غروب الملالي وشروق المقاومة في إيران
بقلم/ عبدالرحمن مهابادي
نشر منذ: 5 سنوات و 4 أشهر و 3 أيام
الثلاثاء 16 يوليو-تموز 2019 06:31 م
 

هذا العام وخلافا للأعوام السابقة، والإيرانيون المعارضون لنظام الملالي خارج وطنهم أكثر فرحا وحماسا. ويمكن لمس ذلك من خلال المظاهرات الواسعة للإيرانيين في عواصم العالم الكبرى. فقد عقدوا خلال الأيام الماضية عدة مظاهرات كبيرة في عواصم أوروبية وأمريكية. بروكسل وأمريكا وألمانيا وفي الأيام القادمة عدة دول أوروبية كبرى لن تنتهي فيها نشاطات الإيرانيين بالمظاهرات. فقد عقدوا خلال الأيام القليلة الماضية تجمعا كبيرا في تيرانا عاصمة الدولة الصغيرة ألبانيا وحضرته هيأة دولية كضيوف في هذا التجمع.

المطلب الأساسي لهؤلاء الإيرانيين الذين أغلبهم هم مناصرو السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المجلس الوطني للمقاومة هو إسقاط نظام الملالي الحاكم في بلدهم. وهذه المطالب تتطابق تماما مع المطالب الأساسية للشعب الإيراني الساخط ولأجلها انتفضوا.

نظام الملالي الإرهابي في مأزق كامل بسبب الانتفاضة العارمة للشعب الإيراني والأمواج الواسعة من السخط والوضع الاقتصادي السيء للبلاد وأيضا بسبب تكثيف العقوبات الدولية. ولا يملك طريقا للتراجع او التقدم للأمام. لأنه في حال أقدم على أي عمل فإنه يقدم بذلك على دق جرس نهاية عمر هذا النظام. وكل ما تبقى في هذه الأثناء هو عنصر الوقت في هذا التحول الكبير الذي يتكون لاعبوه الأساسيون من نظام الملالي والمجتمع الدولي والشعب والمقاومة الإيرانية.

الملالي الحاكمون في إيران يعملون العنف في مواجهة الشعب والتباهي بالقوة الزائفة أمام المجتمع الدولي والإرهاب في مواجهة المقاومة. لكن لا يجب أن ننسى بأن هذه مرحلة مؤقتة وغير ثابتة وغير مستقرة وهشة. لأن الوضع الداخلي للنظام أسوأ بكثير مما يخرج من معلومات عنه للخارج. صعود الصراعات الداخلية ونهب وسرقة أموال الشعب ونقلها للخارج وانهيار القوة في جسد النظام الهرم هو من بين آثار هذه المرحلة من الانهيار وسقوط الملالي.

في المشهد الخارجي نرى حاليا أن الملالي يعيشون في عزلة تامة وفشلت سياسات الاسترضاء الغربية مع الملالي وبدأت السياسات الحاسمة ضد نظام الملالي وانتهت مرحلة غض الطرف والبصر عن السجل الأسود للملالي في الأربعين عاما الماضية وعاجلا ليس آجلا سيتم فتح القضايا الواحدة تلو الأخرى وبالتالي ستدخل عملية محاسبة الملالي مرحلتها التنفيذية الأمر الذي سيعجل بسرعة من سقوط الملالي.

الوقت يجري بسرعة في غير صالح الملالي وهذه حقيقة تم اجماع وجهات النظر الدولية عليها و "الرسالة" تعكس هذه المرحلة من المواجهة بين الشعب والمقاومة الإيرانية والمجتمع الدولي ضد الملالي. في ظل هذه المرحلة لن ينفع هذا النظام لا أداة المفاوضات أو التظاهر بالمظلومية ولا ضرب الصواريخ ولا الأعمال الإرهابية.

السيدة مريم رجوي التي أعلنت سابقا عن ورقة عملها المكونة من عشر مواد من أجل إيران الحرة غدا، تتحلى الآن بشعبية أكبر مما سبق بين اوساط الإيرانيين المعارضين للنظام وازداد عدد الداعمين الدوليين لها. وخلال رسائلها المصورة أكدت على نشاطات قواتها في دول العالم من أجل كسب الاستعداد الأقصى لتحقيق التوازن من خلال ارتفاع منسوب السخط الشعبي الذي يتم قيادته وتوجيهه الآن من قبل معاقل الانتفاضة ودعت أيضا دول وحكومات العالم لضرورة محاكمة ومعاقبة وطرد مرتزقة النظام وأيضا قطع التجارة والعلاقات مع الملالي. السيدة مريم رجوي قالت خلال رسالتها مخاطبة المتظاهرين في الدول الأوروبية: لقد وقع الملالي اليوم في فخ ومأزق السقوط وأقول لكم وللوطن وللمنتفضين وللعمال والمعلمين وبقية أبناء شعبنا المضطهد سارعوا سارعوا كي يصل كلامكم وكلام الشعب الإيراني للمجتمع الدولي وخاصة أوروبا وليكن كلامكم لهم: يجب عليكم ان توقفوا سياسة تقديم الامتيازات للاستبداد الديني وحماية الملالي في مواجهة السقوط.

طوال السنوات الماضية كانت حركة المقاومة الإيرانية تتمتع دائما بدعم طيف واسع من الشخصيات والتيارات والهيئات السياسية والوطنية ومؤسسات حقوق الإنسان المشهورة في الدول المختلفة. لكن عندما نبحث بشكل دقيق وعميق في نوع وجودة الدعم المقدم منذ عدة أعوام نرى أن نوع العلاقات التي عقدت ما بين حركة المقاومة الإيرانية وداعميها الدوليين، حوّل هذه الحركة لحركة دولية وقدم لها مكانة دولية خاصة.

الاسقف غايو أحد الشخصيات الدينية والمشهورة في فرنسا والذي سافر مؤخرا لتيرانا العاصمة الألبانية قال في أحد أحاديثه القصيرة مخاطبا قوات المقاومة الإيرانية أنتم بنيتم أشرف ٣ الذي كان عبارة عن صحراء ولكن ما يلفت انتباهي هو التغيير الذي قدمتموه في أنفسكم ومناسباتكم. لقد أصبحتم مقاتلين مختلفين. وهذا أمر بديع وأنا سعيد ومسرور به. أنتم في الحقيقة تناضلون من أجل شعبكم ومستقبلهم. ولا تسعون لإظهار أنفسكم وإظهار سيطرتكم. وقال أيضا أنتم تحاربون من أجل الحرية. عندما تكونون أحرارا ، فلن تخافوا من الاعتقال والأسر والألم والتعذيب وترك عوائلكم. ولأنكم أحرار برزت قدراتكم. وعندما تكونون أحرار ولا تخافون أصبحتم مصدر رعب وخوف للنظام الإيراني. النضال لم ينتهي وأفضل الأيام قادمة ويمكن أن تكون أصعب الأيام ولكن النقطة التي وصلتم إليها الآن هي بسبب اعتمادكم على أنفسكم.

الآن في المشهد الإيراني اقترن غروب الملالي بسطوع شمس المقاومة وهي صورة القضية الإيرانية وحتى الإقليمية اليوم. من البلدان البعيدة إلى جيران إيران، يشعر الجميع بكل هذا. وأن الدعم الواسع للمقاومة الإيرانية يعكس هذا الغروب والشروق المتزامنين في هذه المنطقة من العالم. وبلا شك فإن اشرف ٣ هو القلب النابض لمثل هذا التحول الكبير.

@m_abdorrahman

*کاتب ومحلل سياسي خبير في الشأن الايراني.