدبلوماسية فإن التدخل العسكري التركي المباشر سيكون خيارا حتمياً للجيش التركي بحسب ما يجمع عليه كافة الأتراك بمختلف توجهاته م السياسية الآن وكل الاحتمالات مفتوحة .