هل من جدوى للوثائق التي بحوزة حماس ؟
بقلم/ احمد الظرافي
نشر منذ: 17 سنة و 4 أشهر و 10 أيام
الجمعة 06 يوليو-تموز 2007 04:03 م

مأرب برس - خاص

يحاول قادة حركة حماس – رغم الغبن الواقع عليهم وردود الأفعال العدائية والتهم الكثيرة التي يرمون بها من قبل الحكام - يحاولون المحافظة على توازنهم ، وعلى هدوء أعصابهم ، ويعملوا جاهدين على إدارة الأزمة بحكمة وعقل ، بعيدا عن الاندفاع أو التشنج أو الرد على التهم وحملات التشكيك والتشهير الظالمة وغير المبررة. وكذا بمعزل عن ردود الأفعال المتسرعة والعجولة ، والتي قد يترتب عليها نتائج عكسية أو آثار سلبية قد تضر بقضيتهم أو تسهم في تصعيد المواقف العدائية ضدهم بصورة أكبر مما هي عليه الآن ، رغم علمهم أن تلك المواقف العدائية ضدهم لا تعبر أساسا عن وجهة نظر القيادة المصرية أو القيادية الأردنية أو القيادات العربية الأخرى التي تقترب مواقفها منهما ، وإنما تعبر بالأصل عن وجهة نظر الإدارة الأمريكية المتوافقة قلبا وقالبا مع وجهة نظر حكومة الكيان الصهيوني ، ويحاول قادة حركة حماس من خلال هذا السلوك الطبيعي عدم قطع شعرة معاوية مع القيادات العربية بشكل عام والقيادة المصرية بشكل خاص – رغم ذلك التردي في موقف القيادة المصرية – وذلك في الواقع بسبب حساسية ارتباط غزة بالأراضي المصرية ، فمصر هي البوابة الوحيدة للخروج من غزة وللدخول إليها ، وكثير من احتياجات السكان في غزة تأتي من مصرعبر تلك البوابة ، وتعتبر تلك البوابة باختصار هي الرئة التي يتنفس من خلالها قطاع غزة وبدونها سوف يموت هذا القطاع ، إلا أن يشاء الله .ومن هنا ونتيجة للاظطرار ولدوافع أخرى ملحة يحاول قادة حماس عدم شد الخيط بينهم وبين القيادة المصرية في الوقت الراهن حتى لا ينقطع ولم يقتصر دفاع حركة حماس عن نفسها على الأقوال الهادفة والآراء البناءة ، أو البيانات المتوازنة والمسئولة ، ولم يتوقف أيضا عند حدود التصريحات الإعلامية التي تعبر عن حسن النية ، وطمأنة الأطراف الفلسطينية والعربية ذات العلاقة ، بل إنها تعزز دفاعها عن نفسها ووجهة نظرها بكنز من الوثائق والمستندات الدامغة سواء التي كانت بحوزتها من قبل أو التي خلفها التيار الفتحاوي الانقلابي وراءه ولم يسمح له الوقت بإخفائها أو التخلص منها أثناء عملية الفرار المستعجل ، فكانت أن وضعت اليد عليها ، والتي قسم منها تؤيد سلامة موقف الحركة ، من أحداث غزة وحسن نيتها وعدم عدوانيتها تجاه السلطة الفلسطينية وتجاه منظمة التحرير وتجاه الأنظمة العربية الرسمية وفي مقدمتها النظام المصري الرسمي ، وأنا وكل إنسان عربي مسلم حر شريف نصدق حركة حماس ونبرأها من كل تهمة ومتأكدين من حسن نيتها ، بل هناك من كان يدين حركة فتح والسلطة الفلسطينية الحالية ، حتى قبل أن تخرج تلك الوثائق والمستندات الخطيرة إلى العلن لأن الأمور كانت قد وضحت والمستور قد انكشف منذ زمن .

والسؤال هل تشكل تلك الوثائق والمستندات التي بحوزة حماس فائدة لها ؟ وبالنسبة للقنبلة الأخيرة التي فجرها قادة حركة حماس مؤخرا حول تجسس هؤلاء الفتحاويين البغاة على النظام المصري لصالح حكومة الكيان الصهيوني ولية نعمتهم فإن السؤال المطروح لن يكون عن مدى مصداقية تلك الأدلة التي قدمتها حركة حماس وفيما إذا كانت صحيحة أم لا ؟ إنما سيكون السؤال : هل النظام المصري سيصدقها ؟ أوهل سيحملها محمل الجد ؟ وهل سيقوم نظام الرئيس حسني مبارك بدراستها بعناية للتحقق منها ومن ثم يراجع حساباته في ضوئها ؟

أنا شخصيا أشك في ذلك بل أنني أكاد أجزم أن نظام الرئيس حسني مبارك سوف لن يعطي لبيانات قادة حركة حماس ذات العلاقة آذانا صاغية ، ولن يضع أي اعتبار لمضامين تلك البيانات ، ولن يحسب حسابا لما جاء فيها من معلومات تمس بالأمن القومي المصري ، وسيقابلها بإذن من طين وإذن من عجين ، مهما كانت خطورتها على الأمن القومي المصري ، وحتى لو كان متأكدا من أنها صحيحة بنسبة 1000000% ، ومهما كانت إرادة الشعب المصري - وهي بالقطع مع حركة حماس لأن الشعب المصري شعب عربي مسلم أصيل دوما ينحاز لأمته ولقضايا أمته ، بل ويكون غالبا في الصدارة ، وهذا ما عودنا عليه الشعب المصري في تاريخه القديم والحديث ، ولكنه حاليا في واد والنظام المصري في واد أخر ، وكذلك بالنسبة للشعوب والأنظمة العربية والإسلامية الأخرى –

ولا أبالغ إن قلت أنه لا شيء صحيح ومؤكد ، من وجهة نظر النظام المصري الرسمي المتمثل في شخص الرئيس حسني مبارك سوى شيء واحد ، شيء واحد فقط ، ألا وهو أنه - وكما يرى نفسه هو شخصيا ، وكما يدل على ذلك واقع الحال – أنه مولى مطيع للإدارة الأمريكية ينفذ إرادتها ويقف عند حدود ما تأمره به ، وينطق بما تمليه عليه بالحرف ، وهو ( يقول ما تقوله له كما تقول الببغا ) ولا يختلف إخوانه من قادة العرب عنه كثيرا في ذلك فهم جميعا – مع تفاوت يسير واستثناءات قليلة – من طينة واحدة و من عجينة واحدة .

 ويمكن القول أن كل حاكم عربي رسمي قد أصبح بمثابة - كلب حراسة عقور في بوابة الولايات المتحدة الأمريكية ، والكيان الصهيوني ، وهذا الكلب العقور لا يكشر الأنياب والأظفار ولا ينبح إلا لحماية مصالحهما وأمنهما ، ولا يعض أحدا إلا عدوهما وغريمهما ، وكل من يدوس على طرف لأي منهما - وهذا العدو في الوقت الراهن بطبيعة الحال هو حركة حماس ، والمقاومتين العراقية والأفغانية ، وكل منظمة أو شخصية عربية مسلمة ترفع شعار مقاومة المحتل أو تعارض المشروعين الأمريكي والصهيوني في المنطقة .

وعليه وفيما يتعلق بالسؤال: هل القيادة المصرية ستحمل المعلومات التي كشفت عنها حركة حماس مؤخرا ؟ فستكون الإجابة عليه بالنفي . ولا أتوقع أن يغير النظام المصري موقفه تجاه حركة حماس حتى بعد أن كشفت له عن هذه الحقائق الساطعة ، والبراهين القاطعة التي تدين أولئك الفتحاويين البغاة وتثبت عمالتهم لجهاز مخابرات الكيان الصهيوني ( الموساد ) ومن ثم تورطهم في التجسس والتآمر على مصر وأمن مصر ومصالحها العليا ، لصالح هذه الحكومة الصهيونية أو تلك ، وسيظل موقف النظام المصري من حركة حماس – بالرغم من كل ذلك - هو هو – بل أننا قد نشهد مزيدا من التصعيد الإعلامي في الموقف المصري ضد حركة حماس في الأيام والأسابيع القادمة ، لأن هذا – في الواقع هو ما تريده الإدارة الأمريكية وحكومة الكيان الصهيوني ، ولأن الموقف المصري بل ومواقف كل الحكام العرب ضد حركة حماس – كما لا يخفى على عاقل - مسألة قد حسمت في البيت الأبيض وما على هؤلاء الحكام سوى التنفيذ ، فقد ورفعت الأقلام وجفت الصحف ، ولا يمكن أن تتغير أو تتبدل ما دامت طبعا لا تؤثر على أمنهم الشخصي ، وعلى بقائم فوق الكراسي الرئاسية .