أنصفوه أيها الثوار
بقلم/ د. عادل صالح بن ناصر
نشر منذ: 13 سنة و 5 أشهر و 28 يوماً
الإثنين 16 مايو 2011 10:56 م

نشر أحد الأصدقاء تعليقا على صفحتي في الفيس بوك مفاده: \"هل ترون أننا قد ظلمنا الرئيس علي عبدالله صالح في ما اتخذناه من مواقف حياله خلال وقبل هذه الأزمة\" ؟؟، جواب هذا التساؤل هو مضمون هذا المقال .

أقول وبكل صدق وصراحة وحتى نكون منصفين أمام أنفسنا أولا وأمام صاحب الفخامة ثانيا ثم أمام الشعب اليمني قاطبة، نعم لقد ظمنا الرجل على أكثر من صعيد، ظلمناه لأننا طالبناه بالرحيل وهو الحاكم العادل الذي لم تحصل في عهده مظلمة سوى الكثير من الدماء الزكية البريئة التي أريقت طوال عهده الميمون، والكثير من السجناء المضطهدين المظلومين المغيبين في غياهب السجون الظاهرة منها والخفية، والكثير من المضطهدين اللذين ذاقوا الأمرين منه ومن بعض المشايخ المهللين له والمسبحين بحمده (وما مهجري الجعاشن منا ببعيد ).

ظلمناه لأننا ظننا ـ وبعض الظن إثم ـ أنه أكل أموال الشعب بالإثم وهو الرجل النزيه الذي سيرحل ـ عما قريب إنشاء الله ـ وما معه من حطام الملك الزائل إلا القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والعملات الصعبة والخيل المسومة والغاز والنفط .

ظلمناه لأننا كنا نعتقد أنه المتحكم في كل مفاصل الدولة وشؤنها وأن بيده سلطات وصلاحيات لا حدود لها، والواقع أن الرجل لم يكن يملك من هذه الصلاحيات سوى سلطة إدارة كل صغيرة وكبيرة في اليمن بدأ من فصل أصغر موظف حكومي نزيه وصولا إلى تعيين أكبر فاسد في الدولة، كما لم يكن لديه من تلك السلطات سوى سلطة حشر نفسه في كل شاردة وواردة سواء كانت هذه الشاردة تخص السلطة القضائية أو كانت تلك الواردة تخص السلطة التشريعية .

ظلمناه لأننا كنا نقول أن اليمن لم تتطور في عهده كما تطورت الكثير من دول العالم، والحاصل أن الرجل قد طور بلادنا وقفز بها قفزة نوعية في شتى مناحي الحياة حتى غدت اليمن في فترة حكمه المبارك أكثر تطورا من الصومال ومدغشقر وجزر القمر .

ظلمناه لأننا اتهمناه بالكذب عندما كان يعد في كثير من خطاباته أنه سوف يعمل بكل ما أوتي من قوة على رفع معاناة الشعب اليمني ولم يتحقق ما وعد به، والواقع يشهد صدق ما قال وكذب ما اتهمناه فقد صدق الرجل في كلامه وحقق ما صرح به، فقد رفع معاناة الشعب اليمني حتى بلغت هذه المعاناة في عهده الزاهر عنان السماء، وقد نعذر في ذلك لأننا فهمنا الرفع بمعنى الإزالة وفهم فخامته الرفع بمعنى الزيادة .

ظلمناه لأننا لم نفهم كثير من تصريحاته ومن هذه التصريحات ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ عندما صرح بأنه سوف يقوم بتعيين الرجل المناسب في المكان المناسب، ولأننا لم نفهم الرجل فقد طالبناه بسرعة تنفذ ما صرح به بعدما رأيناه قد تأخر في إنفاذ تصريحه، وما علمنا أنه قد نفذه بالفعل عندما عين أنسابه وأنساب أنسابه وأصهاره وأصهار أصهاره في أهم وأنسب الأماكن .

ظلمناه لأننا لم نكن نحمل كلامه محمل الجد وكنا نهزأ بكلامه وهو الرجل الجاد دائما فيما يقول، فكنا عندما نسمعه يقول: \"أنا لن أكون مظلة للفاسدين\" نفسر كلامه على أنه مزاح سياسي، وهو في حقيقة الأمر غاية الجد والمصداقية فالرجل بالفعل لم يكن يرضى بأن يكون مظلة للفاسدين لأنه يعلم علم اليقين أن الفاسدين في عهده الزاخر كثير ولا يمكن لمظلة مهما كبرت أن يستظل تحتها هذا الكم الهائل من الفاسدين فكان يقصد بأنه لن يكون مجرد مظلة فقط لهؤلاء الفاسدين بل سيكون \"هنجر\" يسرحون فيه ويمرحون .

أقول إننا بالفعل قد ظلمنا الرجل عندما تركناه 33 عاما يعبث بخيرات البلد ويعيث في الأرض فسادا هو وحاشيته دون أن نوقفه عند حده وننهاه عن غيه ونأطره على الحق أطرا ونقصره على الحق قصرا كما قال عليه الصلاة والسلام: \"...لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطرا ولتقصرنه على الحق قصرا ...\".

ولكن إذا كنا قد ظلمناه ـ ونستغفر الله العظيم لذلك ـ فها قد قيض الله له من أبناء جلدته الذين ولدوا في زمن ولايته المجيدة وترعرعوا خلال فترة حكمه المديدة شبابا ثوارا أحرارا لينصفوه ويرفعوا عنه مظلمته.... فأنصفوه أيها الثوار .